جعفر بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) *
إعداد قسم المقالات
في شبكة الإمامَين الحسنَين ( عليهما السلام )
اسمه ونسبه :
السيّد جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلّب الهاشمي القرشي ، المعروف بجعفر الطيّار (1) .
كنيته :
أبو عبد الله ، وكنَّاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بـ ( أبي المساكين ) ؛ لأنّه كان يعطف على المساكين ، ويتفقَّدهم ، ويجلس معهم .
أُمّه :
السيّدة فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
ولادته :
وُلِد عام : 22 قبل البعثة النبوية بمكّة المكرّمة .
إسلامه :
كان من السابقين إلى الإسلام ، فقد أسلم بعد إسلام أخيه الإمام علي ( عليه السلام ) بقليل ، وهو ثاني من صلَّى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الرجال ، في أوَّل جماعة عُقدتْ في الإسلام ، حيث روي أنّ أبا طالب رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعليّاً يصلّيان ، وعلي عن يمينه ، فقال لجعفر : صِلْ جناح ابن عمّك وصَلّ عن يساره ، ثمّ قال :
إنّ عـليّاً وجـعفراً iiثـقتي عـند مـلمّ الزمانِ iiوالكرب
واللهِ لا أخـذلُ الـنبي ولا يَـخْذُله مِن بني ذو iiحسبِ
لا تَخْذُلا وانْصُرا ابنَ عمِّكُمَا أخـي لأُمي من بينهم iiوأبي (2)
هجرته :
هاجر في السنة الخامسة من البعثة مع الدفعة الثانية التي هاجرت إلى الحبشة ، وكان جعفر على رأس المهاجرين ، وصحب معه زوجتَه أسماء بنت عميس الخثعميّة .
وقَدِم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في السنة السابعة من الهجرة ، حيث كان فتح خيبر ، فاعتنقه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وقال : ( ما أدري بأيّهما أنا أشدّ فرحاً ، بقدوم جعفر ، أَمْ بِفَتْح خيبر ) (3) ، ولُقّب بذي الهجرتَين ؛ لأنّه هاجر من مكّة إلى الحبشة ، ومنها إلى المدينة .
أولاده :
عبد الله ، عون ، محمّد .
واقعة مُؤْتَة :
عدد الجيش وقوّاده :
كان عدد الجيش الإسلامي ثلاثة آلاف مقاتل ، وبقيادة جعفر بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فإنْ أُصيب فبقيادة زيد بن حارثة ، فإنْ أُصيب فبقيادة عبد الله بن رَوَاحة ، فإنْ أُصيب فيختار المقاتلون رجلاً منهم يجعلوه قائداً عليهم ، هذا ما وصّى به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وكان عدد الجيش الرومي مِئتي ألف مقاتل ، مئة ألف من الروم ، ومئة ألف أُخرى من المستعربة ، وبقيادة هِرَقْل ملك الروم .
مكان وزمان الواقعة :
مؤتة : هي قرية من قرى البلقاء في حدود الشام ، وبها كانت تطبع السيوف ، وإليها تُنسب المشرفية من السيوف ، وهي الكرك اليوم .
وكانت الواقعة في جمادى الثانية 8 هـ ، وقد استشهد قائدها جعفر بن أبي طالب في العاشر منه .
سبب الواقعة :
بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بيد الحارث بن عمير الأزدي رسالة إلى هِرَقْل ملك الروم بالشام ، يدعوه فيها للإسلام ، فلمّا نزل الحارث منطقة مؤتة ، ألقى عليه القبض شرحبيل بن عمرو الغساني ـ من أمراء قيصر على الشام ـ بعد أنْ عرف أنّه مبعوث من قِبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأوْثَقَهُ ثمّ قَتَلَه ، ولم يُقْتَل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رسولٌ غيره ، فلمّا بلغه ( صلى الله عليه وآله ) ذلك اشتد الأمر عليه ، فجهّز جيشاً لقتال الروم .
خروج الجيش للواقعة :
سار جيش الإسلام ونزل معان ، وعندما بلغهم عدد جيش الروم واستعدادهم ، تدارس القادة الموقف العسكري ، فقال بعضهم : نكتب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لِنُعْلِمه الموقف ، واختلال الموازنة العسكرية بيننا وبين العدو ، وننتظر أوامره .
ولكنّ عبد الله بن رَوَاحة قال لهم : يا قوم ، والله ، إنّ الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون الشهادة ، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوّة ، ولا نقاتلهم إلاّ بهذا الدين ، فانطلقوا فما هي إلاّ إحدى الحُسْنَيَيْنِ .
فقال الناس : صدق والله ، وساروا ، وبدأتْ المعركة ، والتقى الجيشان في منطقة مؤتة ، واستشهد القوّاد الثلاثة ، ثمّ انسحب الجيش ، وعاد إلى المدينة المنوّرة .
شهادته :
أمَّره رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على جيش المسلمين في غزوة مؤتة ، فإنْ قتل فزيد بن حارثة ، فإنْ قتل – أي زيد بن حارثة - فعبد الله بن رَوَاحَة .
وعند مقاتلته للعدو قُطِعَتْ يده اليمنى ، فقاتل باليسرى حتّى قُطعتْ ، فَضُرب وسطه ، فسقط شهيداً مضرَّجاً بدمه في العاشر من جمادى الثانية 8 هـ .
ودُفِن بمنطقة مؤتة ، وهي قرية من قرى البلقاء في حدود الشام ، وقبره معروف يُزار .
حزن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليه :
حزن ( صلى الله عليه وآله ) لشهادته حزناً شديداً ، وبكى عليه وقال : ( على مِثلِ جعفرٍ فَلتَبكِ الباكية ) (4) .
أقوال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيه :
1 ـ قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنَّ خُلُقك خُلُقي ، وأشبَهَ خَلْقك خَلْقي ، فأنتَ مِنِّي ومِن شجرتي ) (5) .
2 ـ قال ( صلى الله عليه وآله ) لمّا قُتل جعفر : ( إنَّ اللهَ أبدَلَهُ بيديه جناحَين ، يطيرُ بِهِما في الجنَّة حيثُ يشَاء ) (6) .
3 ـ قال ( صلى الله عليه وآله ) ( اللّهمّ إنّ جعفر قد قدم إليك إلى أحسن الثواب فاخْلُفْهُ في ذُرِّيَّتِهِ بخير ما خَلفتَ عبداً من عبادك الصالحين ) (7) .
صلاته :
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
لمّا قَدِم جعفر بن أبي طالب ( عليه السلام ) من الحبشة ، كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد فتح خيبر ، فلمّا دخل إليه واستقبله ، وقبّل ما بين عينيه ، ثمّ قال : ( يا جعفر ، أَلاَ أَحْبُوكَ ، أَلاَ أُعْطِيْكَ ، أَلاَ أَمْنَحُكَ ؟ ) ، فقال : بلى يا رسول الله ، قال : ( صلّ أربع ركعات في كلّ يوم ، فإنْ لم تطقْ ففي كلّ جمعة ، فإنْ لم تطقْ ففي كلّ شهر ، فإنْ لم تطق ففي كلّ سنة ، فإنْ لم تطقْ ففي كلّ عمرك مرّة ، فإنّك إنْ صلّيْتَهَا مَحَا الله ذنوبَك ، ولو كانت مثل رمل عالِج وزَبَد البَحْر ) ، فقيل له : يا رسول الله ، فمَن صلّى هذه الصلاة له من الثواب ما لجعفر ؟ قال : ( نعم ) (8) .
هذه الصلاة أربع ركعات ، بتشهّدَين وتسليمَتَين :
والقراءة في الأولى : الحمد ، وإذا زلزلت .
وفي الثانية : الحمد ، والعاديات .
وفي الثالثة : الحمد ، وإذا جاء نصر الله .
وفي الرابعة : الحمد ، وقل هو الله أحد .
فإذا فرغ من القراءة في الركعة الأولى قال خمس عشرة مرّة قبل أنْ يركع : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثمّ ليركع ويقول في ركوعه : مثل ذلك ، عشر مرّات ، ثمّ ليرفع رأسه من الركوع ويقول ذلك عشر مرات ، ثم ليسجد ، ويقول في سجوده عشر مرّات ، ثمّ يرفع رأسه ويجلس ، ويقول ذلك عشر مرات ، ثمّ يعود إلى السجدة الثانية ويقول ذلك عشر مرّات ، ثمّ يرفع رأسه ويجلس ، ويقول مثل ذلك عشر مرات ، ثمّ يقوم إلى الثانية فيصلّي الثانية مثل ذلك ، ثمّ يتشهّد ، ويسلّم ، ثمّ يقوم فيصلّي ركعتَين أُخْرَيَيْن على هذا الترتيب (9) .
ـــــــــــــــــ
* بالاستفادة من مقالٍ بقلم : محمّد أمين نجف .
1 ـ انظر : أعيان الشيعة : 4 ، 118 .
2 ـ الأمالي للشيخ الصدوق : 598 .
3 ـ المقنع : 139 .
4 ـ شرح نهج البلاغة : 15 ، 71 .
5 ـ الطبقات الكبرى : 4 ، 36 .
6 ـ الاستيعاب : 1 ، 243 .
7 ـ المصنّف لابن أبي شيبة : 7 ، 515 .
8 ـ الهداية : 153 .
9 - مصباح المتهجّد : الشيخ الطوسي : ص304 .