بعد وفاة أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ذهبت ( عليها السلام ) وأخذت قبضة من تراب قبر أبيها ( صلى الله عليه وآله ) الشريف وشمَّتْهُ ، وقالت ( عليها السلام ) هذه الأبيات :
مَاذَا عَلى مَن شَمَّ تُربَةَ أحمد ** أَنْ لا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيا
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَو ** أَنَّهَا صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ صِرْنَ لَيَالِيَا
وقالت ( عليها السلام ) وقد برح بها الشوق لرؤية أبيها ( صلى الله عليه وآله ) وهي التي لم تكن تطيق فراقه :
قَلَّ صَبرِي وَبَانَ عَنِّي عَزَائي ** بَعدَ فَقدِي لِخَاتَمِ الأَنبِيَاءِ
عَينُ يَا عَينُ اسكُبِي الدَّمعَ سَمحاً ** وَيْكِ لا تَبخَلِي بِفَيضِ الدِّماءِ
يَا رَسُولَ الإِلَه يا خِيرةَ الله ** وَكَهفَ الأَيتَامِ وَالضُّعَفَاءِ
لَو تَرى المِنبَرَ الَّذِي كَنتَ تَعلُوهُ ** قَد عَلاه الظَّلامُ بَعدَ الضِّياءِ
و قالت ( عليها السلام ) مُخاطبةً أباها ( صلى الله عليه وآله ) بعد أن عادت من خطبتها الكُبرى ، تَمضُغُ الألم وتَتجرَّع الحَسرَة :
قَد كانَ بَعدكَ أنباءٌ وَهَنْبَثَةٌ ** لَو كنتَ شَاهِدُها لَم تَكثُرِ الخُطَبُ
إِنَّا فَقدنَاك فَقْدَ الأرضِ وَابِلها ** واختَلَّ قومُك فاشهَدْهُم فَقد نَكَبُوا
تَجَهَّمَتْنَا رِجالٌ واستُخِفَّ بِنا ** بَعد النَّبي وَكلُّ الخَيرِ مُغتَصَبُ
قَد كَان جِبريلُ بِالآياتِ يُؤْنِسُنَا ** فَغِبْتَ عَنَّا فَكُلُّ الخَيرِ مُحتَجَبُ
وَكنتَ بَدراً وَنُوراً يُستَضَاءُ بِهِ ** عَليكَ تَنزِلُ مِن ذِي العِزَّةِ الكُتُبُ
فَقد لَقينَا الذي لَم يَلْقَهُ أَحد ** مِن البَريَّةِ لا عَجَمٌ وَلا عَرَبُ
سَيعلَمُ المُتَولِّي ظُلمَ حَامَتِنَا ** يومَ القيامَة أَنَّى سَوفَ يَنقَلِبُ
فَسوفَ نَبكِيكَ مَا عِشنَا وَمَا بَقِيتْ ** لَنَا العُيونُ بِتِهْمَالٍ لَهُ سكبُ