صفيّة بنت عبدالمطّلب
  • عنوان المقال: صفيّة بنت عبدالمطّلب
  • الکاتب: نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 2:43:51 3-9-1403

صفيّة بنت عبدالمطّلب

نسبها وبعض شؤونها
هي صفيّة بنت عبدالمطّلب بن هاشم بن عبدمَناف، عمّة النبيّ صلّى الله عليه وآله، وأمّ الزبير بن العوّام. وقد كان لعبدالمطّلب رضوان الله عليه ستّ بنات، كلّهن من أهل الأدب والفصاحة، إحداهنّ صفيّة التي عُرِفت كونها أديبةً فاضلةً عاقلةً شاعرةً فصيحة.
تزوّجها في الجاهليّة الحارث بن حرب بن أميّة فمات عنها، فتزوّجها العوّام بن خويلد فولدت له الزبير. قالوا: هي شقيقة حمزة، أي أخته لأمّه وأبيه، ولم يختلف أحدٌ في إسلامها. وقد عاشت كثيراً، وتُوفّيت سنة (20) هجريّة ولها (73) سنة، ودُفنت بالبقيع.
وممّا روت صفيّة رحمها الله تعالى أنّها قالت: لمّا سقط الحسين من بطن أمّه (عليهما السلام) وكنتُ وَلِيتُها، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: « يا عمّة، هَلُمّي إليَّ ابني »، فقلت: يا رسول الله، إنّا لم ننظّفْه بعد، فقال: يا عمّة أنتِ تُنظّفينه ؟! إنّ الله تعالى قد نظّفه وطهّره » ( أمالي الصدوق:117 / ح 5 ـ المجلس 28 ).
وفيها روى الإمام الباقر عليه السلام قائلاً: « إنّ صفيّة بنت عبدالمطّلب مات ابنٌ لها فأقبلت، فقال لها الثاني: غطّي قُرطَكِ، فإنّ قرابتكِ من رسول الله لا تنفعُكِ شيئاً! فقالت له: هل رأيتَ لي قُرطاً يا ابنَ اللخناء ؟!
ثمّ دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله فأخبرَتْه بذلك فبكت، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله فنادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال: ما بالُ أقوامٍ يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع ؟! لو قد قمتُ المقامَ المحمود لَشَفعتُ في عُلوجكم، لا يسألني اليوم أحدٌ مَن أبواه.. إلاّ أخبرته... ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما بالُ الذي يزعم أنّ قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه ؟!... » ( إلى آخر الرواية التي رواها القمّي في: تفسيره 188:1 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 145:30 ـ 146 / ح 2، وسفينة البحار للشيخ عبّاس القمّي 94:3 ـ باب صفا. وذكرها المجلسي في المثالب إشارةً من أمير المؤمنين عليه السلام، يراجع: بحار الأنوار 310:30 ).
 

شجاعتها وصبرها
وُصِفَت صفيّة بنت عبدالمطّلب أنّها كانت من أشجع النساء في زمانها.. روى الشيخ الطوسي في ( أماليه )، وابن حجر العسقلاني في ( الإصابة في تمييز الصحابة ) من رواية أمّ عروة بنت جعفر بن الزبير عن جدّتها صفيّة أنّها قالت:
إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا خرج إلى الخندق جعل نساءه في أطم يقال له فارع، وجعل معهنّ حسّانَ بن ثابت، فجاء إنسان من اليهود فرقى الحصن حتّى أطلّ علينا، فقلت لحسّان: قمْ فاقتُلْه، فقال: لو كان ذلك فِيّ كنتُ مع رسول الله، ( وفي روايةٍ قال حسّان: يا بنتَ عبدالمطّلب، لقد علمتِ ما أنا بصاحب هذا ). قالت صفيّة: فقمتُ إليه فضربته ( أي اليهوديّ ) حتّى قطعتُ رأسه، ( وفي روايةٍ قالت: فتخرّمتُ ثمّ نزلت وأخذتُ عموداً فقتلتُه به )، وقلت لحسّان: قم فاطرَحْ رأسه على اليهود وهم أسفل الحصن، فقال: والله ما ذاك. قالت: فأخذتُ رأسه فرميتُ به عليهم، فقالوا: قد عَلِمنا أنّ هذا ( يقصدون النبيّ صلّى الله عليه وآله ) لم يكن ليترك أهله خلواً ليس معهم أحد! فتفرّقوا ( أي وهم يظنّون أنّ هنالك حُماةً من الرجال ).
وفي رواية الشيخ الطوسي: قالت صفيّة: ثمّ قلت لحسّان: اخرُجْ فاسلبه، قال: لا حاجةَ لي في سلبه! ( والفارع: حصنٌ بالمدينة ).
وبعد أن انتهت وقعة أُحد، واستُشهِد فيها أخوها حمزة بن عبدالمطّلب عمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ومُثِّل به، أقبلت صفيّة، فقال النبيّ لابنها الزبير: « رُدَّها؛ لئلاّ ترى ما بأخيها حمزة »، فلَقِيَها ابنُها الزبير فأعلَمَها بأمر النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقالت: بلغني أنّه مُثِّل بأخي، وذلك في الله قليل، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتَسِبَنّ ولأصبِرَنّ. فأعلمَ الزبيرُ رسولَ الله بذلك، فقال: « خلِّ سبيلها »، فأتته وصلّت عليه واسترجَعَت، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله به فدُفن.
وقد قال إعظاماً لحمزة عليه السلام: « لولا أن تحزن صفيّة، لَتركتُ حمزة حتّى يُحشَر من بطون السباع وحواصل الطير » ( بحار الأنوار 33:10 / ح 1 ـ عن: الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن علي الطبرسي ).
 

من شعرها
قولها رضوان الله عليها في رثاء أبيها عبدالمطّلب عليه السلام:

أرِقتُ لصـوتِ نائحـةٍ بِلَيـلٍ   على رجلٍ بقارعـةِ الصعيـدِ
ففاضت عنـد ذلكـمُ دموعـي   على خَدّي كمُنحَـدَرِ الفـريـدِ
على الفيّاضِ شَيبةِ ذي المعالي   أبيكِ الخير وارثِ كـلِّ جُـودِ

(السيرة النبويّة لابن هشام 178:1 ).
وقولها تعريضاً بأبي سفيان:

ألا مَن مُبلغٌ عنّـي قريشـاً   فَفِيمَ الأمرُ فينـا والأمـارُ
لنا السَّلَفُ المقدَّمُ قد عَلِمتُـم   ولم تُوقد لنا بالغـدرِ نـارُ
وكلُّ مناقب الأخيـارِ فينـا   وبعضُ الأمر منقصةٌ وعارُ

وفي رثائها رحمها الله لرسول الله صلّى الله عليه وآله قالت:

ألا يا رسولَ اللهِ كنتَ رجاءَنا   وكنتَ بنا بَرّاً ولم تكُ جافيا..

وقالت في رثائه صلّى الله عليه وآله أيضاً:

يا عينُ جُودي بدمـعٍ منكِ مُنحدَرِ   ولا تَمَـلّي وبكّـي سيّـدَ البشـرِ
بكّي الرسولَ فقد هَدَّت مصيبتُـهُ   جميعَ قومي وأهلَ البَدْوِ والحضَرِ
ولا تَمَلّي بُكـاكِ الدهـرَ مُعْوِلـةً   عليه ما غَرّد القُمْـرُّ في السَّحَـرِ

وأخيراً.. تُعدّ صفيّة راوية من راويات الحديث النبويّ الشريف.
[ يراجع: ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى لمحبّ الدين الطبري الشافعي:252، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لعبدالبَرّ القرطبي 345:4، وأُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجَزَري 492:5، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني الشافعي 348:4، الدرّ المنثور للسيوطي الشافعي 261:1، الطبقات الكبرى لابن سعد 41:8، تنقيح المقال للشيخ المامقاني 81:3، معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي 194:23، الأعلام للزركلي 297:3، أعيان الشيعة للسيّد محسن الأمين 390:7، رجال البرقي:61 ].

نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام