لماذا السيدة فاطمة الزهراء (ع) لها أهمية ومكانة متميزة في التاريخ- الرسالة والرسول والأمة -، ولماذا تطرح بين الفينة والأخرى أمور تتعلق بسيرة السيدة الزهراء بالتركيز على جانب وإهمال جانب والتشكيك في جوانب أخرى، رغم ان السيدة الزهراء (ع) شخصية معصومة كاملة مكملة حسب المواصفات الإلهية والمحمدية؟.
لم يعرف التاريخ البشري امرأة لها مكانة ومنزلة ولها مواقف عظيمة وآثار كبيرة في حياتها وبعد وفاتها كالسيدة البتول (ع)، وما العجب!. فيكفي لها فخرا ان الله سبحانه وتعالى يغضب لغضبها كما قال رسول الله (ص): «إن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها». وانها سيدة نساء العالمين «ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين».
وبضعة النبي الكريم محمد (ص) «فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله»، وزوجة أمير المؤمنين إمام المتقين علي (ع) وأم السبطين الحسن والحسين، وأم لكل أحفاد الرسول العظيم، صاحبة المكانة الرفيعة والمنزلة السامية والعلم والمعرفة والجهاد والتضحية والدفاع عن الحق والعدالة، ويكفي لها فخرا أنها أول من رفع راية المعارضة في التاريخ الإسلامي تطالب بتطبيق العدالة وحقها.
وستبقى اثار سيدة النساء والعطاء حية ما دامت الحياة البشرية متواصلة، وستبقى تضحياتها وبصماتها العملية راسخة في التاريخ البشري، وستبقى مظلوميتها المصبوغة بالدم والدموع والآلام، شاهدة على حجم الظلم الذي تعرضت له نتيجة مواقفها وأعمالها التي شكلت خطرا على المخالفين للرسالة والغاصبين للحق، لما كانت تتمتع به من وعي ومكانة وعلم وحكمة، ولدورها العملي المؤثر في المجال الاجتماعي والسياسي والروحي لبناء المجتمع، لتكون الصوت الخالد للعدالة ومدرسة للقيم ونموذجا للمرأة الإصلاحية الرسالية التي تنذر نفسها لخدمة العدالة والإنسانية،
ومهما بذل أعداء العدالة والحرية والحقيقة والإنسانية من أعمال شيطانية لسنوات طويلة لتغييب وتزييف الحقيقة، فان الحقيقة تنتصر، نعم انها عدالة السماء التي تقف مع الحق والحقيقة ومع المظلوم.. فالله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، والبشرية بطبيعتها الفطرية تقف بعقولها وقلوبها وضمائرها الحية بجانب المظلوم وتنتصر له، فكيف إذا كان المظلوم امرأة؟!.
لم تتعرض امرأة في التاريخ للمظلومية كما حدث للسيدة فاطمة الزهراء (ع)، بضعة النبي محمد (ص) التي تعرضت لظلم كبير ومصائب جمة في حياتها وبعد وفاتها ولغاية اليوم، والغريب ان من يمارس الظلم ضدها هم من يدّعون محبة والدها منقذ الأمة والبشرية!.
وهل هناك اكبر وأعظم ظلم للسيدة فاطمة الزهراء من تغييب منزلتها وعلمها ودورها الجهادي والسياسي الحافل بالمواقف البطولية، ونكران عملها البطولي بالدفاع عن والدها وعن وزوجها أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع)، وتغييب دورها كقدوة وسيدة نساء العالمين والنموذج الذي أراده الرسول الأعظم (ص) للمرأة، وتغييب مكانتها عند أبيها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (ص)، ومنزلتها العظيمة بأنها أم لكل من يقول جدي رسول الله والحلقة الوحيدة لسلالة الرسول الأعظم محمد (ص)، وتغييب مكانتها العلمية والروحية والسياسية والتربوية؟ –
إذ إنها تمثل أفضل مدرسة ومربية في التاريخ البشري – وما العجب فهي تربت على يد سيد الخلق محمد الذي هو تربية الخالق، وهي زوجة إمام المتقين الإمام علي (ع) الذي تربى على يد خاتم النبيين (ص)، وهي أم سبطي الرسول الحسن والحسين وأم للسيدة زينب وأم كلثوم، والأكثر ألما تغييب مظلوميتها وآلامها وأوجاعها وبكائها…، وتغييب ما وقع عليها من اعتداء وسلب لحقها من فدك وغيره؟!.
السلام عليك يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء وعلى أبيك وبعلك وبنيك وعلى المستودع المكنون فيك، وسلام وتحية وتقدير لكل من اتخذ سيرتك الطاهرة ومن وعيك وجهادك طريقة ومنهاجا، ودافع عن حقك وتضامن مع قضيتك أيتها المظلومة في كل مكان وزمان، وسلام وتحية لكل امرأة اتخذت من شخصيتك قدوة ونموذجا وسارت على نهجك بالعطاء والتضحية وتحمل المسؤولية والدفاع عن الحق والحقيقة والعدالة في مجتمعها وبناء الأجيال حسب المدرسة المحمدية العلوية الفاطمية.
فالسيدة فاطمة الزهراء ستبقى عِبرة وعَبرة، وسيرة عطرة مباركة ومشرقة مليئة بالعطاء والتضحية والبناء، ينبغي على كل إنسان الاستفادة العملية من حياتها وإحياء أمرها، وإن مظلوميتها قد تحولت إلى شعاع روحي ووجداني وعقلي تجعل كل إنسان يسمع بمظلوميتها يتعلق بها ويتضامن مع قضيتها التي أحزنت كل الضمائر الإنسانية الحية.