اسمه وكنيته ونسبه(1)
الشيخ أبو علي، عباس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمّي.
ولادته
ولد حوالي عام 1294ﻫ بمدينة قم المقدّسة.
دراسته
درس(قدس سره) مرحلة المقدّمات وكذلك الفقه والأُصول في قم المقدّسة، وفي عام 1316ﻫ سافر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته، وكانت له رغبة شديدة بدراسة علوم الحديث، ولإشباع هذه الرغبة لازم العلّامة المحدّث الشيخ حسين النوري الطبرسي؛ لينهل من علومه في هذا المجال.
في عام 1318ﻫ تشرّف بحجّ بيت الله الحرام، وبعده عاد إلى قم المقدّسة، وبقي فيها مدّة قصيرة، ثمّ رجع إلى النجف الأشرف ملازماً أُستاذه الشيخ النوري الطبرسي، وأخذ يساعده في استنساخ كتابه المعروف «مستدرك الوسائل».
في عام 1322ﻫ ـ وبعد مرور عامين على رحيل أُستاذه الشيخ النوري الطبرسي ـ عاد إلى قم المقدّسة؛ بسبب تدهور وضعه الصحّي، وفيها انشغل بالتأليف والترجمة والوعظ والإرشاد.
من أساتذته
الشيخ محمّد طه نجف، الشيخ فتح الله الإصفهاني المعروف بشيخ الشريعة، السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي، الشيخ محمّد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند، الشيخ محمّد القمّي المعروف بالأرباب، الشيخ حسين النوري الطبرسي، الشيخ محمّد تقي الشيرازي، السيّد مرتضى الكشميري، الشيخ حسين الخليلي.
تدريسه
شدّ(قدس سره) الرحال إلى مشهد المقدّسة عام 1331ﻫ، واستقرّ فيها مدّة اثنتي عشرة سنة، منشغلاً بالتأليف والإرشاد، وفي عام 1341ﻫ شرع بإلقاء دروسه في علم الأخلاق بمدرسة الميرزا جعفر للعلوم الدينية؛ استجابة لطلبات التي وجّهها إليه طلّاب الحوزة العلمية هناك، وشيئاً فشيئاً ازداد عدد الطلّاب الذين يحضرون درسه حتّى بلغوا ألف طالب.
طلب منه علماء قم المقدّسة العودة إليها؛ لتشييد أركان الحوزة العلمية الفتية فيها والتدريس بها، فاستجاب لطلبهم وعاد إليها.
من تلامذته
الشيخ خليل الكمرئي.
من صفاته وأخلاقه
1ـ كان يهتمّ بالتدوين والتأليف والترجمة، وقد نُقل عنه كثيرون هذا الاهتمام، قال نجله الأكبر حول تعلّق والده بالكتابة: «عندما كنت طفلاً كنت أرى والدي مشغولاً بالكتابة من الصباح إلى المساء دون انقطاع وحتّى عندما كنّا نسافر إلى خارج المدينة».
2ـ كان يهتمّ بأصدقائه ورفاقه بشكل منقطع النظير، فعندما كان يرافقهم في السفر كان يهتمّ بهم اهتماماً كبيراً، ويحترمهم ويعاملهم بالأخلاق الحسنة.
3ـ كان زاهداً في دنياه، مبتعداً عن مظاهر الترف، غير متعلّق بالمظاهر الدنيوية الزائفة، وقد نُقلت قصص كثيرة عن زهده، ننقل واحدة منها كنموذج:
في إحدى المرّات جاءته امرأتان من مدينة بومباي الهندية، وأبلغتاه عن رغبتهما بتقديم مبلغ شهري قدره خمس وسبعون روبية، فامتنع الشيخ القمّي عن قبول المبلغ، فاعترض عليه أحد أبنائه، فردّ عليه بشدّة قائلاً: «اسكت، إنّ الأموال التي صرفتها في السابق ولحدّ الآن لا أعرف كيف أُجيب عنها غداً عند الله عزّ وجل، وعند صاحب العصر والزمان(عليه السلام)، ولذلك امتنعت عن قبول هذا المبلغ لأن لا أعرّض نفسي إلى ثقل المسؤولية».
4ـ كان يتواضع للجميع خاصّة العلماء منهم، وكان يُحدّثهم بأحاديث أهل البيت(عليهم السلام)، ويتعامل معهم بأخلاق الأئمّة المعصومين(عليهم السلام)، وكان من عادته أن يجلس حيث ينتهي به المجلس.
5ـ كان لكلامه وخطاباته تأثيراً في نفوس سامعيه، لأنّه عندما كان يدعو الناس إلى الالتزام بإحدى العبادات أو خُلق من الأخلاق، كان يُلزم نفسه أوّلاً ثمّ يدعو الناس إليه، فهو يضع على الدوام نصب عينيه الآية الشريفة:(كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ).
6ـ كان ملتزماً بالعبادات المستحبّة، كالنوافل اليومية، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة الأدعية والأذكار الواردة عن الأئمّة(عليهم السلام)، وكذلك إحياء الليل بالعبادة وإقامة صلاة الليل، قال نجله الأكبر: «لا أتذكّر أنّه في ليلة ما تأخّر في النهوض للعبادة حتّى في السفر».
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الشيخ محمّد حرز الدين(قدس سره) في معارف الرجال: «كان آية الله الشيخ عباس القمّي عالماً عاملاً، وثقة عدلاً متتبعاً، وبحّاثة عصره، أميناً مهذّباً زاهداً عابداً، صاحب المؤلّفات المفيدة».
2ـ قال الشيخ محمّد علي التبريزي الخياباني(قدس سره) في ريحانة الأدب: «من أفاضل علماء عصرنا الحاضر، كان عالماً فاضلاً كاملاً محدّثاً متتبّعاً ماهراً».
من مؤلّفاته
مفاتيح الجنان (غني عن البيان وموجود في كلّ روضة من الرياض المشرّفة للأئمّة(عليهم السلام)، والمساجد والحسينيات، وفي أغلب البيوت الشيعية، وتُرجم من اللغة الفارسية إلى اللغتين العربية والأُردية)، الكنى والألقاب (3 مجلّدات)، منتهى الآمال في تاريخ النبي والآل (مجلّدان)، نفس المهموم في مصيبة سيّدنا الحسين المظلوم(عليه السلام)، هدية الأحباب في ذكر المعروفين بالكنى والألقاب والأنساب، اللآلي المنثورة في الأحراز والأذكار المأثورة، الفوائد الرجبية فيما يتعلّق بالشهور العربية، الفوائد الرضوية في تراجم علماء الجعفرية، نفثة المصدور فيما يتجدّد به حزن عاشور، الغاية القصوى في ترجمة العروة الوثقى، الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية، بيت الأحزان في مصائب سيّدة النسوان(عليها السلام)، ذخيرة الأبرار في منتخب أنيس التجّار، الدرّة اليتيمة في تتمّات الدرّة الثمينة، مختصر الأبواب في السنن والآداب، سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار، كحل البصر في سيرة سيّد البشر(صلى الله عليه وآله)، منازل الآخرة والمطالب الفاخرة، هدية الزائرين وبهجة الناظرين، سبيل الرشاد في أُصول الدين.
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في الثالث والعشرين من ذي الحجّة 1359ﻫ بالنجف الأشرف، وصلّى على جثمانه المرجع الديني السيّد أبو الحسن الموسوي الإصفهاني، ودُفن في الصحن الحيدري للإمام علي(عليه السلام).
ــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: نفس المهموم: 5، منازل الآخرة: 43.