قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عدداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرض لَنْ نَدْعُوَاْ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللهَ فَاوُواْ إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا * وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا * وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا * إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا * وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا * سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا}.[الكهف:٩-٢٢]
ذكر المفسرون في سبب نزولها أنّ قبائل قريش بعثت إلى حاخامات اليهود ثلاثة من أصدقائهم هم: العاص السهمي وابن معيط الأموي وابن كلدة العبدري، ليأتوهم بمسائل يعجز عن جوابها النبي صلى الله عليه وآله وسلم! فجاؤوا بمسائل: منها متى تقوم الساعة، وعن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين.(تفسير القمي:١/٢٤٩)
فجاء في تفسير القمي عن أصحاب الكهف: وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى ابن مريم ومحمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وأمّا الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقومان، أي مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر إسلامهم، وما أراد منهم دقيانوس الملك وكيف كان أمرهم وحالهم.(تفسير القمي:٢/٣١
أما في تفسير العياشي عن محمد عن أحمد بن علي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً} قال: «هم قوم فروا و كتب ملك ذلك الزمان بأسمائهم و أسماء آبائهم و عشائرهم في صحف من رصاص فهو قوله {أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}».(تفسير العياشي:٢/٣٢١)
وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ أهل الكهف من أصحاب المهدي عليه السلام».(الدر المنثور:٤/٢١٥)
وأخرج الزجاجي في أماليه عن ابن عباس في قوله تعالى {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً} قال: إنّ الفتية لما هربوا من أهليهم خوفاً على دينهم فقدوهم فخبروا الملك خبرهم، فأمر بلوح من رصاص فكتب فيه أسماءهم وألقاه في خزانته وقال إنّه سيكون لهم شأن.(الدر المنثور:٤/٢٠٠)
وعن ابن الجوزي أنّه قال: وحينئذ فَسِرٌ تأخيرهم إلى هذا المدة إكرامهم بشرف دخولهم في هذه الأُمة وإعانتهم لخليفة الحق ، كما نقله الصبان عن السيوطي.(العطر الوردي:٧٠)
وجاء عن حديث: أصحاب الكهف أعوان المهدي: (وسنده ضعيف، فإنْ ثبت حمل على أنّهم لم يموتوا بل هم في المنام إلى أن يبعثوا لإعانة المهدي).(سبل الهدى:٢/١٢٤.فتح الباري:٦/٣٥٦)
وجاء في الفواكه الدواني: (ويكون المهدي مع أصحاب الكهف الذين هم من أتباع المهدي من جملة أتباعه، ويصلي عيسى وراء المهدي صلاة الصبح، وذلك لا يقدح في قدر نبوته، ويسلم المهدي لعيسى الأمر ويقتل الدجال؛ ويموت المهدي ببيت المقدس وينتظم الأمر كله لعيسى عليه السلام ويمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة ثم يموت ويصلي عليه المسلمون؛ وقيل يمكث سبع سنين بعد نزوله ليس يبقى بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله الريح التي تقبض أرواح المؤمنين).(الفواكه الدواني:١/٧٠)
وكلامه ترديد لأفكار كعب، كأنّها أحاديث نبوية قطعية!
مجلة الوارث - العدد 102قصة البساط النبوي
روت مصادر السنة والشيعة حديثاً عجيباً، مفاده: أنّ بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم طلبوا منه أن يريهم أهل الكهف فأمرهم أن يركبوا على بساط، وبعث معهم علياً عليه السلام فطار بهم البساط حتى وصلوا إلى أهل الكهف فرأوهم نائمين فكلموهم فلم يجيبوهم وكلمهم علي عليه السلام فأجابوه (فقال أبو بكر: يا علي ما بالهم ردوا عليك وما ردوا علينا؟ فقال لهم علي، فقالوا: إنّا لا نردُ بعد الموت إلاّ على نبي أو وصي نبي).(عقد الدرر:١٤١)
ورووا أنّ علياً عليه السلام استشهد بأنس بن مالك على هذه الكرامة، فأبى أن يشهد! فدعا عليه فأصابه البرص والعمى.(تفسير الثعلبي عنه البرهان للهندي:٨٧)
عن محمد بن أبي يعقوب الجوال الدينوري قال: (حدثني جعفر بن نصر بحمص قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بساط من قرية يقال لها بهندف… هذا الحديث رويناه من عدة طرق مذكورات وإنّما ذكرناه هاهنا لأنّه من رجال الجمهور وهم غير متهمين فيما ينقلونه لمولانا علي عليه السلام من الكرامات…).(الخرائج والجرائح:١/٢١٠)
قال ابن طاووس: زاد الثعلبي في هذا الحديث علي ابن المغازلي: قال فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي، فقال (ابن المغازلي): إنّ المهدي يسلم عليهم فيحييهم الله عزّ وجل له، ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة.(الطرائف:٨٤)
ملاحظات
١. عن زيد بن أرقم أنّه قال: (مُرَّ به عليَّ رأس الحسين عليه السلام وهو على رمح وأنا في غرفة، فلما حاذاني سمعته يقرأ: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}، فقفَّ والله شعري وناديت: رأسك والله يابن رسول الله أعجب وأعجب).(الإرشاد:٢/١١٧)
وعن الأعمش، عن المنهال بن عمرو قال: (رأيت رأس الحسين على الرمح وهو يتلو هذه الآية: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}! فقال رجل من عرض الناس: رأسك يا ابن رسول الله أعجب).(مناقب ابن سليمان:٢/٢٦٧)
٢. المتفق عليه في نصوص أصحاب الكهف أنّهم من أصحاب المهدي عليه السلام، ويقوِّيه أن الله تعالى جعل الذين ظهروا في عصرهم يكتبون قصتهم على رقيم حديدي ويبنون عليهم باب الكهف، وأنه تعالى تكلم عن عددهم كثيراً ولم يبينه! وهذا يعني أن له فيهم قصداً في المستقبل وهو دورهم في عصر الإمام المهدي عليه السلام.
لذلك من البعيد أن يقتصر دورهم على تكليم الإمام عليه السلام ثم يموتون، كما تصور ابن المغازلي والثعلبي.
جاء في كتاب الهداية: (يأتيه الله ببقايا قوم موسى عليه السلام ويجيء له أصحاب الكهف ويؤيده الله بالملائكة).(الهداية الكبرى:٣١)
عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «يخرج مع القائم عليه السلام… خمسة عشر من قوم موسى عليه السلام الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع ابن نون… فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً».(الإرشاد:٣٦٥)
فقد نصت هذه الروايات وغيرها على دورهم معه عليه السلام، ولا بد أن يكونوا عوناً له في إقامة الحجة على الروم الذين هم منهم، والذين يحشدون نحو مليون جندي من جيوشهم في منطقة أنطاكية وقد يكون الوفد الذي يرسله المهدي عليه السلام إلى أنطاكية هدفه الأساسي كشف أهل الكهف لكي يحتجوا على الروم، ثم يلتحقون بالإمام عليه السلام.
وقد نصت الرواية التالية على أنّهم يكونون معه عليه السلام في حركته نحو الشام والقدس: (فعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله: «لا تحشر أمتي حتى يخرج المهدي… ثم يتوجه إلى الشام وجبريل على مقدمته وميكائيل على يساره، ومعه أهل الكهف أعوان له فيفرح به أهل السماء والأرض»).(فوائد الفكر:١٠٣)
٣. ومما يتصل بأهل الكهف مكانة أنطاكية في حركة الإمام المهدي عليه السلام وأنّه سيكون لها شأن بصفتها مركزاً لحواريي المسيح عليه السلام ودعوته، وأنه يرسل وفداً من أصحابه فيستخرج نسخ التوراة الأصلية من مكان فيها.
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: «إنّما سمّي المهدي مهدياً لأنّه يهدي لأمر خفي يهدي ما في صدور الناس، ويبعث إلى الرجل فيقتله لا يدرى في أي شيء قتله، ويبعث ثلاثة رَكْب، أما ركبٌ فيأخذ ما في أيدي أهل الذمة من رقيق المسلمين فيعتقهم، وأما ركب فيظهر البراءة من يغوث ويعوق في أرض العرب، وركب يخرج التوراة من مغارة بأنطاكية، ويعطى حكم سليمان».(دلائل الإمامة:٢٤٩. الخرائج والجرائح:٢/٨٦٢)
مجلة الوارث - العدد 102وعن عمرو بن شمر، عن جابر قال: (دخل رجل على أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال له: عافاك الله اقبض مني هذه الخمسمائة درهم فإنّها زكاة مالي فقال له أبو جعفر عليه السلام: «خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام والمساكين من إخوانك المؤمنين». ثم قال: «إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية وعدل في الرعية فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله، وإنّما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي إلى أمر خفي، ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطاكية، ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة وبين أهل الإنجيل بالإنجيل وبين أهل الزبور بالزبور وبين أهل القرآن بالقرآن، وتجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم فيه ما حرم الله عز وجل، فيعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً، كما ملئت ظلماً وجوراً وشراً»).(غيبة النعماني:٢٣٧.علل الشرائع:١٦١)
وقد يقال: لماذا لم يقبل الإمام الباقر عليه السلام زكاة ذلك الرجل ويضعها في موضعها، مع أنّ الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقبولها بقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.[التوبة:١٠٣]
والجواب: إنّ الأئمة عليهم السلام كانوا كجدهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يقبلون الصدقات والزكوات والأخماس من الناس، ولا بد أنّ للقصة ظروفاً لم ينقلها الراوي أوجبت أن يتحدث الإمام الباقر عليه السلام عن إعادة توزيع الثروة وبسطها على الناس في عصر الإمام المهدي عليه السلام، على أنّ الإمام الباقر عليه السلام أمر الشخص بصرفها في مواضعها، وهو نوع من القبول.
وعن كعب قال: المهدي يبعث بقتال الروم، يعطى فقه عشرة، يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية فيه التوراة التي أنزل الله تعالى على موسى عليه السلام، والإنجيل الذي أنزل الله عز وجل على عيسى عليه السلام، يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم.(كتاب ابن حماد:١/٣٥٥)
وعن تميم الداري قال: قلت يا رسول الله مررت بمدينة صفتها كيت وكيت قريبة من ساحل البحر، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «تلك أنطاكية، أما إنّ في غار من غيرانها رضاضاً – القطع الصغيرة – من ألواح موسى، وما من سحابة شرقية ولا غربية تمر بها إلاّ ألقت عليها من بركاتها، ولن تذهب الأيام والليالي حتى يسكنها رجل من أهل بيتي يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً».(العرائس للثعلبي:١١٨)
عن تميم الداري قال قلت: يا رسول الله، ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها أنطاكية، وما رأيت أكثر مطراً منهاً، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نعم، وذلك أنّ فيها التوراة، وعصا موسى ورضراض الألواح، ومائدة سليمان بن داود في غار من غيرانها، ما من سحابة تشرف عليها من وجه من الوجوه إلاّ فرغت ما فيها من البركة في ذلك الوادي، ولا تذهب الأيام ولا الليالي حتى يسكنها رجل من عترتي اسمه اسمي…، يشبه خَلقه خَلقي وخُلقه خُلقي، يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».(تاريخ بغداد:٩/٤٧١)
أقول: لا قيمة لما يقوله كعب وتميم ولا لما يرويانه، بعد أن ثبت تكذيب أهل البيت عليهم السلام لهما، خاصة إذا كان كلامهما عن مكانة منطقة تخص اليهود والنصارى.
على أنّ ابن الجوزي حكم بأنّ رواية تميم لا تصح وأنّها موضوعة. (الموضوعات:٢/٥٧)
لكن مضمون هذا الكلام مقبول لأنّه تقدم برواية غير تميم وكعب، على أنّ عدداً من الروايات نسبت إليهما بعد عصرهما.