نبذة مختصرة عن حياة العالم السيد هبة الدين الشهرستاني ، مؤسّس مكتبة الجوادين العامّة في الصحن الكاظمي للإمامين الكاظمين (عليهما السلام) .
اسمه ونسبه(1)
السيّد محمّد علي ابن السيّد حسين ابن السيّد محسن الحسيني الحائري، المعروف بهبة الله الشهرستاني، لمصاهرة والده آل الشهرستاني واختلاطه بهم، وينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن الإمام علي زين العابدين(ع).
والده
السيّد حسين، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «عالم جليل، وورع صالح… وكان ورعاً تقيّاً زاهداً عابداً ناسكاً متعبّداً»(2).
ولادته
ولد في الرابع والعشرين من رجب 1301ﻫ في سامرّاء المقدّسة بالعراق.
دراسته وتدريسه
بدأ بدراسة العلوم الدينية في مسقط رأسه، ثمّ سافر إلى النجف عام 1319ﻫ لإكمال دراسته الحوزوية، ثمّ سافر إلى كربلاء مدّة، ثمّ سافر إلى الكاظمية، واستقرّ بها حتّى وافاه الأجل، مشغولاً بالتأليف وأداء واجباته الدينية.
من أساتذته
الآخوند الخراساني، السيّد محمّد كاظم اليزدي، شيخ الشريعة الإصفهاني، والده السيّد حسين.
من تلامذته
الشيخ جعفر النقدي.
ما قيل في حقّه
1ـ قال الشيخ حرز الدين في المعارف: «هاجر إلى النجف لطلب العلم سنة ١٣١٩ﻫ، وكان شابّاً فاضلاً أديباً لامعاً، وشاعراً يحسن الشعر، دمث الأخلاق، يُتفرّس فيه النبوغ والرقي، وحضر دروس العلماء الأعلام، وحاز نصيباً من العلم وافراً… وكان له ولع في التأليف، ونشر المقالات العلمية والأدبية»(3).
2ـ قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «عالم كبير، ومجتهد مجدّد، ومصلح معروف… حتّى بلغ مكانة سامية في العلم والفضل والأدب، وشهد له عدد من العلماء بالاجتهاد، وقد تميّز منذ شبابه بيقظة ووعي، وطموح وهمّة، ونزعة إصلاحية، سعى حثيثاً إلى بعث الهمم، وتنمية الأفكار الحديثة غير الضارّة بالعقيدة، وتوجيه الشباب من رجال الحوزة توجيهاً سليماً يتّفق وحاجة العصر، وتسليحهم بالثقافة الدينية الحرّة التي تُؤهّلهم للخدمة الجدّية، وقد اجتمع حوله شباب الأُسر العلمية في النجف وغيرهم من أبناء الجاليات الأُخرى، واتّصل بالمجامع العلمية والنوادي الأدبية في البلاد العربية والإسلامية، وأخذت الصحف والمجلّات والمطبوعات الحديثة تنهال عليه من كلّ الأرجاء، وكانت النجف يومذاك في عزلة عن هذه العوالم، فبذل سعيه الحثيث في ربطها بالعالم الخارجي؛ لتحيط بما يحدث فيه من جديد»(4).
3ـ قال الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «عالم مجتهد فاضل مجدّد مصلح مفسّر رجالي مؤلّف، سياسي محنك مجاهد… ثمّ انصرف إلى التأليف والكتابة والنشر»(5).
4ـ قال السيّد الجلالي في فهرس التراث: «وكان رحمه الله على جانب كبير من العلم والأدب، مشاركاً في العلوم، وساهم مساهمة صادقة في إصلاح القضاء والمعارف»(6).
من صفاته وأخلاقه
قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «وقد كان مخلصاً لدينه وقومه في كلّ ما قال وفعل، نقيّ السريرة، يُقدّس الإيمان الصادق، والعقل النيّر، ويذود عنها بلسانه وقلمه، فقد عرفته يومذاك وزاملته في حلقات دروس مشايخنا رحمهم الله، فرأيت الإخلاص والغيرة على الدين والإسلام والعلم وأهله دافعه الأوّل والأخير»(7).
من نشاطاته
* إصدار مجلّة العلم عام ١٣٢٨ﻫ، وهي أوّل مجلّة عربية تصدر في النجف، وأسّس لها مكتبة عامّة.
* تأسيس مكتبة الجوادين العامّة في الصحن الكاظمي.
* السفر إلى سورية ولبنان ومصر والحجاز واليمن وإيران والهند؛ لنشر المعارف الإسلامية والدعوة إلى الدين الإسلامي.
* تأسيس جمعيات ونوادي متعدّدة.
* شارك مع الميرزا محمّد تقي الشيرازي في الثورة ضدّ الاحتلال البريطاني للعراق، وبعد احتلال القوات البريطانية لكربلاء أُلقي القبض عليه، وسُجن في الحلّة تسعة أشهر، ثمّ أُفرج عنه.
* تولّى مناصب هامّة سياسية في حكومة الملك فيصل الأوّل للعراق، ثمّ استقال منها جميعاً.
شعره
كان(قدس سره) شاعراً أديباً، وله أشعار في مدح ورثاء أهل البيت(عليهم السلام)، ومن شعره قوله في مدح أهل البيت(عليهم السلام):
«إذا ضاقت بكَ الأوهامُ ذرعاً ** فلُذ ببني عليٍّ الطيّبينا
فإنَّ حديثَهُم أكسيرُ صدقٍ ** يصيرُ كلُّ مشتبهٍ يقينا»(8).
من مؤلّفاته
الدلائل والمسائل (5 مجلّدات)، الشيعة الناجية، الشمعة في أحوال ذي الدمعة، الأُمّة والأئمّة في طرق تعيين خلفاء النبي(ص)، التذكرة في إحياء مجد العترة، التذكرة لآل محمّد الخيّرة، التنبّه في تحريم التشبّه بين الرجال والنساء، تنزيه التنزيل في إثبات صيانة المصحف الشريف من النسخ والنقص والتحريف، توحيد أهل التوحيد، الجامعة في تفسير سورة الواقعة، جبل قاف، حلّال المشكلات، ما هو نهج البلاغة، المعجزة الخالدة، نهضة الحسين(ع) في أسرار مقتل الحسين(ع)، الهيئة والإسلام، ضرر التدخين وخطر الأفيون، منظومة مواهب المشاهد في أُصول العقائد، فيض الباري لاصلاح منظومة السبزواري، رواشح الفيوض في فنّ العروض، أدعية القرآن أو زبور المسلمين، ثقاة الرواة في أسماء المحدّثين القدماء، ذو القرنين.
ومن مؤلّفاته باللغة الفارسية: تفتيش (حول مضرّات حلق اللحية وأدلّة التحريم)، رهنماي يهود ونصارى يا بيبلها، وظائف زنان.
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في السادس والعشرين من شوّال 1386ﻫ في بغداد، وصلّى على جثمانه السيّد محمّد مهدي الإصفهاني، ودُفن في مكتبته ـ مكتبة الجوادين العامّة ـ الواقعة في صحن الإمامين الكاظمين(عليهما السلام).
رثاؤه
أرّخ السيّد محمّد حسن الطالقاني عام وفاته بقوله:
طودُ النُهى فيكَ الفضيلة روّعت ** والشرعُ بعدَكَ ما لهُ من مسعفِ
قد كنتَ للإصلاحِ رمزاً فاغتدى ** ميدانُهُ قفراً يحنُّ لمشرفِ
صنت الحجى والدين ممّا شانهُ ** ودفعتَ عنهُ بصارمٍ ومثقفِ
ورفعتَ للإسلامِ رايةَ عزّةٍ ** وهتفتَ سيري في الشعوبِ ورفرفي
«هذي المعاهدُ قد نعتكَ لأنَّها ** ندّاً لشخصِكَ في الحجى لم تعرفِ
وثوى ضريحُكَ للضراحِ مماثلاً ** أرّخ: وروّى بالدموعِ الذرّفِ»(9).
الهوامش
1ـ اُنظر: أعيان الشيعة 10 /261، موسوعة طبقات الفقهاء 14 /759 رقم4779.
2ـ طبقات أعلام الشيعة 14 /639 رقم1071.
3ـ معارف الرجال 2 /319 رقم371.
4ـ طبقات أعلام الشيعة 16 /1413 رقم1931.
5ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف 2 /761.
6ـ فهرس التراث 2 /474.
7ـ طبقات أعلام الشيعة 16 /1415 رقم1931.
8ـ شعراء الغري 10 /65.
9ـ فهرس التراث 2 /474.