ملخص الرجعة في مفاهيم الحركة المهدوية
  • عنوان المقال: ملخص الرجعة في مفاهيم الحركة المهدوية
  • الکاتب: ولاء اياد الدلال
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 14:51:56 2-9-1403

ملخص الرجعة في مفاهيم الحركة المهدوية

ولاء اياد الدلال

 بسم الله الرحمن الرحيم

 (( وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيء بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )) 69 الزمر

 بسم الله الرحمن الرحيم

صَلِ اللهم على التجلي الأعظم وكمال بهائك الأقدم شجرة الطور والكتاب المسطور على كل نور في طيخاء الديجور علم الهدى ومجلي العمى ونور أبصار الورى وبابك الذي منه يؤتى الذي يملىْ الأرض قسطاً وعدلا  كما ملئت ظلماً وجورا سيدنا وإمامنا بالحق الحجة بن الحسن القائم المهدي أرواح من سواه فداه ولعنة الله على أعدائه أبد الآبدين ودهر الدهرين 0

 

المقدمة:

تكثر في الآونة الأخيرة وفي أيامنا هذه تداعيات كثيرة حول موضوع الأمام صاحب الزمان وتنقل لنا وسائل الأعلام بأن أكثر بني البشر الذين يؤمنون بالرسالات السماوية وغيرهم يأملون حضور شخص يسمى لديهم ( المَّخلص ) أو المصلح الأكبر في آخر الزمان وكلى الفرقين يترقب بشغف البشارات والعلامات السماوية والأحداث على الأرض 0 ونحن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من أكثر الشعوب والأمم والمذاهب انتظارا للفرج الشريف والنور الأكبر 0 حيث يود كثيراً من المؤمنين الأحياء أن يكونوا في عصر الظهور ليتشرفوا بالطلعة البهية والنور العظيم والفوز الأكبر جنباً إلى جنب مع قائم آل محمد ( عج ) وتصدح حناجرهم بالدعاء ليلاً نهاراً سراً جهاراً للإمام بالفرج حتى ندب كثير من المؤمنين نفسه للتصدق عن الإمام تعجيلاً للفرج وحرص على الدعاء بدعائي العهد والندبة يوم الجمعة 000 وبالرجوع إلى مضمون الأدعية تمني القتلى من المؤمنين ممن محض الأيمان للرجوع مع قائم آل محمد إلى الحياة الدنيا 0

اعلم إن الرجعة سر من إسرار الله و القول بها ثمرة الإيمان بالغيب .

و المراد بها رجوع الأئمة عليهم السلام و شيعتهم و أعدائهم ممن محض من الفريقين الإيمان أو الكفر محضاً ‘ فان الله في الدنيا بالعذاب ، فان من أهلكه الله في الدنيا بالعذاب لا يرجع إلى الدنيا . قال الله تعالى: (( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون )) الآية 95 الأنبياء

روي القمي عنهما عليهما السلام قالا (( كل قرية اهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ))

و روى الطبرسي في (مجمع البيان) عن الباقر عليه السلام قال : ( كل قرية أهلكها الله بعذاب فأنهم لا يرجعون ) إلا إذا كان لهم قصاص كما لو قتلوا ظلما و لم يكونوا ما حضين للإيمان أو الكفر فأنهم يرجعون مع قاتليهم فيقتلوا قاتليهم و يعيشون بعد إن يقتصوا منهم .. ثلاثين .. ثم يموتون في ليلة واحدة . و هو الحشر الأول الذي أشار إليه سبحانه بقوله : (( ويوم نحشر من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون )) 83 النمل

و هو قول الصادق .. عليه السالم .. و الدليل على إن هذا في الرجعة قوله تعالى ( و يوم نحشر من كل امة من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا) قال:(( الآيات أمير المؤمنين و الأئمة عليه وعليهم السلام ..)).

فقال الرجل : إن العامة تزعم إن قوله تعالى :((ويوم نحشر من كل امة فوجاً)) ، عني في يوم القيامة ؟

فقال .. عليه السلام ..: فيحشر الله عز و جل يوم القيامة من كل امة فوجاً و يدع الباقين ؟ لا ، و لكنه في الرجعة . وإما آية القيامة فهي: (( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا))(1)

 وعنه عليه السلام 00 :( ليس أحد من المؤمنين قتل إلا ويرجع حتى يموت ولا يرجع إلا من محض الأيمان محضاً  ومحض الكفر محضاً )

وفي الكافي عنه عليه السلام 00في قوله تعالى: ((بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد))(2)

إنهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم عيه السلام 00 فلا يدعون وتراً لآل محمد إلا قتلوه 0

وبقوله تعالى  (( يوم تأتي السماء بدخان مبين 0 يغشى الناس هذا عذابٌ أليم ))(3) في حديث أشراط الساعة عنه (ص) :أول الآيات الدخان ؛ ونزول عيسى(ع) ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر ؛ قيل : وما الدخان ؟ فتلا رسول الله (ص) هذه الآية ، وقال : (يملأ ما بين المشرق والمغرب ، يمكث أربعين يوماً وليلة ، أم المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره )0

وفي تفسير على بن إبراهيم قال : (( ذلك في الرجعة من القبر ... إلى أن قال : ثم قال:(( إننا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون )) (4)يعني يوم القيامة 0 ولو كان قوله : (( يوم تأتي السماء بدخان مبين )) في القيامة لم يقل : (( إنكم عائدون)) لأنه ليس بعد الآخرة والقيامة حالة يعودون إليها 0 ثم قال : (( يوم نبطش البطشة الكبرى .. ))(5) يعني في القيامة ((إنا منتقمون)) أنتهى0

أقول : قوله : ( من قعر عدن أبين ) معنى أبين أسم رجل وهو الثاني من الأعرابيين . وعدن أسم موضع؛ يعني النار التي تسوق الناس من مسببات مضمرات فتن باطن ذلك الأعرابي 0

والجملة قول للأكثرين من الإمامية للأخبار المتكثرة المتواترة معنى والآيات الكثيرة .وقد أنكرها بعض الأمامية ولم يثبت إلا خروج القائم (عج) لأنه من المجمع عليه بين المسلمين وأن اختلفوا في القائم على ثلاثة أقوال : فمنهم من قال : عيسى بن مريم 00 عليه السلام ومنهم من قال: هو المهدي من بني العباس ، كما رجحه ابن حجر في (الصواعق) 0 ومنهم من قال : هو محمد بن الحسن العسكري ،وهو قول جميع شيعتنا شيعة أهل البيت (ع) وقليل من الجمهور 0 وممن نفى وجودها : الشيخ المفيد . وحمل ما دل عليها على خصوص قيام القائم عليه السلام وطرح أكثر الروايات بالتضعيف.ومما يشير ذلك قوله في آخر لكتابه ( الإرشاد): ( وليس بعد دولة القائم عج إلا ما جاءت به الرواية ولم ترد به على القطع والثبات. وأكثر الروايات أنه لم يمض مهدي هذه الأمة عج إلا قبل القيامة بأربعين يوماً يكون فيها الهرج والمرج ، وعلامة خروج الأموات وقيام الساعة للحساب والله أعلم بما يكون ) (الإرشاد ص 345 )

وأما (الجمهور) فأنهم ينكرون الرجعة أشد الإنكار ويشنعون على الشيعة وينسبونهم في القول بذلك إلى الابتداع 0 قال ابن الأثير في ( النهاية ) : والرجعة مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء ؛ يقولون : إن الميت يرجع إلى الحياة الدنيا ويكون فيها حياً كما كان . ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون إن على بن أبي طالب مستتر في السحاب فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي منادٍ من السماء أخرج يا فلان ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : (( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ أرجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا ..)) 99 المؤمنون يريد الكفار نحمد الله على الهداية والإيمان ( كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر )0 لأبن الأثير الجزء الثاني صفحة 72 ط القاهرة مادة رجع  انتهى .

وأعلم أن المخالفين كانوا في الصدر الأول كثيراً ما ينافون علي بن أبي طالب (ع) ليصرفوا وجوه الناس عنه إليهم. فكانوا يسألون عن أحكامه وأعتقادته فيقولون بخلافها ويتكلفون الأدلة على بدع ويؤولون ما يوافق المذهب الحق ويوردون الشبة التي تخفى على العامة في صورة الحق دليلاً لهم على من لا يفهم وعذراً لهم عمن يفهم 0 فنصبوا – أئمة الهدى (ع) – أدلة الحق الموصلة إلى طريق الرشاد والنافية لحجج أهللا الخلاف والعناد 0 ما بين مجملات وقواعد ومفصلات وشواهد 0 فمن المجملات والقواعد ما أمروا به وجعلوه أصلاً ينفتح به ألف باب وهو قولهم صلى الله عليهم : (خذ بما خالف القوم فأن الرشد في خلافهم ) والعلة في ذلك أن خلافهم هو قول علي عليه السلام واعتقاده.( والرجعة ) من ذلك لما أخبر بها وأهل بيته أنكروها غاية الإنكار وأوردوا عليها الشبه تمويهاً على الحق بالباطل 0

تساؤل / ثمة تباين في مسألة الرجعة بين ما تقرأه في قوله تعالى من سورة المؤمنون أية 99

((قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلاً )) وبين ما نقرأه في الزيارة الجامعة في قولنا((مصدقٌ برجعتكم )) فكيف نوفق بين اليقين ؟

جواب / مسألة الرجعة هي من الأمور الثابتة ومن المسلمات مذهب الأمامية والرجعة عبارة عن عودة مجموعة من خُلص المؤمنين في زمان ظهور الأمام المهدي (عج) ورجوع سائر هل البيت (ع ) الشيخ المفيد في الرجعة وقد جاء القرآن بصحة ذلك , وتظاهرت به الأخبار الأمامية أبجمعها عليه الأ شذاذ منهم أوائل المقالات , ص89-90وكذلك نلاحظ تفاصيل أخرى في تصحيح الإعتقاد , الشيخ المفيد ص71 0

والرجعة تشمل أيضاً رجوع مجموعة من الأفراد ممن محض بالكفر والشرك والعناد . أن هؤلاء يعودون جميعاً إلى الحياة الدنيا مرةً أخرى بقدرة الله تعالى وغني عن القول أن هذا الأمر ممكن وغير ممتنع ذاتاً . وفي مجـال الأخبار الواردة في المسـألة فقد ذكر العلامة المجلسـي أن ما يقارب المأتين من الأخبار والأحاديث نقلت عن أهل البيت (ع ) فـي الرجعة والاعتقاد بها أجمالاً يعد من الواجبات دون أن تكون ثمة ضرورة للعلم بالتفاصيل من كيفية الرجعة ومدتها ومن تشمل من الأفراد . وجواب الشبهة المثارة في السؤال أي كيف توفق بين الآية الكريمة التي تتحدث صراحة عن عدم إجابة دعوة الكفار في العودة إلى الدنيا ورد طلبهم من قبل العزيز الحكيم , فيما نقول في عقيدتنا بالرجعة بأن بعض الكفار سيعودون إلى الحياة الدنيا مرة أخرى .

في الواقع أن جوهـر الإجابة تكمن في الالتفات إلى الاختلاف بين الموضوعين فالآية تتحدث عما يتمناه الكافرون من عودة إلى الحياة الدنيا لتحصيل الأيمان (لأمنيتهم هذه) أما الرجعة فتكون لبعض الكافرين لهدف أخر غير ما تتحدث عنه الآية الكريمة, إذ هم يعادون إلى الحياة الدنيا بقدرة الله تعالـى ليروا السلطة الإلهية الحقه لأل محمد (ص) ثم يقتلون على أيديهم وعلى أيدي أل محمد (ص) ومن الواضح أن عودة هؤلاء تتم لهدف أخر ولهـا موضوعها الخاص الذي يختلف عن الهدف والموضوع اللذين تتحدث عنهما الآية مورد السـؤال فرجعة هؤلاء البعض من الكفار تكون كنوع من الانتقام والجزاء لما اقترفوه من أعمال سيئة في حياتهم الدنيا تماماً كما أن عودة بعض المؤمنين ورجعتهم إلى الدنـيا في زمن الظهور تكون بهدف لأن يروا أهدافهم وما كانوا يتمنونه ويسعون إليه في حياتهم الدنيا من قيام سلطة أل محمد ( ص ) وهذا الأمر في الواقع هو نوع من وهذا الأمر في الواقـع هو نوع من المجازاة والتعويض لما لاقوه في حياتهـم من متاعب وهمـوم وغموم وآلام . وبعبارة ثانية تسـتطيع أن تقول أن عودة مجموعة من الكفار والمؤمنين إلى الحياة الدنيا وقت الظهور ورجعتهم إليها تكون بمثابة تحقق نوع من مراتب ودرجات الثواب والعقاب لكل منهما وهـي بالتالـي لا تكون بهدف تكميل الأيمان وكحصيلة ولا للقيام بالعمل الصالح. لذلك جاءت قضية الرجعة كما يفهم من بعض الأخبار لتعتبر جزء من القيامة حتى أن البعض يذهب إلى تأويل الساعة الواردة في بعض الآيات بأن المقصود منهما هو زمان الرجعة كما جاء في بعض الأحاديث ( أن أيام الله ثلاثة :يوم الظهور ويوم الكرة ويوم القيامة ) وفي رواية أخرى ( يوم الموت ويوم الكثرة ويوم القيامة ) .

والآن .. لا بأس أن نضع هذه العقيدة على طاولة التشريح ، لنطلع على أبعادها وحقيقتها ونعرضها على كتاب الله وسنة رسول الله والعقل ، لننظر موقف القرآن والسنة والعقل من هذه العقيدة وهل أن فيها شيئا يدعو الى التهريج والإستهزاء ؟!

النقاط التي ينبغي التحدث عنها كما يلي:-

إحياء الموتى يوم القيامة.

هل أحيا الله أحدا قبل يوم القيامة ؟

هل في القرآن دليل على الرجعة ؟

هل في الأحاديث (السنة) دليل على الرجعة ؟

لمن تكون الرجعة ؟

 

الرجعة:

ألف : المعنى اللغوي:

باء : المعنى الاصطلاحي:

 

الف ـ الرجعة في اللغة:

بالفتح هى المرة فى الرجوع و معناه العود الى الدنيا بعد الموت.

1ـ قال ابن فارس: «رَجَع: الراء والجيم والعين، اصلٌ كبير مطرد منقاس، يدل على ردّ و تكرار. تقول: رَجَع يرجع رجوعاً اذ اعاد و راجع الرجل امراته و هى الرَجعة والرِجعة... والاسم الرجعة...(6).

2ـ ابن الاثير: «الرجعة: المرة فى الرجوع و منه حديث ابن عباس:... سأل الرجعة عند الموت... اى سأل ان يُردَّ الى الدنيا ليحسن العمل و يستدرك مافات... والرجعة مذهب من العرب... و مذهب طائفة من فرق المسلمين...»(7).

3ـ الفيروزآبادي : «يؤمن بالرجعة اى بالرجوع الى الدنيا بعد الموت»(8).

4ـ الطريحي : «الرجعة بالفتح، اي المرة فى الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدي عليه السلام»(9).

5ـ الشيرازي: «الرجعة كضربة، الرجوع و فلان يومن بالرجعة اى بالرجوع، رجوع النبي(صلى الله عليه وآله) والمؤمنين الى الدنيا»(10).

ب ـ الرجعة في الاصطلاح:

و هى عندنا بمعني رجوع الحجج الالهية و رجوع الائمة الطاهرين و رجوع ثلة من المؤمنين و غيرهم الى الدنيا بعد قيام دولة المهدي.

و قد فسرها البعض برجوع دولة الحق لارجوع الاموات الى الدنيا و هو تفسير شاذ لايقول به مشهور الامامية.

1ـ قال الصدوق: «إن الذي تذهب اليه الشيعة الامامية، اَنّ الله تعالي يعيد عند ظهور لمهدي قوماً ممن كان تقدم موته من شيعته و قوماً من اعدائه»(11).

2ـ و قال المفيد: «اتفقت الامامية على وجوب رجعة كثير من الاموات الي الدنيا قبل يوم القيامة و ان كان بينهم فى معنى الرجعة اختلاف»(12).

و قال ايضا: «انما يرجع الى الدنيا عند قيام القائم من محض الايمان او محض الكفر محضاً فأما سوى هذين فلارجوع الى يوم المأب»(13).

توضيح الاختلاف: لعل المراد بالاختلاف الذى اشار اليه الشيخ المفيد هو تأويل بعض الشيعة الامامية، للاخبار المستفيضه فى الرجعة الى رجوع دولة الحق، و رجوع الامر و النهي الي الائمة(عليهم السلام) و الى شيعتهم واخذهم بمجارى الامور، دون رجوع اعيان الاشخاص و اليه اشار الشيخ الصدوق قائلا: «و انّ قوماً من الشيعة تأوّلوا الرجعة على معناها: رجوع الدولة والامر والنهي من دون رجوع الاشخاص و إحياء الاموات»(14).

اقول: و هولاء كأنّهم عجزوا عن فهم هذه الروايات و تصحيح القول بالرجعة استناداً الى النصوص المتظافرة.

الامكان والوقوع.

قبل الخوض فى الادلة واثبات هذه الفكرة، لدينا سؤال يطرح نفسه و هو هل انّ الرجعة امر ممكن ذاتاً ام ممتنع و محال.

والجواب: لايرى العقل اىّ استبعاد فى ذلك ولايراها من الممتنعات العقلية كاجتماع النقيضين والضدين و ذلك لان مفاد الرجعة التى نعتقدها هى عبارة عن احياء بعض النفوس فى هذه النشأة بعد ما ذاقت الموت و هذا امر ممكن الحصول والوقوع و شي معقول، كيف و هو من رشحات قدرة الخالق تعالى قدره الذي عمّت قدرته جميع الممكنات.

اذن لا يلزم من القول بها محال ولا المنافات للتكليف بل على المستشكل فيها من الالتزام باحد الامرين: اما انكار الصغرى و دعوى ان الرجعة ليست من الامور الممكنة.

او انكار الكبرى و دعوى ان الله ليس بقادر ـ والعياذ بالله ـ على ان يحيي الموتى، وكلاهما فى حيَّز المنع بلاريب.

و حينئذ: فلوقامت الادلة الصحيحة على هذه العقيدة والفكرة. فمن اللازم قبولها والالتزام بها، كأىّ عقيدة من العقائد الاسلامية التي تبنّاها المسلمون والتزموا بها نتيجة لقيام البراهين الصحيحة والادلة القاطعة.

 

هل الرجعة امر واقع؟

قد يقال: هب أنّ الرجعة امر ممكن ولكن هل هو امرٌ واقع؟ اذ ليس كل امر ممكن هو واقع ايضاً.

والجواب: لدينا شواهد قرآنية و احاديث شريفة و نصوص تاريخية، تصرح بالحيات بعد الموت ـ فى هذه الدنياـ و تحقق الرجعة فى الامم السابقة و فى هذه الامة المرحومة بالذات و قد صنف بعض علماء السنة في هذا الحقل مصنفات و اوردوا قائمة باسماء الذين رجعوا الى الدنيا بعد الموت.هذا ابن ابي الدنيا المولود عام 208 والمتوفى 281 ه….ق ـ المشهور بالتصانيف الكثيرة النافعة الذائعة فى الرقائق و غيرها الصدوق الحافظ ـ كما عن ابن كثير(15) ـ والاديب الاخبارى كثيرالعلم من حديثه فى غاية العلو ـ كما عن الذهبي(16) ـ والورع الزاهد العالم بالاخبار والروايات، كما عن ابن نديم والصدوق كما عن الرازي تراه يخصص مصنفاً مضفاته بمن رجع الى الدنيا و يسميه «من عاش بعد الموت».

 

الهدف من الرجعة :

قد يسأل احد عن الهدف من رجوع ثلة من المؤمنين و ثلة من الفاسقين الى الدنيا...؟

والجواب: اولا لدينا كثير من الامور فى عالم التكوين والتشريع. لم يتضح لنا الغرض والهدف منها وهذا ليس معناه انه لم يكن فيه غرض فليكن هذا منه.

ثانياً، قد يقال ان ذلك لاجل تشفّي المؤمنين حينما يرون عذاب الظالمين والانتقام منهم فى الدنيا و ذلك لان عذاب الظالمين فى الاخرة لم يكن بمنظر من المؤمنين و لعل هذا هو مضمون الحديث يرجع المؤمن لزيادة الفرح والسرور والكافر لزيادة الغم والهم.

ثالثاً: ترغيب و تشجيع للسير نحو الكمال والالتزام بتعاليم الدين الحنيف، كى يوفق بلقاء المعصوم في الدنيا .كما انه تحذير للمنافقين والظالمين ليرتدعوا عن غيِّهم وضلالهم قبل أن يبتلوا بعذاب الدنيا قبل الآخرة و هناك نقاط وجهات أخرى تركناها رعاية للاختصار.

مفهوم الرجعة

 

الرجعة :

 إنَّ الرجعة من نوع البعث والمعاد الجسماني ، غير أنها بعث موقوت في الدنيا ومحدود كماً وكيفاً ، ويحدث قبل يوم القيامة ، بينما يُبعث الناس جميعاً يوم القيامة ليلاقوا حسابهم ويبدأوا حياتهم الخالدة ، وأهوال يوم القيامة أعجب وأغرب وأمرها أعظم من الرجعة .

 وبما أنَّ الرجعة والمعاد ظاهرتان متماثلتان من حيث النوع ، فالدليل على إمكان المعاد يمكن أن يقام دليلاً على إمكان الرجعة ، والاعتراف بإمكان بعث الحياة من جديد يوم القيامة يترتب عليه الاعتراف بإمكان الرجعة في حياتنا الدنيوية ، ولا ريب أنّ جميع المسلمين يعتبرون الإيمان بالمعاد من أُصول عقيدتهم ، إذن فجميعهم يذعنون بإمكانية الرجعة .

 يقول السيد المرتضى قدس سره : إعلم أنّ الذي يقوله الإمامية في الرجعة لا خلاف بين المسلمين ـ بل بين الموحدين ـ في جوازه ، وأنّه مقدور لله تعالى ، وإنّما الخلاف بينهم في أنّه يوجد لا محالة أو ليس كذلك .ولا يخالف في صحة رجعة الأموات إلاّ خارج عن أقوال أهل التوحيد، لاَنَّ الله تعالى قادر على إيجاد الجواهر بعد إعدامها ، وإذا كان عليها قادراً ، جاز أن يوحدها متى شاء(17).

 فإذا كان إمكان الرجعة أمراً مسلّماً به عند جميع المسلمين ـ حتى قال الآلوسي : وكون الإحياء بعد الإماتة والإرجاع إلى الدنيا من الأمور المدورة له عزَّ وجلَّ ممّا لا ينتطح فيه كبشان، إلاّ أنّ الكلام في وقوعه(18). إذن فلماذا الشكّ والاستغراب لوقوع الرجعة ؟ ولماذا التشنيع والنبز بمن يعتقد بها لورود الإخبار الصحيحة المتواترة عن أئمة الهدى عليهم السلام بوقوعها ؟ يقول الشيخ محمد رضا المظفر : (لا سبب لاستغراب الرجعة إلاّ أنّها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا ، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يُقرّ بها إلى اعترافنا أو يبعدها ، وخيال الإنسان لا يسهل عليه أن يتقبّل تصديق ما لم يألفه ، وذلك كمن يستغرب البعث فيقول : (( مَن يُحيي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)) فيقال له:(( يُحييها الَّذِي أنشَأها أوَلَ مَرةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلقٍ عَلِيمٌ))(19). نعم في مثل ذلك ، مما لا دليل عقلي لنا على نفيه أو إثباته ، أو نتخيّل عدم وجود الدليل ، يلزمنا الرضوخ إلى النصوص الدينية التي هي من مصدر الوحي الإلهي ، وقد ورد في القرآن الكريم ما يثبت وقوع الرجعة إلى الدنيا لبعض الأموات ، كمعجزة عيسى عليه السلام في إحياء الموتى (وأُبرىءُ الأكمه والأبرص وأُحيي المَوتى بإذنِ اللهِ )(20) وكقوله تعالى : (أنَّى يُحيي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مُوتِها فأمَاتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ )(21).

 يضاف إلى ذلك أنَّ نفوس الظالمين تأبى إقامة العدل وإحقاق الحق لما اقترفته أيديهم الآثمة من الظلم والجور والمنكرات ، والرجعة تنطوي على أمرٍ يحقق العدالة الإلهية في أرض الواقع بانتصاف الظالم من المظلوم وإدالة أهل الحق من أهل الباطل ، ولهذه العلة أبت نفوس المكابرين من أهل الجاهلية الاعتقاد بالمعاد والنشور رغم أنّهم عاينوا المعجزات وضربت لهم الأمثال الواضحة وأقيمت لهم الدلائل البينة والبراهين الساطعة ، لاَنّ قبول هذا الاعتقاد يعني الانصياع للحق والعدل بالوقوف أمام المحكمة الإلهية الكبرى ( يَومَ تَشْهَدُ عَلَيهِم ألسِنَتُهُم وأيديهِم وَأرجُلُهُم بِما كانُوا يَعمَلُونَ )(22).

 

مفهوم آخر للرجعة

وفي (منتخب البصائر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال:إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي عليهما السلام فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلى الجنة وبعث إلى النار.

أقول : إعلم أن أيام المجازات على الإعمال ثلاثة (الدنيا) و(البرزخ) و(الآخرة) فأما الإعمال التي لا إيمان معها عن تعمد أو لا إخلاص فجزاؤها في الدنيا بدفع بعض البلايا وأدرار الرزق وكثرة الأموال والأرزاق , وأما الإعمال التي لا إيمان معها عن جهل وما أشبه ذلك من خطب وغفلة فجزاؤها في البرزخ بدفع عذاب القبر أو فتح باب من الجنة إلى القبر فيدخل عليه الروح , وإما الإعمال التي وقعت عن إيمان ومعرفة فجزاؤها في الآخرة وتسمى الإعمال وتوصف بمحلها وتنسب إلى أوقات المجازات عليها0 فالإعمال البرزخية التي يكون المجازات عليها في البرزخ إذا كان من أهل (الرجعة) وقعت المجازات عليها في (الرجعة) لان الرجعة من نوع البرزخ إلا ترى إن المؤمن إذا مات التحقت روحه بجنة الدنيا وان كان كافرا" أو مشركا" أو منافقا" التحقت روحه بنار الدنيا وجنة الدنيا هي الجنتان المد هامتان وهي تخرج في (الرجعة) كما يأتي عند (مسجد الكوفة) 0فإذا كان على المكلف أو له شيء من المجازات البرزخية كان المحاسب عليها هو الحسين عليه السلام وأما ما لا يتعلق بتلك الإعمال البرزخية من الإعمال الأخروية إذا كان حوسب المكلف على الإعمال البرزخية وجوزي عليها في البرزخ وحضر يوم القيامة بحاسب عن الإعمال الأخروية فإذا استحق دخول الجنة أو النار بالإعمال الأخروية بعد المحاسبة عليها وبعث به إلى الجنة أو النار ولم يتوقف دخول ما يستحقه على شيء من الإعمال البرزخية لأنه قد حاسبه الحسين عليه السلام عليها وليس معنى الحديث والله العالم إن جميع حساب الخلائق يقع في (الرجعة) بل المعنى إن الحساب على الإعمال البرزخية يقع في الرجعة ولا يعاد الحساب عليها يوم القيامة فافهم.

 

أدلة الرجعة :

 أورد الحر العاملي في الباب الثاني من كتابه (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) اثني عشر دليلاً على صحة الاعتقاد بالرجعة ، وأهم ما استدل به الإمامية على ذلك هو الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام المروية في الكتب المعتمدة ، وإجماع الطائفة المحقة على ثبوت الرجعة حتى أصبحت من ضروريات مذهب الإمامية عند جميع العلماء المعروفين والمصنفين المشهورين ، كما استدلوا أيضاً بالآيات القرآنية الدالة على وقوع الرجعة في الأمم السابقة ، أو الدالة على وقوعها في المستقبل إما نصاً صريحاً أو بمعونة الأحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها ، وفيما يلي نسوق خمسة أدلة نبدأها بالأدلة القرآنية :

 

 أولاً : وقوعها في الأمم السابقة :

 لقد حدّثنا القرآن الكريم بصريح العبارة وبما لا يقبل التأويل أو الحمل عن رجوع أقوام من الأمم السابقة إلى الحياة الدنيا رغم ما عرف وثبت من موتهم وخروجهم من الحياة إلى عالم الموتى ، فإذا جاز حدوثها في الأزمنة الغابرة ، فلم لا يجوز حدوثها مستقبلاً : ( سُنَّةَ اللهِ في الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ تَبدِيلاً )(23).

 روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن الحسن بن الجهم ، قال : قال المأمون للرضا عليه السلام : يا أبا الحسن ، ما تقول في الرجعة ؟

 فقال عليه السلام : « إنّها الحقّ ، قد كانت في الأمم السالفة ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والفذة بالفذة ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السلام فصلى خلفه ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً ، فطوبى للغرباء . قيل : يا رسول الله ، ثم يكون ماذا ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ثم يرجع الحقّ إلى أهله »(24).

 وفيما يلي نقرأ ونتأمل الآيات الدالة على إحياء الموتى وحدوث

الرجعة في الأمم السابقة :

 إحياء قوم من بني إسرائيل :

 قال تعالى : ( ألم تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِم وَهُم أُلُوفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقَالَ لَهُم اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحيَاهُم إنَّ اللهَ لذُو فَضلٍ على النَّاسِ وَلَكِنَّ أكثَرَ النَّاسِ لا يَشكُرُونَ )(25) . فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة تدل على أنَّ هؤلاء ماتوا مدة طويلة، ثم أحياهم الله تعالى، فرجعوا إلى الدنيا، وعاشوا مدة طويلة.

 قال الشيخ الصدوق : كان هؤلاء سبعين ألف بيت ، وكان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة ، فيخرج الأغنياء لقُوّتهم ، ويبقى الفقراء لضعفهم ، فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون ، ويكثر في الذين يقيمون ، فيقول الذين يقيمون : لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ، ويقول الذين خرجوا ، لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم .

 فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم ، فنزلوا على شط البحر ، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا ، فماتوا جميعاً ، فكنستهم المارّة عن الطريق ، فبقوا بذلك ما شاء الله .

 ثم مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرمي(26)، فقال : لو شئت يا ربِّ لأحييتهم ، فيعمروا بلادك ، ويلدوا عبادك ، ويعبدوك مع من يعبدك ، فأوحى الله تعالى إليه : أفتحبَّ أن أحييهم لك ؟ قال : نعم . فأحياهم الله تعالى وبعثهم معه ، فهؤلاء ماتوا ، ورجعوا إلى الدنيا ، ثم ماتوا بآجالهم(27) .

فهذه رجعة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ، وقد سأل حمران بن أعين الإمام أبا جعفر الباقر عليه السلام عن هؤلاء ، قائلاً : أحياهم حتى نظر الناس إليهم ، ثم أماتهم من يومهم ، أو ردّهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام، ونكحوا النساء ؟

 قال عليه السلام : « بل ردّهم الله حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ، ثم ماتوا بآجالهم »(28).

 

إحياء عزير أو أرميا :

 قال تعالى : ( أو كالَّذي مرَّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عُرُوشِهَا قال أنَّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ثُمَّ بعثهُ قال كم لَبِثتَ قال لَبِثتُ يوماً أو بعضَ يومٍ قال بل لَبِثتَ مائةَ عامٍ فانظُر إلى طعامِكَ وشرابِكَ لم يتسنَّه وانظُر إلى حمارِكَ ولنجعَلَكَ آيةً للنَّاسِ وانظُر إلى العِظَام كيفَ نُنشِزُها ثُمَّ نكسُوها لَحمَاً فلمّا تَبينَ لهُ قال أعلمُ أنَّ اللهَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ )(29).

لقد اختلفت الروايات والتفاسير في تحديد هذا الذي مرَّ على قرية ، لكنها متّفقة على أنّه مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها ، ثم مات بأجله ، فهذه رجعة إلى الحياة الدنيا .

قال الطبرسي : الذي مرَّ على قرية هو عزير ، وهو المروي عن أبي عبدا لله عليه السلام وقيل : هو أرميا ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام(30).

وروى العياشي بالإسناد عن إبراهيم بن محمد ، قال : ذكر جماعة من أهل العلم أنَّ ابن الكواء الخارجي قال لأمير المؤمنين علي عليه السلام : يا أمير المؤمنين ، ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا ؟

 قال عليه السلام : « نعم ، أُولئك ولد عزير ، حيث مرَّ على قرية خربة ، وقد جاء من ضيعة له ، تحته حمار ، ومعه شنّة فيها تين ، وكوز فيه عصير ، فمرَّ على قريةٍ خربةٍ ، فقال : ( أنَّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ) فتوالد ولده وتناسلوا ، ثمَّ بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه ، فأُولئك وُلده أكبر من أبيهم »(31).

إحياء سبعين رجلاً من قوم موسى عليه السلام:

قال تعالى : ( وإذ قُلتُم يا مُوسى لَنْ نُؤمنَ لكَ حتى نرى اللهَ جَهرَةً فأخَذَتكُم الصَّاعِقَةَ وأنتُم تنظُرُونَ * ثُمَّ بعثناكُم مِنْ بَعدِ موتِكُم لَعَلَكُم تَشكُرُونَ )(32).

هاتان الآيتان تتحدثان عن قصة المختارين من قوم موسى عليه السلام لميقات ربه ، وذلك أنّهم لمّا سمعوا كلام الله تعالى قالوا : لا نصدّق به حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى عليه السلام : « يا ربِّ ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم » فأحياهم الله له ، فرجعوا إلى الدنيا ، فأكلوا وشربوا ، ونكحوا النساء ، وولد لهم الأولاد ، ثم ماتوا بآجالهم(33).

فهذه رجعة أُخرى إلى الحياة الدنيا بعد الموت لسبعين رجلاً من بني إسرائيل ، قال تعالى: (واختارَ موسى قَومَهُ سَبعِينَ رَجُلاً لِميقاتِنَا فَلَمَّا أخَذَتهُم الرَجفةُ قالَ ربِّ لو شِئتَ أهلَكتَهُم مِنْ قَبلُ وإيَّاي أتُهلِكُنا بِما فَعلَ السُّفَهآءُ مِنَّا)(34) .

 

المسيح عليه السلام يحيي الموتى:

 ذكر في القرآن الكريم في غير مورد إحياء المسيح للموتى ، قال تعالى لعيسى عليه السلام : ( وإذ تُخرِجُ الموتى بإذني )(35)، وقال تعالى حاكياً عنه : (وأُحيي الموتى بإذنِ اللهِ )(36).

 فكان بعض الموتى الذين أحياهم عيسى عليه السلام بإذن الله تعالى قد رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثم ماتوا بآجالهم(37).

 

إحياء أصحاب الكهف:

 هؤلاء كانوا فتية آمنوا بالله تعالى ، وكانوا يكتمون إيمانهم خوفاً من ملكهم الذي كان يعبد الأصنام ويدعو إليها ويقتل من يخالفه ، ثم اتّفق أنّهم اجتمعوا وأظهروا أمرهم لبعضهم ، ولجأوا إلى الكهف ( وَلَبِثُوا في كَهفِهِم ثَلاثَ مائةٍ سِنينَ وازدادُوا تِسعاً )(38) ثم بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم وقصتهم معروفة .

 فإن قال قائل : إنَّ الله عزَّ وجلَّ قال : ( وتَحسَبُهُم أيقاظاً وهُم رُقُودٌ )(39) وليسوا موتى . قيل له: رقود يعني موتى، قال تعالى: ( ونُفِخَ في الصُّورِ فإذا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهم يَنسِلُونَ * قالُوا يا وَيلنا من بَعَثَنا مِن مَّرقَدِنا هَذا ما وَعدَ الرَّحمنُ وصَدَقَ المرسَلونَ )(40)، ومثل هذا كثير (41). وروى يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي في (عقد الدرر) عن الثعلبي في تفسيره في قصة أصحاب الكهف ، قال : (وأخذوا مضاجعهم ، فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي عليه السلام ، يقال : إنَّ المهدي يسلّم عليهم فيحييهم الله عزَّ وجلَّ)(42) ، وهو يدلُّ على رجعتهم في آخر الزمان .

 

إحياء قتيل بني إسرائيل :

روى المفسرون أنَّ رجلاً من بني إسرائيل قتل قريباً له غنياً ليرثه وأخفى قتله له ، فرغب اليهود في معرفة قاتله ، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة ويضربوا بعض القتيل ببعض البقرة ، ليحيا ويخبر عن قاتله ، وبعد جدال ونزاع قاموا بذبح البقرة ، ثم ضربوا بعض القتيل بها ، فقام حياً وأوداجه تشخب دماً وأخبر عن قاتله ، قال تعالى ( فَقُلنا اضرِبُوهُ بِبَعضِهَا كَذلِكَ يُحيي اللهُ الموتى ويُريكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ )(43).

 

إحياء الطيور لإبراهيم عليه السلام بإذن الله:

ذكر المفسرون أنّ إبراهيم عليه السلام رأى جيفة تمزّقها السباع ، فيأكل منها سباع البرّ وسباع البحر ، فسأل الله سبحانه قائلاً « يا ربِّ ، قد علمت أنّك تجمعها في بطون السباع والطير ودواب البحر ، فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك » ؟ قال سبحانه : ( وإذ قالَ إبراهيمُ ربِّ أرِني كيفَ تُحيي المَوتى قالَ أوَلَمْ تُؤمِنْ قالَ بلى ولكِن لِيطمئنَ قَلبي قَالَ فَخُذ أربعةً مِنَ الطيرِ فَصُرهُنَّ إليكَ ثُمَّ اجعل على كُلِّ جَبلٍ مِنهُنَّ جُزءاً ثُمَّ ادعهُنَّ يأتِينَكَ سعياً واعلم أنَّ اللهَ عزيزٌ حَكيمٌ)(44) .

فأخذ طيوراً مختلفة الأجناس ، قيل : إنّها الطاووس والديك والحمام والغراب ، فقطعها وخلط ريشها بدمها ، ثم فرقها على عشرة جبال ، ثم أخذ بمناقيرها ودعاها باسمه سبحانه فأتته سعياً ، فكانت تجتمع ويأتلف لحم كل واحدٍ وعظمه إلى رأسه ، حتى قامت أحياء بين يديه(45).

 

إحياء ذي القرنين:

اختلف في ذي القرنين فقيل : إنّه نبي مبعوث فتح الله على يديه الأرض ، عن مجاهد وعبدا لله بن عمر . وقيل : إنّه كان ملكاً عادلاً .

وروي بالإسناد عن أبي الطفيل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : « إنّه كان عبداً صالحاً أحبَّ الله فأحبّه وناصح الله فناصحه ، قد أمر قومه بتقوى الله ، فضربوه على قرنه فمات ، فأحياه الله ، فدعا قومه إلى الله، فضربوه على قرنه الآخر فمات ، فسميَّ ذا القرنين » . قال عليه السلام : «وفيكم مثله»(46) يعني نفسه عليه السلام(47).

وفي رواية علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليه السلام : « إنَّ ذا القرنين بعثه الله إلى قومه ، فضربوه على قرنه الأيمن ، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك ، فضربوه على قرنه الأيسر ، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك ، فملّكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيثُ تغرب »(48).

 

إحياء أهل أيوب عليه السلام :

قال تعالى : ( وآتيناهُ أهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم ) قال ابن عباس وابن مسعود : ردَّ الله سبحانه عليه أهله ومواشيه وأعطاه مثلها معها . وبه قال الحسن وقتادة وكعب ، وهو المروي عن أبي عبدا لله عليه السلام(49).

هذه الحالات جميعاً تشير إلى الرجوع للحياة بعد الموت في الأمم السابقة ، وقد وقعت في أدوار وأمكنة مختلفة ، ولأغراض مختلفة ، ولأشخاص تجد فيهم الاَنبياء والأوصياء والرعية ، وهي دليل لا يُنازع فيه على نفي استحالة عودة الأموات إلى الحياة الدنيا بعد الموت .

وهنا من حقنا أن نتساءل : ما المانع من حدوث ذلك في المستقبل لغرض لعلّه أسمى من جميع الإغراض التي حدثت لأجلها الرجعات السابقة ؟ ألا وهو تحقيق مواعيد النبوات وأهداف الرسالات في نشر مبادئ العدالة وتطبيق موازين الحق على أرض دنّستها يد الجناة والظلمة، وأشبعتها ظلماً وجوراً حتى عادت لا تطاق ( وَلَقَد كَتَبنا في الزَّبُورِ مِنْ بَعدِ الذِكرِ أنَّ الأرض يَرِثُها عِباديَ الصالِحُونَ )(50) وقال تعالى : (فتَربَّصُوا حتى يَأتيَ اللهُ بأمرِهِ ) .

 ويعزّز الدليل على حدوث الرجعة في المستقبل كما حدثت في الأمم الغابرة ما روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : « لتتبعنَّ سنن الذين من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه » قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : « فمن »(51).

 

ثانياً : الآيات الدالة على وقوعها قبل القيامة :

أولاً : قوله تعالى : ( وإذا وقعَ القولُ عَليهم أخرَجنا لَـهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُم أنَّ الناسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقِنُونَ * ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ممن يُكذِّبُ بآياتِنا فَهُم يُوزعُونَ * حتَّى إذا جاءُوا قال أكذّبتُم بآياتي ولم تُحيطُوا بها عِلماً أمَّاذا كُنتُم تَعملُونَ )(52)إلى قوله تعالى : ( ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ من في السَّماواتِ ومن في الأرض إلاّ من شاءَ اللهُ وكلٌّ أتوهُ داخرينَ )(53).

من أمعن النظر في سياق الآيات المباركة وما قيل حولها من تفسير ، يلاحظ أنّ هناك ثلاثة أحداث مهمة تدلُّ عليها ، وهي بمجموعها تدلُّ على علامات تقع بين يدي الساعة وهي :

1 ـ إخراج دابة من الأرض: ( أخرَجَنا لَـهُم دابَّةً من الأرض ).

2 ـ الحشر الخاص : ( ويومَ نَحشُرُ من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً ) .

3 ـ نفخة النشور ثم القيامة : ( ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ... وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ) ، وسوف نتحدث عمّا في تلك الآيات من دلالة واضحة على الاعتقاد بالرجعة وعلى النحو الآتي :

فالآية الأولى تتعلق بالوقائع التي تحدث قبل يوم القيامة باتّفاق المفسرين ، ويدلُّ عليه أيضاً ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ بين يدي الساعة الدجال والدابة ويأجوج ومأجوج والدخان وطلوع الشمس من مغربها »(54).

وروى البغوي عن طريق مسلم ، عن عبدا لله بن عمرو ، قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : « إنَّ أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة ضحىً »(55).

ما هي دابة الأرض ؟

الدابة تطلق في اللغة على كلِّ ما يدبُّ ويتحرك على وجه الأرض من الإنسان والحيوان وغيره ، قال تعالى : ( وَمَا مِن دابَّةٍ في الأرض إلاّ على اللهِ رِزقُها )(56)، وقال تعالى :

(( ولو يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلمِهِم مَّا تَرَكَ عَليها مِن دَابّةٍ ))(57) . وخُصصت في بعض آي القرآن بالإنسان، كقوله تعالى: ( إنَّ شرَّ الدّوابِّ عندَ اللهِ الصُّمُّ البُكمُ الَّذِينَ لا يَعقِلُونَ )(58)، وفي بعض آخر بغير الإنسان، كقوله تعالى: (( والدّوابُّ وكثيرٌ مِن النَّاسِ )(59)، وقوله تعالى: (( وَمِنَ النَّاسِ والدّوابِّ ))(60). وقد ذكرت الدابة التي في قوله تعالى : (( دابةٌ مِنَ الأرض )) بشكل مجمل ، والوصف القرآني الوحيد المذكور لها بأنّها تكلّم الناس ، أما سائر أحوالها وخصوصياتها وكيفية ومكان خروجها ، فإنّها مبهمة في ظهر الغيب ولا يفصح عنها إلاّ المستقبل . والروايات الواردة بشأن تفسير هذه الآية كثيرة، ولا دلالة من الكتاب الكريم على شيءٍ منها، فإن صحّ الخبر فيها عن الرسول الأكرم وآله عليهم السلام قبلت، وإلاّ لم يلتفت إليها، ويمكن تلخيص مضمون هذه الروايات في نقطتين:

1 ـ إنَّ طائفة منها تدل على أنَّ هذه الدابة كائن حي غير معروف ومن غير جنس الإنسان ، ولها شكل مخيف ، فهي ذات وبر وريش ومؤلفة من كل لون ، ولها أربع قوائم ، ولها عنق مشرف يبلغ السحاب ، ويراها من بالمشرق كما يراها من بالمغرب ، تخرج في آخر الزمان من الصفا ليلة منى، وقيل : من جبل جياد في أيام التشريق ، لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب ، وتحدّث الناس عن الإيمان والكفر ، وتسم المؤمن بين عينيه ويكتب بين عينيه مؤمن ، وتسم الكافر بين عينيه ويكتب بين عينيه كافر .

2 ـ والطائفة الثانية تدل على أنّ وجهها كوجه إنسان وجسمها كجسم الطير ، وأنّها تصرخ بأعلى صوتها بلسان عربي مبين : ( إنَّ النَّاسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقِنُونَ ) وأن معها عصا موسى وخاتم سليمان ، وتميّز بهما بين المؤمنين والكافرين ، فتنكت وجه المؤمن بالخاتم فتكون في وجهه نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة حتى يضيء لها وجهه ، وتنكت أنف الكافر بالعصا فتكون في وجهه نكتة سوداء فتفشو تلك النكتة حتى يسودّ لها وجهه(61) . وفي بعض الروايات ما يدل على أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو مصداق لهذه الآية ، فقد روي بالإسناد عن سفيان بن عيينة ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، أنّه قال : دابة الأرض عليّ قدس سره(62). وروى الشيخ الكليني بالإسناد عن الإمام الباقر عليه السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه السلام : وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس »(63) . وروى الشيخ علي بن إبراهيم بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «قال رجل لعمار بن ياسر، يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني. قال عمار : أيّة آية هي ؟ قال : ( وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم أنَّ النَّاسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقنُونَ ) فأيّة دابة هذه ؟ قال عمار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أُريكها ، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمراً وزبداً ، فقال : يا أبا اليقظان، هلمّ ، فجلس عمار ، وأقبل يأكل معه ، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام قال له الرجل : سبحان الله يا أبا اليقظان ، حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب

ولا تجلس حتى ترينيها . قال عمار : قد أريتكها ، إن كنت تعقل »(64).

وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد ، وقد جمع رملاً ووضع رأسه عليه ، فحركه ثم قال له : قم يا دابة الأرض .

فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، أيسمي بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟ فقال : لا والله ، ما هو إلاّ له خاصة ، وهو الدابة التي ذكرها الله تعالى في كتابه: ( وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض ) »(65).

وروي عن الاَصبغ بن نباتة ، قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل خبزاً وخلاً وزيتاً ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، قال الله عز وجل : ( وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم ) الآية ، فما هذه الدابة؟ قال عليه السلام : « هي دابة تأكل خبزاً وخلاً وزيتاً »(66).

ويقول أبو الفتوح الرازي في تفسيره : طبقاً للإخبار التي جاءتنا عن طريق الأصحاب ، فإنَّ دابة الأرض كناية عن المهدي صاحب الزمان عليه السلام(67).

ومع الأخذ بنظر الاعتبار لهذا الحديث والأحاديث المتقدمة ، يمكن أن يستفاد من دابة الأرض مفهوم واسع ينطبق على أي إمام عظيم يرجع في آخر الزمان، ويميّز الحق عن الباطل والمؤمن من الكافر، وهو آية من آيات عظمة الخالق.

والتعبير الوارد في الروايات المتقدمة بأنّ معه عصا موسى التي ترمز إلى القوة والإعجاز ، وخاتم سليمان الذي يرمز إلى الحكومة الإلهية ، قرينة على كون الدابة إنساناً مسدّداً بالقدرة الإلهية العظيمة بحيث يكون آية للناس ، إضافة إلى ذلك فإنّ قوله تعالى : ( تُكلّمهم ) يساعد على هذا المعنى . الحشر الخاص، قوله تعالى: ( وَيَومَ نَحشُر من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً ). سبق أن بيّنا أنَّ الآية الأولى ( أخرَجنَا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض ) تتعلق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة ، وذلك باتّفاق المفسرين ، وعليه تكون آية الحشر الخاص ( ويومَ نَحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) مكملة لها ومرتبطة بها من حيث التسلسل الزمني للإحداث فضلاً عن سياق الآيات وترتيبها ، فقد وقعت آية الحشر الخاص بين علامتين من العلامات التي تقع قبيل الساعة وهي الدابة والنفخة ( ويومَ يُنفَخُ في الصُورِ ) ممّا يدلُّ على أنّ الحشر الخاص يقع قبل القيامة وأنّه من علاماتها ، وعبّر تعالى عن الحشر العام بعد نفخة النشور بقوله : ( فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ وَمَن في الأرض... وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ ) ، إذن فهناك حشران حشر يجمع فيه من كلِّ أمة فوجاً وهو الرجعة ، وحشر يشمل الناس جميعاً وهو يوم القيامة ، وبما أنّه ليس ثمة حشر بعد القيامة إجماعاً فيتعين وقوع هذا الحشر بين يدي القيامة . وبعبارة أُخرى أنّ ما يدلُّ على منافاة الحشر الخاص ليوم القيامة ، هو أنّ هذه الآية تدلُّ على حشر فوج من كلِّ أُمّة من أُمم البشرية ممّن كان يكذّب بآيات الله ، و ( من ) في قوله تعالى (( مِن كلِّ أُمّة )) تفيد التبعيض ، وهذا يعني الاستثناء ، وقد دلنا الكتاب الكريم في آيات عديدة على أنّ حشر القيامة لا يختصّ بقوم دون آخرين ، ولا بجماعة دون أُخرى، بل يشمل الجميع دون استثناء ((ويومَ يَحشُرُهُم جميعاً ))(68)، فطالما حصل الاستثناء فإنَّ ذلك لا يتعلق بأحداث يوم القيامة الذي ينهي الحياة برمّتها على وجه الأرض ، ومن خلال ما تقدم اتضح الكلام عن دلالة الآية الثانية التي ذكرناها كعلامة بين يدي الساعة . إذن فالآية تأكيد لحدوث الرجعة التي تعتقد بها الشيعة الإمامية في حق جماعة خاصة ممّن محضوا الكفر أو الإيمان ، والإيمان هذه الجماعة للحياة قبل يوم القيامة ، أما خصوصيات هذه العودة وكيفيتها وطبيعتها وما يجري فيها ، فلم يتحدث عنها القرآن الكريم ، بل جاء تفصيلها في السُنّة المباركة ، فإنّ صحت الإخبار بها توجّب قبولها والاعتقاد بها ، وإلاّ وجب طرحه(69).

 

استدلال الأئمة عليهم السلام :

لقد استدل أئمة الهدى من آل البيت عليهم السلام بهذه الآية على صحة الاعتقاد بالرجعة ، فقد روي عن أبي بصير ، أنّه قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : « ينكر أهل العراق الرجعة ؟ » قلتُ : نعم ، قال : « أما يقرأون القرآن ( ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) ؟ »(70). وروى علي بن إبراهيم في تفسيره بالاسناد عن حماد ، عن الصادق عليه السلام ، قال : « ما يقول الناس في هذه الآية ( ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) ؟ » . قلتُ : يقولون إنّها في القيامة

قال عليه السلام : « ليس كما يقولون ، إنّ ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلِّ أُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟ إنّما آية القيامة قوله : ( وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أحداً ) »(71).

 

استدلال أعلام الشيعة :

واستدل بها أيضاً جملة علماء الشيعة ومفسريهم على صحة عودة الاَموات إلى الحياة قبل يوم القيامة ، قال الشيخ المفيد قدس سره : إنَّ الله تعالى يحيي قوماً من أُمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد موتهم قبل يوم القيامة ، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد أخبر الله عزَّ وجل في ذكر الحشر الاَكبر يوم القيامة ( وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً )(72) ، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة : ( ويومَ نحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً مِمن يُكذِّبُ بآياتِنَا ) فأخبر أنَّ الحشر حشران عام وخاص(73).

وقال الشيخ الطبرسي قدس سره : استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الاِمامية ، بأن قال : أنّ دخول (من) في الكلام يوجب التبعيض ، فدلّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم ، وليس ذلك صفة

يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه :

( وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً ) . وقد تظاهرت الاَخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام القائم عليه السلام قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ويبتهجوا بظهور دولته ، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في الدنيا من القتل على أيدي شيعته والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته ، ولايشكّ عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه ، وقد فعل الله ذلك في الاُمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره ، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « سيكون في أُمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضبٍّ لدخلتموه ».

 

الأشكال العقلي في الرجعة

و بعضهم رام ابطال الرجعة بما زعمه من الدليل العقلي فقال ما حاصله إن الموت بحسب العناية الإلهية لا يطرأ على حىّ حتى يستكمل كمال الحياة و يخرج من القوة الى الفعل فى كل ماله من الكمال فرجوعه إلى الدنيا بعد موته رجوع الى القوة و هو بالفعل، هذا محال الا ان يخبر به مخبر صادق و هو الله سبحانه أو خليفة من خلفائه كما اخبر به فى قصص موسى و عيسى و إبراهيم(عليهم السلام) و غيرهم.

و لم يرو منه تعالى و لا منهم فى أمر الرجعة شىء و ما يتمسك به المثبتون غير تام، ثم أخذ في تضعيف الروايات فلم يدع منها صحيحة ولا سقيمة، هذا.

و لم يدر هذا المسكين أنّ دليله هذا لو تم دليلا عقلياً أبطل صدره ذيله، فما كان محالا ذاتياً لم يقبل استثنائاً و لم ينقلب باخبار المخبر الصادق ممكناً و أن المخبر بوقوع المحال لايكون صادقاً ولو فرض صدقه فى اخباره اوجب ذلك اضطراراً تأويل كلامه الى ما يكون ممكناً كما لو أخبر بأن الواحد ليس نصف الاثنين و ان كل صادق فهو بعينه كاذب.

و ما ذكره من امتناع عود ما خرج من القوه الى الفعل، الى القوه ثانياً، حق لكن الصغرى ممنوعة، فانه انما يلزم المحال المذكور فى احياء الموتى و رجوعهم الى الدنيا بعد الخروج عنها اذا كان ذلك بعد الموت الطبيعى الذى افترضوه و هو أن تفارق النفس البدن بعد خروجها من القوة الى الفعل خروجاً تاماً مفارقتها البدن بطباعها و اما الموت الاخترامي الذي يكون بقسر قاسر، كقتل او مرض فلا يستلزم الرجوع الى الدنيا بعده محذوراً فان من الجائز ان يستعد الانسان لكمال موجود فى زمان بعد زمان حياته الدنيوية الاولى، فيموت ثم يحيى لحيازة الكمال المعدّ له فى الزمان الثانى، او يستعد لكمال مشروط بتخلل حياة ما فى البرزخ فيعود الى الدنيا بعد استيفاء الشرط. فيجوز على احد الفرضين الرجعة الى الدنيا من غير محذور المحال...

الجواب عن مناقشة الروايات: و اما ما ناقشه فى كل واحد من الروايات ففيه: أن الروايات متواترةٌ معنى عن أئمة اهل البيت، حتى عدّ القول بالرجعة عند المخالفين من مختصات الشيعة و أئمتهم من لدن الصدر الاول. والتواتر لايبطل بقبول آحاد الروايات للخدشة والمناقشة، على أن عدة من الايات النازلة فيها، والروايات الوارده فيها تامة الدلالة قابلة للاعتماد.... و الروايات المثبة للرجعة و ان كانت مختلفة الاحاد الا أنها على كثرتها متحدة فى معنى واحد و هو أن سير النظام الدنيوي متوجه الى يوم تظهر فيه آيات الله كل الظهور، فلا يعصى فيه سبحانه و تعالى، بل يعبد عبادة خالصة لايشوبها هوى نفس و لا يعتريه اغواء الشيطان و يعود فيه بعض الاموات من اولياء الله تعالى و أعدائه الى الدنيا و يفصل الحق من الباطل.

و هذا يفيد أن يوم الرجعة من مراتب يوم القيامة و ان كان دونه فى الظهور لامكان الشر والفساد فيه فى الجملة دون يوم القيامة و لذلك ربما الحق به يوم ظهور المهدى(عليه السلام) ايضاً تمام الظهور و ان كان هو أيضاً دون الرجعة.

و قد ورد عن ائمة اهل البيت: أيام الله ثلاثة: يوم الظهور و يوم الكرة و يوم القيامة.

و فى بعضها: أيام الله ثلاثة يوم الموت و يوم الكرة و يوم القيامة و هذا المعنى أعنى الاتحاد بحسب الحقيقة و الاختلاف بحسب المراتب هو الموجب لما ورد من تفسيرهم(عليهم السلام). بعض الايات بالقيامة تارة و بالرجعة أخرى و بالظهور ثالثة و قد عرفت.... أن هذا اليوم ممكن فى نفسه بل واقع، ولا دليل مع المنكر يدل على نفيه»(74).

 

الاستدلال بالقرآن الكريم:

بعد هذا البسط و التفصيل من الاستدلال والشواهد لايبقى مجال الشبهة والاشكال، لمن له اذن صاغية و ترك اللجاج والعصبية واراد فهم الحقائق ولكن لاجل تكملة البحث نتطرّق لبعض الايات الكريمة التى استدل بها علمائنا و ان كانت الايات فى غاية الوضوح والظهور:

1- و حرام على قرية اهلكناها هم أنهم لايرجعون(75) و هى من اعظم الدلائل القرآنية فى الرجعة، لان احداً من اهل الاسلام لاينكر ان الناس كلهم يرجعون الى القيامة: من هلك منهم و من لم يهلك... فلابد ان يكون المراد بقوله تعالى «لايرجعون» غير القيامة و هوالرجعة ـ فى الدنيا، أما القيامة: فيرجعون حتى يدخلوا النار.

قال الشيخ الوالد: هذه الاية الشريفة اكبر برهان على صحة القول بالرجعة ضرورة أنه فى الرجعة الكبرى جميع الخلق يحشرون فتخصيصه تبارك و تعالى بمن أهلكه بالعذاب اقوى دليل عليه نظير ما يأتى فى قوله تعالى: «يوم نحشر من كل امة فوجاً»(76).

توجيهات على خلاف الظاهر:

للقوم فى تفسير الآية توجيهات:

1- انَّ «لا» زائدة والاصل انهم يرجعون.

2- أن الحرام بمعنى الواجب، اى واجب على قرية اهلكناها انهم لايرجعون و استدل على اتيان الحرام بمعنى الواجب بقول خنساء.

3ـ و منها أن متعلق الحرمة محذوف والتقدير حرام على قرية اهلكناها بالذنوب اى وجدناها هالكة بها أن يتقبل منهم عمل لانهم لايرجعون الى التوبة.

4ـ و منها أن المراد بعدم الرجوع عدم الرجوع الى الله سبحانه لاعدم الرجوع الى الدنيا والمعنى على استقامة اللفظ و ممتنع على قرية اهلكناها بطغيان اهلها أن لايرجعوا الينا للمجازاة. اجاب العلامة الطباطبايى عن هذه الوجوه بقوله: و انت خبير بما فى كل من هذه الوجوه من الضعف(77).

2- و يوم نحشر من كل امة فوجاً ممن يكذب باياتنا فهم يوزعون(78).

قال الطبرسى: واستدل بهذه الاية على صحة الرجعة من ذهب الى ذلك من الامامية بأن قال ان دخول «من» فى الكلام يوجب التبعيض فدّل ذلك على ان اليوم المشار اليه فى الاية يحشر فيه قوم دون قوم و ليس ذلك صفة يوم القيامة الذى يقول فيه سبحانه و حشرناهم فلم نغادر منهم احداً. و قد تظاهرت الاخبار عن ائمة الهدى من أل محمد(صلى الله عليه وآله) فى ان الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي(عليه السلام) قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه و شيعته ليفوزوا بثواب نصرته و معونته و يبتهجوا بظهور دولته و يعيد ايضاً قوماً من اعدائه لينتقم منهم و ينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب فى القتل على ايدى شيعته والذل والخزى بما يشاهدون من علّو كلمته ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل فى نفسه و قد فعل الله ذلك فى الامم الخاليه..... على ان جماعة من الامامية تأولوا ما ورد من الاخبار فى الرجعة على رجوع الدولة والامر والنهى دون رجوع الاشخاص و احياء الاموات و اوّلوا الاخبار الواردة فى ذلك لماظنوا ان الرجعة تنافى التكليف و ليس كذلك لانه ليس فيها ما يلجى الى فعل الواجب و الامتناع من القبيح والتكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والايات القاهرة كفلق البحر و قلب العصا ثعبانا و ما اشبه ذلك و لأن الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقولة فيتطرق التأويل عليها و انما المعول فى ذلك على اجماع الشيعة الامامية و ان كانت الاخبار تعضده و تؤيده.

قال الشيخ: «ما افاده من ان الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقوله. حق، ضرورة آنها ثبتت بالاخبار المتواترة المفيدة للقطع و سيأتى انَّ الاخبار الدالة عليها مع قطع النظر عما ورد فى تفسير الايات متواترة لاينهض معها شىٌ و لا معارض لها اصلا لكونها موافقه للقرآن فطرق اثبات الرجعة لا اختصاص بالاجماع نعم احد الادلة الدالة على صحة القول بالرجعة هو الاجماع الذى ذكره.

و اما التأويل فى الاخبار لا دليل عليه و مخالف لضرورة المذهب. على ان التأويل من غير المعصوم لاقيمة له ولا دليل عليه لانّ الاخبار الصادرة عنهم حجة فعلية قوية و رفع اليد عن ظهورها والتأويل فيها أمر غير مرخص فيه شرعاً.

ان أحاديث الرجعة على _ كثرتها _ مطابقة لمقتضى الحكمة الألهية .. فأن من اللطف أن يحقق المولى لوليه آمله التي لم يحققها في حياته، وخاصة مع ملاحظة قصر حياة بعضهم كائمة من نسل الإمام الرضا (ع) إذ لم يدع ولاة الجور فرصة كما أرادوه ،فكانهم أرسلوا هذه الحياة لمهمة لم تكتمل نظراً للظروف التي أكتنفتهم من ظلم الحكام وإعراض الخلق عنهم فيكون من الطبيعي إعطاؤهم أخرى لا ستكمال تلك المهمة بعد قابليات الخلق بلوغاً علمياً وعملياً وذلك عند قيام قائمهم (ع) الذي يضع يده على رؤوس العباد ، فيجمع بها عقولهم ، ويكمل به أحلامهم .

بسم الله الرحمن الرحيم

((قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل)) 11/ غافر.

 

المصادر:

الرجعة للشيخ الطوسي.

الرجعة للشيخ أحمد الإحسائي.

الرجعة إصدار مركز الرسالة.

أجوبة الشبهات للسيد عبد الحسين دستغيب.

بحار الأنوار ج52. للشيخ محمد باقر المجلسي.

الإمام المهدي من المهد الى الظهور. للسيد محمد كاظم القزويني.

(( ..... ما فرطنا في الكتاب من شيء ...)) 38/الأنعام

 

الهوامش:

(1) سورة الكهف:الآية 47

(2) سورة الإسراء: لآية 5

(3) سورة الدخان الآيات 16،15،11،10

(4) سورة الدخان الآيات 16،15،11،10

(5) سورة الدخان الآيات 16،15،11،10

(6) معجم مقائيس اللغة، ج 2، ص 490.

(7) النهاية، ج2، ص 202.

(8) القاموس، ج 3، ص 28 ـ مثله فى صحاح اللغة للجوهرى، ج 3، ص 1216.

(9) مجمع البحرين، 4، 334.

(10) معيار اللغة ،مادة رجعة.

(11) اعيان الشيعة، 1، 132 .

(12) اوائل المقالات، 46 .

(13) تصحيح الاعتقاد، 90 .

(14) الاعتقادات: 76.اعيان الشيعة، 1، 132.

(15) البداية والنهاية، 11، 71 .

(16) انظر مجمع البيان، 1، ص 115 .

(17) رسائل الشريف المرتضى 3: 135 ـ الدمشقيات ـ دار القرآن الكريم ـ قم.

(18) روح المعاني 20 : 27 دار إحياء التراث العربي ـ بيروت .

(19) سورة يس 36 : 78 ـ 79 .

(20) سورة آل عمران 3: 49.

(21) عقائد الإمامية ، للشيخ المظفر : 111 ـ 112 . والآية من سورة البقرة 2 : 259 .

(22) سورة النور 24 : 24 .

(23) سورة الأحزاب 33: 62.

(24) بحار الأنوار 53 : 59 | 45 .

(25) سورة البقرة 2: 243.

(26) في رواية الشيخ الكليني في الكافي 8 : 170 | 237 عن الإمام الباقر عليه السلام ورواية السيوطي عن السدّي عن أبي مالك وغيره : يقال له حزقيل .

(27) الاعتقادات، للصدوق: 60 نشر مؤتمر الذكرى الألفية للشيخ المفيد. والدر المنثور ، للسيوطي 1 : 741 ـ 743 دار الفكر ـ بيروت .

(28) تفسير العياشي 1 : 130 | 433 المكتبة العلمية ـ طهران .

(29) سورة البقرة 2 : 259 .

(30) مجمع البيان ، للطبرسي 2 : 639 دار المعرفة ـ بيروت .

(31) تفسير العياشي 1 : 141 | 468 المكتبة العلمية ـ طهران .

(32) سورة البقرة 2 : 55 ـ 56 .

(33) الاعتقادات، للصدوق: 61.

(34) سورة الأعراف 7: 155.

(35) سورة المائدة 5: 110 .

(36) سورة آل عمران 3: 49 .

(37) الكافي 8: 337 | 532 . وتفسير العياشي 1 : 174 | 51 .

(38) سورة الكهف 18 : 25 .

(39) سورة الكهف 18 : 18 .

(40) سورة يس 36 : 51 ـ 52 .

(41) راجع الاعتقادات ، للصدوق : 62 .

(42) عقد الدرر : 192 نشر دار النصايح ـ قم .

(43) سورة البقرة 2 : 73 . وراجع قصص الاَنبياء، للثعلبي : 204 ـ 207 المكتبة الثقافية ـ بيروت.

(44) سورة البقرة 2 : 260 .

(45) راجع تفسير القمي 1 : 91 . وتفسير العياشي 1 : 142 | 469 .

(46) تفسير الطبري 16 : 8 دار المعرفة ـ بيروت .

(47) تفسير الطبرسي 6 : 756 دار المعرفة ـ بيروت .

(48) تفسير القمي 2 : 40 .

(49) تفسير الطبرسي 7 : 94 . وتفسير الطبري 17 : 58 . وقصص الاَنبياء ، للثعلبي : 144 . والآية من سورة الاَنبياء 21 : 84 .

(50) سورة الاَنبياء 21 : 105 .

(51) كنز العمال ، للمتقي الهندي 11 : 133 | 30923 . وروى نحوه الشيخ الصدوق في كمال الدين: 576 جماعة المدرسين ـ قم .

(52) سورة النمل 27 : 82 ـ 84 .

(53) سورة النمل 27 : 87 .

(54) الدر المنثور ، للسيوطي 6 : 380 .

(55) مسند أحمد 2 : 201 دار الفكر . ونظم الدرر ، للبقاعي 5 : 451 دار الكتب العلميّة.

(56) سورة هود 11 : 6 .

(57) سورة النحل 16 : 61 .

(58) سورة الأنفال 8: 22.

(59) سورة الحج 22 : 18 .

(60) سورة فاطر 35 : 28 .

(61) مجمع البيان ، للطبرسي 7 : 366 . وتفسير القرطبي 13 : 237 . والدر المنثور 6 : 378 . وروح المعاني ،    

للآلوسي 20 : 21 . وتفسير الرازي 24 : 217 . وتفسير ابن كثير 3 : 387 . والآية من سورة النمل 27 : 82 .

(62) ميزان الاعتدال ، للذهبي 1 : 384 دار المعرفة .

(63) الكافي 1: 198 | 3 باب أنّ الأئمة عليهم السلام هم أركان الأرض.

(64) تفسير القمي 2 : 131 . ومجمع البيان 7 : 366 .

(65) تفسير القمي 2 : 130 . وتفسير البرهان ، للبحراني 4 : 228 | 8043 تحقيق مؤسسة البعثة.

(66) تأويل الآيات، للسيد شرف الدين 1: 404 | 109. والرجعة ، للاستر آبادي : 166 | 95 دار الاعتصام .

(67) تفسير الأمثل ، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي12 : 129 مؤسسة البعثة ـ بيروت . عن تفسير أبي الفتوح 8 : 423 .

(68) سورة الانعام 6 : 128 .

(69) راجع نقض الوشيعة ، للسيد محسن الاَمين : 473 طبعة 1951 م .

(70) مختصر بصائر الدرجات : 25 . وبحار الاَنوار، للمجلسي 53 : 40 | 6 . والايقاظ من الهجعة : 278 | 91 . والرجعة ، للاسترآبادي : 55 | 30 .

(71) تفسير القمي 1 : 24 . ومختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان : 41 . وبحار الاَنوار 53 : 60 | 49 . والرجعة ، للاسترآبادي : 77 | 48 .

(72) سورة الكهف 18 : 47 .

(73) المسائل السروية ، تحقيق الاُستاذ صائب عبدالحميد : 33 نشر مؤتمر الشيخ المفيد قدس سره .

(74) تفسير الميزان، 2، 108 .

(75) الأنبياء، 95 .

(76) الشيعة والرجعة، 2، 161 .

(77) تفسير الميزان، 14، 356 .

(78) النمل، 83.