هويّة السيّدة أمّ الإمام المهدي عليه السّلام
  • عنوان المقال: هويّة السيّدة أمّ الإمام المهدي عليه السّلام
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 10:9:15 2-9-1403

 سؤال: يدور في أذهان البعض تساؤلات عن هويّة أمّ الإمام المهدي عليه السلام، فهل هي نرجس ؟ أم صقيل ؟ أم مليكة ؟ أم غيرهنّ ؟
جواب: علينا قبل الإجابة عن هذا السؤال، الإشارة إلى الظروف التي اكتنفت ولادة الإمام المهدي عليه السّلام، فقد ذكرنا أنّ خلفاء بني العبّاس قد مارسوا ـ كأسلافهم الأمويين ـ ضغوطاً شديدة على الأئمّة الأطهار عليهم السّلام، وأنّ عصر الإمامَين العسكريين عليهما السّلام قد امتاز بتصعيد هذا الضغط إلى حدّ اغتيال الإمام الحسن العسكري عليه السّلام ـ والد الإمام الحجّة عليه السّلام ـ وهو شاب في مُقتبَل العمر لم يتجاوز عمره الشريف 28 سنة، رغم أنّه لم يُعهَد منه أنّه شكا مرضاً أو علّة خاصّة. ثمّ اقتحمت قوّات السلطة بيت الإمام الحسن عليه السّلام ـ كما تُحدّثنا كتب التواريخ ـ فاعتُقلت النساء واحتُجزتْ منهنّ مَن شُكّ بكَونها حاملاً، بحثاً منهم عن الإمام المنتظر عليه السّلام.
وقد سعى الإمامان العسكريّان عليهما السّلام ومَن سبقهما من الأئمّة عليهم السّلام في المحافظة على حياة الإمام المهدي عليه السّلام، ومن خلال ذلك نفهم ـ إلى حدّ ما ـ الحكمة في الروايات الواردة في عدم تسمية الحجّة عليه السّلام باسمه(1).
وقد روي عن الإمام الحسن العسكري ـ في حديث ـ أنّه قال: وإذا وَقَع الاسم وقع الطلب، فاللهَ الله، اتّقوا الله وأمسكوا عن ذلك(2). وحدّثنا التاريخ عن سعي جعفر الكذّاب لدى الأعداء ووشايته.
أمّا بالنسبة إلى أمّ الإمام المهدي عليه السّلام، فإنّ أوثق الروايات الواردة تقول عنها إنّها نرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمّها من ولد الحواريين، تُنسب إلى شمعون وصيّ السيّد المسيح عليه السّلام. فقد سارت مع جيش أبيها متنكّرة مع عدّة من وصائفها ليداوين الجرحى في حرب يخوضها الروم مع المسلمين، فصادفتهنّ طلائع الجيش الإسلامي بعد هزيمة جيش الروم، فأُخذن أسيرات، ثمّ عُرضت للبيع مع السبايا، فاشتراها أحد أصحاب الإمام الهادي عليه السّلام ـ وكان قد أرسله قبل ذلك لهذا الغرض ـ فلمّا أُحضرت إليه، استدعى أخته السيّدة حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السّلام وكلّفها أن تأخذها عندها وتعلّمها الفرائض، وأخبرها أنّها زوجة ابنه الإمام الحسن العسكري عليه السّلام.
أُطلق على هذه السيّدة الجليلة عدّة أسماء، فقد كانت تسمّى مليكة، فتسمّت عند أسرها نرجس، ثمّ أُطلق عليها عدّة أسماء أخرى، منها: صَقيل، وسَبيكة، وخمط، وريحانة. ولعلّ ذلك يرجع إلى التدبير الحكيم الذي انتهجه الأئمّة في المحافظة عليها، وقد شاهدنا أنّ قوّات السلطة تقتحم بيت الإمام العسكري عليه السّلام فور وفاته، فلا يعرفون مَن هي زوجته أمّ الحجّة عليه السّلام.
وحدّثنا التاريخ أنّ هذه السيّدة الجليلة قد أبدت تضحية كبيرة للمحافظة على حياة ابنها الإمام المنتظر عليه السّلام، فقد ادّعت حينذاك أنّ بها حملاً، وتسبّب هذا الادّعاء في تطمين السلطة مؤقّتاً، فكفّوا عن البحث، وأمروا باحتجازها، فبقيت محجوزة في بيت القاضي أبي الشوارب مع جواريه، حتّى توفّي القاضي وانشغلت السلطة العباسية بثورة الزنج في جنوب العراق فخلّصها الله تعالى من أيديهم.
1 ـ الغيبة، للنعماني 288 ـ 289، ضمن حديث 2.
2 ـ الغيبة، للطوسي 146 ـ 147.