حديث « البَضْعة »
هو من أشهر الأحاديث النبويّة الشريفة في منزلة الصدّيقة فاطمة عليها السلام من أبيها رسول الله صلّى الله عليه وآله. ولتعدّد مناسباته، وتكراره على لسان المصطفى في مواقف عديدة ومواقع شتى، تعدّد هذا الحديث المبارك في طُرُقه ورواته وعباراته؛ لتعدّد أغراضه وأهدافه الحكيمة، حيث كان يؤكَّد مِن خلاله على شؤون ساميةٍ عُليا في مقام الزهراء البتول فاطمة صلَواتُ الله عليها، فلا يُعذَر من لم يُقدّسْها ويُجلَّها فضلاً عَمّن لم يُبالِ بفضلها وأفضليتها ومعالي شرفها، بل وفضلاً عمّن استخفّ بحرمتها ممّن أثبت الحقُّ أنّهم لم يُراعُوا فيها حُرمةً لرسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو القائل:
ـ « فاطمةُ بَضعةٌ منّي، يُؤذيني ما آذاها، ويُنصِبني ما يُنصِبها » ( مسند أحمد بن حنبل 5:4 ـ ط الميمنيّة بمصر، صحيح الترمذي 247:13 ـ ط الصاوي بمصر، المستدرك للحاكم 159:3 ـ ط حيدرآباد الدكن بالهند، الصواعق المحرقة لابن حجر:188 ـ ط عبداللطيف بمصر.. وغيرها كثير ).
ـ « فاطمةُ بضعةٌ منّي، يُريبني ما رابَها، ويُؤذيني ما آذاها » ( صحيح مسلم 140:7 ـ ط محمّد صبيح بمصر، أنساب الأشراف للبلاذري:403 ـ ط دار المعارف بمصر، صفة الصفوة لابن الجوزي 5:2 ـ ط حيدرآباد، الخصائص للنسائي:35 ـ ط التقدّم بمصر، حلية الأولياء لأبي نُعَيم 40:2 ـ ط السعادة بمصر.. وغيرها عشرات ).
ـ « فاطمة شَجنةٌ منّي، يَبسُطني ما يَبسُطها، ويَقبِضني ما يَقبِضها » ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي الشافعي 203:9 ـ ط مكتبة القدسي بمصر، الإتحاف للزبيدي 244:6 ـ ط القاهرة، كنز العمّال 96:13 ـ ط حيدرآباد، مفتاح النجا للبدخشي:101 من المخطوط.. وغيرها ).
ـ « فاطمةُ بضعةٌ منّي، يَسرَّني ما يَسرُّها » ( ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي:173 ـ ط إسلامبول، الشرف المؤبّد للنبهاني:93 ـ ط مصر، وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل لباكثير الحضرمي الشافعي:200 ـ ط المكتبة الظاهرية بدمشق.. وغيرها ).
ـ « فاطمةُ بضعةٌ منّي، يُؤذيني ما آذاها، ويُغضبي ما أغضبها » ( معجم الصحابة للبغوي:141 من المخطوط، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي:176 ـ ط مطبعة القضاء، روضة الأحباب للهروي:665 من المخطوط.. وغيرها ).
ـ « فاطمةُ بَضعةٌ منّي، وهي قلبي وروحي التي بين جَنْبَيّ، مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله! » ( الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمّة لابن الصبّاغ المالكي:128 ـ ط الغري، نزهة المجالس للصفوري الشافعي 228:2 ـ ط القاهرة، نور الأبصار للشبلنجي الشافعي: 41 ـ ط مصر، الجامع الصغير للسيوطي الشافعي:269 ـ ط مصر، كنوز الحقائق للمناوي:103 ـ ط بولاق بمصر.. وغيرها ).
ـ « فاطمةُ بضعةٌ مني، مَن أبغَضَها فقد أبغضني! » ( المناقب للشيخ عبدالله الشافعي:208 من المخطوط ).
هذا إلى عشرات المصادر التي ذكرت حديث البضعة بصوره المتعدّدة ومضامينه الخطيرة العالية، التي تُعرّف الزهراءَ فاطمة صلوات الله عليها في عمق ارتباطها وعلاقتها الروحية والقلبيّة، والعقيدية والرسالية، فضلاً عن علاقتها النسبيّة والبدنيّة برسول الله صلّى الله عليه وآله، فترتبط بذلك أحكامها، فيكون مَن أحبَّ فاطمة فقد أحبّ أباها النبيَّ المختار صلوات الله عليه وعلى آله الأخيار، ومَن أبغضها فقد أبغضه، ومَن أكرمها أكرمه، ومَن والاها والاه، ومَن أساء إليها أساء إليه، ومَن أطاعها أطاعه، ومَن عصاها عصاه، ومَن أغضَبَها فقد أغضبه، ومن أغضبَه فقد أغضب الله تعالى.. وهكذا تتّحد العناوين حتّى تنتسب إلى الله عزّوجلّ، فمَن أحب فاطمة الزهراء سلام الله عليه ووالاها وأكرمها فقد أحبّ الله ووالاه وأكرمه، وعلى العكس يكون مَن أبغضها أو أغضبها أو أساء إليها قد أبغض اللهَ وأغضبه وأساء إليه، بعد هذا لا عذرَ لمعتذر وقد طبّقتِ الآفاقَ أحاديثُ رسول الله صلّى الله عليه وآله في فضائلها وأفضليّاتها، والتعريف بكثيرٍ من مقاماتها ومناقبها ومنازلها ومعالي شؤونها.
أسمى ذكرى
لرسول الله صلّى الله عليه وآله في حياته وبعد وفاته هي ابنته الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء سَلام الله عليها تحكي عبادته وأخلاقه وهدايته وشمائله المباركة الشريفة في خَلْقه وسَمْته وملامحه المقدّسة.. فأصبحت السَّلوى بعد رحيله المفجع، والأُنس بعد فراقه المُوحِش، لو قُدِّر لها أن تعيش طويلاً بينَ ظهرانَي المسلمين، فتخفّف مِن المصاب لفقدانه صلّى الله عليه وآله.
وها هي بين يدينا بعض أخبار الشمائل النبويّة في ابنته فاطمة عليها السلام اخترناها من عشرات:
• قالت عائشة: أقبلَت فاطمة تمشي، لا والذي لا إله إلاّ هو ما مِشيتُها تخرم مِن مشية رسول الله، فلَمّا رآها قال لها: « مرحباً بِآبنتي، مرحباً بابنتي » ( أمالي الطوسي:333 ـ 334، عنه: بحار الأنوار 23:43 / ح 19 ).
• عن عائشة: ما رأيتُ من الناس أحداً أشبهَ كلاماً وحديثاً برسول الله من فاطمة، كانت إذا دَخَلَت عليه رحّب بها وقبّل يَدَيها وأجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحّبت به وقبّلت يديه.. ( أمالي الطوسي:400 ـ عنه: بحار الأنوار 25:43 ح 22 ).
• عن عائشة قالت: أقبلت فاطمةُ تمشي كأنّ مشيتها مشيةُ رسول الله، فقال: مرحباً بابنتي، ثمّ أجلسها عن يمينه. وفي روايةٍ أخرى: فأقبلت فاطمة ما تُخطئ مِشْيتُها مِن مِشية رسولِ الله شيئاً. ( العمدة لابن بطريق:200، تذكرة خواص الأمّة لسبط ابن الجوزي:309، مسند فاطمة عليها السلام للسيوطي:103، تاريخ دمشق لابن عساكر الدمشقي الشافعي 433:1، صحيح مسلم 142:7.. إلى عشرات المصادر تتجاوز السبعين ).
• وعن عائشة أيضاً أنّها قالت: ما رأيتُ أحداً كان أشبهَ سَمتاً وهَدْياً ودلاًّ برسول الله من فاطمة، كانت إذا دخَلَت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخَلَ عليها قامت إليه وأخذت بيده وقبّلته وأجلَسَتْه في مجلسها. ( مختصر سنن أبي داود للمنذري الحافظ عبدالعظيم بن عبدالقويّ 84:8 ـ ط مطبعة أنصار السُّنّة المحمّدية بالقاهرة، مناقب عليّ بن أبي طالب لنجم الدين الشافعي:23 ـ من المخطوط، تفريح الأحباب في مناقب الآل والأصحاب لمحمّد عبدالله القرشيّ الحنفي:409 ـ ط دهلي.. وغيرها، فيما كتب وليّ الله اللكهنونيّ في: مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيّد المرسلين ص 185: في الاستيعاب: عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة بنت أبي بكر أنّها قالت: ما رأيتُ أحداً كان أشبهَ كلاماً وحديثاً برسول الله من فاطمة، وكانت إذا دخَلَت عليه قام إليها وقبّلها ورحّب بها كما كانت تصنع هي به صلّى الله عليه وآله وسلم )، ومثله في: أهل البيت لتوفيق أبو علم ص 117 ـ ط مطبعة السعادة بالقاهرة.. ).