السيد عبد العظيم الحسني نزيل الري
علي صاحب الهاشمي
كنيته :
أبا القاسم الحسني العلوي.
اسمه ونسبه:
بعد وفاته , وعندما أرادوا تغسيله , وجِدَ في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه فإذا فيها : ( أنا أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب )(1).
ولادته:
ولد (رضوان الله عليه) في اليوم الرابع من شهر ربيع الثاني ، عام 173 هـ ، أيّام عهد الإمام الكاظم (عليه السلام).
منزلته العلمية:
كان ورعاً , زاهداً , عابداً , عالماً , متقياً , مطيعاً , ذا عقيدة كاملة بالأئمة (عليهم السلام) , ومرجعاً في الدين من قبل المعصوم (عليه السلام).
روى أبو تراب الروياني قال : سمعت أبا حماد الرازي يقول : دخلت على علي بن محمد (عليهما السلام) بسر من رأى ، فسألته عن أشياء من الحلال والحرام فأجابني فيها ، فلما ودعته قال لي : (( يا حماد ، إذا أشكل عليك شئ من أمر دينك بناحيتك ، فسل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، واقرأه مني السلام ))(2).
عن عبد العظيم الحسني قال : دخلت على سيدي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، فلما بصر بي , قال لي : (( مرحبا بك يا أبا القاسم ، أنت ولينا حقا )) . فقلت له : يا بن رسول الله ، إني أريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان مرضيا ثبتُ عليه حتى ألقى الله عز وجل ، فقال : (( هات يا أبا القاسم )) ، فقلت : إني أقول : إن الله تعالى واحد ليس كمثله شئ خارج من الحدين : حد الإبطال وحد التشبيه ، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، ورب كل شئ ومالكه وجاعله ومحدثه .
وأن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين ، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة ، وأن شريعته خاتمة الشرائع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة . وأقول : إن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي . فقال علي (عليه السلام) : (( ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ )) فقلت : وكيف ذاك يا مولاي ؟ قال : (( لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا )) . فقلت : أقررت .
وأقول : إن وليهم ولي الله ، وعدوهم عدو الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله . وأقول : إن المعراج حق ، والمسألة في القبر حق ، وإن الجنة حق ، والنار حق ، والصراط حق ، والميزان حق ، وإن الساعة آتية لا ريب فيها ، وإن الله يبعث من في القبور . وأقول : إن الفرائض الواجبة بعد الولاية : الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فقال علي بن محمد (عليهما السلام) : (( يا أبا القاسم ، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فأثبت عليه أثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)) (3).
روايته للحديث:
كان ثقة جليل ومن كبار العلماء والمحدثين الشيعة ومن أصحاب الامام الرضا والجواد والهادي (عليهما السلام) وروى الحديث عنهم (عليهم السلام).
عن أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني قال حدثنا عبد العظيم الحسني ، قال : دخلت على سيدي ، محمد بن علي (عليهما السلام) وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره ؟ فابتدأني هو ، فقال لي : (( يا أبا القاسم ، إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ، ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي ، والذي بعث محمدا بالنبوة ، وخصنا بالإمامة ، إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، وإن الله تبارك وتعالى ليصلح أمره في ليلة ، كما أصلح الله أمر كليمه موسى ، إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو نبي مرسل ))، ثم قال (عليه السلام) : (( أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج )).
وعن سهل بن زياد الآدمي ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : قلت لمحمد
بن علي بن موسى : إني لأرجوك أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما . فقال (عليه السلام) :
(( يا أبا القاسم
ما منا إلا قائم بأمر الله وهادي إلى دين الله ، ولكن القائم الذي يطهر
الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها عدلا وقسطا هو الذي يخفى على
الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته ، وهو سمي رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) وكنيه ، وهو الذي تطوى له الأرض ويذل له كل صعب ، يجتمع إليه
من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاث عشر رجلا من أقاصي الأرض ، وذلك قول الله عز
وجل
( أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنّ اللّهَ عَلَى كُلّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ )
(4)، فإذا
اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر أمره ، فإذا أكمل له العقد وهي عشرة
ألف رجل خرج بإذن الله ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تبارك وتعالى )) .
قال عبد العظيم : قلت له : يا سيدي وكيف يعلم أن الله قد رضي ؟ قال :
(( يلقي في
قلبه الرحمة ))
(5).
عن أحمد بن علي بن نوح قال : حدثنا الحسن بن حمزة بن علي قال : حدثنا علي بن الفضل
قال : حدثنا عبيد الله بن موسى الروياني أبو تراب قال : حدثنا عبد العظيم بن عبد
الله بجميع رواياته.
ثواب زيارته:
عن محمد بن يحيى العطار عمن دخل على أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) من أهل الري ، قال : دخلت على أبي الحسن العسكري (عليه السلام) فقال أين كنت ؟ قلت : زرت الحسين (عليه السلام) فقال : (( أما أنك لو زرت عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار قبر الحسين بن علي (عليهما السلام))) (6).
وفاته:
ورد السيد عبد العظيم الري هاربا من السلطان ، وسكن سردابا في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي ، فكان يعبد الله في ذلك السرداب ، ويصوم نهاره ، ويقوم ليله ، فكان يخرج مستترا فيزور القبر المقابل قبره ، وبينهما الطريق ، ويقول : هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر (عليه السلام) ، فلم يزل يأوي إلى ذلك السرداب ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى عرفه أكثرهم ، فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له : (( إن رجلا من ولدي يحمل من سكة الموالي ويدفن عند شجرة التفاح في باغ عبد الجبار بن عبد الوهاب )) ، وأشار إلى المكان الذي دفن فيه ، فذهب الرجل ليشتري الشجرة ومكانها من صاحبها ، فقال له : لأي شئ تطلب الشجرة ومكانها ؟ فأخبره بالرؤيا ، فذكر صاحب الشجرة أنه كان رأى مثل هذه الرؤيا ، وأنه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ (7) وقفا على الشريف ، والشيعة يدفنون فيه ، فمرض عبد العظيم ومات (رحمة الله عليه) في الخامس عشر من شوّال 252 هـ ، أيّام عهد الإمام الهادي (عليه السلام) ، ودفن في مدينة ري ، جنوب العاصمة طهران (8).
وقد صار قبره الواقع في مشهد الشجرة بالري مزارا للشيعة من الخاص والعام من لدن زمن وفاته إلى هذا الزمان ، بل يزيدون الإعظام والإكرام يوما فيوما , وله قبة عظيمة مذهبة ، وروضة محجرة بالمرمر والمرآة في جدرانها .
ــــــــــــــــــــ
(1) رجال النجاشي / ج 2 / ص 66.
(2) مستدرك الوسائل / الميرزا النوري / ج 17 / ص 321.
(3) أهل البيت في الكتاب والسنة / محمد الريشهري / ص 243 .
(4) سورة البقرة / 148.
(5) كفاية الأثر/ الخزاز القمي/ ص 281 ـ 282.
(6) ثواب الأعمال /للشيخ الصدوق / ص 99.
(7) الباغ : كلمة فارسية تعني البستان .
(8) رجال النجاشي / ص 248.