وهو حديث أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( يا أبا محمد ليس ترى أمة محمد صلى الله عليه وآله فرجاً أبداً ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم . فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد صلى الله عليه وآله برجل منا أهل البيت يسير بالتقى ، ويعمل بالهدى ، ولا يأخذ في حكمه الرشا ، والله إني لأعرفه باسمه واسم أبيه . ثم يأتينا الغليظ القصرة ، ذو الخال والشامتين ، القائد العادل ، الحافظ لما استودع ، يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملأها الفجار ظلماً وجوراً ) 1 .
وهو حديث ملفت لكنه ناقص مع الأسف ، فقد نقله صاحب البحار قدس سره عن كتاب الإقبال لابن طاووس قدس سره ، وقد قال في الإقبال ص 599 إنه رآه في سنة اثنتين وستين وستماية في كتاب الملاحم للبطائني ونقله منه ، لكنه نقله ناقصاً وقال في آخره : ( ثم ذكر تمام الحديث ) . والبطائني من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وكتابه الملاحم مفقود النسخة ، وقد تكونً في المخطوطات المجهولة في زوايا بلادنا الإسلامية .
والحديث يدل على أنه يظهر سيد من ذرية أهل البيت عليهم السلام يحكم قبل ظهور المهدي عليه السلام ويمهد لدولته .
أما بنو فلان في قوله : ( ما دام لولد بني فلان ملك ) فلا يلزم أن يكونوا بني العباس كما فهمه المرحوم ابن طاووس ، وكذا الأمر في الأحاديث العديدة التي عبر فيها الأئمة عليهم السلام ببني فلان وآل فلان ، فأحياناً يكون المقصود بها بني العباس وأحياناً يكون مقصودهم العوائل والأسر التي تحكم قبل ظهور المهدي عليه السلام . . مثلاً الأحاديث المتعددة التي تذكر الإختلاف الذي يقع بين بني فلان أو آل فلان من حكام الحجاز ، ثم لا يتفق رأيهم على حاكم ويقع الخلاف بين القبائل ثم يظهر المهدي عليه السلام ، فالمقصود فيها ببني فلان فيها ليس بني العباس ، بل العائلة التي تحكم الحجاز عند ظهور المهدي عليه السلام .
وكذا الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان ؟ قلنا بلى أمير المؤمنين . قال : قتل نفس حرام في بلد حرام عن قوم من قريش ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة ) 2 .
وغيره من الأحاديث المتعددة التي تذكر اختلاف بني فلان أو هلاك حاكم منهم وأنه يكون بعده خروج السفياني ، أو ظهور المهدي عليه السلام ، أو بعض علامات وأحداث ظهوره القريبة ، فإنه لا بد من تفسيرها بغير بني العباس ، لأن زوال ملك هؤلاء المعنيين متصل بظهور المهدي عليه السلام .
بل لا بد من التثبت في الروايات التي ورد فيها ذكر بني العباس صراحة ، فقد تكون صدرت عن الأئمة عليهم السلام بتعبير ( بني فلان ) و ( آل فلان ) ورواها الراوي بلفظ بني العباس اعتقاداً منه أنهم المقصودون بقول الأئمة ( بني فلان ) .
وقد يصح تفسير بني العباس الوارد في أحاديث الظهور بأن المقصود به خطهم المناهض للأئمة عليهم السلام ، وليس أشخاصهم وذرياتهم .
ولكن نادراً ما نحتاج إلى هذا التفسير لأن الغالب في روايات الظهور التعبير ببني فلان وآل فلان .
وعلى أي حال ، فالمقصود ببني فلان في قوله ( ما دام لولد فلان ملك حتى ينقرض ملكهم ، فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد برجل منا أهل البيت ) حكام غير بني العباس يكون زوال ملكهم متصلاً بأحداث ظهور المهدي عليه السلام .
أما عبارة ( ثم يأتينا الغليظ القصرة ذو الخال والشامتين القائد العادل ) ، فهي تتحدث عمن يأتي بعد هذا السيد الموعود ، والمفهوم منها أنه المهدي عليه السلام الذي هو ذو الخال والشامتين كما ورد في أوصافه ، لكن وصف ( الغليظ القصرة ) أي البدين القصير لا ينطبق على المهدي عليه السلام لأن الروايات تجمع على أنه طويل القامة معتدلها . لذا نرجح وجود سقط في الرواية باستنساخ ابن طاووس رحمه الله أو غيره من النساخ ، ولا يمكن أن نستفيد منها الإتصال بين هذا السيد الموعود وبين ظهور المهدي عليه السلام 3..
___________
1. البحار : 52 / 269 .
2. البحار : 52 / 234 .
3. عصر الظهور ، للعلامة الشيخ علي الكوراني العاملي حفظه الله.