الإثبات التاريخي لولادة الإمام المهدي عليه السلام (2)
  • عنوان المقال: الإثبات التاريخي لولادة الإمام المهدي عليه السلام (2)
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 0:32:27 2-9-1403

الطائفة الثالثة : التي دلت على أن بعض الناس رأوه:

وهي روايات كثيرة صحيحة السند، منها ما رواه الكليني في الكافي 1/329 عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعاً، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له: يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شيء، وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة، إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً، فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأُغلق باب التوبة، فلم يك ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك أشرار من خلق الله عز وجل، وهم الذين تقوم عليهم القيامة، ولكني أحببت أن أزداد يقيناً، وإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أو لم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته وقلت: مَن أعامل أو عمَّن آخذ، وقول مَن أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي فما أدَّى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون، وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد عليه السلام عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أدَّيا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعمها، فإنهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك. قال: فخرَّ أبو عمرو ساجداً، وبكى ثم قال: سل حاجتك. فقلت له: أنت رأيت الخلَف من بعد أبي محمد عليه السلام؟ فقال: إي والله ورقبته مثل ذا - وأومأ بيده -. فقلت له: فبقيت واحدة. فقال لي: هات. قلت: فالاسم؟ قال: محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أحلِّل ولا أحرِّم، ولكن عنه عليه السلام، فإن الأمر عند السلطان، أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً، وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له فيه وهو ذا، عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئاً، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك.

وروى الشيخ الكليني أيضاً في الكافي 1/331 عن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن إبراهيم، عن أبي عبد الله بن صالح أنه رآه عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه وهو يقول : ما بهذا أُمروا.

الطائفة الرابعة: ما دلت على أنه عليه السلام رآه جملة كبيرة من العلماء والصلحاء والمؤمنين في وقائع كثيرة وحوادث عديدة، حتى جمع بعض علمائنا، وهو الشيخ الطبرسي في كتابه (جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة) أكثر من 160 حادثة فيمن رأوا الإمام المهدي عليه السلام . وهذا الكتاب مطبوع في ذيل المجلد الثالث والخمسين من كتاب بحار الأنوار.

وقد اعترف برؤيته بعض علماء أهل السنة، منهم الشيخ حسن العراقي، فقد قال عبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر): إلى أن يصير الدين غريباً كما بدأ... فهناك يُترقَّب خروج المهدي عليه السلام، وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين هجرية، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام... هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي... عن الإمام المهدي حين اجتمع به، ووافقه على ذلك سيدي علي الخواص. (عن إسعاف الراغبين للشيخ محمد علي الصبان، ص 154 ) ط البابي الحلبي بمصر، وذكر النبهاني في كتابه جامع كرامات الأولياء 1/400 قصة لقاء الشيخ حسن العراقي بالإمام المهدي عليه السلام.

 

ذكر من اعترف بولادة الإمام المهدي من علماء أهل السنة وأقر به:

1ـ محمد بن طلحة الشافعي (582-652هـ): ذكر ذلك في كتابه (مطالب السَّؤول) في الباب الثاني عشر.

2ـ محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي (ت 658هـ) : ذكر ذلك في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) في الباب الأخير منه، في الدلالة على جواز بقاء المهدي عليه السلام منذ غيبته.

3ـ علي بن محمد المشهور بابن الصباغ المالكي (784-855هـ) : ذكر ذلك في كتابه (الفصول المهمة) في الفصل الثاني عشر منه، ص 286 ، 287.

4ـ سبط ابن الجوزي (581-654 هـ) : ذكر ذلك في كتابه (تذكرة الخواص) في الفصل المعقود للإمام المهدي عليه السلام، ص 325.

5ـ عبد الوهاب الشعراني (898-973هـ): ذكر ذلك في الباب الخامس والستين من الجزء الثاني من كتابه (اليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر) ، وقد ذكرنا عبارته فيما مرَّ.

6ـ محي الدين بن عربي (560-638هـ): ذكر ذلك في الباب السادس والستين وثلاثمائة من كتابه (الفتوحات المكية) .

7ـ صلاح الدين الصفدي (696-764 هـ) : ذكر ذلك في كتابه شرح الدائرة (عن ينابيع المودة ، ص 471).

وقد ذكر الميرزا حسين النوري قدس الله نفسه في كتابه (كشف الأستار)، ص 89 أسماء أربعين من علماء أهل السنة الذين عثر على بعض كتبهم التي يعترفون فيها بأن الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام هو المهدي المنتظر، مع اعترافه قدس سره بقلة المصادر التي لديه وكثرة كتب علماء أهل السنة وتفرقها في البلدان، ولعل من وقف على أكثرها يجد أضعاف هذا العدد.

 

الطائفة الخامسة: ما دل على أنه يغيب ويُشك في ولادته:

فقد روي في أصول الكافي 1 337 /بسند صحيح عن علي بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الله بن موسى، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم. قال: قلت: ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه -. ثم قال: يا زرارة، وهو المنتظر الذي يُشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حَمْل [ أي مات أبوه وهو حمل في بطن أمه ]، ومنهم من يقول: إنه وُلد قبل موت أبيه بسنتين. وهو المنتظر، غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة . . الخ.

وفي أصول الكافي 1/340 بسند صحيح عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة، والأخرى طويلة، والغيبة الأولى لا يَعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه.

الطائفة السادسة: ما دل على أن المهدي هو الحجة بن الحسن العسكري.

فقد روى الصدوق رحمه الله في كمال الدين 2/381 بسند صحيح، عن محمد بن الحسن رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد العلوي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر عليه السلام يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: لأنكم لا ترون شخصه، ولا يحل لكم ذكره باسمه. قلت: فكيف نذكره؟ قال: قولوا: الحجة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن كل ما تقدم نرى أنه لا مناص من الحكم بولادة الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام بحسب دلالة الروايات الصحيحة التي ذكرنا بعضاً منها، وأن إنكاره مكابرة واضحة ممن يعتقد بروايات أهل البيت عليهم السلام المروية في كتب الحديث الشيعية كالكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وغيره، ويسلك الطريقة المعروفة في تصحيح الأحاديث كما زعم أحمد الكاتب في كلامه.