عن عبد الله بن الحسن ، عن أمِّه فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) قالت : لمَّا اشتدَّت عِلَّة فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وغلبها ، اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار ، فقلْنَ لها : يا بنت رسول الله ، كيف أصبحت عن عِلَّتك ؟ .
فقالت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) : ( أصْبَحَتُ واللهِ عَائِفَة لِدُنْياكُم ، قَالِيَةً لِرِجَالِكُم ، لَفِظْتُهُمْ قَبْلَ أنْ عجمتُهُمْ وشَنِئْتُهُم بَعدَ أنْ سبرتُهُم ، فَقُبحاً لِفلولِ الحدِّ ، وخور القَنَاةِ ، وخطل الرَّأيِ ، و : ( لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ) المائدة : ۸۰ .
لا جَرَمَ لَقَد قَلَّدتُهُم ربقتَها ، وشَننْتُ عَليهم غَارَها ، فجدعاً وعقراً وسُحقاً لِلقَومِ الظَّالِمِينَ ، وَيْحَهُم أنَّى زَحْزَحُوهَا عَن رَواسِي الرَّسَالَة ، وقَوَاعِد النبُوَّةِ ، ومَهْبِطَ الوَحْيِ الأمِينِ ، والطبين بِأمْرِ الدُّنيَا والدِّينِ : ( أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الزمر : ۱۵ .
وَمَا نَقمُوا مِنْ أبِي الحَسَن ؟! ، نَقمُوا وَاللهِ مِنْهُ نَكِيرَ سَيْفِهِ ، وَشِدَّةَ وَطْئِهِ ، ونكَالَ وَقْعَتِهِ ، وتَنَمُّرِهِ فِي ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .
واللهِ لَو تَكافّوا عَن زمَامِ نبْذَه رسول الله ( صلى الله عليه آله ) إليهِ لاعْتَلَقَهُ ، ولسَارَ بِهِم سَيراً سُجُحاً ، لا يُكَلِّمُ خشاشُهُ ، ولا يُتَعْتِعُ رَاكِبُهُ ، ولأوْرَدَهُمْ مَنْهَلاً نَمِيراً ، صَافِياً رَويّاً ، فَضْفَاضاً ، تَطْفَحُ ضِفَّتَاهُ ، وَلا يَتَرنَّقُ جَانِبَاهُ .
ولأصْدَرَهُم بطاناً ، ونَصَحَ لَهُمْ سِرّاً وَإعْلاناً ، ولم يكن يحلى من الغنى بطائل ، ولا يحظى من الدنيا بنائل ، غير ريِّ النَّاهِلِ ، وشبْعَةِ الكَافِلِ ، وَلَبَانَ لَهُمُ الزَّاهِدُ مِنَ الرَّاغِبِ ، والصَّادِقُ مِنَ الكَاذِبِ : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) الأعراف : ۹۶ .
( وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاَء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ) الزمر : ۵۱ .
ألاَ هَلُمَّ فَاسْمَعْ ، وَمَا عِشْتَ أرَاكَ الدَّهْرُ عَجَباً ، وَإنْ تَعْجَبْ فعجب قَولهم ، لَيْتَ شِعْري إِلَى أيِّ سنَادٍ اسْتَنَدُوا ؟! ، وَعَلَى أيِّ عِمَادٍ اعْتَمَدوا ؟! ، وَبِأيِّ عُرْوَةٍ تَمسَّكُوا ؟! ، وَعَلَى أيِّ ذُرِّيَّةٍ أقْدَمُوا واحْتَنَكُوا ؟! ، لَبِئْسَ المَولَى وَلَبِئْسَ العَشِير ، اسْتَبْدَلُوا وَاللهِ الذُّنَابَا بالقَوَادِمِ ، والعَجُز بِالكَاهِلِ .
فَرَغْماً لِمَعَاطِسِ قَومٍ يَحْسَبُونَ أنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً : ( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ) البقرة : ۱۲ .
( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) يونس : ۳۵ .
أمَا لَعَمْري ، لَقَدْ لقحَتْ ، فَنَظِرَة رَيْثُمَا تُنْتِج ، ثم احْتَبَلُوا مِلْءَ القَعْبِ دَماً عَبيطاً ، وَذعَافاً مُبِيداً ، هُنالِكَ يَخسَرُ المُبْطِلُونَ ، وَيُعْرَفُ التَّالُونَ ، غبَّ مَا سَنَّ الأوَّلُونَ ، ثُمَّ طِيبُوا عَن دُنْيَاكُم أنْفُساً ، وَاطْمَئِنُّوا للفِتْنَةِ جَأشاً ، وأبْشِرُوا بِسَيفٍ صَارِمٍ ، وَسَطْوَةِ مُعْتَدٍ غَاشِمٍ ، وَهَرَجٍ شَامِلٍ ، وَاسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِينَ .
يَدَعُ فَيئَكُمْ زَهيداً ، وَزَرْعَكُم حَصِيداً ، فَيَا حَسْرَتي لَكُمْ ، وَأنَّى بِكُمْ : ( فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) هود: ۲۸.