اعتقاد أئمة المذاهب بالإمام الكاظم عليه السلام
أجمع كبار أئمة السنة وعلمائهم على تعظيم الإمام الكاظم عليه السلام وتقديسه، وترجموا له في كتبهم، وزاروا قبره للتبرك والتوسل به إلى الله.
1: وقد اشتهر عن الشافعي أنه كان يزور قبر الإمام الكاظم عليه السلام ويقول: (قبر موسى الكاظم ترياق مجرب لإجابة الدعاء) (كرامات الأولياء للسجاعي:6، الرسالة القشيرية لابن هوازن:10).
2: وروى الخطيب البغدادي في تاريخه عن إمام الحنابلة في عصره الحسن ابن إبراهيم أبي علي الخلال يقول: (ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به، إلا سهّل الله تعالى لي ما أحب!). (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي:1/133).
3: وقال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: (وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله، وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين، ونيل مطالبهم وبلوغ مآربهم وحصول مقاصدهم). (الفصول المهمة:2/932).
4: وقال السيد الميلاني في شرح منهاج الكرامة: (قال القرماني: هو الإمام الكبير الأوحد الحجة، الساهر ليله قائماً القاطع نهاره صائماً، المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف بباب الحوائج، لأنه ما خاب المتوسل به في قضاء حاجته قط.
5: وقال ابن حجر المكي: هو وارث أبيه علماً ومعرفةً وكمالاً وفضلاً، سمي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه، وأعلمهم وأسخاهم.
6: وقال ابن الجوزي: موسى بن جعفر، كان يدعى العبد الصالح، وكان حليماً كريماً، إذا بلغه عن رجل ما يؤذيه بعث إليه بمال). (شرح منهاج الكرامة للسيد الميلاني:1/170)
7: وفي مناقب آل أبي طالب جاء: (حكي أنه مغص بعض الخلفاء فعجز يختيشوع النصراني عن دوائه، وأخذ جليداً فأذابه بدواء، ثم أخذ ماء وعقده بدواء، وقال: هذا الطب، إلا أن يكون مستجاب دعاء ذا منزلة عند الله يدعو لك!
فقال الخليفة: عليّ بموسى بن جعفر، فأتيَ به فسمع في الطريق أنينه فدعا الله سبحانه وزال مغص الخليفة، فقال له: بحق جدك المصطفى أن تقول بمَ دعوت لي؟ فقال عليه السلام: قلت: «اللهم كما أريته ذل معصيته، فأره عز طاعتي!»). (مناقب آل أبي طالب:3/422)
مقتطف من تراجم أئمة علماء السنة للإمام الكاظم عليه السلام
1: قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (موسى الكاظم، الإمام، القدوة، السيد أبو الحسن العلوي، والد الإمام علي بن موسى الرضا، مدني نزل بغداد.
ذكره أبو حاتم فقال: ثقة صدوق، إمام من أئمة المسلمين.
قلت له: عند الترمذي وابن ماجة حديثان. قيل: إنه ولد سنة ثمان وعشرين ومئة بالمدينة.
قال الخطيب: أقدمه المهدي بغداد ورده، ثم قدمها وأقام ببغداد في أيام الرشيد، قدم في صحبة الرشيد سنة تسع وسبعين ومئة، وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه.
روى أصحابنا أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسجد سجدة في أول الليل، فسمع وهو يقول في سجوده: «عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة». فجعل يرددها حتى أصبح.
وكان سخياً كريماً يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار.
وكان يصر الصرر بثلاث مئة دينار وأربع مئة ومئتين ثم يقسمها بالمدينة، فمن جاءته صرة استغنى.
وقيل: بعث موسى الكاظم إلى الرشيد برسالة من الحبس يقول: إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نفي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون! وعن عبد السلام بن السندي قال: كان موسى عندنا محبوساً، فلما مات بعثنا إلى جماعة من العدول من الكرخ فأدخلناهم عليه فأشهدناهم على موته.
قلت: له مشهد عظيم مشهور ببغداد، دفن معه فيه حفيده الجواد. ولولده علي ابن موسى مشهد عظيم بطوس.
وكانت وفاة موسى الكاظم في رجب سنة ثلاث وثمانين ومئة).(سير أعلام النبلاء:6/268).
2: قال الذهبي في تاريخ الإسلام: (موسى الكاظم: هو الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب… قال أبو خاتم: ثقة إمام. وكان صالحاً عالماً عابداً متألهاً…). (تاريخ الإسلام:12/417).
3: وقال الخطيب: حج الرشيد فأتى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم، افتخاراً على من حوله، فدنا موسى وقال: «السلام عليك يا أبه»، فتغير وجه هارون، وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن حقاً!
4: وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: (قال يحيى بن الحسن بن جعفر النسابة: كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده). (تهذيب التهذيب:10/302).
5: وقال محمد بن طلحة الشافعي: (هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكبير المجتهد، الجاد في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهود له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يسمى بالعبد الصالح، ويعرف بالعراق باب الحوائج إلى الله لنجح مطالب المتوسلين إلى الله تعالى به، كرامته تحار منها العقول، وتقضي بأن له عند الله تعالى قدم صدق لا تزل ولا تزول.
وأما ولادته فبالأبواء سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة، وقيل تسع وعشرين ومائة وأما نسبه أباً وأماً: فأبوه جعفر الصادق ابن محمد الباقر، وأما أمه فأم ولد تسمى حميدة البربرية، وقيل غير ذلك.
وأما اسمه فموسى وكنيته أبو الحسن وقيل أبو إسماعيل، وكان له ألقاب كثيرة: الكاظم وهو أشهرها، والصابر، والصالح، والأمين.
وأما مناقبه فكثيرة، ولو لم يكن منها إلا العناية الربانية لكفاه ذلك منقبة).(مطالب السؤول في فضل آل الرسول:446)
الإمام الكاظم عليه السلام سيد بغداد
فقد قال زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري للإمام الرضا عليه السلام: (إني أريد الخروج عن أهل بيتي – يقصد أهل قم – فقد كثر السفهاء فيهم! فقال له الإمام الرضا عليه السلام: «لا تفعل فإن الله يدفع البلاء بك عن أهل قم، كما يدفع البلاء عن أهل بغداد بقبر موسى بن جعفر عليه السلام». (رواه المفيد رحمه الله في الاختصاص:87، بسند موثق، اختيار معرفة الرجال:2/857، رجال الكشي:496، تاريخ الكوفة:228، معجم رجال الحديث للسيد الخوئي:8/283، رجال الطوسي:2/858).
وفي كامل الزيارات: (عن علي بن الحكم، عن رحيم قال قلت للرضا عليه السلام: إن زيارة قبر أبي الحسن عليه السلام ببغداد علينا فيها مشقة، فما لمن زاره؟ فقال له: «مثل ما لمن أتى قبر الحسين عليه السلام من الثواب».
قال: دخل رجل فسلم عليه وجلس وذكر بغداد ورداءة أهلها، وما يتوقع أن ينزل بهم من الخسف والصيحة والصواعق، وعدّد من ذلك أشياء قال: فقمت لأخرج فسمعت أبا الحسن عليه السلام وهو يقول: «أما أبو الحسن فلا».(كامل الزيارات:500).
أقول: الظاهر سقوط الواو من الرواية، وأن الأصل أما وأبو الحسن، فلا. أي أما وقبر أبي الحسن عليه السلام موجود، فلا يصيب بغداد خسف أو صواعق!
زيارة قبر الإمام الكاظم عليه السلام دواء مجرب
قال الشافعي كلمته المشهورة في زيارة قبر الإمام الكاظم عليه السلام: انه الترياق المجرب. (كرامات الأولياء للسجاعي:6)، لكن بعضهم أخذ ذلك ووصف به قبر معروف الكرخي! قال الخطيب في تاريخ بغداد: (سمعت أبا علي الصفر يقول: سمعت إبراهيم الحربي يقول: قبر معروف الترياق المجرب). (تاريخ بغداد:1/134)
كما روى في تاريخ بغداد: (عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري قال سمعت أبي يقول: قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج). (تاريخ بغداد:1/134)
والزهري هذا محمد بن غلام الزهري المتوفى سنة380، أي بعد قرنين من شهادة الإمام الكاظم عليه السلام! (سير أعلام النبلاء:16/437)