شذرات من فضائل الامام الجواد (عليه السلام)
  • عنوان المقال: شذرات من فضائل الامام الجواد (عليه السلام)
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 5:16:26 2-10-1403

شذرات من فضائله

لاريب في أن فضائل الأئمة الإثني عشر المعصومين عليهم السلام ـ والإمام الجواد منهم ـ كثيرة لا تحصى، كيف وقد اختارهم الله تعالى للإمامة على علم، وهذا الاختيار يكشف عن اختصاصهم بكمالات ومناقب تفرّدوا بها وامتازوا عن من سواهم وبذلك جعلهم حججه على خلقه واُمناء على وحيه.
ولكن لم يصل إلينا ـ للأسف الشديد ـ من تلك الفضائل والمآثر الخاصة بكل إمام إلاّ الشيء القليل والنزر اليسير، بسبب الظروف القاسية التي مرّ بها أهل البيت عليهم السلام واتباعهم المعنيّون بنقل تراثنا الاسلامي المجيد.
إنّ الإرهاب الفكري والتصفية الجسدية التي مارستها السلطات الجائرة ضد أئمة أهل البيت عليهم السلام وضد أتباعهم وكل من كان يحاول ان يكشف عن شيء من سيرتهم العطرة، كان كافياً لضياع هذا التراث العظيم والعطاء الكبير.
وسنورد في هذا الفصل اشارات الى بعض ما ورد في أحوال الإمام الجواد عليه السلام ومناقبه ومكارم أخلاقه.
أ ـ تكلّمه في المهد:
ذكر المؤرخون أن الإمام الجواد عليه السلام تشهّد الشهادتين لمّا وُلد، وانه حمد الله تعالى وصلّى على الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله والأئمة الراشدين في يومه الثالث.
فعن حكيمة ابنة موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام قالت: «لمّا حملت اُم أبي جعفر الجواد عليه السلام به كتبتُ اليه (يعني الى الإمام الرضا عليه السلام): «جاريتك سبيكة قد علقت. فكتب اليّ: انّها علقت ساعة كذا، من يوم كذا، من شهر كذا، فإذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام.
قالت: فلمّا ولدته، وسقط الى الأرض، قال: اشهد ان لا إله إلاّ الله، وان محمداً رسول الله.
فلمّا كان اليوم الثالث، عطس، فقال: الحمد لله، وصلّى الله على محمد وعلى الأئمة الراشدين»(1).
وأيضاً قالت: «لمّا حضرت ولادة الخيزران اُم أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام ، فقال: يا حكيمة احضري ولادتها، وادخلي وإياها والقابلة بيتاً .
ووضع لنا مصباحاً، وأغلق الباب علينا، فلمّا أخذها الطلق طفئ المصباح، وبين يديها طست، فاغتممت بطفئ المصباح.
فبينا نحن كذلك، إذ بدر أبو جعفر عليه السلام في الطست، واذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتى أضاء البيت، فأبصرناه، فأخذته فوضعته في حجري، ونزعت عنه ذلك الغشاء، فجاء الرضا عليه السلام وفتح الباب، وقد فرغنا من أمره، فأخذه ووضعه في المهد، وقال لي: يا حكيمة الزمي مهده.
قالت: فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره الى السماء ثم نظر يمينه ويساره، ثم قال: أشهد ان لا إله إلاّ الله، واشهد ان محمداً رسول الله، فقمت ذعرة فزعة، فأتيت أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لقد سمعت من هذا الصبي عجباً. فقال: وما ذاك؟ فأخبرته الخبر، فقال: يا حكيمة، ما ترون من عجائبه اكثر»(2).

ب ـ إتيانه الحكمَ صبياً:
أصبح الإمام الجواد عليه السلام خليفة الله تعالى في خلقه وإماماً لهم وهو لم يزل حديث السن، وذلك ما اقتضته مشيئة الله ـ جلّ جلاله ـ مثلما اقتضت ذلك مع عيسى وسليمان عليهما السلام . وقد أثارت حداثة سنة عليه السلام استغراب بعض الناس وتشكيكهم، الأمر الذي دعا الإمام الجواد عليه السلام الى توضيح الامر لهم، وهو ما نجده في الروايات الآتية:

1 ـ قال الراوي: قلت له ( لأبي جعفر الثاني عليه السلام ): انهم يقولون في حداثة سنك، فقال: «ان الله تعالى أوحى الى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عبّاد بني اسرائيل وعلماؤهم، فأوحى الله الى داود عليه السلام أن خذ عصي المتكلمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فاذا كان من الغد، فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم داود عليه السلام فقالوا: قد رضينا وسلَّمنا»(3).

2 ـ قال الراوي: رأيت أبا جعفر عليه السلام وقد خرج عليّ فأخذت أنظر اليه وجعلت انظر الى رأسه ورجليه، لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتى قعد، فقال: «يا عليّ ! ان الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة، فقال: ( وآتيناه الحكم صبياً )(4) ( ولمّا بلغ اشده )(5) ( وبلغ اربعين سنة )(6) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتاها وهو ابن الأربعين سنة»(7).

3 ـ قال الراوي لأبي جعفر عليه السلام: يا سيدي ان الناس ينكرون عليك حداثة سنك، فقال: «وما ينكرون من ذلك قول الله عزوجل، لقد قال الله عزّوجلّ لنبيه صلى الله عليه وآله: (قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني )(8) فو الله ما تبعه إلاّ علي عليه السلام وله تسع سنين وانا ابن تسع سنين»(9).
1) مستدرك عوالم العلوم: 23 / 151 ـ 152.
2) مستدرك عوالم العلوم: 23 / 151 ـ 152.
3) اُصول الكافي: 1 / 314.
4) مريم (19): 12.
5) القصص (28): 14.
6) الأحقاف (46): 15.
7) اُصول الكافي: 1 / 315.
8) يوسف (12): 108.
9) اُصول الكافي: 1 / 315.