القاب المهدي (عليه‌السلام)
  • عنوان المقال: القاب المهدي (عليه‌السلام)
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 20:35:38 2-9-1403

الأول: بقية الله؛ فقد روي انّه (عليه‌السلام) اذا خرج أسند ظهره الي الكعبة و اجتمع اليه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلاً، و أوّل ما ينطق به هذه الآية:
«بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين»[1]
ثم يقول: أنا بقية الله في أرضه و خليفته و حجته عليكم، فلا يسلم عليه مسلم الا قال: السلام عليك يا بقية الله في أرضه.[2]

الثاني: الحجة؛ و هذا اللقب من القابه الشائعة، الوارد كثيراً في الأدعية و الأخبار و ذكره اكثر المحدثين، و هذا اللقب مع انّه مشترك بين سائر الأئمة (عليهم السلام) ـ فانّهم حجج الله علي خلقه ـ لكنه اختص به (عليه‌السلام) بحيث لو ذكر بد ون قرينة لكان المقصود هو لا غيره، و قيل انّ لقبه (عليه‌السلام) (حجة الله) بمعني غلبة الله او سلطته علي خلقه لان كليهما يتحققان عند ظهوره (عجل الله فرجه).

و نقش خاتمه (عليه‌السلام): (انا حجة الله).

الثالث: الخلف و الخلف الصالح؛ ذكر هذا اللقب علي السنتهم (عليهم السلام) كثيراً، والمراد من الخلف، الذي يقوم مقام غيره، فهو (عليه‌السلام) خلف جميع الانبياء و الأوصياء، و وارث جميع صفاتهم و علومهم و خصائصهم و سائر مواريث الله التي كانت لديهم.
و ذكر في حديث اللوح المعروف الذي رآه جابر عند فاطمة الزهراء (عليهاالسلام) بعد ذكر الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام) انه: «... ثم اكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسي، و بهاء عيسي، و صبر أيوب،...»[3].
و جاء في رواية المفضل المشهورة ان الامام (عليه‌السلام) حينما يظهر يدخل الكعبة ثم يسند ظهره اليها و يقول: «يا معشر الخلائق ألا و من أراد أن ينظر الي آدم و شيت فها أنا ذا آدم و شيث...»[4].
ثم يذكر (عليه‌السلام) علي هذا النسق سائر الانبياء من نوح و سام و ابراهيم و اسماعيل و موسي و يوشع و شمعون و رسول الله (صلي الله عليه و آله) و سائر الائمة (عليهم السلام).
الرابع: الشريد؛ ذكر الائمة (عليهم السلام) هذا اللقب كثيراً لا سيما أمير المؤمنين و الامام الباقر (عليهما السلام)، و الشريد بمعني الطريد من قبل هؤلاء الناس الذين ما رعوه حق رعايته، و ما عرفوا قدره و حقه (عليه‌السلام) و لم يشكروا هذه النعمة بل سعي الاوائل بعد اليأس من الظفر به و القضاء عليه الي قتل و قمع الذريّة الطاهرة لآل الرسول (صلي الله عليه و آله) و سعي اخلافهم الي انكاره و نفي وجوده باللسان و القلم و أقاموا الأدلة و البراهين علي نفي ولادته و محو ذكره.
و قد قال هو (عليه‌السلام) لابراهيم بن علي بن مهزيار: « ان أبي صلوات الله عليه عهد اليّ أن لا أوطن من الأرض الا أخفاها و أقصاها و إسراراً لأمري و تحصيناً لمحلي من مكائد أهل الضلال والمردة ـ الي أن قال: ـ فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض و تتبع أقاصيها فانّ لكل وليّ من أولياء الله عزوجل عدواً مقارناً و ضداً منازعاً...».[5]
الخامس: الغريم؛ و هو من القابه ا لخاصة، و هو يطلق عليه (عليه‌السلام) في الأخبار كثيراً، و الغريم بمعني الدائن و المقرض، و يستعمل بمعني المدين و المقروض ايضاً و المراد هنا المراد الأول علي الأظهر، و يستعمل هذا اللقب تقيّة كما يستعمل لقب الغلام له (عليه‌السلام)، فكان الشيعة يطلقون هذا اللقب عليه اذا أرادوا ارسال الاموال اليه أوالي أحد وكلائه، و كذا حينما يوصون بشيء له أو يريدون أخذ المال له من الغير لانّه (عليه‌السلام) كان له أموال في ذمّة الزراع و التجار و أرباب الحرف و الصناعات، و قد مضت حكاية محمد بن صالح في ذكر أصحاب الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام).
و قال العلامة المجلسي (رحمه الله): يحتمل أن يكون المراد من الغريم هو المعني الثاني أي المدين، و ذلك لتشابه حاله (عليه‌السلام) مع حال المديون الذي يفر من الناس مخافة أن يطالبوه، أو بمعني ان الناس يطلبونه (عليه‌السلام) لأجل أخذ الشرايع و الأحكام و هو يفر عنهم تقية، فهو الغريم المستتر صلوات الله عليه.
السادس: القائم؛ أي القائم في أمر الله لأنه منتظرٌ أمره تعالي و يرتقب الظهور ليلاً و نهاراً.
و قد روي انه (عليه‌السلام) سمي بالقائم لقيامه بالحق[6]، و في رواية الصقر بن دلف انه قال لأبي جعفر محمد بن عليّ الرضا (عليه‌السلام):... يا ابن رسول الله (صلي الله عليه و آله) و لِم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره و ارتداد اكثر القائلين بامامته[7].
و روي عن أبي حمزة الثمالي انه قال: سألت الباقر صلوات الله عليه يا ابن رسول الله ألستم كلكم قائمين بالحق؟ قال: بلي، قلت: فلِم سمي القائم قائماً؟
قال: لما قتل جدي الحسين صلوات الله عليه ضجّت الملائكة الي الله عزوجل بالبكاء و النحيب، و قالوا: إلهنا و سيدنا أتفعل عمّن قتل صفوتك و ابن صفوتك و خيرتك و ابن خيرتك من خلقك، فأوحي الله عزوجل اليهم، قرّوا ملائكتي فو عزّتي و جلالي لأنتقمنّ منهم ولو بعد حين، ثم كشف الله عزوجل عن الأئمة من ولدالحسين (عليهم السلام) للملائكة فسرت الملائكة بذلك فاذا أحدهم قائم يصلي، فقال الله عزوجل: بذلك القائم أنتقم منهم[8].
السابع: مُ حَ مَّ د؛ صلي الله عليه و علي آبائه و أهل بيته، و هو اسمه الذي سمي به، كما ورد في الأخبار الكثيرة المتواترة من طرق الخاصة و العامة عن رسول الله (صلي الله عليه و آله) انه قال: المهدي من ولدي اسمه اسمي[9].
و جاء اسمه (عليه‌السلام) في حديث اللوح المستفيض بهذا الشكل: أبو القاسم محمد بن الحسن هو حجة الله القائم؛ ولكن لا يخفي ان مقتضي الاخبار الكثيرة المعتبرة حرمة ذكر هذا الاسم الشريف في المحافل و المجالس إلي أن يظهر (عليه‌السلام) و هذا الحكم من خصائصه (عليه‌السلام) و من المسلمات عند الامامية و الفقهاء و المتكلمين و المحدثين، بل يظهر من كلام الشيخ الأقدم الحسن بن موسي النوبختي ان هذا الحكم من خصائص مذهب الامامية، و لم‌ينقل عنهم خلاف ذلك إلي زمن الخواجه نصير الدين الطوسي الذي قال بالجواز، ثم لم‌‌ينقل خلافه بعد ذلك الا من صاحب كشف الغمة.
و صارت هذه المسألة في زمن الشيخ البهائي مطرحاً للبحث و النقاش بين الفضلاء و العلماء، فكتبوا كتباً و رسائل حولها منها (شرعة التسمية) للمحقق الداماد و رسالة (تحريم التسمية) للشيخ سليمان الماخوري و (كشف التعمية) لشيخنا الحر العاملي رضوان الله عليهم و غير ذلك، و تفصيل الكلام المذكور في كتاب (النجم الثاقب).
الثامن: المهدي صلوات الله عليه؛ من أشهر أسمائه و ألقابه عند جميع الفرق الاسلامية.
التاسع: المنتظر؛ أي الذي ينتظر، حيث انّ جميع الخلائق تنتظر قدوم طلعته البهيّة.
العاشر: المآء المعين؛ روي في كمال الدين و غيبة الشيخ عن الامام الباقر (عليه‌السلام) انه قال في قول الله عزوجل:
«قل أرايتم إن اصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماءٍ مَّعينٍ».
فقال: هذه نزلت في القائم، يقول: إن أصبح امامكم غائباً عنكم لاتدرون أين هو فمن يأتيكم بامام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء و الأرض و حلال الله جلّ و عزّ و حرامه، ثم قال: والله ما جاء تأويل الآية و لابد أن يجيء تأويلها[10].
و هناك عدة أخبار بهذا المضمون فيها، و كذا في الغيبة للنعماني و تأويل الآيات، و وجه تشبيهه (عليه‌السلام) بالماء باعتباره سبباً لحياة كل ظاهر، بل ان تلك الحياة قدوجدت و توجد بسبب وجوده المعظم بمراتب اعلي و أتم و أدوم من الحياة التي يوجدها الماء، بل ان حياة نفس الماء من وجوده (عليه‌السلام).
و قدروي في كمال الدين عن الباقر(عليه‌السلام) انّه قال في قول الله عزوجل: «إعلموا أنّ الله يحي الأرض بعد موتها...»[11]، قال: يحييها الله عزوجل بالقائم بعد موتها يعني بموتها كفر أهلها و الكافر ميت[12].
و علي رواية الشيخ الطوسي انه يصلح الأرض بقائم آل محمد من بعد موتها، يعني من بعد جور أهل مملكتها[13].
و لايخفي أن الناس ينتفعون من هذه العين الربانيّة الفيّاضية في أيام ظهوره كالعطشان الذي يري نهراً عذباً فلا هم له سوي الاغتراف منه، فلذا سمي (عليه‌السلام) بالماء المعين، و اما في الغيبة حيث انقطع عن الناس اللطف الالهي الخاص لسوء أفعالهم و أعمالهم فلابد من التعب و المشقة و الدعاء و التضرع لتحصيل الفيض منه (عليه‌السلام) كالعطشان الذي يريد اخراج الماء من بئر عميق بواسطة الوسائل القديمة و المتعبة فلذا قيل له (عليه‌السلام) البئر المعطلة، و لايسع المقام اكثر من هذا الشرح.

«شمائله (عليه‌السلام) المباركة»

روي انّه (عليه‌السلام) كان أشبه الناس برسول الله (صلي الله عليه و آله) خَلقاً و خُلقاً[14] و كانت شمائله شمائل رسول الله (صلي الله عليه و آله)[15]، و ملخص الروايات التي تبيّن شمائله (عليه‌السلام) هي مايلي:
كان (عليه‌السلام) أبيض، مشرباً حمرة، أجلي الجبين، أقني الأنف، غائر العينين، مشرف الحاجبين، له نور ساطع يغلب سواد لحيته و رأسه، بخدّه الأيمن خال، و علي رأسه فرق بين و فرتين كأنه الف بين واوين، أفلج الثنايا، برأسه حزاز[16]، عريض ما بين المنكبين، أسود العينين، ساقه كساق جدّه أمير المؤمنين (عليه‌السلام) و بطنه كبطنه.
و ورد ان المهدي طاووس أهل الجنة وجهه كالقمر الدّري عليه جلابيب النور، عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس، ليس بالطويل الشامخ و لا بالصقير اللازق بل مربوع القامة، مدوّر الهامة، علي خدّه الأيمن خال كأنّه فتاة مسك علي رضراضة[17] عنبر، له سمت ما رأت العيون أقصد منه[18] صلي الله علي آبائه الطاهرين.

------------
[1] - هود، الآية 86.
[2] - كمال الدين، ج 1، ص 331، ضمن حديث، 16، باب 32.
[3] - كمال الدين، ج 1، ص 310، ح 1، باب 28.
[4] - البحار، ج 53، ص 9.
[5] - البحار، ج 52، ص 34، ضمن حديث 28.
[6] - الارشاد، ص 364 ـ عنه البحار، ج 51، ص 30، ح 7.
[7] - البحار، ج 51، ص 30، ح 4.
[8] - البحار، ج 51، ص 28، ح 1.
[9] - البحار، ج 51، ص 72، ضمن حديث 13.
[10] - كمال الدين، ج 1، ص 325، ح 3 ـ والغيبة للطوسي، ص 101 ـ عنهما البحار، ج 51، ص 52، ح 27.
[11] - الحديد، الآية 17.
[12] - البحار، ج 51، ص 54، ح 37، عن كمال الدين.
[13] - الغيبة، ص 110.
[14] - راجع الكمال الدين، ج 1، ص 287، ح 4 ـ اعلام الوري، ص 399.
[15] - راجع البحار، ج 51، ص 73، ضمن حديث 19 و 13.
[16] - الحزاز: هبرية (ما تعلق بأسفل الشعر مثل النخالة).
[17] - الرضراضة: حجارة ترضرض علي وجه الأرض أي تتحرك و لاتلبث.
[18] - اكثر اعتدالاً و تناسباَ في الهيئة.