القرآن الكريم بحث موضوعي في دعاء أهل البيت (عليهم السلام)
  • عنوان المقال: القرآن الكريم بحث موضوعي في دعاء أهل البيت (عليهم السلام)
  • الکاتب: السيد هاشم الموسوي
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 19:3:40 1-9-1403

القرآن الكريم بحث موضوعي في دعاء أهل البيت (عليهم السّلام)

السيد هاشم الموسوي

القرآن كتاب التشريع الخالد:
القرآن الكريم هو الأساس الذي سيؤسس الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) عليه دولته العالمية الكبرى، ليواصل بذلك مسيرة جدّه للدعوة إلى الله، ورد في دعاء الافتتاح للإمام الحجة : ( اللهمّ اجعله الداعي إلى كتابك والقائم بدينك )، والقرآن الكريم هو مصدر التشريع، والكتاب السماوي الأخير المنزل من عند الله تعالى، وهو الكتاب الأفضل على الإطلاق ،يقول الإمام السجاد عند ختمه للقرآن : ( اللهمَّ إنـَّكَ أعنتني على ختمِ كتابِك الذي أنزلتَهُ نوراً، وجعلتَهُ مهيمناً على كلِّ كتابٍ أنزلتهُ، وفضَّلتهُ على كلِّ حديثٍ قصصتهُ، وفرقاناً فَرَقـْتَ بهِ بينَ حلالِكَ وحرامِكَ، وقرآناً أعربتَ بهِ عن شرائعِ أحكامِكْ)

القرآن يهدينا وينجينا، ولكن (بشرطها وشروطها):
وقد ضمن لنا النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلّم) النجاة عندما نتمسك بالكتاب والعترة في حديث الثقلين، يقول الإمام السجاد عند ختمه للقرآن : ( وجعلتهُ نوراً نهتدي من ظُـُلم ِالضلالةِ والجهالةِ باتباعه، وشفاءً لمن أنصتَ بفهمِ التصديق إلى استماعِهِ، وميزانَ قسطٍ لا يحيفُ عن الحقِّ لسانـُه، ونورَ هدىً لا يطفأُ عن الشاهدينَ برهانـُه، وعَلَمَ نجاة لا يَضلُّ من أمَّ قصدَ سنـَّته، ولا تنال أيدي الهلكاتِ من تعلَّق بعروةِ عصمتِهْ)، ومن الواضح في الفقرة السابقة أنّ القرآن له آثار إيجابية، وهذه الآثار تعتمد على التلقي الإيجابي للقرآن الكريم، لا كما يتصور البعض من أنّ القرآن له آثار تلقائية أو ( أوتوماتيكية) فيعتقد بمجرد التلاوة المجردة سيحصل على كلّ الآثار الإيجابية للقرآن، فنلاحظ أنّ الإمام (عليه السلام) قد عبّر بقوله: ( بإتباعه، بفهم التصديق إلى استماعه، من أم قصد سنته، من تعلق بعروة عصمته)، في إشارة إلى أهمية الإتباع والتطبيق العملي لما يرد في القرآن الكريم بالإضافة إلى التصديق العقائدي.

القرآن الكريم بين الشكل والمضمون:
البعض يقول أنّ المهم في القرآن هو الجانب التطبيقي، ويهمل حفظ القرآن، والقراءة الصحيحة، والتلاوة والتجويد باعتبارها أمور شكلية وخارجية، والبعض الآخر كلُ همِهِ هو مخارجُ الحروفِ وصفات الحروف، أمّا ما تدعو إليه تلك الآيات القرآنية وتأمر به وتنهى عنه فلا علم له به، ومن الخطأ أن نهمل الشكل والظاهر المتمثل في القراءة الصحيحة والتلاوة أو نهمل المضمون والتفسير،يقول الإمام السجاد في نفس الدعاء : ( اللهمّ فإذ أفدتنا المعونة على تلاوته، وسهَّلتَ جواسي ألسنتنا بحسن عبارته، فاجعلنا ممن يرعاه حقّ رعايته، ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته، ويفزع إلى الإقرار بمتشابهِهِ وموضحاتِ بيناتِه).

القرآن وأثره في الدنيا:
للقرآن آثارٌ في الدنيا وفي الآخرة، فمن آثاره في الدنيا على المستويين المادّي والمعنوي ما يشير إليه الإمام السجاد في نفس الدعاء : (واجبر بالقرآن خلتنا من عدم الإملاق، وسقْ إلينا به رَغَدَ العيشِ وخِصْبَ سَعةِ الأرزاق، واعصمنا به من هُوة الكفر ودواعي النفاق...)  .

الآثار العظيمة للقرآن في غفران الذنوب، وعند سكرات الموت وأهواله، والنجاة من عذاب الآخرة، وعلو الدرجات يوم القيامة:
يقول في نفس الدعاء : ( واجعل القرآن وسيلة ً لنا إلى أشرفِ منازل الكرامة، وسلـَّماً نـُجزى به النجاةََ في عرصةِ القيامةِ، وذريعةً نقدِمُ بها على دارِ المُقامَة اللهمَّ صلِّ على مُحمدٍ وآل محمد ،واحطط بالقرآنِ عنا ثقل الأوزار، وهبْ لنا حُسنَ شمائلِ الأبرارْ، واقفُ بنا آثارَ الذينَ قاموا لكَ به آناءَ الليلِ وأطرافَ النهار)، ويقول في موضع آخر من نفس الدعاء : ( واروِ به في موقفِ العرضِ عليكَ ظمأَ هواجرِنا واكسُنا به حُللَ الأمانِ يومَ الفزعِ الأكبرِ في نشورِنا) ويقول في موضع آخر من نفس الدعاء : ( وهوِّن بالقرآن عند الموتِ على أنفسنا كرْبَ السياق، وجَهدَ الأنين، وترادف الحشارج، إذا بلغت النفوسُ التراقيَ وقيلَ من راقْ، وتجلى ملكُ الموتِ لقبضها من حجبِ الغيوب، ورماها عن قوسِ المنايا بأسهمِ وحشةٍ وفراقْ، وداف لها من دُعافِ الموتِ كأسا مسمومةَ المذاقْ، ودنا منا إلى الآخرةِ رحيلٌ وانطلاقْ ... )


القرآن أنس المؤمنين يحرس قلوبهم عن وساوس الشيطان، و يكف جوارحهم عن المعاصي:
وعندما يأتي الليل، وتسكن الحركة، ويخيم الظلام، ويعيش الإنسان الوحشة يكون القرآن هو أنس المؤمنين : ( واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنسا، ومن نزغات الشيطان وخطرات الوساوس حارسا، ولأقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابسا، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرسا، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجرا، ولما طوت الغفلة عنا من تصفح الاعتبار ناشرا).

التوفيق لتلاوة القرآن:
من أولويات المؤمنين في هذا الشهر الكريم هو الدعاء بالتوفيق لتلاوة القرآن الكريم، فقد ورد في دعاء اليوم العشرين من شهر رمضان عن النبي في كتاب مفاتيح الجنان : ( اللهمّ افتح لي فيه أبوابَ الجنان، وأغلق عني فيه أبواب النيران،ووفقني فيه لتلاوة القرآن، يا مـُنزلَ السكينة في قلوب المؤمنين ) ويحتاج الارتباط بالقرآن إلى إعانة من الله تعالى، يقول الإمام علي(عليه السللام) في دعاءه إذا ختم القرآن: ( اللهمّ اشرح بالقران صدري، واستعملْ بالقرآن بدني، ونوِّر بالقرآن بصري، وأطلق بالقرآن لساني، وأعنـِّي عليه ما أبقيتني ).