قال تعالى: (رَبّنَا آمَنّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتّبَعْنَا الرّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ )
(عن موقع عرفان)
نــسـبــه الـشــريـف :
هو محمد بن عبد الله ابن عبدالمطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي ابن كلاب ابن مرة ابن كعب ابن لؤي ابن غالب ابن فهر ابن مالك ابن النضر ابن كنانة ابن خزيمة ابن مدركة ابن الياس ابن مضر ابن نزار ابن عدنان .
ونسب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) لا يختلف فيه النسابون إلى عدنان ، ولكن يختلفون فيما بعده اختلافاً عظيماً في عددها وضبطها . فالذي ينبغي لنا التوقف فيما فوق عدنان ، لِما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):(( إذا بلغ نسبي إلى عدنان فامسكوا )).
عـقـيـدتـنـا فـيـه (صلى الله عليه وآله وسلم) :
تعتقد الشيعة الإمامية بأنّ النبيّ محمد ابن عبد الله ابن عبدالمطلب، النبي الأمي الهاشمي ، خاتم الأنبياء وسيّدهم وأفضلهم، وأعلمهم، وأكرمهم، وأشجعهم، وأتقاهم، وأزهدهم ، وأنّه معصوم عن الخطأ، والسهو، والغلط، والنسيان، والخطيئة، سواء في الأمور الدينية أو الدنيوية ، وما فعل ذنباً طوال حياته قط ، وأنّه منذُ ولادته حتى ساعة وفاته لم يعصِ الله أبداً ، لا بجزئية ولا بكلّية أبداً .
وتعتقد الشيعة أنّه ماترك (صلى الله عليه وآله وسلم) واجباً أمره الله به إلاّ وفعله ، وما فعل محرماً حرمه الله حتى المكروهات .
ولم يكن (صلى الله عليه وآله وسلم) متعبّداً بشريعة غيره من الأنبياء (عليهم السلام) كنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، (عليهم السلام) لأنّه كان نبياً في علم الله وآدم بين الماء والطين ، وله معاجز كثيرة، منها انشقاق القمر، وتسبيح الحصى في كفّه، والقرآن الكريم الذي هو معجزته الخالدة ، وهو الذي بين أيدينا من دون زيادة ولا نقصان ، ومن توّهم الزيادة أو النقصان فهو مشتبه أو مغالط أو مخترق ، وكلهم على غير هدى .
ولادتــه :
قالت الإمامية بأنّ مولده (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول، عند طلوع الفجر عام الفيل سنة 570 م في مكّة المعظمة، في الدار المعروفة بدار محمد بن يوسف ، وكانت بعد ذلك مسجداً والآن هي مكتبة .
وشذّ من الإمامية ثقة الإسلام الشيخ الكليني ، وكذلك المسعودي صاحب كتاب مروج الذهب، حيث أنهما يميلان إلى القول بولادته (صلى الله عليه وآله وسلم) في اليوم الثاني عشر من الشهر نفسه ، وهو نفس القول لدى جمهور السنة .
وكان والده قد توفّى قبل ولادته، ودُفعَ إلى حليمة السعدية لإرضاعه ، ثم عادت به في السنة الرابعة من ولادته ، وقيل السنة السادسة إلى أمّه ، وفي السنة السادسة خرجت أمّه إلى أخواله بالمدينة المنورة لتزورهم ، فلّما رجعت بهِ توفيت بالأبواء بين مكّة والمدينة ، ثم كفله جدّه عبدالمطلب (رضوان الله تعالى عليه) إلى وفاته في السنة الثامنة من مولده، وكفله عمه أبو طالب (رضوان الله تعالى عليه) حتى توفي في السنة العاشرة للمبعث الشريف .
وبعث (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرسالة في السابع والعشرين من رجب على المشهور وعمره الشريف أربعون سنة .
وقد أسريَ به (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة السابع والعشرين من رجب أيضاً قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً .
الــدعــوة :
مكث (صلى الله عليه وآله وسلم) عشر سنوات في مكّة المكرمة وهو يدعو قومه ، حتى أذن الله تعالى له بالهجرة ليثرب(المدينة المنورة ) ، وكان في الأوّل من شهر ربيع الأوّل ، حتى وصل (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة في الثاني عشر منه ، فأشرقت به أرجاؤها الزكية وتلقّاه الأنصار ، ونزل بقباء وأسّس مسجده على التقوى .
وهذا يعني أنّ السنة الأولى من الهجرة غير كاملة ، فهي تنقص شهرين إذا كان بداية السنة شهر محرم ، أو ستة أشهر بناءً على أنّ بداية السنة هو شهر رمضان المبارك .
غــزواتــه :
واصل (صلى الله عليه وآله وسلم) دعوته في المدينة لمدة ثلاث عشرة سنة ، وكانت هناك غزوات وسرايا ، أشهرها غزوة بدر الكبرى ، حيث كان انتصار المسلمين الأوّل الذي ثبّت الدولة الإسلامية الفتية ، ثمّ تلتها غزوة أحد ثم غزوة بني النضير ، ثمّ ذات الرقاع ، ثمّ دومة الجندل ، ثمّ الخندق ، ثمّ غزوة الحديبية ، ثمّ فتح مكّة المكرمة في شهر رمضان المبارك سنة ثمان للهجرة، وأخيراً غزوة حنين ، وقد تخللت تلك الغزوات غزوات وسرايا كثيرة .
أولاده وبـنــاتــه :
للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث ذكور وأربع إناث كما روي ، وقد ماتوا جميعهم عدا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) التي استشهدت بعده بخمسة وسبعين يوماً على التحقيق .
وله (صلى الله عليه وآله وسلم) خصائص كثيرة ، منها زواجه بتسعِ نساء ، اختصّ بها وحده دون أمّته ، ولها حكم كثيرة ، لا يسع المقام لذكرها .
حياته بــشــكــلٍ عــام :
عاش (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثاً وستين سنة، منها ستّ سنوات مع أمّه (رضوان الله تعالى عليها) وثمان سنوات مع جدّه عبدالمطلب (رضوان الله تعالى عليه) واثنتين وأربعين سنة مع عمّه أبي طالب (رضوان الله تعالى عليه)، منها سبع عشر سنة في بيته، وخمس وعشرين سنة في بيت زوجته الأولى خديجة (رضوان الله تعالى عليها)، وبقي بعد عمّه في مكّة ثلاث سنوات، وفي المدينة المنورة عشر سنوات .
فضائل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
في نسب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّه لم يخرج من سفاح من لدن آدم (عليه السلام):
كنز العمال ج 6 (صلى الله عليه وآله وسلم) 300 - قال : عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ((أنا محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، بن هاشم بن عبد مناف، بن قصي بن كلاب، بن مرة ابن كعبن بن لؤي بن غالب، بن فهر بن مالك، بن النضر بن كنانة، بن خزيمة بن مدركة، بن الياس بن مضر، بن نزار بن معد، بن عدنان بن أد، ابن أدد بن الهميسع، بن يشحب بن نبت، بن جميل بن قيدار، بن إسماعيل ابن إبراهيم، بن تارخ بن ناحور، بن اشوع بن ارعوس، بن فالغ بن عابر، - وهو هود النبى - بن شانح، بن ارفخشد، بن سام بن نوح، بن لمك، بن متوشلخ بن اخنوخ - وهو ادريس، - بن يرد بن قينان بن انوش، بن شيث ابن آدم (عليه السلام) . قال أخرجه الديلمي .
كنز العمال ج6 (صلى الله عليه وآله وسلم) 106 - قال:(( كنت وآدم في الجنة في صلبه، وركب بي السفينة في صلب أبي نوح ، وقذف بي في النار في صلب إبراهيم، لم يلتق أبواي قطّ على سفاح ، ولم يزل الله ينقلني من الأصلاب الحسنة إلى الأرحام الطاهرة ، صفيّ مهديّ ، لا ينشعب شعبتان إلاّ كنت في خيرهما ، قد اخذ الله بالنبوة ميثاقي ، وبالإسلام عهدي ، ونشر في التوراة والإنجيل ذكرى، وبيّن كل نبيّ صفتي ، تشرق الأرض بنوري ، والغمام لوجهي ، وعلّمني كتابه ، ورقّاني في سمائه ، وشقّ لي اسماً من أسمائه ، فذو العرش محمود وانأ محمد ، وعدني أن يحبوني بالحوض والكوثر ، وأن يجعلني أوّل شافع ، وأوّل مشفّع ، ثم أخرجني من خير قرن لأمتي ، وهم الحمّادون ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر)) ، ( قال ) أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس
طبقات ابن سعد - وهو الكتاب المعروف بالطبقات الكبرى - ج1 القسم 1 (صلى الله عليه وآله وسلم) 31 - روى بسنده عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن على بن الحسين، أنّ النبى (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((إنّما خرجت من نكاح ، ولم أخرج من سفاح من لدنّ آدم ، لم يصبني من سفاح أهل الجاهلية شيء ، لم أخرج إلاّ من طهره)).
في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خير الناس فرقة وقبيلة وبيتاً ونسباً وحسباً:
صحيح الترمذي ج2 (صلى الله عليه وآله وسلم) 269 -
روى بسنده عن المطلب ابن أبي وداعة قال: جاء العباس الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكأنّه سمع شيئا فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على المنبر فقال: ((من أنا ؟ فقالوا أنت رسول الله ، قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، إنّ الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم فرقة ، ثمّ جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثمّ جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، وخيرهم نسب))
مستدرك الصحيحين ج4 (صلى الله عليه وآله وسلم) 73 -
روى بسنده عن عبد الله ابن عمر قال: بينما نحن جلوس بفناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ مرّت امرأة فقال رجل من القوم: هذه ابنة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أبو سفيان: إنّ مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط التبن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبى (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج النبى (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف الغضب في وجهه ، فقال: ((ما بال أقوال تبلغني عن أقوام، إنّ الله تبارك وتعالى خلق السماوات فأختار العليا فأسكنها من شاء من خلقه ، ثمّ خلق الخلق فأختار من الخلق بني آدم ، وأختار من بني آدم العرب ، واختار من العرب مضرا، وأختار من مضر قريشا ، وأختار من قريش بني هاشم ، واختارني من بني هاشم ، فأنا من بني هاشم من خيار الى خيار ، فمن أحبّ العرب فبحبي أحبهم ، ومن ابغض العرب فببغضي ابغضهم))
قصص من حياته(صلى الله عليه وآله وسلم) :
النبي (صلى الله عليه وآله) والمستهزئين:
كان الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب، والحارث بن طلا طله بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يستهزئون من دعوته ويهددونه بالقتل إن استمر في ذلك.
فقالوا له: يا محمد! ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلاّ قتلناك.
فدخل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منزله، وأغلق عليه بابه مغتماً لقولهم، فأتاه جبرائيل عن الله سبحانه من ساعته فقال:
((يا محمد، السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول لك: ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) ـ يعني أظهر أمرك لأهل مكّة، وادعهم الى الإيمان.
قال: ((يا جبرائيل، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟))
قال له:(إِنّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) ، فأظهر (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره عند ذلك.
لقد انتقم الله من المستهزئين الخمسة، فقتلهم، كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه، في يوم واحد.
فأمّا الوليد بن المغيرة: فمرّ بنبل ـ السهام العربية ـ لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق فأصابه شظية منه فانقطع أكحله فمات وهو يقول: (قتلني ربّ محمد).
وأمّا العاص بن وائل السهمي: فإنّه خرج في حاجة له الى موضع فتدهده ـ أي تدحرج ـ تحته حجر، فسقط فتقطّع قطعة قطعة، فمات وهو يقول: (قتلني ربّ محمد).
وإمّا الأسود بن عبد يغوث: فإنّه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظلّ بشجرة، فأتاه جبرائيل (عليه السلام)، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني! فقال: ما أرى أحداً يصنع بك شيئاً إلاّ نفسك، فقتله وهو يقول (قتلني ربّ محمد).
وأمّا الأسود بن المطلب: فإنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا عليه أن يعمي الله بصره. و أن يثكله ولده، فلّما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار الى موضع أتاه جبرائيل (عليه السلام) بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتى أثكله الله عزّوجلّ ولده.
وأمّا الحارث بن الطلاطلة: فإنّه خرج من بيته في السموم فتحوّل حبشياً، فرجع الى أهله فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني ربّ محمد.
كل ذلك في ساعة واحدة.
وروي أيضاً أنّ الأسود بن الحرث أكل سمكاً مالحاً فأصابه عطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انشقّ بطنه، فمات وهو يقول: (قتلني ربّ محمد).
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنافقوا العقبة:
لمّا كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في غزوة تبوك، مرّ على عقبة- العقبة: المرقى الصعب الوعر الضيق في الجبل- تسمى عقبة ذي فتق، وقد رام المنافقون قتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عليها بنفر ناقته فيها، فنـزل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قبل العقبة .
وقبل منتصف الليل الأخير، أمر رسول الله بالرحيل ، وأمر مناديه فنادى: ألاّ يسبق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) احد الى العقبة، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم).
ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة فينظر من يمرّ بها ويخبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
فقال حذيفة: يا رسول الله! إني أتبين الشرّ في وجوه رؤساء عسكرك وإنّي أخاف إن قعدت في أصل الجبل، و جاء منهم من أخاف أن يتقدمك الى هناك للتدبير عليك، يحسّ بي، فيكشف عنّي فيعرفني ويعرف موضعي من نصيحتك فيتهمني و يخافني فيقتلني .
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ((إنّك إذا بلغت أصل العقبة، فا قصد اكبر صخرة
هناك الى جانب أصل العقبة)).
فأدّى حذيفة الرسالة، وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم وبين أيديهم رجّالتهم – الماشي على رجليه- يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه هاهنا كائناً من كان فاقتلوه لئلا يخبروا محمداً أنّهم قد رأونا هاهنا فينكص – يرجع ــ محمد، ولا يصعد هذه العقبة إلاّ نهاراً، فيبطل تدبيرنا عليه، وسمعها حذيفة، واستـقـصوا فلم يجدوا أحداً، وكان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم، فتفرّقوا، فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك، وبعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين وشمال، وهم يقولون: الآن ترون محمداً كيف أغراه بأن يمنع الناس عن صعود العقبة حتى يقطعها هو لنخلو به هاهنا فنمضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل، وكل ذلك يوصله الله تعالى الى أذن حذيفة ويعيه.
فلّما تمكّن القوم على الجبل حيث أرادوا، نهض حذيفة وانطلق الى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حتى انقضّ بين يديه، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بما رأى وسمع .
فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ((أوعر فتهم بوجوههم ؟))
قال حذيفة: يا رسول الله كانوا متلثمين – ما يوضع على الأنف وما حوله من ثوب أونقاب- وكنت أعرف أكثرهم بِجـمالهم، فلمّا فتـّشـوا الموضع فلم يجدوا أحداً، أحدروا اللثام فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم وأسمائهم، فلان وفلان وفلان … حتى عدّ أربعة و عشرين .
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ((انهض بنا يا حذيفة أنت وسلمان وعمار
وتوكلوا على الله، فإذا جزنا الثنية - الطريق العالي من الجبل- الصعبة فأذنوا للناس أن يتبعونا)).
فصعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): وهو على ناقته، وحذيفة وسلمان احدهما آخذ بحطام – زمام- ناقته يقودها، والآخر خلفها يسوقها وعمار الى جانبها، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر إذا نظر إليه من بُعده.
فلمّا قربت الدباب من ناقة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) جاوزتها، ثم سقطت في جانب المهوى، وناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنّها لاتحس بشيء من تلك القعقات التي كانت للدباب.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لعمار: ((إصعد الى الجبل فاضرب ـ بعصاك هذه ــ وجوه رواحلهم فارم بها)). فـفعل ذلك عمار، فنفرت بهم رواحلهم، وسقـط بعضهم فانكسر عضده، ومنهم من انكسرت رجله، ومنهم من انكسر جنبه، واشتدت لذلك أوجاعهم، فلمّا جبرت واندملت، بقيت عليهم آثار الكسر الى أن ماتوا.
ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لحذيفة : ((إنّه أعلم الناس بالمنافقين))
لقعوده في أصل الجبل ومشاهدته من مرّ سابقا لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
وعاد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): الى المدينة سالماً وألبس الله الخزي من دبّرعليه.
وفـاتــه :
توفّي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الثامن والعشرين من شهر صفر من سنة إحدى عشرة للهجرة الشريفة ، على إثر السمّ الذي دسّته امرأة يهودية له في الطعام، وهي كتف شاه قبل ثلاث سنوات ، وكانت تأتيه الحمّى من أثر السمّ بين الفينةِ والأخرى، حتى اشتدّت الحمّى به في الحادي والعشرين من شهر صفر ، ومرقده الشريف في المدينة المنورة في بيته (صلى الله عليه وآله وسلم) وحالياً في المسجد النبوي الشريف