من كرامات عقيلة الهاشميين السيدة زينب (عليها السلام)
  • عنوان المقال: من كرامات عقيلة الهاشميين السيدة زينب (عليها السلام)
  • الکاتب: موقع (عالم المرأة)
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 6:7:0 3-9-1403

من كرامات عقيلة الهاشميين السيّدة زينب (عليها السّلام)

  

موقع (عالم المرأة)

 
مزار العقيلة زينب (عليها السّلام) في الشام من البقاع التي يُستجاب فيها الدعاء ويُغاث فيها الملهوف، ويشفى فيها المرضى، وتُقضى فيها الحاجات، فصاحبة المزار سيّدة جليلة من سلالة النبوّة ومن كرائم أهل البيت الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجسَ وطهرّهم تطهيراً.
وإذا ما حفّت الرحمة بمثوى هذه السيّدة الجليلة، وكان ضريحها الطاهر مَطافاً للملائكة، فقد سبق لها أن عاشت في بيوتٍ أذِن اللهُ أن تُرفع ويُذكر فيها اسمُه، يُسبحّ له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيع عن ذِكر الله وإقام الصلاة، وفي بيوتِ ألِفَ أهلُها تردّد الملائكة وسمعوا هَينَمتهم.
فلا غرو إذاً إن قَصَد هذا المزارَ المبارك ذو معضلة وتوسّل إلى الله عزّ وجلّ بحقّ نبيّه وأهل بيته (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، ففرّج الله عنه وكشف ما به من ضُرّ.
ولا يرتاب المؤمن أنّ الكرامات من جُمل المواهب الإلهيّة التي يمنّ بها الله تبارك وتعالى على عباده المخلَصين المطيعين، الذين بلغوا الذروة في الطاعة واليقين؛ ومَن أولى بهذا اللطف وبهذه المواهب من خاتمِ المرسلين حبيبِ الله وصفوتهِ من خلقه محمّدٍ صلّى الله عليه وآله.. ومعه أهلُ بيته الأطهار الذين صرّح صلوات الله عليه وآله بأنّهم معه في درجته يوم القيامة.
ومن هؤلاء العباد المطهّرين المخلَصين: عقيلة الهاشميين السيّدة زينب بنت أمير المؤمنين (سلام الله عليها)؛ فقد ورثت أمَّها سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السّلام) في التقوى والفضيلة، وترعرعت في بيت أمير المؤمنين (عليه السّلام) وسيّد الموحّدين، أوّلِ الخلق إسلاماً بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وكَبُرت مع سِبطَي نبيّ الهُدى: الحسنِ المجتبى والحسينِ الشهيد بكربلاء (سلام الله عليهما)، فاشتهرت ـ بعد أمّها ـ بأنّها سيّدةُ بني هاشم في العبادة والطاعة والتقوى، ولُقّبت لكمالها وعلمها وحِلمها ووفور عقلها بـ ( عقيلة بني هاشم ).
وروي أنّها لم تترك تلاوةَ القرآن، ونافلة الليل حتّى ليلة الحادي عشر من المحرّم سنة 61 هـ، على الرغم من أنّها عايَنَت إخوتها وابنَيها وأهل بيتها مُجزَّرين على رمضاء كربلاء كالأضاحي، تَصهرهم الشمس، وتسفي عليهم رمالُ الصحراء.
فكانت هذه المرأة الجليلة في إيمانها وتسليمها وعبادتها مدعاةً لمباهاة النساء المؤمنات، وفخراً تفتخر به العابدات الصالحات الموقنات.. ومَبعثاً لدهشة الرجال من أولي الصبر والرضا.
وكان من الطبيعيّ لمثل هذه السيرة العطرة والعبوديّة المخلصة، أن تستمطر شآبيب الرحمة الإلهيّة، فتنهمر وتتدفّق لترفع منزلةَ هذه السيّدة إلى أعلى عِلّيّين، وتجعل مزارَها مناراً في بلدٍ أرادت فيه عُصبة أُمويّة أن تُطفئ نور الله جاهدةً، فأبى الله إلاّ أن يُتمّ نورَه ولو كره المشركون.
وهكذا تحوّل مزار السيّدة التي ساقها الظَلَمة أسيرةً منكوبة محزونة، إلى محلّ قدسٍ تتلألأ منه أنوار القُدس، وتُشَدّ إليه رحالُ الزوّار والوافدين، وتتشرّف بلثم أعتابه وفودُ محبّي أهل البيت من أقاصي البلاد.

فيض الكرامات :

ـ السيّدة تشفي صبيّاً باكستانيّاً مُقعَداً:

نشرت جريدة ( الزمان ) الصادرة في دمشق مقالةً بمناسبة وصول ضريح فضّيّ من مدينة كراجي الباكستانيّة، أهداه أحد وجهاء كراجي ـ واسمه الحاج محمّد علي حبيب ـ ليكون ضريحاً لعقيلة الهاشميّين السيّدة زينب (عليها السّلام) بدل الضريح السابق، ونقلت عن مُهدي الضريح الجديد قوله:
تزوّجت قبل مدّة، وكان الثمرة الوحيدة لزواجي طفلاً جميلاً مَنّ الله تعالى عليَّ به، وقد شَبّ هذا الطفل وترعرع، وكنت وزوجتي نُحيطه برعايتنا، ونُغدِق عليه ألوانَ المحبّة، وكان يَحظى بحبِّ ورعاية جميع أفراد العائلة.
ثمّ شاء التقديرُ الإلهيّ لهذا الطفل أن ينشب المرضُ فيه أظفارَه، فلزم الفراش بُرهة من الزمن ثمّ تحسنّت حاله تدريجاً لكنّه ظلّ يلازم الفراش لا يبرح، وبعد ذلك اكتشفنا ـ ويا لَلْهَول ـ أنّ الطفل الجميل قد أُصيب بالشلل في ساقَيه، فغدا مُقعَداً لا يقوى على النهوض على قدميه!
وهالَتني الصَّدمة، لكنّني لم أيأس، وسُرعانَ ما صَحِبتُه إلى أبرع أطبّاء الهند والباكستان، فاتّفقَتْ كلمتُهم على أنّ الأمر خارج من أيديهم، وأنّ علاج مثل هذه الحالات يعجز عنه الطبّ، فلا فائدة في استمرار المعالجة.
أمّا عاطفة الأب والأم فهيهات لها أن تستسلم لنصيحة طبيب أو لقول مختص حاذق! وسُرعانَ ما شَدَدتُ الرحال إلى أوروبا، فقد قيل إنّ فيها إمكانات لا تتوفّر في بلادنا.

في أوروبا :

حملتُ طفلي الوحيد ودُرتُ به على أمهَر أطباء أوروبا، فأخضعوه لأدقِّ الفحوصات، وبَقِيتُ أتأرجح بين اليأس والأمل مدّةَ عامين كاملين، لم يهدأ لي فيهما قرار، ولم يَطِب لي فيهما نوم! كيف وأنا أرى هذا البناء الذي كنت آمل أن يكون امتداداً لحياتي وهو يتهاوى، وأرى العينين البريئتين الواسعتين تنضحان ألماً وعذاباً مع كلّ حركة وسكنه.
وتصرّم العامان دون أن أُلقي بالاً إلى تكاليف علاج، أو التفتَ إلى تمشية أموري التجاريّة، ثمّ أعلن الأطباء ـ بعد لأيٍ ـ إفلاسَهم وعجزهم، فلم أجد بُدّاً من أن أحمل الطفل المُقعد وأعود به إلى كراجي وفوق كتفيّ جبالٌ من ضَنىً وعذابٍ وألم لا يعلمها إلاّ الله تعالى.

اللجوء إلى أعتاب السيّدة:

ثمّ اتّفق لي أن سافرتُ إلى أوروبا مُجدّداً للتجارة، فعرّجت في عودتي على مدينة دمشق، وأومَضَ في خاطري فجأة خاطر: سأزور قبرَ السيّدة زينب (عليها السّلام)! وبسرعة توجّهت إلى الزيارة، ولَفَّ وجودي خشوع عجيب وأنا أُتَمتم بكلماتِ الزيارة، وأفتح أبوابَ القلب المُضنى على مِصراعَيها لكريمةِ أهلِ البيت (عليهم السّلام). هؤلاء قومٌ ضَرَبت جذورُهم في النُّبل والكرم؛ قومٌ إذا ذُكر الخير كانوا أوَّلَه وآخره وغايته ومُنتهاه، قومٌ شأنُهم الرِّفقُ والحِلمُ والكرم.
أذلَلتُ دموعي على أعتابِ السيّدة الكريمة، وأرخَيتُ العِنانَ لعَبراتي كي تنهمر سخيّة وأنا أتمثّلُ وقوفَ العقيلة (عليها السّلام) ضارعةً أمام بَدَنٍ زكي مسلوب العمامة والرّداء، محزوزِ الرأس من القَفا.
هيهاتَ لأحدٍ غير هؤلاء القوم أن يَضع على جُرحي النازف بَلسماً، وأنّى لسواهم أن يجد لعظمي الكسير مَرهماً! تكلّمتُ مع السيّدة وبَثَثتُها همّي وحزني دون أن أنطق بكلمة، فقد تَرجَمَت الدموعُ الحرّى مقالتي، وتكفّلتْ آهاتي وزفراتي ببيان بُغيتي.
لم أدرِ كيف تَصرَّم الليل وأنا أتوسّلُ إلى الله تعالى وأُقسِم عليه بحُرمةِ صاحبة هذا القبر النورانيّ المحفوف بالملائكة أن يكشف عنّي ما قد تكّأدَني ثِقلُه وأبهَضَني حَمْلُه.

البشارة :

أعادني إلى نفسي أذانُ الفجر، واستمعتُ لصوت المؤذّن وهو يشهد في دمشق بالنبوّةِ لخيرِ خلق الله، وبالولاية لوصيّهِ خيرِ البريّة بعد رسول الله، وعُدت إلى كراجي وفي قلبي نورٌ خَلَّفتْه زيارةُ كريمة أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وفي صدري براعمُ آمالٍ زَرَعتها يداها الطاهرتان.
وتطلّعت من بعيد في وجوه المستقبِلِين.. الواحد تلو الآخر، كانت وجوههم تضجّ بالبُشرى... ولم أجد طفلي بينهم، وسرعان ما داهمتني البشارة السارّة: لقد نهض الطفلُ العليل الكسيح في نفس الليلة التي بِتُّ فيها عند ضريح كريمةِ أهل البيت (عليها السّلام)، وصرخَ ينادي أمَّه، ثمّ قال للممرّضات اللاتي هُرِعنَ نحوه بأنّه يريد أن يسير، فهناك قوّة دَبّت في عظامه الكسيحة، أحسّ معها أنّ حمل هذا البدن الصغير لم يَعُد عسيراً. وهكذا خَطا الطفل خطواتٍ وخطوات... ثمّ أُخبِرت الأمّ، فجاءت على جناحِ السرعة لترى المعجزة!
ويومها صَمّمتُ ـ والكلامُ للحاج محمّد علي حبيب ـ على إهداء هذا الضريح الفضّي عِرفاناً منّي للجميل الذي غَمَرتني به عقيلةُ الهاشميّين (عليها السّلام)، وأرجو أن تحظى هذه الهديّةُ اليسيرة بالقبول، وقد عمل في صُنع هذا الضريح عدد من أصحاب المهارة الحذق والفنّ

السيّدة العقيلة (عليها السّلام) تُشفي امرأة لبنانيّة مُقعدة :

تناقلت الجرائد والمجلاّت الصادرة في لبنان كرامةً للسيّدة عقيلة بني هاشم (عليها السّلام)، شُفيت على أثرها امرأةٌ لبنانيّة مُقعدة تدعى ( فوزية بنت سليم زيدان )، من أهالي قرية ( جوَيّا ) التابعة لمدينة صُور، وكانت هذه المرأة قد أُصيبت بروماتيزم مُزمن مدة 13 سنة ألزمها الفراش، وكان الأطباء قد أعلنوا يأسهم من علاجها.
في أحد أيّام محرّم الحرام.. قالت المرأة المقعدة لأخيها: خُذني إلى قبر مولاتي زينب (عليها السّلام) في الشام! فاعتذر أخوها منها بأعذارٍ شتّى، وكان حَملُها أمراً غير يسير بطبيعة الحال.
قالت المرأة في محاولة لإثارة حميّة أخيها الهامدة: سأستأجر امرأتين تحملاني إلى سيّدتي!
ردّ الأخ ـ محاولاً صرفَ أخته العليلة عن عزمها ـ بمنطقه المشكّك: لو شاءت السيّدة أن تشفيك فلا فرق في الأمر أن تكوني هنا في بيتك أو في حرمها في الشام!
ما الذي بإمكان امرأة كسيحة وحيدة أن تفعله في مقابل من لا يَعي لغة القلب ؟!
وإذا كان بإمكان هذه الروماتيزم أن تأسر الأرجل وتقيّد البدن، فإنّها ـ لا ريب ـ عاجزة أن تقيّد القلب النابض لينطلق فيطوي المسافات ويختزل الحُجب...
عادت المرأة تتوسّل: فلتحملوني إلى باب الدار لأتفرّج على مراسم العزاء في المسجد المقابل!
ألقَت العينانِ الكئيبتانِ نظراتٍ تحملُ الكثير من المعاني على الجمهور المتوافد على المسجد.. وأحسّت من أعماق قلبها المُضنى أنّها تُشاطر أصحابَ العزاء عزاءهم، وذَرَفت الدموعَ السِّخان لمصابِ قتيلِ الطفِّ المظلوم: سيّدِ الشهداء الحسين (عليه السّلام)، وعَزَّت جدَّه المصطفى (صلّى الله عليه وآله) وأباه المرتضى وأمَّه الزهراء وأخاه المجتبى وأختَه العقيلة (عليهم السّلام) في مصابهم بخامسِ أهلِ الكساء الشهيد المُرمَّل بالدماء... ونادت تندب سيّدتها العقيلة (عليها السّلام): يا مولاتي، يا أختَ الحسين، يا مظلومةَ كربلاء!
حين يبكي القلب يتوقّف الزمن، وتندهش الملائكة... فقد طرقت أسماعها لُغةُ الإخلاص... لغةٌ تتجاوز الحدود والشكليّات...
طلبت الأم من فوزية الكسيحة أن تدخل البيت، فقد حلّ الظلام... لكنّ فوزية استأذنت أمَّها أن تسمح لها بالبقاء ريثما تنتهي مراسم العزاء...
كانت المرأة العليلة تشاطر سيّدتها العقيلة عزاءها بأخيها المذبوح عطشاناً على شاطئ الفرات. ترى.. كيف ينصرف أصحاب العزاء، والمعزُّون لم يبرحوا بعد ؟!
حلّ الفجر... وانتصبت فجأة سيّدةٌ جليلة عليها سيماء الوَقار، تلفّها نورانيّةٌ عجيبة... تقدّمت السيّدة نحو فوزيّة المسجّاة ونادتها برفق: انهضي على قَدَمَيك! أنا زينبُ ابنةُ أمير المؤمنين عليّ!
ثمّ أردفت السيّدة ـ وهي تضع يديها تحت كتفَي المريضة الكسيحة: قولي لأخيك: إنّ ما نفعله مرهونٌ بإذنِ الله تبارك وتعالى!

تقول فوزيّة التي عُوفِيت على يد السيّدة العقيلة (عليها السّلام):

 أحسست فجأة أنّ قوّةً لم أعهدها مِن قَبلُ قد تغلغلت في ساقَيّ الكسيحتين، فنهضتُ وصرختُ: أُمّاه! هلمّي لاستقبال مولاتِنا زينب!
وهُرعت أمّي وهي تمسح عن عينيها بقايا النوم، لكنّ السيّدة الجليلة كانت قد اختفت عن ناظري.
ورافقتني أمّي في تلك الساعة إلى بيت أخي حسن، وطَرَقنا البابَ لنُبلِغه النبأَ السعيد، فاستبق أخي وزوجته ( كريمة السيّد نور الدين ) أيُّهما يفتح الباب، ومَسحَ أخي عينيه غير مرّة وهو يُحدِّقُ في دهشة، وتلقّى نبأ شفائي على يدِ كريمةِ أهل البيت السيّدة زينب (عليها السّلام).
هذا، وقد تقاطَر أهلُ القرية على بيتِ هذه المرأة التي شُفيت بكرامة السيّدة العقيلة (عليها السّلام)، وقَدِم لزيارتها أطباؤها الذين تولَّوا علاجَها طوال سنواتِ مرضها، وعاينوا الكرامة التي تحقّقت على يدَي كريمة أهل البيت عليهم السّلام.
1 ـ نقلاً عن مجلّة الغري الصادرة في النجف الأشرف، العدد الثالث، السنة الحادية عشرة.
2 ـ نقل هذه الكرامة السيّد جواد شبر في كتابه ( ما تشتهي ) الأنفس 176، نقلاً عن السيّد عمران السيّد أحمد الذي نقلها له في أحد المجالس الحسينية في ليلة الحادي عشر من شهر محرّم لسنة 1391 هـ.