اسمه ونسبه (عليه السلام)
الإمام محمّد بن علي بن موسى الجواد(عليهم السلام).
كنيته (عليه السلام)
أبو جعفر، ويُقال له: أبو جعفر الثاني؛ تمييزاً له عن الإمام الباقر(عليه السلام)، أبو علي.
من ألقابه (عليه السلام)
الجواد، التقي، الزكي، القانع، المرتضى، المنتجب.
أُمّه (عليه السلام)
جارية، اسمها سبيكة النوبية، وسمّاها الرضا(عليه السلام) الخَيزران.
ولادته (عليه السلام)
ولد في ۱۰ رجب ۱۹۵ﻫ بالمدينة المنوّرة.
البشارة بولادته (عليه السلام)
مرّ على عمر الإمام الرضا(عليه السلام) ـ أبو الإمام الجواد(عليه السلام) ـ أكثر من أربعين سنة ولم يُرزق بولد، فكان هذا الأمر مُدعاة لقلق الشيعة؛ لأنّها تعتقد بأنّ الإمام التاسع سيكون ابن الإمام الثامن.
ولهذا كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أن يَمُنّ الله عزّ وجل على الإمام الرضا(عليه السلام) بولد، حتّى أنّهم في بعض الأحيان كانوا يذهبون إلى الإمام(عليه السلام) ويطلبون منه أن يدعو الله سبحانه بأن يرزقه ولداً، وهو(عليه السلام) يُسلّيهم، ويقول لهم ما معناه: إنّ اللهَ سوف يَرزُقني ولداً يكون الوارث والإمام من بعدي.
ما ورد في ولادته (عليه السلام)
تروي السيّدة حكيمة بنت الإمام الكاظم(عليه السلام) كيفية المولد العظيم، وما لازمته من الكرامات، فتقول: «لمّا حضرت ولادة خيزران أُمّ أبي جعفر(عليه السلام)، دعاني الرضا(عليه السلام) فقال لي: يا حكيمة، اِحضري ولادتها، وأدخلني وإيّاها والقابلة بيتاً، ووضع لنا مصباحاً، وأغلق الباب علينا.
فلمّا أخذها الطلق طفئ المصباح، وبين يديها طست فاغتممتُ بطفي المصباح، فبينا نحن كذلك إذ بدر أبو جعفر(عليه السلام) في الطست، وإذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب، يسطع نوره حتّى أضاء البيت فأبصرناه.
فأخذتُه فوضعتُه في حِجري، ونزعتُ عنه ذلك الغشاء، فجاء الرضا(عليه السلام) ففتح الباب، وقد فرغنا من أمره، فأخذه(عليه السلام) ووضعه في المهد وقال لي: يا حكيمة، الزمي مهده.
قالت: فلمّا كان في اليوم الثالث رفع(عليه السلام) بصره إلى السماء، ثمّ نظر يمينه ويساره، ثمّ قال: أشهدُ أن لا إِله إلّا الله، وأشهدُ أنّ مُحمّداً رسولُ الله.
فقمتُ ذعرة فزِعةً، فأتيتُ أبا الحسن(عليه السلام) فقلت له: سمعتُ من هذا الصبي عجباً؟! فقال(عليه السلام): وما ذاك؟ فأخبرته الخبر، فقال(عليه السلام): يا حكيمة، ما تَرَونَ مِنْ عجائبه أكثر»(۲).
من زوجاته (عليه السلام)
جارية، اسمها سُمانة المغربية، أُمّ الفضل بنت عبد الله المأمون العبّاسي.
من أولاده (عليه السلام)
الإمام علي الهادي(عليه السلام)، موسى المبرقع، حكيمة، زينب.
عمره وإمامته (عليه السلام)
عمره ۲۵ عاماً، وإمامته ۱۷ عاماً.
حكّام عصره (عليه السلام) في سِنِي إمامته
عبد الله المأمون بن هارون الرشيد، محمّد المعتصم بن هارون الرشيد.
مكانته (عليه السلام) العلمية
لقد ساهم الإمام الجواد(عليه السلام) في إغناء مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) واستمرارها، وحفظ تراثها، وكان ذلك واضحاً مدّة إمامته، وقد امتازت هذه المرحلة من الإمامة بالاعتماد على الرواية والنصّ عن الرسول(صلى الله عليه وآله)، وكذلك الاستنباط والفهم من الكتاب والسنّة النبوية المباركة.
لقد قام الإمام الجواد(عليه السلام) بالتدريس وتعليم العلماء والتلامذة سبل استيعاب علوم الشريعة المحمّدية الغنية بالمعارف، وحثّهم على كتابة وتدوين وحفظ ما يلقيه عليهم، وما ألقاه آباؤه الطاهرون من قبل على تلامذتهم الروّاد.
كما أمرهم بالتأليف والتصنيف ونشر ما بحوزتهم وما حصلوا عليه، وبيان علوم الشريعة المقدّسة وتفقيه المسلمين، أو الردّ على الآراء المنحرفة والخرافات والتمحّلات الشيطانية التي وقع فيها الكثيرون.
استدعاؤه (عليه السلام) من قبل المعتصم العباسي
بُويع الخليفة العبّاسي المعتصم سنة ۲۱۸ﻫ، وما أن استَتَبّ له أمر الملك وانقادت له البلاد شرقاً وغرباً، حتّى أخذ يتناهى إلى سمعه بروز نجم الإمام الجواد(عليه السلام)، واستقطابه لجماهير الأُمّة، وأخذه بزمام المبادرة شيئاً فشيئاً.
وتتسارع التقارير إلى الحاكم الجديد بتحرّك الإمام(عليه السلام) وسط الأُمّة الإسلامية.
وعلى أساس ذلك قرّر المعتصم العبّاسي ـ وبمشورة مستشاريه ووزرائه ، ومنهم قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد الأيادي الجهمي، المعروف ببغضه لأهل البيت(عليهم السلام) والذي كان يسيطر على المعتصم وقراراته وسياسته ـ أن يبعث بكتاب إلى واليه على المدينة المنوّرة، محمّد بن عبد الملك الزيّات في عام ۲۱۹ﻫ بحمل الإمام الجواد(عليه السلام) بكلّ إكرام وإجلال، وعلى أحسن مركب إلى بغداد.
فلم يكن بُدّ للإمام(عليه السلام) من الاستجابة لهذا الاستدعاء الذي يُشمّ منه الإجبار والإكراه، وقد أحسّ(عليه السلام) بأنّ رحلته هذه هي الأخيرة، ولا عودة بعدها.
لذلك فقد خلّف ابنه الإمام الهادي(عليه السلام) في المدينة، بعد أن اصطحبه معه إلى مكّة لأداء مراسم الحج، وأوصى له بوصاياه، وسلّمه مواريث الإمامة، وأشهد أصحابه بأنّه(عليه السلام) إمامهم من بعده.
وتستمرّ الاستعدادات لترحيل الإمام(عليه السلام) إلى بغداد، ويستمهلهم الإمام(عليه السلام) لحين انتهاء الموسم .
وفعلاً، يُؤدّي الإمام الجواد(عليه السلام) مراسم الحج، ويترك مكّة فور أداء المناسك معرجاً على مدينة الرسول(صلى الله عليه وآله)؛ ليُخلّف(عليه السلام) فيها ابنه الوصي الوريث.
خروجه (عليه السلام) إلى بغداد
يبدو أنّ الإمام الجواد(عليه السلام) خرج من المدينة مُتّجهاً إلى بغداد غير زائرٍ قبر جدّه المصطفى(صلى الله عليه وآله)، وكأنّه(عليه السلام) أراد بهذه العملية التعبير عن احتجاجه على هذا الاستدعاء، وأنّ خروجه من مدينة جدّه(صلى الله عليه وآله) إنّما هو مكره عليه.
وصوله (عليه السلام) إلى بغداد
وأخيراً ينتهي به(عليه السلام) المسير إلى بغداد ـ عاصمة الدولة العبّاسية ـ مقرُّه(عليه السلام) ومثواه الأخير الأبدي، ودخلها لليلتين بقيتا من المحرّم سنة ۲۲۰ﻫ.
وما أن وصل(عليه السلام) إليها وحطّ فيها رحاله، حتّى أخذ المعتصم يُدبّر ويعمل الحيلة في قتله(عليه السلام) بشكلٍ سرّي، ولذلك فقد شكّل مُثلّثاً لتدبير عملية الاغتيال بكلّ هدوء.
مثلّث الاغتيال
على الرغم من تعدّد الروايات في كيفية شهادة الإمام الجواد(عليه السلام)، إلّا أنّ أغلبها تُجمع على أنّ الإمام(عليه السلام) اُغتيل مسموماً.
وأنّ مثلّث الاغتيال قد تمثّل في زوجته أُمّ الفضل وهي بنت المأمون، وهي المباشر الأوّل، قدّمت للإمام عنباً مسموماً، وتمثّل أيضاً في أخيها جعفر، والمدبّر والمساعد لهم على هذا الأمر هو محمّد المعتصم ابن هارون الرشيد.
فقد ذكر ذلك غير واحد من المؤرّخين، ومنهم المؤرّخ الشهير المسعودي حيث قال: «لمّا انصرف أبو جعفر(عليه السلام) إلى العراق، لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يُدبّران ويعملان على قتله(عليه السلام).
فقال جعفر لأُخته أُمّ الفضل في ذلك؛ لأنّه وقف على انحرافها عنه وغِيرتها عليه؛ لتفضيله أُمّ أبي الحسن ابنه عليها، مع شدّة محبّتها له؛ ولأنّها لم تُرزق منه ولداً، فأجابت أخاها جعفراً، وجعلوا سمّاً في شيءٍ من عنب رازقيٍ…»(۳).
شهادته(عليه السلام)
استُشهد في آخر ذي القعدة ۲۲۰ﻫ بالعاصمة بغداد، ودُفن في الكاظمية، بجوار قبر جدّه الإمام موسى الكاظم(عليه السلام).
من وصاياه(عليه السلام)
۱ـ قال(عليه السلام): «العاملُ بالظلمِ والمُعينُ عليهِ والراضِي به شُركاء».
۲ـ قال(عليه السلام): «أربعُ خصالٍ تُعينُ المرءَ على العمل: الصحّةُ، والغنى، والعلمُ، والتوفيق» .
۳ـ قال(عليه السلام): «إنّ لله عباداً يخصّهم بالنعم ويقرّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعَها عنهم وحوّلها إلى غيرِهم».
۴ـ قال(عليه السلام): «مَن استغنى بالله افتقرَ الناسُ إليه، ومَن اتّقى الله أحبّه الناس وأن كرهوا».
۵ـ قال(عليه السلام): «لن يستكمل العبدُ حقيقةَ الإيمانِ حتّى يُؤثر دينُهُ على شهوتِه، ولن يهلك حتّى يُؤثر شهوتُهُ على دينِه».
۶ـ قال(عليه السلام): «الفضائلُ أربعةُ أجناس: أحدُها الحكمة، وقوامُها في الفكرة، والثاني العفّة، وقوامُها في الشهوة، والثالث القوّة، وقوامُها في الغضب، والرابع العدل، وقوامُه في اعتدال قوى النفس»(۴).
______________________
۱- اُنظر: إعلام الورى بأعلام الهدى ۲/۹۰، الأنوار البهية: ۲۴۸٫
۲- مناقب آل أبي طالب ۳/۴۹۹٫
۳- إثبات الوصية: ۲۱۹٫
۴- جميع الوصايا في كشف الغمّة ۳/۱۳۸ـ۱۴۰٫