وصف الفرزدق الشاعر الإمام زين العابدين عليه السلام بأنه أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة و كان بين عينيه أثر السجود ولذا لقّب بالسجّاد.
وقال عنه ابنه محمّد الباقر عليه السلام :
كان أبي علي بن الحسين عليه السلام إذا انقضى الشتاء يتصدق بكسوته على الفقراء وإذا انقضى الصيف يتصدّق بها أيضا كان يلبس أفخر الثياب وإذا وقف للصلاة اغتسل و تطيّب.
اشتهر الإمام زين العابدين بكثرة دعائه و بكائه:
يقول طاووس اليماني وكان رجلا من أصحابه: رأيت رجلا يصلّي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي في دعائه فجئته حين فرغ من صلاته فإذا هو زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله تبكي وأنت ابن رسول الله فقال أما أني ابن رسول الله فلا يأمنّني من عذاب الله وقد قال الله "فلا أنساب بينهم يومئذ" لقد خلق الله الجنّة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبدا حبشيّا وخلق النار لمن عصاه وأساء ولو كان سيّدا قرشيّا .
حجّ إلى بيت الله تعالى ماشيّا عشرين مرة .
و كان يوصي أصحابه بأداء الأمانة ويقول:
فوالذي بعث محمّد بالحق لو أن قاتل الحسين عليه السلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديّته إليه.
وكان يوصيهم أيضا بقضاء حوائج المحتاجين ويقول :
إن لله عبادا يسعون في قضاء حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة ومن أدخل على مۆمن سرورا فرّح الله قلبه يوم القيامة.
كان زين العابدين عليه السلام جالسا بين أصحابه فجاءه رجل من أبناء عمومته وشتمه وأسمعه كلاما مرّا فلم يكلّمه الإمام حتّى مضى ثمّ قال الإمام لأصحابه قد سمعتم ما قال هذا الرجل و أنا أحب أن تبلغوا معي حتى تسمعوا ردّي عليه فقاموا معه يظنّون أن الإمام سوف يرد عليه بالمثل .
طرق الإمام الباب فخرج الرجل مستعدا للشر فقال له الإمام بأدب جم يا أخي انك قلت فيّ ما قلت فان كان حقّا فأستغفر الله منه وإن كان باطلا فغفر الله لك فتأثّر الرجل وندم وأقبل على الإمام معتذرا.
ذهب الإمام إلى محمد بن أسامة بن زيد ليعوده في مرضه فرآه يبكي فقال الإمام "ما يبكيك؟"
فقال محمد بن أسامة: عليّ دين فقال الإمام وكم يبلغ؟ قال: خمسة عشر ألف دينار
فقال الإمام هو عليّ وفّاه عنه.
كان الإمام يخرج في منتصف الليل ويحمل معه الأموال والطعام ويجوب المدينة فيوزّع على فقرائها ما يحمله وهم لا يعرفونه وكان يعول أكثر من مائة أسرة وعندما استشهد افتقدوا ذلك الرجل فعرفوا أنّه الإمام عليه السلام.
الفرزدق
وكان الفرزدق الشاعر حاضرا فارتجل قصيدة تعدّ من روائع الأدب العربي إذ قال جوابا على سۆال الشامي من هذا:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلّهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة أن كنت جاهله بجـده أنبـياء الله قد ختـم
الصحيفة السجّاديّة
تبدو الصحيفة السجّاديّة كتابا صغيرا يتضمّن مجموعة من الأدعية ولكنها في الحقيقة مدرسة كبرى تعلّم الإنسان الخلق الكريم و الأدب الرفيع إضافة إلى المسائل الفلسفيّة والعلميّة و الرياضيّة وحتى السياسة وهذه نماذج من أدعيته عليه السلام:
اللهم اني أعوذ بك من الكسل والجبن والبخل والغفلة والقسوة والذلّة . سبحانك تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار. سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر. سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور. سبحانك عجبا من عرفك كيف لا يخافك.
وللإمام أدعية خاصة بالأيام ولكل أسبوع دعاء وخمس عشرة مناجاة تنساب كلماتها رقة وعذوبة وتدل على أدب رفيع ونفس خاشعة لله سبحانه.
من كلماته المضيئة
قال لابنه الباقر عليهما السلام:
يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم في الطريق.. إياك ومصاحبة الكذّاب فإنه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد ويبعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه يبيعك بأكلة وما دونها وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك فيما أنت أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضّرك وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله.
يا بني افعل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه وإن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحوّل إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره.