دعاء الامام السجاد في وداع شهر رمضان
  • عنوان المقال: دعاء الامام السجاد في وداع شهر رمضان
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 5:30:38 2-9-1403

ومهما كانت ألسنتنا تنطق بالبلاغة والبيان، لتعبّر عن لوعتنا بفراق شهر الله وحرماننا من بركاته وأوقاته الشريفة، فإنّها تَلكنُ أمام عبارات الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام، حيث كان له في وداع شهر رمضان دعاء، غاية في التعبير الصادق عن لواعج المحبّ وأشجانه وأحزانه وهو يودّع العزيز بقلب يبكي وروح تتألق، فكان منه هذه العبارات الجليلة:
.. وقد أقام فينا هذا الشهر مُقامَ حمْد، وصحِبنا صُحبةَ مبرور، وأربَحنا أفضل أرباح العالَمين، ثمّ قد فارقَنا عند تمام وقته، وانقطاع مدّته، ووفاءِ عدده.
فنحن مودِّعوه وِداعَ مَن عزّ فراقُه علينا، وغمّنا وأوحشَنا انصرافه عنّا، ولزِمَنا له الذِّمامُ المحفوظ، والحرمة المَرْعيّة، والحقُّ المقضيّ، فنحن قائلون:
السّلام عليك يا شهرَ الله الأكبر، ويا عيدَ أوليائه.
السّلام عليك يا أكرمَ مصحوب من الأوقات، ويا خير شهرٍ في الأيّام والساعات.
السّلام عليك من شهر قرُبت فيه الآمال، ونُشرت فيه الأعمال.
السّلام عليك من قرين جلّ قدْرُه موجودا، وأفجع فقْدُه مفقودا، ومرجوٍّ آلمَ فراقه.
السّلام عليك من أليفٍ آنسَ مقْبِلاً فسَرّ، وأوحش منقضياً فمضّ.
السّلام عليك من مُجاورٍ رقّت فيه القلوب، وقلّت فيه الذنوب.
السّلام عليك من ناصرٍ أعان على الشيطان، وصاحبٍ سهّل سبُلَ الإحسان...
السّلام عليك، ما كان أمحاكَ للذنوب وأسترك لأنواع العيوب!...
السّلام عليك كما وفدتَ علينا بالبركات، وغسلتَ عنّا دنَسَ الخطيئات.
السّلام عليك غيرَ مودَّعٍ برَما، ولا متروكٍ صيامُه سأَما.
السّلام عليك من مطلوبٍ قبل وقته، ومحزونٍ عليه قبل فوته.
السّلام عليك، كم من سوءٍ صُرف بك عنّا، وكم من خيرٍ أُفيض بك علينا!
السّلام عليك، ما كان أحرصَنا بالأمس عليك، وأشدَّ شوقَنا غداً إليك!
السّلام عليك وعلى فضلك الذي حُرِمناه، وعلى ماضٍ من بركاتك سُلِبناه...
اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، واجبرْ مصيبتَنا بشهرنا، وباركْ لنا في يوم عيدنا وفِطْرنا، واجعله من خير يومٍ مرّ علينا، أجْلَبَه لعفو، وأمحاه لذنب، واغفر لنا ما خفيَ من ذنوبنا وما عَلَن.
اللهمّ اسلَخْنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا، وأخرِجْنا بخروجه من سيّئاتنا، واجعلنا من أسعدِ أهله به، وأجزلِهم قِسْماً فيه، وأوفرِهم حظّاً منه...
اللهمّ ارزقنا خوفَ عقابِ الوعيد، وشوقَ ثوابِ الموعود، حتّى نجد لذّة ما ندعوك به، وكآبةَ ما نستجيرك منه، واجعلنا عندك من التوّابين الذين أوجبتَ لهم محبّتك، وقبِلتَ منهم مراجعة طاعتك، يا أعدلَ العادِلين.. (1)

-------------------------------------
الهوامش:
1- الصحيفة السجادية،الدعاء 45