اسمه وكنيته ونسبه
السيّد أبو جعفر، محمّد باقر ابن السيّد حيدر ابن السيّد إسماعيل الصدر، وينتهي نسبه إلى إبراهيم الأصغر ابن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام).
ولادته
ولد في الخامس والعشرين من ذي القعدة 1353ﻫ بمدينة الكاظمية المقدّسة.
أبوه
السيّد حيدر، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني(قدس سره) في أعلام الشيعة: «وكان دائم الاشتغال، كثير المذاكرة، قلّ ما دخل مجلساً لأهل الفضل ولم يفتح باباً للمذاكرة والبحث العلمي، وكان محمود السيرة، حسن الأخلاق، محبوباً عند الجميع».
دراسته
تعلّم(قدس سره) القراءة والكتابة، وتلقّى جانباً من الدراسة في مدرسة منتدى النشر الابتدائية بمدينة الكاظمية المقدّسة، وهو صغير السنّ، وكان موضع إعجاب الأساتذة والطلّاب لشدّة ذكائه ونبوغه المبكّر، ولهذا درس أكثر كتب السطوح العالية من دون أُستاذ، فبدأ بدراسة كتاب المنطق، وهو في سنّ الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية.
وفي بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأُصول عند أخيه السيّد إسماعيل، وكان يعترض على صاحب المعالم، فقال له أخوه: إنّ هذه الاعتراضات هي نفسها التي اعترض بها صاحب كفاية الأُصول على صاحب المعالم، وفي عام 1365ﻫ سافر السيّد الشهيد إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية.
وبالرغم من أنّ مدّة دراسته منذ الصبا وحتّى إكمالها لم تتجاوز 17 أو 18 عاماً، إلّا أنّها من حيث نوعية الدراسة تُعدّ فترة طويلة جدّاً؛ لأنّ السيّد كان خلال فترة اشتغاله بالدراسة منصرفاً بكلّه لتحصيل العلم، فكان منذ استيقاظه من النوم مبكّراً وإلى حين ساعة منامه ليلاً يتابع البحث والتفكير حتّى عند قيامه وجلوسه ومشيه.
من أساتذته
السيّد محسن الطباطبائي الحكيم، السيّد أبو القاسم الخوئي، خالاه الشيخ محمّد رضا آل ياسين والشيخ مرتضى، أخوه السيّد إسماعيل.
تدريسه
بدأ(قدس سره) في إلقاء دروسه في البحث الخارج ولم يتجاوز عمره خمس وعشرون عاماً، فقد بدأ بتدريس الدورة الأُولى في علم الأُصول في الثاني عشر من جمادى الثانية 1378ﻫ، وأنهاها في الثاني عشر من ربيع الأوّل 1391ﻫ، وبدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه على نهج العروة الوثقى عام 1381ﻫ.
من تلامذته
الشهيد السيّد محمّد باقر الحكيم، الشهيد السيّد عبد الصاحب الحكيم، السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي، السيّد كاظم الحسيني الحائري، الشهيد السيّد محمّد الصدر، السيّد علي رضا الحائري، السيّد عبد الكريم القزويني، الشيخ عبد الهادي الفضلي، السيّد علي أكبر الحائري، الشهيد السيّد عزّ الدين القبانجي، السيّد محمّد باقر المهري، السيّد عبد العزيز الحكيم، الشيخ عيسى أحمد قاسم، السيّد علي الأشكوري، السيّد صدر الدين القبانجي، الشيخ فاضل المالكي، ابن أخيه السيّد حسين.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الإمام الخميني(قدس سره) في برقية تعزيته: «هذا المجاهد الذي كان من مفاخر الحوزات العلمية، ومن مراجع الدين ومفكّري المسلمين».
2ـ قال السيّد حسن الأمين(رحمه الله) في مستدركات أعيان الشيعة: «هو مؤسّس مدرسة فكرية إسلامية أصيلة تماماً، اتّسمت بالشمول من حيث المشكلات التي عنيت بها ميادين البحث، فكتبه فلسفتنا، والأُسس المنطقية للاستقراء، والمرسل والرسول والرسالة عالجت البُنى الفكرية العليا للإسلام، في حين أنّ اقتصادنا، والبنك اللّاربوي في الإسلام، والإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية عنيت بطرح التصوّر الإسلامي لمشاكل الإنسان المعاصر… مجموعة محاضراته حول التفسير الموضوعي للقرآن الكريم التي طرح فيها منهجاً جديداً في التفسير اتّسم بعبقريّته وأصالته».
3ـ قال السيّد كاظم الحسيني الحائري في مباحث الأُصول: «هو العلم العلّامة، مفخرة عصره، وأُعجوبة دهره، نابغة الزمان، ومعجزة القرن، حامي بيضة الدين، وماحي آثار المفسدين، فقيه أُصولي، فيلسوف إسلامي، كان مرجعاً من مراجع المسلمين في النجف الأشرف، فجّر الثورة الإسلامية في العراق، وقادها حتّى استُشهد».
من صفاته وأخلاقه
1ـ حبّه وعاطفته: إنّ من سِمات شخصيته تلك العاطفة الحارّة والأحاسيس الصادقة والشعور الأبوي تجاه كلّ أبناء الأُمّة، فتراه يلتقيك بوجه طَليق تعلوه ابتسامة تُشعرك بحبّ كبير وحنان عظيم، حتّى يحسب الزائر أنّ السيّد لا يُحبّ غيره، وإن تحدّث معه أصغى إليه باهتمامٍ كبير ورعاية كاملة، وكان سماحته يقول: «إذا كنّا لا نسع الناس بأموالنا، فلماذا لا نسعهم بأخلاقنا وقلوبنا وعواطفنا»؟
2ـ زهده: لم يكن(قدس سره) زاهداً في حطام الدنيا لأنّه كان لا يملك شيئاً منها، أو لأنّه فقد أسباب الرفاهية في حياته، فصار الزهد خياره القهري، بل زهد في الدنيا وهي مقبلة عليه، وزهد في الرفاه وهو في قبضة يمينه، وكأنّه يقول: يا دنيا غُرّي غيري، فقد كان زاهداً في ملبسه ومأكله.
3ـ عبادته: من الجوانب الرائعة في حياته هو الجانب العبادي، ولا يُستغرب إذا قلنا: إنّه كان يهتمّ في هذا الجانب بالكيف دون الكم، فكان يقتصر على الواجبات والمهمّ من المستحبّات، وكانت السِمَة التي تميّز تلك العبادات هي الانقطاع الكامل لله تعالى والإخلاص والخشوع التامّين، فقد كان لا يُصلّي ولا يدعو ولا يمارس أمثال هذه العبادات إلّا إذا حصل له توجّه وانقطاع كاملين.
4ـ صبره وتسامحه: كان(قدس سره) أُسوة في الصبر والتحمّل، والعفو عند المقدرة، فقد كان يتلقّى ما يوجّه إليه بصبر تنوء منه الجبال، وكان يصفح عمّن أساء إليه بروح محمّدية.
جدّه
السيّد إسماعيل، قال عنه السيّد حسن الصدر(قدس سره) في تكملة أمل الآمل: «عالم فقيه أُصولي محقّق فكور نابغ».
أعمامه
1ـ السيّد صدر الدين، صاحب الكتب التالية: المهدي(عليه السلام)، الحقوق، التاريخ الإسلامي، خلاصة الفصول.
2ـ السيّد محمّد مهدي، قال عنه السيّد حسن الصدر(قدس سره) في تكملة أمل الآمل: «عالم عامل فاضل جليل برّ تقي مهذّب صفي، ذو فضل ونابغية في العلوم الدينية، مع أدب وفضل في الشعر وسائر العلوم العربية والتاريخية، وبالجملة جامع لكلّ الفضائل».
أخواله
1ـ الشيخ محمّد رضا آل ياسين، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني(قدس سره) في نقباء البشر: «نبغ في الفقه والأُصول نبوغاً باهراً، وعُرف بين فضلاء النجف وعلمائها بعلوّ الكعب وسمو المكانة، وامتاز عن أكثر معاصريه بالصلاح والتقوى، والنزاهة والشرف، وسلامة الذات وطهارة القلب».
2ـ الشيخ مرتضى آل ياسين، قال عنه السيّد كاظم الحسيني الحائري في مباحث الأُصول: «المرحوم آية الله الورع التقي، الشيخ مرتضى آل ياسين، كان من أكابر علماء الإمامية، ومرجعاً للتقليد في النجف الأشرف».
3ـ الشيخ راضي آل ياسين، قال عنه قال السيّد كاظم الحسيني الحائري في مباحث الأُصول: «المرحوم الإمام المجاهد الشيخ راضي آل ياسين، كان من أكابر علماء الإمامية في الكاظمية، وهو صاحب تأليفات كثيرة».
من مؤلّفاته
بحوث في شرح العروة الوثقى (4 مجلّدات)، دروس في علم الأُصول (3 مجلّدات)، اقتصادنا، فلسفتنا، البنك اللّاربوي في الإسلام، الأُسس المنطقية للاستقراء، المعالم الجديدة للأُصول، نشأة التشيّع والشيعة، بحث فلسفي مقارن بين الفلسفة القديمة والفلسفة الجديدة، بحث في المرجعية الصالحة والمرجعية الموضوعية، غاية الفكر في علم الأُصول، نظرة عامّة في العبادات، رسالة في علم المنطق، موجز أُصول الدين، المدرسة الإسلامية، الإسلام يقود الحياة، موجز أحكام الحج، بحث حول المهدي(عليه السلام)، بحث حول الولاية، الفتاوى الواضحة (رسالته العملية)، فدك في التاريخ.
من تقريرات درسه
بحوث في علم الأُصول للسيّد محمود الهاشمي الشاهرودي (7 مجلّدات)، مباحث الأُصول للسيّد كاظم الحسيني الحائري (4 مجلّدات).
شهادته
بعد أن أمضى(قدس سره) عشرة أشهر في الإقامة الجبرية، تمّ اعتقاله في التاسع عشر من جمادى الأُولى 1400ﻫ، وبعد ثلاثة أيّام من اعتقاله استُشهد(قدس سره) بنحوٍ فجيع، مع أُخته العلوية بنت الهدى.
وفي مساء يوم 23 جمادى الأُولى 1400ﻫ، وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً قطعت السلطة البعثية التيار الكهربائي عن النجف الأشرف، وفي ظلام الليل الدامس تسلّلت مجموعة من قوّات الأمن إلى دار السيّد محمّد الصدر، وطلبوا منه الحضور معهم إلى بناية محافظة النجف الأشرف، فكان بانتظاره هناك المجرم مدير أمن النجف الأشرف، فقال له: هذه جنازة الصدر وأُخته قد تمّ إعدامهما، وطُلب منه أن يذهب معهم لدفنهما، فأمر مدير الأمن الجلاوزة بفتح التابوت، فشاهد السيّد الصدر(قدس سره) مضرّجاً بدمائه، وآثار التعذيب على كلّ مكان من وجهه، وكذلك كانت الشهيدة بنت الهدى، وتمّ دفنهما بمقبرة وادي السلام في النجف الأشرف.
وبعد انتشار خبر استشهاده عن طريق الإذاعات العالمية أصدر الإمام الخميني(قدس سره) حينذاك بياناً تاريخياً أبّن فيه السيّد الصدر وأُخته المظلومة، وأعلن فيه الحداد العام لكلّ إيران.
ـــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: دروس في علم الأُصول، مقدّمة المجمع.