اسمه ونسبه(۱)
الشيخ محمّد بن محمّد تقي القمّي المعروف بالأرباب.
ولادته
ولد عام 1276ﻫ بمدينة قم المقدّسة.
دراسته
أكمل(قدس سره) دراسته الابتدائية ومرحلتي المقدّمات والسطوح الحوزوية في قم المقدّسة، ثمّ سافر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسة البحث الخارج، فطوى مراحل الدراسة وأصبح فقيهاً، ثمّ عاد إلى قم المقدّسة، واتّجه نحو التدريس والتحقيق والتأليف وأداء وظائفه الدينية الأُخرى.
من أساتذته
السيّد محمّد حسن الشيرازي المعروف بالشيرازي الكبير، الشيخ محمّد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند، الشيخ حسين النوري الطبرسي، الشيخ حبيب الله الرشتي.
تدريسه
منذ وصوله(قدس سره) إلى قم المقدّسة قام بتشكيل حوزة دراسية فيها، وأصبحت فيما بعد موضع احترام واهتمام العلماء آنذاك، ولم تقتصر جهوده على حوزته الشخصية فقط، بل تظافرت جهوده مع جهود الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي ـ مؤسّس الحوزة العلمية في قم المقدّسة ـ بوضع الأُسس التي قامت عليها الحوزة الفتية آنذاك، ويمكن القول بحقّ أنّ الشيخ القمّي كان له دور كبير في إقامة هذه الحوزة العلمية.
من تلامذته
الشيخ محمّد الفيض القمّي، الشيخ عباس القمّي، نجلاه الشيخ محمّد تقي والشيخ محمّد باقر، السيّد محمّد صادق الطاهري، الشيخ محمّد صادق الفقيهي، الشيخ أحمد الفقيهي، الشيخ أبو الحسن الفقيهي، الشيخ محمّد الكبير القمّي، الشيخ علي محمّد باغ البنبئي القمّي، السيّد علي أكبر البرقعي، السيّد ناصر الدين القمّي، الشيخ حسن النويسي.
من صفاته وأخلاقه
كان(قدس سره) يحبّ جميع الناس، ويعطف عليهم، ويُحسن إليهم حتّى مَن يختلف معه، ويتفقّد فقراءهم ومحتاجيهم، لا سيّما السادة الهاشميين منهم، وكان تقياً متواضعاً، حسن المعاشرة، يرحّب بضيوفه جميعاً ويحترمهم.
كان مخلصاً لله عزّ وجل، وكشاهد على إخلاصه، عندما شكّل حوزته وأخذ يلقي دروسه فيها، كان الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي يلقي دروسه في الوقت نفسه، وفي يوم من الأيّام قال الشيخ القمّي لطلّابه: «تحدّثنا في الدروس الماضية عن موضوع الأهَمّ والمُهِم بشكلٍ مفصّل، واليوم أُريد أن أقول لكم بأنّ حضوركم في دروس آية الله الحائري أهمّ من حضوركم دروسي، فاذهبوا يا أعزّائي واحضروا دروسه».
نهض جميع الطلّاب إلّا اثنين منهم، وهما الشيخ محمّد تقي والشيخ محمّد باقر نجلا الشيخ القمّي، فقد كانا راغبين بحضور دروس أبيهما، فكرّر عليهما الشيخ: «إذهبا إلى دروس آية الله الحائري».
كان متشدّداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مواظباً على المستحبّات من النوافل اليومية، والأدعية والزيارات، وقراءة القرآن الكريم، وإقامة صلاة الليل حتّى في السفر.
كان شديد التعلّق بأهل البيت(عليهم السلام)، ولا سيّما الإمام الحسين(عليه السلام)، فقد كان يرتقي المنبر الحسيني في العشرة الأُولى من المحرّم الحرام؛ ليتناول فيها واقعة كربلاء وما جرى فيها من المصائب على الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته.
وأخيراً فإنّ الشيخ كان يمتلك ذوقاً شعرياً جيّداً، فقد كتب أشعاراً باللغتين العربية والفارسية، أكثرها في الحكمة والموعظة.
موقفه من الاحتلال الروسي لإيران
احتلّ الروس جزءاً من إيران خلال الحرب العالمية الأُولى، ولكفّهم عن بلوغ مدينة قم المقدّسة أعدّ الشيخ خطّة حكيمة، فذهب لمقابلة الحاكم العسكري للقوّات الروسية (بارتوف)، وقال له: «لماذا تريدون الإخلال بحبّ الناس لكم؟! إنّ أبناء شعبنا عندما يريدون شراء حاجة أو سلعة من الأسواق، فإنّهم يُقبلون على شراء البضائع الروسية، ويقولون: إنّها بضائع جيّدة…».
فأُعجب القائد العسكري بكلام الشيخ وقال: أنا لحدّ الآن لم أسمع بمثل هذا الكلام المنطقي اللطيف، ورحّب بالشيخ كثيراً، وقال له: نحن في خدمتكم، أصدروا لنا الأوامر ونحن على أتمّ الاستعداد على تطبيقها، فقال له الشيخ: «إنّ مدينتنا قم مدينة دينية ومقدّسة، ودخول قوّاتكم العسكرية إليها بالتجهيزات والأدوات الموسيقية لا ينسجم مع الطابع الديني الذي يغطّي المدينة، فإنّي أطلب منكم عدم إرسال قوّاتكم إلى داخلها، وفي حالة احتياجكم إلى سلع أو بضائع من أسواقها سأقوم بتوصية الدلّالين لإيصالها إليكم خارج المدينة»، فقبل الحاكم العسكري هذا الطلب، واستطاع الشيخ أن يدفع شرّهم وفسادهم عن المدينة.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الشيخ عباس القمّي(قدس سره) في منازل الآخرة: «شيخنا العالم الفاضل، الفقيه المحدّث، الحكيم المتكلّم، الشاعر المنشي، الأديب الأريب، حسن المحاضرة، جيّد التقرير والتحرير، جامع المعقول والمنقول».
2ـ قال الشيخ محمّد علي التبريزي الخياباني(قدس سره) في ريحانة الأدب: «كان الشيخ محمّد الأرباب من علماء الإمامية الكبار في القرن الرابع عشر الهجري، سافر منذ شبابه إلى العتبات المقدّسة، وأكمل مراحل الدراسة ونال درجة الاجتهاد، وكان موضع اهتمام واحترام العلماء في زمانه، قضى عمره الشريف في التدريس، وإقامة الحدود الشرعية، وترويج أحكام الدين الحنيف، وكان شديداً في أمر النهي عن المنكر».
من مؤلّفاته
تشييد البنيان لفتاوي البيان، شرح البيان للشهيد الأوّل، شرح القصيدة العينية للسيّد الحميري، ديوان شعر في رثاء الإمام الحسين(عليه السلام)، حواش على كتاب جواهر الكلام، الأربعين الحسينية، رجوم الشياطين.
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في جمادى الأُولى 1341ﻫ، ودُفن بمقبرة شيخان في قم المقدّسة.
ـــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: منازل الآخرة: 46.