الظهور أسبابه شرائطه
  • عنوان المقال: الظهور أسبابه شرائطه
  • الکاتب: نادية خضير عباس الخزري
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 17:3:20 2-9-1403

الظهور أسبابه شرائطه

 نادية خضير عباس الخزري

 بسم الله الرحمن الرحيم

(ياايها العزيز مسنا واهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا ان الله يجزي المتصدقين) (1)

يا عزيز ال محمد (صلى الله عليه واله وسلم)

ياعزيز الزهراء عليها السلام ... يااخر النجوم الزواهر .. ايها المنقذ للبشر ، يامهدي فاطمة عليه السلام : لقد الم ونزل علينا ما أنت به اعلم وجئناك ببضاعتنا المزجاة فاوف لنا الكيل ، وقد مددنا ايادينا اليك نستعطف جودك وكرمك ونقول ( ياوجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله) وانت المدعو في المهمات وفيك الامل في كل لحظة لا تحرمنا من رافتك وعنايتك فتصدق علينا بالعناية بما انت اهله والله يحب المتصدقين .

ارفع بحثي هذا وهو مجهودي الضئيل ؤاجية حسن القبول ومنتهى الامل والسعادة وأسأل الله تعالى ان يجعلني ممن يتنعمون في الدنيا بخدمة صاحب الزمان والشهادة بين يديه وفي الاخرة شفاعته امين رب العالمين .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين وصحبه المخلصين ، ومن اتبعهم بامان الى يوم الدين من لطف الله بعباده ومقتضيات عدله ان لايترك البشرية دون نبي ورسول من لدنه يوجه هذه الامة ويرشدها الى وحدانية الله والوهيته ونبذ الشرك والانحراف عن جادة الحق بكل صورة ، ولهذا قال الله تعالى في كتابه الحكيم ( انا ارسلناك بالحق بشيراً ونذيراً وان من امة الا خلا فيها نذير ) فما انزل الله تعالى الى الارض ابو البشر سيدنا ادم وأمنا حواء الا وجعل احدهما رسول يدعو اليه لئلا يكون للناس على الله حجة واستمر الدعم الالهي بسلسلة طاهرة من انبياء ورسل واوصياء انبياء لتكون كلمة الله هي العليا وانطلاقاً من هذه الرحمة الالهية واللطف الرباني كان لابد ان يواصل اوصياء الرسول (ص واله) حمل اعباء الرسالة وايصالها لنا جيلاً بعد جيل كما نزلت على الرسول (ص واله) دون ان يشوبها فكر مضل ولا فساد في الدين الى ان وصل الامر لأمامنا المهدي (ع) الامام الثاني عشر في سلسلة الاوصياء المعصومين لنبي الرحمة والذي غيبه الله عن اعيننا وسيظهره اخر الزمان ليملأ الارض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً . وقد بشر حبيب الله صلى الله عليه واله وسلم بظهور الامام المهدي (ع) في مئات الاحاديث الشريفة وتشير الى عصر ظهوره الشريفة ارواحنا له الفداء ، فان هذا البحث سيتناول تحليل عن ظهور الامام المهدي (ع) وها انا امد يدي الى الله فأدنني من قربك عسى ان اكون بهذا الاقتراب جدير ، فقلبي ليس فيه سواك واحمد واله الاطهار ، الذين بهم استشفع اليك واستجير ، وارحمني بحقهم وجد علي بقربهم وارزقني نصرتهم والاخذ بثأرهم مع امام الهدى الذين بنور طلعته كل الخلائق تستنير فانهم باب حاجاتي ومنتهى غايتي وانا بحبهم ابقى اسير ، امين رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين .

 

الامام المهدي في سطور

ان عقيدة المهدي (ع) تعيش في وجدان المسلمين في شرق الارض وغربها ، ولعلك لا تجد مسلماً الا ولها في وجدانه تيقن ، بشكل من الاشكال اما سمع من احاديث النبي (ص واله) حيث ان الامام المهدي (ع) ليس تجسيداً لعقيدة اسلامية ذات طابع ديني فحسب بل هو عنوان لطموح اتجهت اليه البشرية بمختلف اديانها ومذاهبها ، وصياغة لالهام فطري ، ادرك الناس من خلاله على الرغم من تنوع عقائدهم ورسائلهم الى الغيب ، ان المسيرة المكدودة للأنسان على مر التاريخ استقرارها وطمأنينتها ، بعد عناء طويل ، بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي والمستقبل المنتظر على المؤمنين دينياً بالغيب ، بل امتد الى غيرهم ايضاً وانعكس حتى على اشد الايديولوجيات والاتجاهات العقائدية رفضاً للغيب والغيبيات ، كالمادية الجدلية التي فسرت التاريخ على اساس التناقضات ، وأمنت بيوم موعود ، تصفى فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه الوئام والسلام ، وهكذا نجد ان التجربة النفسية لهذا الشعور التي مارستها الانسانية على مر الزمن ، من اوسع التجارب النفسية واكثرها عموماً بين افراد الانسان. وحينما يدعم الدين هذا الشعور النفسي العام ، ويؤكد ان الارض في نهاية المطاف ستمتلأ قسطاً وعدلاً بعد ان ملئت ظلماً وجورا يعطي لذلك الشعور قيمته الموضوعية ويحوله الى ايمان حاسم بمستقبل المسيرة الانسانية ، وهذا الايمان ليس مصدر للسلوة والعزاء فحسب، بل مصدر عطاء وقوة ، فهو مصدر عطاء ، لأن الايمان بالمهدي ايمان برفض الظلم والجور حتى وهو يسود الدنيا كلها ، وهو مصدر قوة ودفع لا تنضب لأنه بصيص نور يقاوم اليأس في نفس الانسان ، ويحافظ على الامل المشتعل في صدره مهما ادلهمت الخطوب وتعملق الظلم ، لن اليوم الموعود يثبت ان بأمكان العدل ان يواجه عالماً مليئاً بالظلم والجور فيزعزع ما فيه من اركان الظلم ، ويقيم بنائه من جديد ، وان الظلم مهما تجبر وامتد في ارجاء العالم وسيطر على مقدراته فهو حالة غير طبيعية ، ولابد ان ينهزم وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمة مجده ، تضع الامل كبير امام كل فرد مظلوم ، وكل امة مظلومة في القدرة على تغيير الميزان واعادة البناء ، واذا كانت فكرة المهدي اقدم من الاسلام واوسع منه، فان معالمها التفصيلية التي حددها الاسلام جاءت اكثر شياعاً لكل الطموحات التي انشدت هذه الفكرة منذ فجر التاريخ الديني واغنى عطاء واقوى اثارة لأحاسيس المظلومين والمعذبين على مر التاريخ وذلك لأن الاسلام حول الفكر من غيب الى واقع ومن مستقبل الى حاضر ومن التطلع الى منقذ فلم يعد المهدي (ع) فكرة تنتظر ولادتها وبنوءة تتطلع الى مصداقها بل واقعاً قائماً تنتظره وانساناً يعيش بيننا بلحمه ودمه نراه ويرانا ويعيش مع امالنا والامنا ويشاركنا احزاننا وافراحنا ويشهد من عذاب المعذبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيه ان يمد يده الى كل مظلوم وكل محروم ، وكل بائس ويقطع دابر الظالمين . وقد قدر لهذا القائد المنتظر ان لا يعلن عن نفسه ولا يكشف للأخرين حياته على الرغم من انه يعيش معهم انتظاراً للحظة الموعودة .

 

معنى الظهور واسبابه

ان الحديث عن ظهور الامام في غاية الاهمية لأن الكلام يدور حول الظهور والخروج عن الاستتار والاختفاء الذي دام اكثر من الف سنة ولا شك ان الامام المهدي (ع) يسير وفق مخطط سماوي يضمن له النجاح الكامل ويمنع عنه الفشل بجميع انواعه.

والظهور في اللغة العربية معناه : بدو الشيء الخفي أي لابد للشيء ان يكون مسبوقاً بالخفاء ثم يبدو ، وظهور الامام (ع) معناه حضوره بعد خفائه أي هو الخروج عن الاستتار والاختفاء فكلمة الظهور ضد الغيّبة والخفاء ، والظاهر ضد الغائب ، اما القيام هو النهضة والثورة والشروع بالعمل .

 

اما اسباب ظهوره

ان اعداء هذا الدين من اهل الكتاب والمنافين والمشركين ومن والاهم (يريد ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون ) فهذه الاية العجيبة بينت ان حال هؤلاء كحال من يريد بنفخة فم اطفاء نور عظيم منبث في الافاق ، ويريد الله تعالى ان يزيده ويبلغه الغاية القصوى في الاشراف والاضاءة وفي هذا منتهى التصغير لهم والتحقير لشأنهم والتصفيف لكيدهم ، لأن نفخة الفم القادرة على اطفاء النور الضعيف كنور الفانوس لن تقدر على اطفاء نور الاسلام العظيم الساطع . ثم تابع القرءان الكريم ليبين لنا بعده هذا المثال ، الايات الشريفة المشيرة به (ع) على مهمته ربانية ضخمة ، متعددة الجوانب جليلة الاهداف فهي عملية تغيير شاملة للحياة الانسانية على وجه الارض واقامة مرحلة جديدة وطور جديد منها بكل معنى الكلمة . حيث اتفق المسلمون على ظهور الامام المهدي (ع) اخر الزمان لأزالة الظلم والجهل والجور وبعث الاسلام النبوي الاصيل واقامة حضارته الربانية العادلة وتعميم نوره على العالم ونشر اعلام العدل واعلاء كلمة الحق وارادة الله عز وجل للظهور التام لهذا الدين رغم انوفهم واظهار الدين كله ولو كره المشركون في قوله تعالى (هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) لقد تكررت هذه الاية في القرآن الكريم مما يدل على اهمية الموضوع ، حيث ان لهذه الاية الكريمة تنزيل وتاويل في التفسير والتنزيل للاية : ان الله تعالى ارسل رسوله محمداً (بالهدى ) من توحيد واخلاص العبادة (ودين الحق) وهو دين الاسلام( ليظهره ) الظهور هنا : العلو بالغلبة بكل وضوح قال تعالى ( كيف وان يظهروا عليكم لا يرقبوا الا ولا ذمة) أي يغلبوكم ويظفروا بكم، فمعنى (ليظهره على الدين كله ) أي يعلو ويغلب دين الحق على جميع الاديان فان كان هذا الكلام قد تحقق وكانت الارادة الالهية قد تنجزت فالمعنى ان الله تعالى قد دحض وزيف جميع الاديان الباطلة والملل والشرائع المنحرفة زيفها بالقرءان وبالاسلام أي بعبارة اوضح : ان الاسلام قد ابطل ونسخ جميع الاديان ورد على كل ملحد او زنديق وعلى كل من يعبد شيئاً غير الله اما تأويل هذه الاية فان هذا الهدف الالهي لم يتحقق بعد فالمسلمون عددهم اقل من ربع سكان الارض والبلاد الاسلامية تحكمها قوانين غير اسلامية والاديان الباطلة تنبض بالحياة والنشاط وتتمتع بالحرية بل تجد المسلمين في بعض البلاد اقلية مستضعفة لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضرا ان ائمة اهل البيت (ع) ذكروا في تأويل الايه انها تتعلق بعصر الامام المهدي (ع)وظهروه حيث نصت هذه الاية ان دين الحق سيتحقق لا محالة وهذه البشارة ليست لمطلق الصلحاء والمستضعفين بل هي لنبي الاسلام (ص واله) وللدين الاسلامي الحنيف ولذلك تعد هذه الاية الاخص من الايات ، وذهب البعض الى ان المراد في الاية من قوله ليظهره أي اظهار برهاني الا ان ذلك يخالف ظاهر الاية كما ورد نظير هذه الاية في سورة الفتح حيث قال تعالى ( هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً) حيث تدل هذه الاية على ان الله تعالى قد عهد الى نبيه (ص واله) باظهار الدين الاسلامي وسيادته على جميع الاديان في الارض وبما ان رسول الله (ص واله) ارتحل عن هذه الدنيا ولم تتوفر الظروف والشرائط لتتحقق هذه البشارة الالهية بشكل كامل حيث انه توفي والاسلام لم يكن سائداً على الارض كله بل كان في الحجاز واليمن وحدود الشام والكويت  و ... ،فان حفيده الثاني عشر الامام المهدي المنتظر (ع) سيقوم باعباء هذه المسؤولية ويحيي شريعة الاسلام في العالم كله وستحقق البشارة الالهية في عهده (ع) حيث يرث الارض كلها وترفرف راية الاسلام على المعمورة باجمعها فالامام المهدي (ع) هو بأذن الله ينجي العالم من ذل العبودية لغير الله ويلغي الاخلاق والعادات الذميمة ويبطل القوانين الكافرة التي سنتها الاهواء ويقطع اواصر العصبيات القومية والعنصرية ويمحو اسابا العداء والبغضاء التي صارت سبباً لأختلاف الامة وافتراق الكلمة . فيحقق الله سبحانه بظهوره وعده الذي وعد به المؤمنين بقوله عز وجل( وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بع ذلك فأولئك هم الفاسقون) حيث ان الذين يستخلفهم الله في الارض هم الذين امنوا وعملوا الصالحات من المسلمين وان هذا الوعد الالهي المؤكد بلام القسم ثلاث مرات وبنون التأكيد ثلاث مرات ايضاً لم يتحقق الى يومنا هذا ومتى كان المؤمنون الصالحون يتمكنون من الحكم على الناس وتطبيق الاسلام بكل حرية وبلا خوف من احد ، وان ائمة اهل البيت (ع) ذكروا في تأويل هذه الاية الكريمة ان الوعد الالهي يتحقق عند ظهور الامام المهدي (ع) وفي تفسير مجمع البيان للطبرسي وتفسير العياشي وغيرهماعن الامام علي بن الحسين (ع) : انه قرأ الاية وقال : هو والله شيعتنا اهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يد رجل منا وهو مهدي هذه الامة وهو الذي قال رسول الله (ص واله) : لو لم يبق من الدنيا الايوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من اهل عترتي اسمه اسمي يملأ الارض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجورا ، وروي نفس هذا الكلام عن الامامين : الباقر والصادق (ع).ثم قال الطبرسي : المراد من الذين امنوا وعملوا الصالحات : النبي واهل بيته (ص واله) وتضمنت الاية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي (ع) . واضاف قائلاً : وعلى هذا اجماع العترة الطاهرة واجماعهم حجة لقول النبي (ص واله) : (( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) واما في قوله تعالى (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) فالمعنى الظاهري هو ان الله تعالى يعيد لنبي اسرائيل عزهم وكرامتهم ويهلك فرعون ووزيره هامان وجنودهما ولكن تاويل الاية أي معناها الخفي غير المعنى الواضح الجلي هو ان المقصود من المستضعفين في هذه الاية هم ال محمد (ع) وليس المقصود كل مستضعف فليس المراد المستضعف الملحد وانما المراد هو المستضعف المؤمن ، فنبي الله موسى (ع) كان مستضعفاً وكذلك اخوه هارون (ع) وهكذا بنو اسرائيل  في قبال الفراعنة فقد استضعفهم الناس وظلموهم وقتلوهم وشردوهم وصنعوا بهم ماصنعوا وقد قال لهم رسول الله(ص واله) (انتم المستضعفون بعدي) فالتاريخ الاسلامي يشهد ويصرح بل ويصرخ بأعلى صوته بان ال محمد (ع) استضعفهم الناس من يوم فارق رسول الله (ص واله) هذه الحياة ولكن الله تعالى قد تعلقت ارادته ان يتفضل على هذه الذرية الطاهرة المظلومة عبر التاريخ وعلى اتباعهم وشيعتهم المضطهدين الذين كانوا لا يزالون يعيشون تحت الضغط والكبت والذل والهوان المحرومين من ابسط حقوق البشر الذين سلبتهم السلطات كل حرية وكل كرامة. ان يتفضل عليهم بحكومة تشمل الكرة الارضية ومن عليها وما عليها ، فأن كلمة (نريد) التي هي بصيغة فعل المضارع تدل على الثبوت والاستمرار حيث ان نزول الاية كان بعد الاف السنين من عصر موسى (ع) وفرعون وكان من الممكن ان يقول سبحانه : واردنا ان نمن او : مننا على الذين استضعفوا أي بلفظ الماضي ولكن ذكرها بلفظ المستقبل اما في قوله تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون ) حيث تخبر هذه الاية بان من القضاء المحتوم تكريم خط الايمان والصلاح بجزاء دنيوي فضلاً عن الجزاء الاخروي يتمثل في وراثة الارض وحكمها حيث العاقبة للمتقين في الدنيا والاخرة وقد روى الطبرسي وغيره في تفسير الاية عن الامام ابي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) انه قال ( هم اصحاب المهدي (ع) في اخر الزمان وقد روي الشيخ الطوسي (عليه الرحمة) في التبيان في تفسير الاية عن الامام الباقر (ع) ان ذلك وعد الله للمومنين بأنهم يرثون جميع الارض وتشهد الامة بعد ظهوره عصراً ذهبياً حيث لا يبقى فيه على الارض بيت الا ودخلته كلمة الاسلام ولا تبقى قرية الا وينادي فيها شهادة الا اله الا الله بكرة وعشيا .

 

شرائط الظهور

ان قانون العرض والطلب يقتضي ان يكون الطلب متناسباً مع العرض لانه غير هذه الصورة يختل نظام الحياة والتعادل ويسود نظام المجتمع الفوضى والاضطراب والفساد . وكما نعلم فان جميع الانبياء الذين ارسلهم الله سبحانه وتعالى الى البشر عبر التاريخ لهداية الناس واجهوا اثناء اداء عملهم المقدس ردود فعل شديدة ومضادة من قبل النالس المجحدين من غير ان يهتموا بالهدف السامي والرسالة الانسانية للأنبياء فقام الجاهلون بالتعرض والاذى للأنبياء والقادة السماويين الكبار لدرجة ان اعظمهم وهو النبي الاكرم (ص واله) يقول (لم يؤذ نبي من قومه كما اوذيت) وسبحانه وتعالى يقول (ياحسرة على العباد ما ياتيهم من رسول الا كانوا به يستهزؤن) ان استمرار هذا الاصطدام ادى الى نتائج عنيفة كسجن ونفي واذى الانبياء (ع) وكثرهم فقد حياته العزيزة في هذا السبيل ورغم ذلك فان الله العطوف الرحيم ولأتمام حجته لم يبخل بنعمة وجودهم على عباده بل استمر العطاء واوجد احد عشر رجلاً فذاً لا نظير لهم (بدءً من امير المؤمنين (ع) حتى الامام الحسن العسكري (ع) افضل خلف لرسول الله (ص واله) وكانوا يملكون ابرز الصفات الانسانية والفضائل الاسلامية وكانوا افضل افراد الامة الاسلامية في عصرهم وكانوا يهدفون من قيادة المجتمع الانساني الفضيلة والعدل الالهي ومع ذلك وبشاهدة التاريخ فانهم طيلة قرنين ونصف بعد رحيل خاتم الانبياء (ص واله) كانوا بعيدين او ابعدوا عن الساحة السياسية الاسلامية لدرجة انهم ما ان شرعوا يقومون في ارشاد الناس الغافلين حتى كانوا يواجهون بالاضطهاد والسجن والقتل ... ومن هنا نستنتج ان هذا العرض السماوي (المتمثل ببعث الانبياء والائمة (ع) لم يكن متناسباً مع هذا الطلب الانساني (المتمثل بايجاد نبي البشر لرسالة السماء ) ان سوء تصرف البشر على مر التاريخ وردود فعلهم السيئة التي تجاوزت الحدود كان لا بد ان يرى الانسان نتائج افعاله الدالة على التمرد والعصيان ولهذا السبب شاءت الحكمة الالهية ان يغيب اخر شخص من القادة العظام (الامام المهدي (ع)) عن الانظار لمدة طويلة ليظهر لدى الناس حسن الطلب لمثل هذا الامام العالي القدر وفي ذلك الزمن التي تكون فيه الارض ممهدة فان الله تبارك وتعالى سيظهره ويجعله بين طالبيه .. فعندما يتهيأ الوقت المناسب في كل الامور وتصبح الاوضاع مساعدة لذلك ، ويدب اليأس في قلوب معظم الناس ويطلبوا من اعماق قلوبهم من الله العزيز الحكيم قائداً ومنقذاً فانه سبحانه وتعالى سيظهر منجي العالم لأصلاح الاوضاع المنحرفة والفاسدة اصلاحاً جذرياً ولتبدأ عملية انقاذ الناس من الظلم والجور ونشر العدل والقسط . ولكن لابد لهذا اليوم الموعود وهذا الفجر  المقدس المنتظر من علامات وشروط ، علامات تدل عليه وشروط تحقق نجاحه فان انتصار ثورة او تحقيق هدف منشود انما يتوقف على توفر الظروف المناسبة فمتى تهيأت الاجواء ومقومات النجاح تحقق الهدف فحركة ونهضة مثل ثورة الامام المهدي (ع) التي يختزل مجهود كل الانبياء والرسل والائمة الاطهار (ع) وتهدف الى تحقيق العدل الالهي وهداية البشرية جميعاً نحو شريعة الله الخالدة اذن فنهضة الامام المهدي (ع) المبتدئة بيوم ظهوره المقدس هي حركة عميقة وشاملة ومتجذرة ودائمة وانسانية تتجاوز فوارق اللغة واللون والقومية وتحقيق تحرير الانسان ورد اعتباره وكرامته المهدورة عبر العصور وتحاول اجتثاث الفساد والانحراف والظلم بكل اشكاله والوانه وصوره . و لا يمكن لحركة شاملة وعميقة كهذه ان تحدث من لا شيء بل ينبغي ان تسبقها الارهاصات تهيء الارضية المناسبة لنجاحها ولا بد من توفر مقومات وشروط النجاح ولعل اهم هذه الشروط هي :

اولاً. الايديولوجية الفكرية الكاملة والقابلة للتنفيذ في كل الامكنة والازمنة والتي تضمن الرفاه للبشرية جمعاء لابد ان تكون هذه الايديولوجية هي القانون السائد في المجتمع وان تكفل حل مشاكل البشرية وتستأصل جميع مظالمها .. وكما فرق ان الدين الاسلامي هو اخر الشرائع السماوية وان العقل البشري قاصر عن ايجاد العدل الكامل في العالم وان الله سبحانه وتعالى وعد في القرآن الكريم بتطبيق العدل الكامل والعبادة المخلصة على وجه الارض بل كان هذا هو الفرض الاساسي للخلق ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) اذن ينحصر وجود هذه الايديولوجية في الاسلام لعدم امكان حصولها من العقل البشري وعدم امكان نزول شريعة اخرى بعد الاسلام (ومن يبتغ عند الاسلام ديناً فلن يقبل منه ) اذن في زمن الظهور سوف يتم تربية العلم ثقافياً من جهة الاسلام الواقعي (الايديولوجية الفكرية) الذي يقوم عليه نظام الامام المهدي (ع) في دولته العالمية ... فالشعوب غير المسلمة سوف تدعي الى الاسلام وسوف تقنعه باقتناع وسهولة وبالتالي تتم ازالة الاختلافات في العقائد الفكرية ويتبع الجميع الحق والحقيقة .. وكل من اسلم من جديد او هو كان مسلماً سلفاً ، سوف يربى على الثقافة الاسلامية العامة الضرورية ومن ثم يبدأ التصاعد والتكامل الثقافي كل حسب قابليته وجهوده .

ثانياً. وجود القائد المحنك ، وفرها الله تعالى في المهدي (ع) كقائد امثل للبشرية ليتكفل بعلمه وتعاليمه تطبيق الاسلام الصحيح في اليوم الموعود ... وبقاؤه الطويل مع اجيال عديدة من البشر ضروري لتولية مهام القيادة في يوم الفجر المقدس اذن قابلية المهدي (ع) لقيادة العالم تكتمل في .

1. العصمة : بالاضافة الى الالهام والوحي .. ونقصد يالالهام والوحي كما حصل لـ: مريم بنت عمران عليها السلام ، وام النبي موسى (ع) ( واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه) .

2. الرصيد الضخم من التجارب التي يكتبها من خلال طول الزمن في عصر الغيبة ما يوجب له الاطلاع المباشر على قوانين تطور التاريخ وتسلسل حوادثه وما يؤثر على المجتمعات البشرية .

3. الاعمال والتضحيات التي يقوم بها في عصر الغيبة في سبيل الاسلام والمسلمين ومالها من بالغ الاثر في تصاعد كماله وترسخه . من هذا الفهم نستطيع ان نبرهن بأنفصال المهدي (ع) عن العصمة والالهام وعدم تكامله الطويل خلال الزمان أذن ما يحجب عنه قابلية القيادة العالمية ولذا يلزمنا افتراض ان المهدي يولد في اخر الزمان (كما تعتقد العامة) اذن بهذا التصور ، المهدي (ع) ليس اكثر من فرد من المؤمنين المخلصين واذا كان القائد كذلك فكيف بالجنود والانصار ومع هذا التصور يستحيل القيام بالمهمة الكبرى لليوم الموعود وتنفيذ الوعد الالهي فيه ومن هنا لا بد من التاكيد على اطروحة الشيعة الامامية لفهم الامام المهدي (ع)القائمة بهذا الشكل ، استطعنا ان نستوعب بكل سهولة ووضوح (فضلاً عن الادلة والنصوص ) تصور الشيعة الامامية في الامام المهدي (ع) الذي يتميز بخصائص مهمة :-

أ. الايمان بعصمة الامام المهدي (ع) باعتباره الامام الثاني عشر من الائمة المعصومين (ع).

ب. الايمان بكونه القائد الشرعي الوحيد للعالم عامة ولقواعده الشعبية خاصة طيلة زمان وجوده سواء كان غائباً او حاضراً.

ج.معاصرته لأجيال عديدة من الامة الاسلامية خاصة والبشرية عامة .

د. كونه على مستوى الاطلاع على الاحداث يوماً فيوماً وعاماً فعاماً عارفاً بأسبابها ونتائجها وخصائصها .

هـ.كونه على ارتباط مباشر بالناس خلال غيبته يراهم ويرونه متفاعل معهم ويتفاعلون معه الا انهم لا يعرفونه بحقيقته . لا بد ان نشير الى ان القائد العظيم الذي هو نداء الملايين ومهوى أفئدة الاجيال ومحط انظار الامم ومحقق امال الشعوب .

ولد يوم 15 شعبان عام 255هـ هو محمد بن الحسن ين علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ، ولي امر الامامة بعد وفاة ابيه الامام الحسن العسكري (ع) عام (260) هـ وهو ابن خمس سنين لا يزال حياً ويعيش الى الان على وجه الارض يأكل ويشرب ويعبد الله وينتظر الامر له بالخروج والظهور غائب عن الابصار وقد يراه الناس ولا يعرفونه .

- له اشراف على العالم واحاطته بأخبار العباد والبلاد وكل ما يجري في العالم بأذن الله .

- سيظهر في يوم معلوم عند الله مجهول عندنا وتحدث علامات حتمية قبل الظهور .

ثالثاً. وجود العدد الكافي من الناصرين الموازرين المنفذين بين يدي القائد العظيم لتطبيق العدل على كافة ارض المعمورة (العالم) يحتاج القائد الى عدد كافي من الرجال الناصرين والمؤيدين لكي ينشر الاسلام بالجهاد انتشاراً طبيعياً لذا يلزم لتحقيق ثورة الامام المهدي (ع) اعداد جيش وقوة ضاربة (قدرة تنفيذية) تدعم الامام (ع) وتطيع اوامره وهذا ضروري وحاجة ماسة .

الروايات والاحاديث عن النبي (ص واله) وعترته الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين

 1. قال في مسند احمد بن حنبل عن ابي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله (ص واله) (ابشركم بالمهدي يبعث في امتي على اختلاف من الناس ولا زال فيملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض يقسم المال صحاحاً)

فقال رجل : وما صحاحاً قال (بالسوية بين الناس ) ثم قال (ويملأ الله قلوب امة محمد عني ويسهم عدله حتى يأمر منادياً فينادي فيقول : من له في مال حاجة ، فما يقوم من الناس الا رجل فيقول : انا فيقول : انت السدان -  يعني الخازن- فقل له : ان المهدي يأمرك ان تعطيني مالاً فيقول له : احث ، حتى اذا جعله في حجره وابرزه ندم فيقول : كنت اجشع امة محمد نفساً ، او عجز عني ما وسعهم ؟ قال: فيرده فلا يقبل منه فيقال له انا لا نأخذ شيئاً اعطيناه ) .

2. قال امير المؤمنين (ع) : (اذا اراد الله ان يظهر ال محمد ، بدأ الحرب من صفر الى صفر ، وذلك اوان خروج المهدي (ع) قال ابنه عباس : يا امير المؤمنين ما اقرب الحوادث الدالة على ظهوره ؟

فدمعت عيناه وقال ( اذا فتق فتق في الفرات ، فبلغ ازقة الكوفة فليتهيأ شيعتنا للقاء القائم ) .

3. عن علي بن الحسين (ع) قال : ( اذا قام قائمنا اذهب الله عز وجل عن شيعتنا العاهة ، وجعل قلوبهم كزبر الحديد وجعل قوة الرجل منهم قوة اربعين رجلاً ويكونون من حكام الارض وسنامها .

4. قال الامام الباقر (ع) : ( اذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم واكمل به اخلاصهم ) .

 

الظهور المقدس

جاء الحق وزهق الباطل واشرقت الارض بنور ربها

يكون الظهور في سنة وتر أي : واحد ، ثلاثة،خمسة،سبعة، تسعة من السنين الهجرية .

ويبدأ ليلة التاسع من محرم بعد صلاة المغرب والعشاء في الحرم المكي (في الكعبة ) وليلة الجمعة ويكون اصحابه ومعاونوه في الارض الـ 313 من حوله فيوجه بيانه الى اهل مكة ثم يسيطر اصحابه وبقية انصاره على الحرم في تلك الليلة وعلى مكة وفي اليوم الثاني أي العاشر من محرم يوجه بيانه الى شعوب العالم كافة وبجميع اللغات وتبدأ عملية الظهور المقدس ختى تنتهي بملىء الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا.

 

الخاتمــــــة

فلنشد من عزمنا ونتوكل على الله في تهيئة ارضية للأمام المهدي (عج) امام الهدى الذي سيملأ الارض قسطاً وعدلاً وان نبرهن له بأننا على العهد باقين ولفرجه منتظرين .

اللهم اصلحنا لأمام زماننا واجعلنا ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بنا غيرنا.

امـين رب العالــمين

 

المصادر:

1. بحث حول المهدي للسيد الشهيد اية الله العظمى محمد باقر الصدر.

2.حقائق عن الامام المهدي صاحب الزمان (ع).

3. اعلام الهداية /الامام المهدي المنتظر (خاتم الاوصياء)

4. الفجر المقدس مجتبى السادة.

5. ارهاصات اليوم الموعود واحداث سنة الظهور.

6. العلامات الكبرى لظهور الامام المهدي (عج) فارس فقيه (لبنان)

7. عن كتاب الامام المهدي من المهد الى الظهور للسيد محمد كاظم القزويني.

الهوامش:

(1) يوسف 88.