نصوص في التوراة والإنجيل تبشر بظهور قائم آل محمد (عج)
  • عنوان المقال: نصوص في التوراة والإنجيل تبشر بظهور قائم آل محمد (عج)
  • الکاتب: من منتدى الخالدون ـ بتصرف
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 19:2:9 2-9-1403

نصوص في التوراة والإنجيل

تبشّر بظهور قائم آل محمّد (عجّل الله تعالى فرجه)(*)

 

تعتبر كلُّ الشرائع والرسالات السماوية عبارة عن حلقات متكاملة تصل بعضها بعضاً لتشكّل سلسلة الإيمان بالله الواحد الأحد . فما من شريعة إلاّ ومهّدت للتي تليها ، وما من نبي أو ولي إلاّ وبشّر بمن يليه ؛ باعتبار أنّ (خلافة الله) في الأرض لا تنقطع ؛ لئلاّ يزيغ الناس عن الحق ؛ ولذا فلا بدّ في كلِّ زمان من حجة على الخلق يكون ترجماناً لوحي الله تعالى وتعاليمه .

ونظراً لما للإسلام من خصوصية بكونه خاتمة الشرائع والأديان , والرسالة العالمية الأكمل ، فإنّ كلَّ الأنبياء السابقين وأوصيائهم (عليهم السّلام) كانوا قد قاموا بعملية تهيئة مستمرة للبشرية ؛ لتقبّل واستيعاب الرسالة الخاتمة التي ستنسخ كل ما سبقها ؛ ومن هنا كانت حصة الإسلام ورسوله الأعظم وأهل بيته (عليهم الصلاة والسّلام) من الإشارات والبشائر حصة الأسد ، منذ عهد آدم (عليه السّلام) وحتّى آخر أوصياء عيسى (عليه السّلام) .

ولا يخفى أنّ كلَّ هؤلاء الأنبياء والأولياء (عليهم السّلام) إنما كانت دعواتهم قائمة على ركائز ثلاث ؛ هي شهادة أن لا إله إلاّ الله , وأنّ محمّداً رسول الله , وأنّ علياً ولي الله كما صرّح به الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السّلام) في أكثر من موضع .

ويشهد له القرآن الكريم أيضاً كما في قصة آدم (عليه السّلام) ؛ إذ يقول الله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ) ؛ إذ إنّ الأئمة (عليهم السّلام) فسّروا المراد بهذه الأسماء بأنها كانت أسماء النبي وأهل بيته (عليهم السّلام) التي لا بدّ لكلِّ نبي من معرفتها , والاعتقاد بولاية أصحابها حتّى تتكامل له صفات النبوة .

والمدقّق في النص القرآني يلاحظ أنّ هذه الأسماء لها دلالة تعقّلية , بمعنى أنها لأشخاص ؛ ولذا قال : (عَرَضَهُم) ولم يقل : (عرضها) , فلو كانت الأسماء ذات معنى مجرّد لاستخدم الضمير الأخير لا الأول كما تقتضي اللغة .

ويؤيّد ذلك أنه جيء (بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء) , وهو ما يعني أنها كانت تخص أشخاصاً محدقين بالعرش ، وليس أحد محدقاً بالعرش سوى آل محمّد (عليهم الصلاة والسّلام) ؛ لذا فلا شكّ بأن كلَّ نبيٍّ ووصي وصاحب رسالة سماوية كان قد بشّر بظهور نبي الإسلام والأئمة من بعده (عليهم السّلام) .

وقد سبق لـ (مجلة المنبر) أن نشرت في عددها الأوّل قصة راهب مسيحي تمكّن من انتزاع اعتراف من بابا الفاتيكان بأنّ الإسلام هو الدين الحق الناسخ للمسيحيّة ، وأنّ كلمة (فارقليطا) الواردة في الإنجيل تعني (أحمد ومحمّد) ؛ وهو الأمر الذي دفع ذلك الراهب إلى ترك دينه واعتناق الإسلام .

ويبدو مناسباً ـ قبل الولوج في تفصيل البحث ـ الإشارة إلى أنّ أسقف نجران الذي كان معاصراً لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا رآه [هو] وعلياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) كان قد عرفهم بسيماهم وصفاتهم ؛ نظراً لما كان قد اطّلع عليه من بشارات وردت بحقهم في التوراة والإنجيل وبقية أسفار أهل الكتاب المقدّسة عندهم .

إلاّ أنّ التحريف الذي وقع في الكتب المقدّسة غيّر كثيراً من معالم النصوص التي تتحدث عن أهل البيت (عليهم الصلاة والسّلام) , والتي كان الأنبياء السابقون يتلونها على اُممهم . ومع هذا يمكن للباحث المدقق أن يعيد قراءة تلك النصوص ؛ ليكتشف كثيراً من المؤشرات واضحة الدلالة إليهم (عليهم السّلام) .

من تلك النصوص ما جاء في المزمور 72 من مزامير النبي داود (عليه السّلام) التي وردت في الكتاب المقدّس ، والتي تشير إلى منقذ سيصلح هذا العالم , ويقيم دولة العدل والقسط , ويخلّص البشرية من نير الظلم والجور . وهذا المنقذ ـ كما في المزمور ـ هو ابن صاحب شريعة عالمية ستسود على هذه الأرض في آخر الزمان .

فلنتأمل في ما جاء في الكتاب المقدّس : ( اللهمَّ أعطِ شريعتك للملك , وعدلك لابن الملك ؛ ليحكم بين شعبك بالعدل , ولعبادك المساكين بالحق . فلتحمل الجبال والآكام السّلام للشعب في ظل العدل ؛ ليحكم لمساكين العشب بالحق , ويخلّص البائسين , ويسحق الظالم .

يخشونك ما دامت الشمس , وما أنار القمر على مر الأجيال والعصور . سيكون كالمطر يهطل على العشب , وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشى . يشرق في أيامه الأبرار , ويعم السّلام إلى يوم يختفي القمر من الوجود , ويملك من البحر إلى البحر , ومن النهر إلى أقاصي الأرض .

أمامه يجثو أهل الصحراء , ويلحس أعداؤه التراب . ملوك ترسيس والجزائر يدفعون الجزية , وملوك سبأ وشبا يقدّمون هدايا . يسجد له كل الملوك , وتخدمه كل الاُمم ؛ لأنه ينجي الفقير المستغيث به , والمسكين إذ لا معين له . يشفق على الضعفاء والبائسين , ويخلّص أنفس الفقراء , ويحرّرهم من الظلم والجور , وتكرم دماؤهم في عينيه .

فليعش طويلاً , وليعطَ له ذهب سبأ , وليصلَّ عليه دائماً , وليبارك كلّ يوم .

فليكثر القمح والبُّر في البلاد حتّى أعالي البلاد , ولتتمايل سنابل القمح كأشجار جبل لبنان , وليشرق الرجال في المدينة كحشائش الحقول , ويبقى اسمه أبد الدهر , وينتشر ذكره واسمه أبداً ما بقيت الشمس مضيئة , وليتبارك به الجميع , وجميع الاُمم تنادي باسمه سعيدة )(المزمور 72 / 1 ـ 17) .

وهذا النص ذو دلالة واضحة للنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وابنه الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) ، لكن بعض حاخامات اليهود ورهبان النصارى ينسبونه إلى نبي الله داود (عليه السّلام) ، فيما ينسبه بعض آخر منهم إلى ابنه سليمان (عليه السّلام) ، وهم إثر ذلك واقعون في خلاف حول هاتين الشخصيّتين اللتين يُتوسّل بهما ـ كما في النص ـ إلى الله تعالى ؛ كي يرسلهما لإنقاذ المستضعفين في الأرض , والعمل بشريعة الله وإقامة عدله .

ومطابقة الأوصاف الواردة في النص على الواقع تكشف أنها تخصّ الرسول والإمام المنتظر (عليهما الصلاة والسّلام) ؛ فالفقرة الأولى من هذه البشارة والتي جاءت على شكل دعاء تشير إلى أنه سوف تظهر بعد زمن داود (عليه السّلام) شخصيتان عظيمتان ؛ إحداهما عُبِّر عنها بالملك صاحب الشريعة , (اللهمّ أعطِ شريعتك للملك) , والاُخرى بابنه الذي سيقيم العدل حسب تلك الشريعة (وعدلك لابن الملك) .

فالفرق بين الشخصيتين هو في كون الأوّل نبياً صاحب شريعة خاتمة , بينما الآخر مقتفٍ لأثر ذلك النبي , ومهمّته هي إقامة العدل .

أمّا بقية الصفات الواردة فإنها مشتركة بين الشخصيتين ، لكن من الواضح أنها ترسم صورة مستقبلية لأحداث عظيمة سيسود فيها الخير , وينغلق فيها باب الشر تماماً .

ولم يكن هذا قد حدث في زمن من الأزمان ، وهو لن يحدث إلاّ في زمان الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) .

إنّ وصلة القرابة بين الشخصيتين تدلل على هذه الحقيقة ؛ فالإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) هو ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي وُصف في المزمور بالملك ؛ لأنّ شريعته ستحكم جميع الشعوب والاُمم ، وهذا التعبير (الملك) دارج في الكتاب المقدّس على مختلف الأنبياء (عليهم السّلام) , ويؤيد أنّ المقصود بالملك هو الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) .

* ما جاء في الكتاب على لسان نبي الله دانيال (عليه السّلام) من إشارة واضحة بأنّ صاحب السلطان والمملكة المرتقبة سيظهر يوماً , ولن تنقرض مملكته (أي شريعته) أبداً حتّى يرث الله من في الأرض ومن عليها .

يقول النص : ( وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبداً , ومُلكها لا يُترك لشعب آخر , وتُسحَق وتفنى كل هذه الممالك وهي (أي المملكة الإلهية) تثبت إلى الأبد )(سفر دانيال 2 / 44) .

كما تنبّأ دانيال (عليه السّلام) ثانية بمجيء محمّد (صلّى الله عليه وآله) , وبأنّ شريعته لن تمحى أبداً , فقال : ( كنت أرى في رؤى الليل , وإذا مع سحاب السماء مثل ابن إنسان أتى , وجاء إلى القديم الأيام (أي الله تعالى) فقرّبوه قدامه (إشارة إلى معراج الرسول) , فاُعطِي سلطاناً ومجداً وملكوتاً ؛ لتتعبّد له كل الشعوب والاُمم والألسنة . سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول , وملكوته ما لا ينقرض )(سفر دانيال 7 / 13 ـ 14) .

كما دعا نبي الله يحيى (عليه السّلام) بني إسرائيل وهو يعمدهم بالتوبة إلى الله تعالى حتّى يتهيّؤوا لاستقبال شريعة الله الخاتمة والخالدة التي عبّر عنها بملكوت السماوات , فقال لهم : ( توبوا ؛ لأنه قد اقترب ملكوت السماوات ؛ فإنّ هذا هو الذي يتكلّم عنه النبي أشعياء قائلاً : صوت صارخ في الصحراء (إشارة إلى ظهور النبي في صحراء الجزيرة العربية) , أعدّوا طريق الرب , اصنعوا سبله مستقيمة )(إنجيل متى 3 / 2 ـ 3) .

وثمة نص آخر ورد على لسان نبي الله زكريا (عليه السّلام) يتحدّث فيه عن الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) , لكن النصارى يؤوّلونه تأويلاً آخر .

يقول النص : ( ابتهجي جداً يابنة صهيون , اهتفي يا بنت اُورشليم ؛ هو ذا ملك قادم إليك , هو عادل ومنصور )(سفر زكريا 9 / 9) .

وهاتان الصفتان (العادل والمنصور) لا تنطبقان إلاّ على الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) الذي ستُحرّر فلسطين (اُورشليم) على يديه ، لكن النصارى يدعون أنّ هذه البشارة جاءت خاصة بعيسى المسيح (عليه السّلام) .

إلاّ أنّ ادّعاءهم باطل ؛ لأنّ عيسى (عليه السّلام) لم يكن صاحب سلطة يحكم بها , ولم يخض حرباً في فلسطين حتّى يوصف بالمنصور .

وعودة إلى البشائر الواردة في المزمور 72 , فإنّ ملاحظة دقيقة لبعض العبارات تدعم حقيقة أنها مخصوصة برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وحفيده الإمام الحجة (عجّل الله تعالى فرجه) .

من تلك : (ملوك ترسيس والجزائر يدفعون الجزية , وملوك سبأ وشبا يقدّمون هدايا) , فهي واضحة بانطباقها على النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ؛ فمَن مِن الأنبياء كانت الجزية تُعطى له ؟ أمّا الهدايا فقد كانت تتوالى عليه (صلوات الله عليه وآله) من مختلف البقاع .

ومن الأوصاف أيضاً : (وليصلَّ عليه دائماً , وليبارك كلّ يوم ... ويبقى اسمه أبد الدهر , وينتشر ذكره واسمه أبداً ما بقيت الشمس مضيئة , وليتبارك به الجميع , وجميع الاُمم تنادي باسمه سعيدة) .

فلا أحد في هذه الدنيا يُصلّى عليه ويتبارك باسمه كلّ يوم سوى نبيّنا محمّد (صلّى الله عليه وآله) الذي يهتف أكثر من ثلث البشرية (مليارا مسلم) باسمه يومياً في الأذان , ويصلّون عليه ويتباركون بذكره . إنّ جميع الاُمم تنادي باسمه سعيدة حقاً .

وأمّا ما يخص الإمام المنتظر (صلوات الله عليه) من الأوصاف الواردة في المزمور فهي كثيرة ، لكن أبرزها : (ليحكم لمساكين الشعب بالحق , ويخلّص البائسين , ويسحق الظالم ... ؛ لأنه ينجي الفقير المستغيث به , والمسكين إذ لا معين له . يشفق على الضعفاء والبائسين , ويخلّص أنفس الفقراء ويحرّرهم من الظلم والجور , وتُكرَم دماؤهم في عينيه) .

ولا تحتاج هذه العبارات إلى صعوبة في فهمها ؛ فدولة الله التي سيقيمها على الأرض ستكون على يد صاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه) ؛ مصداقاً لقوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) . ولينظر القارئ في وجه التشابه الكبير في ما بين هذه الآية وذلك المزمور .

أمّا في ما يتعلّق بأهل البيت (عليهم السّلام) عامة ، ممّا ورد بحقّهم في الكتاب المقدّس فكثير ، لكنّنا نورد هاهنا أهمّ تلك العبارات والأوصاف على نحو مختصر .

يقول يوحنا في رؤياه الثانية عشر من سفر الرؤيا : ( وظهرت آية عظيمة في السماء ؛ امرأة متسربلة بالشمس , والقمر تحت رجليها , وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً , وهي حبلى , تصرخ متمخّضة ومتوجّعة لتلد .

وظهرت آية اُخرى في السماء ؛ هو ذا تنين عظيم أحمر , له سبعة رؤوس وعشرة قرون , وعلى رؤوسه سبعة تيجان , وذنَبه يجر ثلث نجوم السماء , فطرحها إلى الأرض .

والتنّين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتّى يبتلع ولدها متى ولدت , فولدت ابناً ذكراً عتيدا أن يرعى جميع الاُمم بعصا من حديد , واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه .

والمرأة هربت إلى البرية ؛ حيث لها موضع معدّ من الله لكي يعلوها هناك .

وحدث حرب في السماء ؛ ميخائيل وملائكته حاربوا التنّين , وحارب التنّين وملائكته . ولم يقووا ؛ فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء ؛ فطرح التنّين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يظل العالم كله .

طُرح إلى الأرض , وطُرحت مع ملائكته . وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً في السماء : اليوم يوم الخلاص , القوة والملك لله ربنا وسلطان مسيحه .

من أجل هذا افرحي أيتها السماوات والساكنون فيها , ويل لساكني الأرض والبحر ؛ لأنّ إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم , عالماً أنّ له زماناً قليلاً .

ولما رأى التنّين أنه طُرح إلى الأرض اضطهد المرأة التي ولدت الابن الذكر , فأُعطيت المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير إلى البرية , إلى موضعها حيث تُعال زماناً وزمانين ونصف زمان من وجه الحية .

فألقت الحية من فمها وراء المرأة ماءً كنهر لتجعلها تُحمَل بالنهر , فأعانت الأرض المرأة . وفتحت الأرض فمها وابتلعت النهر الذي ألقاه التنّين من فمه , فغضب التنّين على المرأة , وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله )(رؤيا يوحنا 12 / 1 ـ 17) .

ولم يتمكّن علماء الكنيسة من تقديم تفسير واضح منطقي لهذه القصة وهذه الأوصاف ؛ فتارة يقولون : إن المقصود بالمرأة هي الكنيسة نفسها ، لكن هذا التفسير يصطدم بسؤال : كيف تلد الكنيسة ابناً ؟

ثم إنّ الكنيسة لم تظهر إلاّ في عهود متأخرة , ولم تكن على زمان عيسى (عليه السّلام) , فيكف يُدَّعى أنّ المقصود بالمرأة هي الكنيسة , وأنّ الابن الذي ستلده هو المسيح ؟!

وبعضهم ادعى أنّ المرأة المقصودة هي مريم العذراء (عليها السّلام) ، لكن هذا المعنى لا يستقيم ؛ فإنّ مريم (عليها السّلام) لم تكن لها ذرّية سوى ابنها المسيح (عليه السّلام) ، وليس لها (شمس) و(قمر) و(اثنا عشر كوكباً) , وهي لم تدخل في صراع مع تنّين أو حية يريد أن يبتلع أبناءها الذين يحملون شريعة الله .

أمّا ادّعاء بعضهم بأنّ الكواكب الاثني عشر التي تشكّل إكليلاً يزين رأس تلك المرأة هم حواريو عيسى الاثنا عشر , فهو ادّعاء مردود أيضاً ؛ بحكم ما ورد بحقِّهم على لسان عيسى نفسه في الإنجيل من تقريع وتشكيك في إخلاصهم لرسالته ؛ فهو تارة يؤنّبهم مخبراً إياهم بأنهم سيشكّون به في المحنة ، وتارة يوبّخهم لتردّدهم في إيمانهم بمعجزاته . ثمّ ما علاقة المرأة بهؤلاء ؟! هل هم أولادها حتّى يقال : إنّ ثمة علاقة بينها وبينهم ؟!

وحقيقة الأمر أنّ رؤيا يوحنا هذه جاءت لتروي لنا باُسلوب درامي كنائي ملحمة آل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ضد أعداء الله الذين يريدون أن يطفئوا نوره ويأبى الله إلاّ أن يتمّه .

فالمرأة القدّيسة هي الزهراء (سلام الله عليها) ، والشمس التي تتسربل بها هي كناية عن أبيها المصطفى (صلوات الله عليه وآله) ، والقمر الذي تستند عليه هو كناية عن بعلها أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) ، أمّا الكواكب الاثنا عشر فهم الأئمة الاثنا عشر من أبنائها (عليهم السّلام) الذين يخوضون دوماً صراعاً مع تنّين يمثّل الشر والفساد والكفر ، فيبتلع أحدهم , وليس هو سوى الحسين (عليه السّلام) .

لماذا الحسين (عليه السّلام) ؟ فلنترك الإجابة لنبي الله إرميا (عليه السّلام) إذ يقول : ( اصعدي أيتها الخيل , وهيجي أيتها المركبات , ولتخرج الأبطال ... فهذا اليوم للسيد ربّ الجنود (الله تعالى) يوم نقمة للانتقام من مبغضيه ؛ فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم ؛ لأنّ للسيد الرب ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات )(إرميا 46 / 7 ـ 10) .

فمن هو يا ترى ذبيح الله عند نهر الفرات سوى الحسين (عليه السّلام) ؟ ومن هو الشمس , ومن هو القمر ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( أنا الشمس وعلي القمر )) ؟ أسئلة تحتاج من القساوسة إجابات واضحة .

 

(*) تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المقال قد اُخذ من منتدى الخالدون , وهو منقول عن مجلة المنبر ـ بتصرّف من موقع معهد الإمامين الحسنين (عليهما السّلام)