لقد كان الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) أحد أعلام أئمة الهدى الاثني عشر، فهو الإمام العاشر في سلسلة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد ذكره المۆرخون وأرباب السير بوصفه علماً بارزاً من أعلام عصره في العلم والمعرفة، وفي التقوى والعبادة، وفي الوجاهة والقيادة والريادة.
وقد ذكر الشيخ الطوسي الفقيه المحقِّق، ومۆسس جامعة النجف العلمية قبل ألف عام، في كتابه الرجالي الآخر المعروف بـ(رجال الطوسي)، ذكر مائة وخمسة وثمانين تلميذاً وراوية أخذوا ورَوَوْا عن الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)، الذي كان مرجع أهل العلم والفقه والشريعة في عصره. وحفلتْ كتبُ الرواية والحديث(1) والفقه والعقيدة والمناظرة والتفسير وأمثالها بما اُثِرَ عنه، واستفيدَ من علومه ومعارفه.
وفيما يلي نذكر أسماء بعض تلامذته ورواته وأصحابه، الذي تتلمذوا عليه ورووا عنه، كما عرّفهم الشيخ الطوسي (رحمه الله) لنعرف جانباً من شخصية الإمام العلمية الفذّة، فمنهم:
1 - أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن الأحوص الأشعري، أبو علي: فقد كان كبير القدر، وكان من خواص أبي محمد(2)، ورأى صاحب الزمان، وهو شيخ القميين ووافدهم (أي الذي يأتي الأئمة إلى مقرّ إقامتهم ويأخذ عنهم)، وله كتب، منها كتاب علل الصلاة(3)، ومسائل الرجال لأبي الحسن الثالث (عليه السلام)(4)، وأبو الحسن الثالث هو: الإمام علي الهادي (عليه السلام).
2 - الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي: من موالي علي بن الحسين (عليه السلام)، ثقة روى عن الرضا، وأبي جعفر الثاني (الإمام الجواد) وأبي الحسن الثالث (عليه السلام)، وأصله كوفي، وانتقل مع أخيه الحسن (رضي الله عنه) إلى الأهواز، ثم تحوّل إلى قم، فنزل على الحسن بن أبان وتوفِّي بقُمّ، وله ثلاثون كتاباً وهي: كتاب الوضوء، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحجّ، كتاب النكاح والطلاق، كتاب الوصايا، كتاب الفرائض، كتاب التجارات، كتاب الإجارات، كتاب الشهادات، كتاب الإيمان والنذور والكفارات، كتاب الحدود والديات، كتاب البشارات، كتاب الزهد، كتاب الأشربة، كتاب المكاسب(5)...إلخ.
3 - داود بن أبي زيد من أهل نيسابور: ثقة صادق اللهجة من أصحاب علي بن محمد الهادي (عليه السلام)، وله كتب ذكرها الكشي وابن النديم في كتابيهما(6).
4 - علي بن مهزيار(7) الأهوازي: كان جليلَ القدر، واسعَ الرواية، له ثلاثةٌ وثلاثون كتاباً مثل: كتاب الحسين بن سعيد، وزيادة كتاب حروف القرآن، وكتاب الأنبياء، وكتاب البشارات، قال أحمد بن أبي عبد الله البرقي: إن علي بن مهزيار أخذ مصنفات الحسين بن سعيد وزاد عليها في ثلاثة كتب منها زيادة كثيرة أضعاف ما للحسين بن سعيد، منها كتاب الوضوء، وكتاب الصلاة، وكتاب الحجّ، وسائر ذلك زاد شيئاً قليلاً.
5 - الفضل(8) بن شاذان النيسابوري: فقيه متكلم جليل القدر، له كتب ومصنفات، منها: كتاب الفرائض الكبير، وكتاب الفرائض الصغير، وكتاب الطلاق، وكتاب المسائل الأربع في الإمامة، وكتاب الردّ على ابن كرام، وكتاب المسائل والجوابات، وكتاب النقض على الإسكافي في الجسم، وكتاب الإيضاح، الذي هو أشهر مۆلّفاته وهو مطبوع ومتداول.
وبالتأمل في هذه الحقائق الوثائقية نعرف كم كان للإمام من دور وتأثير في إغناء المدرسة الإسلامية التي قاد أهل البيت (عليهم السلام) حركتها وتغذيتها.
المصادر:
1 - كتاب الكافي، والاستبصار، والتهذيب، ومن لا يحضره الفقيه، والاحتجاج، وتحف العقول عن آل الرسول، وأمثالها من كتب الرواية والحديث.
2 - الطوسي: الفهرست: ص26. أبي محمد: هو الإمام الحسن بن الإمام علي الهادي (عليه السلام).
3 - النجاشي: كتاب الرجال: ص91، وفيه علل الصوم بدلاً من علل الصلاة. الطوسي: الفهرست ص26.
4 - الطوسي: الفهرست: ص26.
5 - الطوسي: الفهرست ص58. ابن النديم: الفهرست: ص277، حيث قال عنه وعن أخيه: أوسع أهل زمانهما علماً بالفقه والآثار والمناقب وغير ذلك من علوم الشريعة.
6 - الطوسي: الفهرست: ص68.
7 - الطوسي: الفهرست: ص88. وعدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الأئمة: (الرضا، والجواد، الهادي عليهم السلام).
8 - الطوسي: الفهرست ص124. وقال المعلِّق على كتاب (الفهرست) العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم: وكان (الفضل بن شاذان) ثقة، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلِّمين، وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصفه، وذكر الكنجي (أبو القاسم يحيى بن زكريا) أنّه صنّف (مائة وثمانين كتاباً)، وقد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الهادي والعسكري (عليهما السلام). توفي سنة (260هـ).