إنّ الإمام السجّاد توفّر على نتاج فنّيّ ضخم يجيء ـ من حيث الكمّ ـ بعد الإمام علىّ(عليه السلام) كما يجيء ـ من حيث الكيف ـ متميّزاً بسمات خاصة، وفي مقدمة ذلك أدب الدعاء الذي منحه السجاد(عليه السلام) خصائص فكرية وفنّيّة تفرّد بها[تأريخ الأدب العربي في ضوء المنهج الإسلامي: 353 .].
اتّجه الإمام في أدبه الخاصّ إلى نقد الأوضاع المنحرفة، وإلى بناء الشخصية الإسلامية في المستويين الفردي والإجتماعي، بحيث يمكن القول بأنّ أدبه كان تجسيداً للحركة الإسلامية مقابل الأدب الدنيوي الذي بدأ ينحرف مع انحرافات السلطة، وينحدر إلى ما هو عابث ومظلم ومنحرف([i]).
وجاء في الصحيفة السجّادية الجامعة نقلاً عن الأصمعيّ أنّه قال: كنت أطوف حول الكعبة ليلة، فإذا شابّ ظريف الشمائل وعليه ذؤابتان وهو متعلّق بأستار الكعبة ويقول: «نامتِ العيون وغارتِ النجومُ وأنت الملكُ الحيّ القيّومُ، غلّقت الملوك أبوابها وأقامت عليها حُرّاسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إليّ برحمتك يا أرحم الراحمين».
ثم أنشأ يقول:
يا من يُجيبُ دعاء المضطرّ في الظُلَمِ يا كاشفَ الضرّ والبَلوى مع السَقَمِ
قد نام وفدُك حول البيت قاطبةً وأنت وحـــــــدك يا قيّومُ لم تنَمِ
أدعوك ربِّ دعاءً قد أمرتَ به فارحم بكائي بحقّ البيتِ والحَرمِ
إن كان عفوك لا يرجوهُ ذو سَرَف فمن يَجُودُ على العاصينَ بالنِعَمِ؟
قال: فاقتفيته فإذا هو زين العابدين(عليه السلام).
كما جاء فيها عن طاووس اليماني أنّه قال: رأيتُ في جوف الليل رجلاً متعلّقاً بأستار الكعبة وهو يقول:
«ألا يا أيّها المأمول في كلّ حاجة شكوتُ إليك الضُرّ فاسمع شكايتي
ألا يا رجائي أنت كاشف كُربتي فهب لي ذنوبي كلّها واقض حاجتي
فزادي قليل لا أراه مبلّغي أللزادِ أبكي أم لبُعد مسافتي
أتيتُ بـأعمــــــــال قباح ردية فما في الورى خلقٌ جنى كجنايتي
أتحرِقُني في النار يا غاية المُنى فأين رجائي منك، أين مخافتي؟
قال: فتأمّلته فإذا هو عليّ بن الحسين(عليهما السلام).
ومن أدبه المنظوم أيضاً ما ذكره أحمد فهمي محمد في كتاب الإمام زين العابدين عن فضل أهل البيت(عليهم السلام) ومكانتهم :
لنحن على الحوض روّاده نذود ونسقي وراده
وما فاز من فاز إلاّ بنا وما خاب مَن حبّنا زادُه
ومن سرّنا نال منّا السرور ومن ساءنا ساء ميلاده
ومن كان غاصبنا حقّنا فيوم القيامة ميعادُه