قتل النفس الزكية
  • عنوان المقال: قتل النفس الزكية
  • الکاتب: الشيخ نعيم قاسم
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 4:56:48 2-9-1403

تحدثت روايات كثيرة عن خمس علامات قبل ظهور الإمام(عج) بوقت قصير جداً، منها ما روي عن الإمام الصادق(ع):"خمسٌ قبل قيام القائم (خروج) اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية1". وعلى الرغم من النقاش في بعض هذه العلامات، وعدم التدقيق في سند الروايات لفرزها وتحديد الصحيح منها، فإننا نتناول ما ورد في هذه الروايات من باب الاستئناس بما يمكن أن يجري في المستقبل، وفيها فوائد كثيرة في تبيان الأجواء المحيطة بهذه الأحداث، وواقع العالم على مشارف نهايته البشرية التي تُنبئ بالظهور، ومن بعده بيوم القيامة.

قتلُ النفس الزكية واحدٌ من هذه العلامات الخمسة، أمَّا الشخص المقصود فهو سيدٌ حسني ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن(ع)، من أنصار الإمام المهدي(عج)، يُقتل ظلماً وعدواناً بسبب خطِّه ومنهجه، فتفيض نفسه الزكية إلى بارئها، وإنما لقبت بالزكية لاستقامة عمله وطهارته والتزامه بمنهج الولاية. عن الإمام الصادق(ع):"إنَّ النفس الزكية هو غلام من آل محمد، اسمه :محمد بن الحسن، يقتل بلا جرم، فإذا قتل، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد(عج)2".

يظهر من الروايات أنَّ للنفس الزكية مهمةً يكلفه بها الإمام المهدي(عج) ليقوم بها، وترتكز على دعوة أهل مكة لنصرة صاحب العصر، حيث سيظهر الإمام بين ظهرانيهم، عند الكعبة الشريفة، وذلك لإلقاء الحجة عليهم، ولكنهم لا يستجيبون لاختلافهم معه، ثم يقتلونه في الحرم الآمن، وعندما يصلون إلى هذه المرحلة التي لا يتحملون فيها صوت الحق فيرتكبون هذا العمل الشنيع في الحرم، يرتفع كل احتمال للاصلاح في الأمة بعد ذلك. فيظهر الإمام مع الثلة المؤمنة التي أعدَّت نفسها، ومع من ادخرهم الله تعالى لهذه اللحظة التاريخية الحاسمة. روى أبو بصير عن الإمام الكاظم(ع)، بأن الإمام المهدي(عج):"يدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: إمضِ إلى أهل مكة، فقل: يا أهل مكة، أنا رسول فلان إليكم، وهو يقول لكم: إنَّا أهل بيت الرحمة ، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين، وأنَّا قد ظُلمنا، واضطهدنا، وقُهرنا، وابتُز منا حقُنا منذ قُبض نبيُنا إلى يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا. فإذا تكلَّم هذا الفتى بهذا الكلام، أتوا إليه، فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكية3".

تأتي مهمة النفس الزكية في زمنٍ فيه انحراف كبير، بحيث لا تبقى مفسدة محتملة على هذه الأرض إلاَّ وتحصل بأبشع صورها، ولا تبقى حرمة إلاَّ وتنتهك بسبب كثرة الظلم والعدوان، ولن تكون منطقتنا بمنأى عن الانحراف العالمي الذي يعم المعمورة، ولو تفاوت حجم ومستوى الانحراف بين منطقة وأخرى، وشعب وآخر، لكنَّ عناوين المنكرات تنتشر في كل بقاع الأرض، ويظهر في منطقتنا من يروِّج لها، كما يظهر المنتفعون بالباطل الذين يعملون بالنهي عن المعروف والأمر بالمنكر، بعكس القاعدة الإسلامية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يكتفون بالقول، وإنما يقتلون المؤمنين ويضيِّقون عليهم. روى محمد بن مسلم في جواب الإمام الباقر(ع) له عند سؤاله عن وقت خروج القائم قوله:"إذا تشبَّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وركبت ذوات الفروج السروج، وقُبلت شهادات الزور، ورُدَّت شهادات العدل، واستخفَّ الناس بالدماء، وارتكاب الزنى، وأكل الربا، واتُقيَ الأشرارُ مخافةَ ألسنتهم، وخرج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخُسف بالبيداء، وقُتل غلامٌ من آل محمد بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية، وجاءت صيحة من السماء بأنَّ الحق فيه، وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا4".

لكنَّ الوقت قصيرٌ جداً بين العلامات والظهور، خاصة بالنسبة للنفس الزكية، حيث يفصل بين قتلها والظهور خمسة عشر يوماً، كما ورد عن الإمام الصادق(ع):"ليس بين قيام قائم آل محمد وبين قتل النفس الزكية إلاَّ خمسة عشر يوماً5".

إلاَّ أنَّ النهاية سعيدة ، فالفرج الموعود يغطي على كل الأحداث، وهو محل الأمل والطمأنينة لانتصار وسيادة العدل، فعن الإمام الباقر(ع):"القائم منصور بالرعب، مؤيدٌ بالنصر، تُطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويُظهر الله عزَّ وجل به دينه ولو كره المشركون6". نسأل الله تعالى أن يمتعنا بظهوره 7.

_____________

    1. الشيخ الصدوق، الخصال، ص:303.
    2. قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح، ج3، ص:1154.
    3. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص:307.
    4. المصدر نفسه، ج52، ص:192
    5. الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص:649.
    6. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص:191
    7. المصدر : موقع سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله.