محطات قدسية .. في عالم النور
الاسم المبارك
الله تبارك وتعالى سمّاه، إذ هبط جبرئيل عليه السّلام بعد مولده الأغرّ
فهنّأ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وقال له: إنّ الله تعالى يأمرك أن
تُسمّيه باسم ابن هارون... سَمِّه «الحسن».
وكان هذا الاسم قد حجبه الله تعالى عن الناس، فلم يُسمَّ به أحد من قبل.
الكنية الشريفة
أبو محمّد، كنّاه بذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ألقابه المثلى
السِّبط، السيّد، الحجّة، البَرّ، الأمين، الزاهد، الطيّب، المجتبى،
الزكيّ، التقيّ، سيّد شباب أهل الجنّة، ريحانة رسول الله صلّى الله عليه
وآله.
وكانت بعض ألقابه قد لقّبه بها النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم.
نقش خاتمه
«العِزّةُ للهِ وحدَه».
منصبه الإلهيّ السامق
المعصوم الرابع بعد النبيّ وأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء صلوات الله
عليهم.. والإمام الثاني مِن أئمّة الحق والهدى أوصياء رسول الله صلّى الله
عليه وآله وخلفائه.. بعد أبيه الإمام عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه.
عاش مع جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله سبع سنين وأشهراً، ومع أبيه سبعاً
وثلاثين سنة، ثمّ قام بأمر الإمامة الإلهية ستّة أشهر وثلاثة أيّام حتّى
كان الصلح بينه وبين معاوية سنة 41 هجريّة. واستمرّت إمامته عشر سنوات حتّى
شهادته سلام ربّنا عليه.
صفته
كان عليه الصلاة والسّلام أبيضَ مُشرَباً بحمرة، أدعجَ العينَين، سهل
الخدّين، كثَّ اللحية ذا وفرة، كأنّ عنقه إبريقُ فضّة، بعيدَ ما بين
المنكَبين، ربعةً ليس بالطويل ولا القصير، مليحاً من أحسن الناس وجهاً،
حسَنَ البدن.. شبيه جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ولادته البهيجة
أوّل وَلد يُولد لأمير المؤمنين عليّ وللزهراء البتول فاطمة صلوات الله
عليهما، بل أوّل وَلَد وسِبط لسيّد الأنبياء وأشرف المرسلين محمّد صلّى
الله عليه وآله الطاهرين.
وُلد في المدينة ليلة النصف من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث للهجرة النبويّة
المباركة.. وقيل: سنة اثنتين من الهجرة الشريفة. فامتلأ البيتُ النبويّ
بالسرور والحبور، وأُضيف إلى أنواره جديدُ نور.
النسب الأزكى
الجدّ: سيّد الخَلق وأشرفهم، وخاتم أنبياء الله ورسله، محمّد المصطفى
الأمين صلوات الله عليه وآله أجمعين.
الأب: سيّد الأوصياء قاطبة، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سلام الله
عليه.
الأُمّ: سيّدة نساء العالمين، من الأوّلين والآخِرين، فاطمة الزهراء سيّدة
نساء أهل الجنة صلوات الله عليها.
الجدّة من أبيه: فاطمة بنت أسد، التي خدمت رسول الله صلّى الله عليه وآله،
ووالدة الإمام عليّ عليه السّلام التي وَلدَته في جوف الكعبة.. المرأة
الطاهرة السابقة إلى الإسلام والهجرة، المحبوّة بلطف النبيّ صلّى الله عليه
وآله ورعايته وشفاعته.
الجدّة من أُمّه: خديجة بنت خويلد، زوجة رسول الله صلّى الله عليه وآله
وأوفى وأخلص نسائه، المؤمنة الطاهرة المجاهدة، أُمّ سيدة نساء العالمين،
وأسخى الناس على الرسول والرسالة وعلى المسلمين المجاهدين.
الإخوة والأخوات
لأُمّه وأبيه: أخوه الإمام الحسين سيّد الشهداء وسيّد شباب أهل الجنّة
صلوات الله عليه، والمحسن السِّقْط. وأُختاه: زينب الكبرى الصدّيقة الصغرى
سلام الله عليها، وأُم كلثوم رضوان الله عليها.
أمّا إخوته وأخواته لأبيه فهم: محمّد بن الحَنَفيّة، محمّد الأصغر،
عبيدالله، عمر، يحيى، جعفر، العباس، عبدالله، عثمان، رُقيّة، اُمّ الحسن،
رَملة، أُمّ كلثوم الصغرى، جُمانة، ميمونة، خديجة، فاطمة، أُمّ الكرام،
نفيسة، أُمّ سلمة، أُمامة، زينب الصغرى، أُم هاني.
أشهر نسائه
1 ـ خولة بنت منظور الفِزاريّة.
2 ـ أُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيدالله التيميّ.
3 ـ أُمّ بشير بنت أبي مسعود الأنصاريّ.
4 ـ هند بنت عبدالرحمن بن أبي بكر.
5 ـ سلمى بنت امرئ القيس.
6 ـ أُمّ كلثوم بنت الفضل بن العبّاس.
7 ـ جعدة بنت الأشعث.. المرأة الخائنة التي غدرت به فسمّته.
أولاده
زيد، الحسن (الذي يُعرف بـ «الحسن المثنّى» )، عمرو، القاسم (الذي استُشهد
بين يدَي عمّه الحسين عليه السّلام)، عبدالله (الشهيد في كربلاء )،
عبدالرحمن، الحسين الأثرَم، طلحة، وأبو بكر (الشهيد في كربلاء).
بناته
أُمّ الحسن، أُمّ الحسين، فاطمة، أُمّ عبدالله، أُمّ سلمة، رقيّة.
هذا هو المشهور، ولا يُعتنى بمن يقول أو ما يُقال بأنْ كان للإمام الحسن
عليه السّلام مئات الزوجات مع أنّ أبناءه لا يبلغون ـ ربّما ـ أكثر من خمسة
عشر. فما رُوي من الأساطير المغرضة في هذا الصدد إنّما هو نسج خيوطٍ
لعنكبوت الافتراء.
أصحابه
هُم كُثر.. أشهرهم: إبراهيم بن مالك الأشتر، عبدالله بن عبّاس، أبو ثُمامة
الصَّيداويّ، جابر بن عبدالله الأنصاريّ، حبيب بن مظاهر الأسديّ (الشهيد
بين يدي الإمام الحسين عليه السّلام)، حُذَيفة بن أُسيد الغفاريّ، سعيد بن
قيس الهَمْدانيّ، قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاريّ، سعيد بن مسعود الثقفي،
سُليم بن قيس الهلاليّ، صَعصَعة بن صُوحان العَبديّ (وكان أحد خُلّص أصحاب
الإمام عليّ عليه السّلام)، كذا كُمَيل بن زياد النَّخَعيّ، وميثم التمّار،
مُسيَّب بن نَجبة الفِزاريّ، أبو مِخنَف لوط بن يحيى، جارية بن قُدامة...
وغيرهم.
بيعته
بُويع بالخلافة الشرعيّة الحقّة في الحادي والعشرين من شهر رمضان عام 40 من
الهجرة بعد شهادة أبيه عليه السّلام مباشرة.
صلحه
في النصف من جمادى الاُولى سنة 41 هجريّة؛ إنقاذاً للإسلام وصيانة له،
وحفاظاً على المسلمين وإبقاءً على حياتهم وفيهم جلّة الصحابة والتابعين
المخلصين، وفضحاً لرؤوس الكفر والنفاق يتصدرهم معاوية.
بوّابه
سفينة (مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله).
كاتبه
عبدالله بن أبي رافع (كاتب أمير المؤمنين عليه السّلام).
الحكّام المعاصرون
عاصر أيّام حكم جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله (1 ـ 11 هـ)، وأيّام
حكم والده أمير المؤمنين عليه السّلام (35 ـ 40 هـ).
كما عاصر حكم كلّ من:
1 ـ أبي بكر بن أبي قحافة (11 ـ 13 هـ).
2 ـ عمر بن الخطّاب (13 ـ 23 هـ).
3 ـ عثمان بن عفّان (23 ـ 35 هـ).
4 ـ المتمرّد على الخلافة الشرعيّة والمغتصب لحكم الإسلام معاوية بن أبي
سفيان (35 ـ 60 هـ).
• وقد غُصب الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام حقّه
الإلهيّ من قبل معاوية، كما انهار جيشه؛ اختياراً للراحة وطلباً للدنيا،
فاضطُرّ إلى الصلح مع معاوية وفق شروط أهمّها: أن تعود الخلافة الشرعية إلى
الإمام الحسين عليه السّلام.. لكنّ معاوية تنكّر للشروط بعد أن أمضى عليها
وقبلها ظاهراً، ثمّ غدر بالإمام الحسن عليه السّلام.
أهمّ الوقائع
• شهد الإمام الحسن الزكيّ سلام الله عليه فيما
شهده في أوائل سني عمره الشريف وقائع الإسلام وحروبه وحوادثه الرهيبة.
• ثمّ عاش المحن الكبرى، حيث انهالت على البيت
النبويّ بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله.. فكان الهجوم على دار
أمير المؤمنين عليه السّلام وحدوث الفتنة، وكان خلالها استشهاد أُمّه
الصدّيقة الكبرى فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليها. وبعدها عاش عليه
السّلام مع أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام عزلتَه ومحنته.
• حتّى إذا كانت خلافة أمير المؤمنين عليه السّلام
كان الولد الأكبر الحسن المجتبى عليه السّلام العضُدَ الأيمن لأبيه، فلازمه
طيلة حياته، وشهد معه حروبه الثلاث: الجمل وصِفِّين والنَّهروان. ولم
يفارقه حتّى استُشهد وليّ الله الأعظم في محراب صلاته.
• قام الإمام الحسن عليه السّلام بأمر الإمامة في
ظروف عصيبة تعصف خلالها فتن الرِّدة والتمرّد والانكفاء، فما أن بُويع عليه
السّلام حتى انحاز الكثير عنه، واختلّ البعض ووهن، وجرّت الفتنة جماعة
والحيرةُ جماعةً أُخرى.. وكان الامتحان ولم يكن سهلاً يسيراً.
• ويُضطرّ الإمام الحسن المجتبى سلام الله عليه إلى
الصلح، لم يتنازل فيه قيد أنمُلة عن مبادئ الإسلام الحقّة، ولكنّه ـ وهو
الإمام المعصوم العامل بتكليفه الإلهيّ ـ راعى شؤون الدين، وشؤون
المسلمين.. حين كانت الحرب تعني النكسة، ومواجهة الأعداء تعني التخاذل
والذلّة. فوضع للصلح شروطه الشرعيّة، وألزم معاوية بما يعلم هو عليه
السّلام أنّ المنافقين لا يَفُون به، كما يعلم معاوية نفسه أنّه دون حفظ
العهود والمواثيق.
فصان عليه السّلام حدود الشريعة، وحفظ حياة المسلمين الذين كادت أرواحهم أن
تُزهق بلا نفع يعود على الإسلام أو عليهم. ثمّ هيّأ سلام الله عليه فرصة
كبيرة أمام معاوية ليعلنَ كفره بالإسلام وتنكّره لحقائقه، فنقض معاوية
الصلح واستقلّ بالشام يعلنها حكومةً لا دينيّة، بل مُلْك وراثيّ.
• ومع كلّ ذلك.. يتعرّض الإمام الحسن بن عليّ عليه
السّلام لإيذاء الخائنين والجاهلين، فيكون الهجوم علي خيمته، ويُطعن في
فخذه وهو في الصلاة، فيُضطرّ إلى التترّس في محرابه.. ولم تنته الفتن
والدسائس حتّى تُعدّ العدّة للغدر الخبيث وهو في عقر داره، يُنفّذ على يد
زوجته الخائنة.
شهادته
رغبةً من أهل الجاهليّة والنفاق والطالبين بثارات بدر وحُنين والأحزاب،
وبأمرٍ من معاوية وترغيب وتطميع.. دُفعت جعدة بنت الأشعث إلى أن تدسّ سمّاً
قاتلاً إلى الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه. تناوله عليه السّلام،
حيث سقته به، فاشتكى منه شكاة قاءَ معها أحشاءه لأربعين يوماً وهو يتلوّى
على فراشه، حيث تغلغل السمّ في بدنه العابد لله تعالى.. ولم يَزَل كذلك
حتّى وافته الشهادة العليا، إذ ذهب إلى ربّهِ مظلوماً سميماً يشكو ظالميه
والغادرين به.
كان ذلك في المدينة، في السابع من صفر على الأشهر (وقيل في الثامن والعشرين
منه، وهو مشهور أيضاً)، سنة خمسين من الهجرة النبويّة الشريفة. فتولّى
الإمام الحسين عليه السّلام ـ وقد اُصيب بفجيعته ـ غُسله وتجهيزه وتكفينه
وتشييعه. وكادت المرأة أن تُحدث فتنة كبرى، إذ منعت النعش الشريف أن يُدخَل
إلى البيت النبويّ أو يُجدَّد به العهد عند قبر جدّه رسول الله صلّى الله
عليه وآله، فصُوّبت السهام إلى ذلك النعش حتّى أصابه سبعون سهماً.
فمال به الإمام الحسين عليه السّلام ـ منعاً للفتنة ـ إلى مقبرة البقيع؛
ليدفن أخاه المظلوم هناك عند قبر جدّته فاطمة بنت أسد، وكان ذلك بوصيّة منه
سلام الله عليه. وقد كانت للإمام الحسين عليه السّلام على قبر أخيه وقفة
فيها لواعج رثاء، ولوعات حنين، وزفرات حارّة وأنين.
وبقي قبر الإمام الحسن عليه السّلام في مقبرة البقيع يحكي للناس أكثر من
حقيقة وأكثر من قصّة.. منها: أنّه سليل النبوّة والإمامة، وربيب بيت الوحي
والرسالة، فيُتبرّك بقبره ويُزار، وتُنال عنده الكرامات والبركات. ومنها:
أنّه المظلوم الذي جُهل قَدره، وتنكّر الكثير من الأبعدين والأقربين لمقامه
ومنزلته.
وقبره الطاهر كان يحكي تلك الظُّلامة.. التي دوّى صوتها في آفاق التاريخ،
ثمّ تصاعد دَويُّها حين أقبلت الأيدي الحاقدة على بيت النبوّة، في الثامن
من شوّال سنة 1344 هجريّة لتهدم ذلك القبر الزكيّ للإمام الزكيّ، مع جملة
من قبور أئمّة الهدى: الإمام السجّاد، والإمام الباقر، والإمام الصادق
عليهم السّلام.. وقبور الصحابة، ومنهم العباس بن عبدالمطلب.. وقبور
الصالحين، ومنهم: فاطمة بنت أسد .
المصادر
1 ـ الاحتجاج، لأبي
منصور أحمد بن عليّ الطبرسيّ.
2 ـ الإرشاد، للشيخ المفيد.
3 ـ اُسد الغابة، لابن الأثير.
4 ـ إعلام الورى، للطبرسيّ.
5 ـ البداية والنهاية، لابن كثير ج 8.
6 ـ تاريخ دمشق، لابن عساكر ـ ترجمة الإمام الحسن عليه السّلام.
7 ـ ذخائر العقبى، للمحبّ الطبريّ.
8 ـ علل الشرائع، للشيخ الصدوق.
9 ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام، للشيخ الصدوق ج 2.
10 ـ قرب الإسناد، للحِميريّ.
11 ـ الكافي، للشيخ الكلينيّ ج 1.
12 ـ كشف الغمّة، للإربلّيّ ج 1.
13 ـ كفاية الأثر، للرازيّ.
14 ـ كنزالعمّال، للهنديّ ج 13.
15 ـ مروج الذهب، للمسعوديّ ج 2.
16 ـ مسند أحمد بن حنبل ج 4.
17 ـ مناقب آل أبي طالب، لابن شهرآشوب ج 4.
نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام