اسمه ونسبه(عليه السلام)(1)
الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
كنيته(عليه السلام)
أبو محمّد، أبو الحسن، أبو الحسين، أبو القاسم.
من ألقابه(عليه السلام)
زين العابدين، سيّد العابدين، السجّاد، ذو الثفنات، الزاهد، المُتهجّد.
أُمّه(عليه السلام)
شهر بانو بنت يَزدَجُرد بن شهريار بن كسرى.
ولادته(عليه السلام)
ولد في ۵ شعبان ۳۸ﻫ بالمدينة المنوّرة.
من زوجاته(عليه السلام)
فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، جارية أُمّ زيد الشهيد.
من أولاده(عليه السلام)
الإمام محمّد الباقر(عليه السلام)، زيد الشهيد، عبد الله الباهر، علية.
مدّة عمره وإمامته(عليه السلام)
عمره ۵۷ عاماً، وإمامته ۳۵ عاماً.
حكّام عصره(عليه السلام) في سِنِي إمامته
يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.
من أخلاقه وفضائله(عليه السلام)
۱ـ العلم: كان(عليه السلام) أعلم أهل زمانه، فقد روى عنه(عليه السلام) الكثير من الفقهاء والعلماء والرواة في مختلف العلوم والمعارف، كما حفظ عنه(عليه السلام) تراث ضخم من الأدعية ـ كالصحيفة السجّادية ـ والمواعظ وفضائل القرآن، والأحكام الإسلامية من الحلال والحرام.
۲ـ الحلم: عُرف(عليه السلام) بحلمه وعفوه وصفحه وتجاوزه عن المسيء، فمن القصص التي تُنقل عنه(عليه السلام) في هذا المجال: أنّه كانت جارية للإمام(عليه السلام) تسكب الماء له، فسقط من يدها الإبريق على وجهه(عليه السلام) فشجّه، فرفع رأسه إليها، فقالت له: إنّ الله يقول: (وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ)، فأجابها(عليه السلام): «قد كظمت غيظي»، قالت: (وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)، فقال(عليه السلام): «عفا الله عنك»، ثمّ قالت: (وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِين)، فقال: «اذهبي أنت حرّة لوجه الله»(۲).
۳ـ الشجاعة: قد اتّضحت واستبانت شجاعته(عليه السلام) الكامنة في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد، عندما أمر الأخير بقتله، فقال الإمام(عليه السلام) له: «أبالقتل تُهدّدني يابن زياد، أما علمت أنّ القتل لنا عادة، وكرامتنا الشهادة»(۳).
وقال للطاغية يزيد في الشام: «يابن معاوية وهند وصخر، لم يزالوا آبائي وأجدادي فيهم الإمرة من قبل أن نلد، لقد كان جدّي علي بن أبي طالب في يوم بدر وأُحد والأحزاب في يده راية رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار»(۴).
۴ـ التصدّق: كان(عليه السلام) كثير التصدّق على فقراء المدينة ومساكينها وخصوصاً بالسرّ، وقد روي أنّه كان لا يأكل الطعام حتّى يبدأ فيتصدّق بمثله.
وروي أنّه(عليه السلام) كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدّق به، ويقول: «إنّ صدقة السرّ تُطفئ غضب الربّ عزّ وجل»(۵).
ولمّا استُشهد(عليه السلام) تبيّن أنّه كان يعيل مائة عائلة من عوائل المدينة المنوّرة، ولقد كان أهل المدينة يقولون: «ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات علي بن الحسين(عليهما السلام)»(۶).
۵ـ العتق: كان(عليه السلام) دائم العتق للعبيد في سبيل الله، فقد روي عنه(عليه السلام) أنّه كان بين الآونة والأُخرى يجمع عبيده ويطلقهم، ويقول لهم: «عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي؟… فيقولون له: قد عفونا عنك يا سيّدنا وما أسأت.
فيقول(عليه السلام) لهم: قولوا: اللّهمّ اعفُ عن علي بن الحسين كما عفا عنّا، فأعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق، فيقولون ذلك، فيقول: اللّهم آمين ربّ العالمين»(۷).
۶ـ الفصاحة والبلاغة: تجلّت فصاحته(عليه السلام) وبلاغته في الخطب العصماء التي خطبها في الكوفة في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد، وفي الشام في مجلس الطاغية يزيد بن معاوية، ثمّ في المدينة المنوّرة بعد عودته من الشام.
هذا ناهيك عن الصحيفة السجّادية الكاملة، وما جاء فيها من عبارات الدعاء الرائعة والمضامين العميقة، وبلاغة اللفظ وفصاحته وعمقه، والحوارات الجميلة والعبارات اللطيفة الجزيلة التي يعجز البلغاء والشعراء عن إيراد مثلها، وقد عُرفت الصحيفة بـ «إنجيل آل محمّد».
۷ـ المهابة: للإمام(عليه السلام) مهابة خاصّة في قلوب الناس، روي أنّ الخليفة الأُموي هشام بن عبد الملك جاء إلى مكّة لأداء الحجّ ـ قبل استخلافه ـ، فأراد استلام الحجر الأسود فلم يقدر، فنصب له منبر فجلس عليه وطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام زين العابدين(عليه السلام) وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة، بين عينيه ثفنة السجود فجعل يطوف، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتّى يستلمه هيبة له.
فقال شامي: مَن هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعرفه؛ لئلّا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكنّي أنا أعرفه، فقال الشامي: مَن هو يا أبا فراس؟
فأنشأ قصيدته المشهورة، نقتطف بعض أبياتها:
«هذا الذي تَعرفُ البطحاءُ وطأتَهُ | والبيتُ يعرفُهُ والحِلُّ والحرمُ | |
هذا ابنُ خيرِ عبادِ الله كُلّهِمُ | هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلَمُ | |
هذا عليٌّ رسولُ الله والده | أمست بنورِ هداه تهتدي الظلمُ | |
إذا رأتهُ قُريشٌ قالَ قائلُها | إلى مكارمِ هذا ينتهي الكرمُ | |
يُنمي إلى ذُروةِ العزّ التي قصرت | عن نيلها عرب الإسلام والعجم | |
يكادُ يُمسكُهُ عرفانَ راحتِهِ | ركنُ الحطيمِ إذا ما جاءَ يستلمُ | |
يُغضي حياءً ويُغضَى من مهابته | فما يكلّم إلّا حين يبتسم | |
ينشق نورُ الدجى عن نورِ غرّتِهِ | كالشمس ينجابُ عن إشراقِها الظلمُ | |
بكفّه خيزران ريحه عَبِقٌ | من كفّ أروعَ في عِرنينه شَمَمُ | |
ما قالَ لا قطّ إلّا في تشهّدِهِ | لولا التشهّد كانت لاؤُهُ نعمُ | |
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلَهُ | بجدِّهِ أنبياءُ الله قد خُتموا»(۸). |
شهادته(عليه السلام)
استُشهد في ۲۵ محرّم ۹۴ﻫ، وقيل: ۱۲ محرّم بالمدينة المنوّرة، ودُفن في المقبرة البقيع.
كيفية شهادته(عليه السلام)
أرسل الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك سمّاً قاتلاً من الشام إلى عامله على المدينة، وأمره أن يدسّه للإمام(عليه السلام)، ونفّذ عامله ذلك.
ونقل ابن شهاب الزهري أنّ الوليد قال: «لا راحة لي وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا»(۹)، فأجمع رأيه على اغتيال الإمام(عليه السلام) والتخلّص منه.
بكاء الإمام الباقر عليه(عليه السلام)
قال جابر الجُعفي: «لمّا جرّد مولاي محمّدُ الباقر، مولاي علي بن الحسين ثيابه ووضعه على المغتسل، وكان قد ضرب دونه حجاباً سمعته ينشج ويبكي حتّى أطال ذلك، فأمهلته عن السؤال حتّى إذا فرغ من غسله ودفنه، فأتيت إليه وسلّمت عليه وقلت له: جُعلت فداك مِمَّ كان بكاؤك وأنت تغسل أباك ذلك حزناً عليه؟
قال: لا يا جابر، لكن لمّا جرّدت أبي ثيابه ووضعته على المغتسل رأيت آثار الجامعة في عنقه، وآثار جرح القيد في ساقيه وفخذيه، فأخذتني الرقّة لذلك وبكيت»(۱۰).
من أقوال الشعراء فيه
۱ـ قال الشيخ علي التاروتي(رحمه الله):
ما ليَ أراكَ ودمعُ عينكَ جامدٌ | أوَما سمعتَ بمحنةِ السجّادِ | |
قلبوه عن نطع مسجّى فوقه | فبكت له أملاكُ سبع شداد | |
ويصيحُ وا ذُلّاهُ أينَ عشيرتي | وسراة قومي أين أهل ودادي | |
منهم خلت تلك الديار وبعدهم | نعب الغراب بفرقة وبعاد | |
أترى يعود لنا الزمان بقربكم | هيهات ما للقرب من ميعاد |
۲ـ قال الشيخ عبد المنعم الفرطوسي(رحمه الله):
قرحت جفونك من قذى وسهاد | إن لم تفض لمصيبة السجّاد | |
فأسل فؤادك من جفونك أدمعا | وأقدح حشاك من الأسى بزناد | |
واندب إماماً طاهراً هو سيّد | للساجدين وزينة العباد | |
ما أبقت البلوى ضنا من جسمه | وهو العليل سوى خيال بادي |
إلى أن قال:
أودى به فجنى وليد أُميّة | وهو الخبث على وليد الهادي | |
حتّى قضى سمّاً وملأ فؤاده | ألم تحز مداه كلّ فؤاد |
_______________________
۱– اُنظر: إعلام الورى بأعلام الهدى ۱/ ۴۷۹٫
۲- اُنظر: الإرشاد ۲/ ۱۴۶٫
۳- الفتوح ۵/ ۱۲۳٫
۴- المصدر السابق ۵/ ۱۳۱٫
۵- تفسير أبي حمزة الثمالي: ۸۷٫
۶- تاريخ مدينة دمشق ۴۱/ ۳۸۴٫
۷- الصحيفة السجادية، دعاؤه في آخر ليلة من شهر رمضان: ۲۸۶٫
۸- روضة الواعظين: ۲۰۰٫
۹- نظريات الخليفتين ۲/ ۱۵۶، عن تاريخ دمشق، ترجمة علي بن الحسين.
۱۰- موسوعة شهادة المعصومين ۳/ ۶۰٫