استجابة دعائه لزاذان في حفظه القرآن
1 – الخرائج والجرائح عن سعد الخفّاف عن زاذان أبي عمرو : قلت : يا زاذان إنّك لتقرأ القرآن فتحسن قراءته فعلى من قرأت ؟
فتبسّم ثمّ قال : إنّ أمير المؤمنين مرّ بي وأنا أنشد الشعر ، وكان لي خلق حسن فأعجبه صوتي ، فقال : يا زاذان هلاّ بالقرآن ؟ !
قلت : وكيف لي بالقرآن فوالله ما أقرأ منه إلاّ بقدر ما أُصلّي به .
قال : فادن منّي ، فدنوت منه فتكلّم في أُذني بكلام ما عرفته ولا علمت ما يقول ، ثمّ قال لي : افتح فاك ، فتفل في فيّ ، فوالله ما زالت قدمي من عنده حتى حفظت القرآن بإعرابه وهمزه ، وما احتجت أن أسأل عنه أحداً بعد موقفي ذلك .
قال سعد : فقصصت قصّة زاذان على أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :
صدق زاذان ، إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) دعا لزاذان بالاسم الأعظم الذي لا يُردّ ( 1 ) .
استجابة دعائه لشابّ يبس نصف بدنه
2 – المناقب لابن شهر آشوب : إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سمع في ليلة الإحرام منادياً باكياً ، فأمر الحسين ( عليه السلام ) يطلبه ، فلما أتاه وجد شابّاً يبس نصف بدنه ، فأحضره فسأله عليّ ( عليه السلام ) عن حاله ، فقال :
كنت رجلاً ذا بطر ، وكان أبي ينصحني ، فكان يوماً في نصحه إذ ضربته ، فدعا عليّ بهذا الموضع وأنشأ شعراً ، فلما تمّ كلامه يبس نصفي ، فندمت وتبت وطيّبت قلبه ، فركب على بعير ليأتي بي إلى هاهنا ويدعو لي ، فلمّا انتصف البادية نفر البعير من طيران طائر ومات والدي .
فصلّى عليّ ( عليه السلام ) أربعاً ثمّ قال : قم سليماً ؛ فقام صحيحاً ، فقال : صدقت لو لم يرضَ عنك لما سُمِعت ( 2 ) .
3 – الإمام الحسين ( عليه السلام ) : كنت مع عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) في الطواف في ليلة ديجوجية ( 3 ) قليلة النور ، وقد خلا الطواف ونام الزوّار وهدأت العيون إذ سمع مستغيثاً مستجيراً مترحّماً بصوت حزين محزون من قلب موجع وهو يقول :
يا مَن يُجيب دعاءَ المضطَرّ في الظُّلمِ * يا كاشفَ الضُّرِّ والبلوى مع السَّقَمِ
قد نام وفدُكَ حول البيت وانتبهوا * يدعو وعينُك يا قيّومُ لم تَنَمِ
هب لي بجودك أفضلَ العفو عن جُرمي * يا مَن أشار إليه الخَلقُ في الحرمِ
إن كان عفوك لا يلقاه ذو سَرف * فمَن يجود على العاصين بالنِّعمِ
قال الحسين بن علي ( عليه السلام ) : فقال لي : يا أبا عبد الله ، أسمعت المنادي ذنبه المستغيث ربّه ؟
فقلت : نعم قد سمعته . فقال : اعتبره عسى تراه .
فما زلت أخبط في طخياء الظلام ، وأتخلل بين النيام ، فلما صرت بين الركن والمقام بدا لي شخص منتصب فتأمّلته فإذا هو قائم ، فقلت :
السلام عليك أيّها العبد المقرّ المستقيل المستغفر المستجير أجب بالله ابنَ عمّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! فأسرع في سجوده وقعوده وسلّم ، فلم يتكلّم حتى أشار بيده بأن تقدّمني فتقدّمته ، فأتيت به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقلت : دونك ها هو . فنظر إليه ، فإذا هو شابّ حسن الوجه نقي الثياب ، فقال له : ممّن الرجل ؟
فقال له : من بعض العرب .
فقال له : ما حالك وممّ بكاؤك واستغاثتك ؟ !
فقال : حال من أوخذ بالعقوق فهو في ضيق ارتهنه المصاب وغمره الإكتياب فارتاب ، فدعاؤه لا يستجاب .
فقال له علي ( عليه السلام ) : ولِمَ ذلك ؟ !
فقال : لأنّي كنت ملتهياً في العرب باللعب والطرب ، أُديم العصيان في رجب وشعبان وما أُراقب الرحمن ، وكان لي والد شفيق يحذّرني مصارع الحدثان ، ويخوّفني العقاب بالنيران ويقول : كم ضجّ منك النهار والظلام والليالي والأيّام والشهور والأعوام والملائكة الكرام ؟ ! وكان إذا ألحّ عليّ بالوعظ زجرته وانتهرته ووثبت عليه وضربته ، فعمدت يوماً إلى شيء من الورق ( 4 ) وكانت في الخبأ ، فذهبت لآخذها وأصرفها فيما كنت عليه ، فما نعني عن أخذها فأوجعته ضرباً ولويت يده وأخذتها ومضيت ، فأومأ بيده إلى ركبتيه يروم النهوض من مكانه ذلك ، فلم يطق يحركها من شدّة الوجع والألم فأنشأ يقول :
جرت رَحمٌ بيني وبين منازِل * سواءً كما يستنزل القطرَ طالبُه
وربّيتُ حتى صار جَلداً شمردلا * إذا قام ساوى غاربَ الفحل غاربُه
وقد كنتُ أُوتيه من الزاد في الصبى * إذا جاع منه صفوه وأطايبه
فلمّا استوى في عُنفوان شبابه * وأصبح كالرمح الرُّديني خاطبه
تهضَّمني مالي كذا ولوى يدي * لوى يدَه اللهُ الذي هو غالبه
ثمّ حلف بالله ليقدمن إلى بيت الله الحرام فيستعدي الله عليّ .
قال : فصام أسابيع وصلّى ركعات ودعا ، وخرج متوجّهاً على عيرانة ( 5 ) يقطع بالسير عرض الفلاة ويطوي الأودية ويعلو الجبال حتى قدم مكّة يوم الحجّ الأكبر ، فنزل عن راحلته وأقبل إلى بيت الله الحرام ، فسعى وطاف به وتعلّق بأستاره وابتهل وأنشأ يقول :
يا مَن إليه أتى الحُجّاج بالجُهدِ * فوق المهاوي من أقصى غاية البُعدِ
إنّي أتيتك يا من لا يُخيّب مَن * يدعوه مُبتهلا بالواحد الصمدِ
هذا منازلُ لا يرتاع من عَقَقي * فخُذ بحقّيَ يا جبارُ من وَلَدي
حتى تشلَّ بعون منك جانبَه * يا من تقدَّس لم يُولد ولم يَلِد
قال : فوالذي سمك السماء وأنبع الماء ، ما استتمّ دعاءَه حتى نزل بي ما ترى – ثمّ كشف عن يمينه فإذا بجانبه قد شُلّ – فأنا منذ ثلاث سنين أطلب إليه أن يدعو لي في الموضع الذي دعا به عليَّ فلم يُجبني ، حتى إذا كان العام أنعم عليَّ فخرجت على ناقة عشراء ( 6 ) أجدّ السير حثيثاً رجاء العافية حتى إذا كنّا على الأراك ( 7 ) وحطته وادي السجال ( 8 ) ، نفر طائر في الليل فنفرت منه الناقة التي كان عليها فألقته إلى قرار الوادي وارفضّ بين الحجرين فقبرته هناك ، وأعظم من ذلك أنّي لا أُعرف إلاّ المأخوذ بدعوة أبيه .
فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أتاك الغوث ! ألا أُعلمك دعاءً علّمنيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفيه اسم الله الأكبر الأعظم العزيز الأكرم الذي يجيب به من دعاه ، ويُعطي به من سأله ، ويفرج الهمّ ويكشف به الكرب ويذهب به الغم ، ويُبرئ به السقم ويجبر به الكسير ، ويُغني به الفقير ويقضي به الدين ويرد به العين ، ويغفر به الذنوب ويستر به العيوب ، ويؤمن به كلّ خائف من شيطان مريد وجبار عنيد ، ولو دعا به طائع لله على جبل لزال من مكانه أو على ميت لأحياه الله بعد موته ، ولو دعا به على الماء لمشى عليه بعد أن لا يدخله العجب . فاتقِ الله أيّها الرجل فقد أدركتني الرحمة لك ، وليعلم الله منك صدق النيّة أنّك لا تدعو به في معصيته ولا تفيده إلاّ الثقة في دينك ، فإن أخلصت النيّة استجاب الله لك ، ورأيت نبيّك محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) في منامك يبشّرك بالجنة والإجابة .
قال الحسين بن علي ( عليهما السلام ) : فكان سروري بفائدة الدعاء أشدّ من سرور الرجل بعافيته وما نزل به ؛ لأنّني لم أكن سمعته منه ولا عرفت هذا الدعاء قبل ذلك .
ثمّ قال : ائتني بدواة وبياض واكتب ما أُمليه عليك ، ففعلت ؛ وهو :
” بسم الله الرحمن الرحيم اللهمّ إنّي أسألك باسمك يا ذا الجلال والإكرام . . . “
وتسأل الله تعالى ما أحببت وتسمّي حاجتك ولا تدع به إلاّ وأنت طاهر ، ثمّ قال للفتى : إذا كانت الليلة فادع به عشر مرّات وأتني من غد بالخبر .
قال الحسين بن علي ( عليهما السلام ) : وأخذ الفتى الكتاب ومضى فلما كان من غد ما أصبحنا حسناً حتى أتى الفتى إلينا سليماً معافىً والكتاب بيده وهو يقول : هذا والله الاسم الأعظم استُجيب لي وربّ الكعبة .
قال له عليّ صلوات الله عليه : حدّثني .
قال : هدأت العيون بالرقاد واستحلك جلباب الليل رفعت يدي بالكتاب ودعوت الله بحقّه مراراً فأُجبت في الثانية حسبك فقد دعوت الله باسمه الأعظم ، ثمّ اضطجعت فرأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في منامي وقد مسح يده الشريفة عليّ وهو يقول : احتفظ باسم الله الأعظم العظيم فإنّك على خير ، فانتبهت معافىً كما ترى فجزاك الله خيراً ( 9 ) .
استجابة دعائه لانخفاض ماء الفرات
4 – الإمام الباقر ( عليه السلام ) : شكا أهل الكوفة إلى عليّ ( عليه السلام ) زيادة الفرات ، فركب هو والحسن والحسين ( عليهما السلام ) فوقف على الفرات وقد ارتفع الماء على جانبيه ، فضربه بقضيب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فنقص ذراع ، وضربه أُخرى فنقص ذراعان . فقالوا : يا أمير المؤمنين لو زدتنا .
فقال : إنّي سألت الله فأعطاني ما رأيتم وأكره أن أكون عبداً ملحّاً ( 10 ) .
5 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : مدّ الفرات عندكم على عهد عليّ ( عليه السلام ) فأقبل إليه الناس فقالوا : يا أمير المؤمنين نحن نخاف الغرق ؛ لأنّ في الفرات قد جاء من الماء ما لم يُرَ مثله ، وقد امتلأت جنبتاه ، فالله الله .
فركب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والناس معه وحوله يميناً وشمالا ، فمرّ بمسجد ثقيف فغمزه بعض شبّانهم ، فالتفت إليهم مغضباً فقال : صغار ( 11 ) الخدود ، لئام الجدود ، بقيّة ثمود ، من يشتري منّي هؤلاء الأعْبُد ؟
فقام إليه مشايخهم فقالوا له : يا أمير المؤمنين ، إنّ هؤلاء شبّان لا يعقلون ما هم فيه ، فلا تؤاخذنا بهم ، فوَالله ، إنّنا كنّا لهذا كارهين ، وما منّا أحد يرضى هذا الكلام لك ، فاعفُ عنّا عفا الله عنك .
قال : فكأنّه ( عليه السلام ) استحى ؛ فقال : لستُ أعفو عنكم إلاّ على أن لا أرجع حتى تهدموا مجلسكم ، وكلّ كوّة وميزاب وبالوعة إلى طريق المسلمين ، فإنّ هذا أذىً للمسلمين .
فقالوا : نحن نفعل ذلك ، فمضى وتركهم ، فكسروا مجلسهم وجميع ما أمر به .
حتى انتهى إلى الفرات وهو يزخر بأمواجه ، فوقف والناس ينظرون ، فتكلّم بالعبرانيّة كلاماً ، فضربه بقضيب كان معه وزجره ، ونزل الفرات ذراعاً . . . ( 12 ) .
استجابة دعائه على طلحة والزبير
6 – الفتوح – في ذكر عليّ ( عليه السلام ) بعدما راسل أهل الجمل مرّةً بعد أُخرى ليكفّوا عن الحرب ، فلم يجيبوه – : ثمّ جمع عليّ ( رضي الله عنه ) الناس فخطبهم خطبة بليغة وقال :
أيّها الناس ، إنّي قد ناشدت هؤلاء القوم كيما يرجعوا ويرتدعوا فلم يفعلوا ولم يستجيبوا . . . ثمّ رفع يده إلى السماء وهو يقول :
اللهمّ إنّ طلحة بن عبيد الله أعطاني صفقة بيمينه طائعاً ثمّ نكث بيعته ، اللهمّ !
فعاجله ولا تميّطه ، اللهمّ ! إنّ الزبير بن العوّام قطع قرابتي ، ونكث عهدي ، وظاهر عدوّي ، ونصب الحرب لي وهو يعلم أنّه ظالم ، فاكفنيه كيف شئت وأنّى شئت ( 13 ) .
استجابة دعائه على بسر بن أرطاة
7 – الغارات : كان عليّ ( عليه السلام ) دعا قبل موته على بسر بن أبي أرطاة – لعنه الله – فيما بلغنا ، فقال :
اللهمّ إنّ بسراً باع دينه بدنياه ، وانتهك محارمك ، وكانت طاعة مخلوق فاجر آثر عنده ممّا عندك ، اللهمّ فلا تمته حتى تسلبه عقله .
فما لبث بعد وفاة عليّ ( عليه السلام ) إلاّ يسيراً حتى وسوس وذهب عقله ( 14 ) .
8 – الإرشاد عن الوليد بن الحارث وغيره عن رجالهم : إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لمّا بلغه ما صنعه بسر بن أرطاة باليمن قال :
اللهمّ إنّ بسراً باع دينه بالدنيا ، فاسلبه عقله ، ولا تُبقِ له من دينه ما يستوجب به عليك رحمتك .
فبقي بسر حتى اختلط ( 15 ) ، فكان يدعو بالسيف ، فاتُّخذ له سيفٌ من خشب ، فكان يَضرب به حتى يُغشى عليه ، فإذا أفاق قال : السيف السيف ، فيُدفع إليه فيضرب به ، فلم يزل ذلك دأبه حتى مات ( 16 ) .
9 – مروج الذهب : كان عليّ ( عليه السلام ) – حين أتاه خبر قتل بسر لابني عبيد الله قُثم وعبد الرحمن – دعا على بسر ، فقال : اللهمّ اسلبه دينه وعقله .
فخرف الشيخ حتى ذُهل عقله ، واشتهر بالسيف فكان لا يفارقه ، فجُعل له سيف من خشب ، وجعل بين يديه زقّ ( 17 ) منفوخ يضربه ، وكلّما تخرّق أُبدل ، فلم يزل يضرب ذلك الزقّ بذلك السيف ، حتى مات ذاهل العقل يلعب بخرئه ، وربما كان يتناول منه ، ثمّ يقبل على من يراه فيقول : أُنظروا كيف يطعمني هذان الغلامان ابنا عبيد الله ؟
وكان ربّما شدّت يداه إلى وراء منعاً من ذلك ، فأنجى ذات يوم في مكانه ، ثمّ أهوى بفيه فتناول منه ، فبادروا إلى منعه ، فقال : أنتم تمنعونني وعبد الرحمن وقثم يطعمانني ( 18 ) .
استجابة دعائه على أنس بن مالك
10 – نهج البلاغة : قال ( عليه السلام ) لأنس بن مالك ، وقد كان بعثه إلى طلحة والزبير لمّا جاء إلى البصرة يذكّرهما شيئاً ممّا سمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في معناهما ، فلوى عن ذلك ، فرجع إليه ، فقال : إنّي أنسيتُ ذلك الأمر ، فقال ( عليه السلام ) : إن كنت كاذباً فَضربَك اللهُ بها بيضاءَ لامعةً لا تُواريها العمامة .
قال الرضي : يعني البرص ، فأصاب أنساً هذا الداء فيما بعد في وجهه ، فكان لا يُرى إلاّ مبرقعاً ( 19 ) .
استجابة دعائه على جاسوس معاوية
11 – الإرشاد عن جُميع بن عمير : اتّهم عليّ ( عليه السلام ) رجلا يقال له العيزارُ برفع أخباره إلى معاوية ، فأنكر ذلك وجحده ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أتحلف بالله يا هذا إنّك ما فعلت ذلك ؟ قال : نعم . وبدر فحلف .
فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إن كنت كاذباً فأعمى الله بصرك . فما دارت الجمعة حتى أُخرج أعمى يقاد قد أذهب الله بصره ( 20 ) .
استجابة دعائه على الحسن البصري
12 – الخرائج والجرائح : إنّ عليّاً ( عليه السلام ) رأى الحسن البصري يتوضّأ في ساقية ، فقال : أسبغ طهورك يا كفتي . قال : لقد قتلتَ بالأمس رجالا كانوا يسبغون الوضوء . قال : وإنّك لحزين عليهم ؟ قال : نعم . قال : فأطال الله حزنك . قال أيّوب السجستاني : فما رأينا الحسن قطّ إلاّ حزيناً كأنّه يرجع عن دفن حميم ، أو كأنّه خربندج ( 21 ) ضلّ حماره ، فقلنا له في ذلك ، فقال : عمل فيَّ دعوة الرجل الصالح .
وكفتي : بالنبطيّة شيطان ، وكانت أُمّه سمّته بذلك ودعته في صغره ، فلم يعرف ذلك أحد حتى دعاه به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ( 22 ) .
استجابة دعائه على أهل البصرة
13 – شرح الأخبار : قال عليّ ( عليه السلام ) – على المنبر – : يا أهل البصرة ، إن كنت قد أدّيت لكم الأمانة ، ونصحت لكم بالغيب ، واتّهمتموني ، وكذّبتموني ، فسلّط الله عليكم فتى ثقيف . فقام رجل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، وما فتى ثقيف ؟ قال : رجل لا يدع لله حرمة إلاّ انتهكها ، به داء يعتري الملوك ، لو لم تكن إلاّ النار لدخلها ( 23 ) .
استجابة دعائه على من كذَّبة
14 – المعجم الأوسط عن زاذان : إنّ عليّاً حدّث حديثاً فكذّبه رجل . فقال عليّ : أدعو عليك إن قلت كاذباً . قال : ادع . فدعا عليه فلم يبرح حتى ذهب بصره ( 24 ) .
15 – فضائل الصحابة عن زاذان أبي عمر عن رجل حدّثه : إنّ عليّاً سأل رجلا عن حديث في الرحبة فكذّبه ، فقال : إنّك قد كذّبتني . فقال : ما كذّبتك .
قال : فأدعو الله عليك إن كنت قد كذّبتني أن يعمي الله بصرك . قال : فدعا الله عزّ وجلّ أن يعميه فعمي ( 25 ) .
استجابة دعائه على فتىً نسبه إلى الظلم
16 – شرح الأخبار عن الأصبغ بن نباتة : لمّا انهزم أهل البصرة قام فتى إلى عليّ صلوات الله عليه ، فقال : ما بال ما في الأخبية لا تقسم ؟ فقال عليّ ( عليه السلام ) : لا حاجة لي في فتوى المتعلّمين . قال : ثمّ قام إليه فتىً آخر ، فقال مثل ذلك ، فردّ عليه مثل ما ردّ أوّلاً . فقال له الفتى : أما والله ما عدلت ! فقال له عليّ ( عليه السلام ) : إن كنت كاذباً فبلغ الله بك سلطان فتى ثقيف . ثمّ قال عليّ ( عليه السلام ) : اللهمّ إنّي قد مللتهم وملّوني ، فأبدِلْني بهم ما هو خير منهم ، وأبدلهم بي ما هو شرّ لهم . قال الأصبغ بن نباتة : فبلغ ذلك الفتى سلطان الحجّاج ، فقتله ( 26 ) .
ــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الخرائج والجرائح : 1 / 195 / 30 ، بحار الأنوار : 41 / 195 / 6 .
( 2 ) المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 286 ، بحار الأنوار : 41 / 209 / 23 .
( 3 ) دَجا الليلُ إذا تَمّت ظُلمتُه وألبس كُلَّ شيء ( النهاية : 2 / 102 ) .
( 4 ) الورق : الدراهم ( لسان العرب : 10 / 375 ) .
( 5 ) العَيرانة من الإبل : الناجية في نشاط ، سمّيت لكثرة تَطْوافِها وحركتها ( تاج العروس : 7 / 282 ) .
( 6 ) العُشَراء : التي أتى على حَملها عشرة أشهر ، ثمّ اتّسع فيه فقيل لكلّ حامل : عُشراء ( النهاية : 3 / 240 ) .
( 7 ) الأراك : هو وادي الأراك ، قرب مكّة ( معجم البلدان : 1 / 135 ) .
( 8 ) في بحار الأنوار نقلا عن المصدر : ” وحطمة وادي السياك ” والظاهر أنّه اسم موضع .
( 9 ) مهج الدعوات : 191 ، بحار الأنوار : 41 / 224 / 37 وج 95 / 394 / 33 .
( 10 ) الخرائج والجرائح : 1 / 173 / 4 ، بحار الأنوار : 41 / 249 / 3 وراجع الفضائل لابن شاذان : 91 وإثبات الوصيّة : 160 .
( 11 ) في بقيّة المصادر : ” صعّار ” . والصعّار : المتكبّر ؛ لأنّه يميل بخدّه ويعرض عن الناس بوجهه ( النهاية : 3 / 31 ) .
( 12 ) اليقين : 416 / 155 عن أبي بصير ، الخرائج والجرائح : 1 / 230 / 74 نحوه من دون إسناد إلى المعصوم ، بحار الأنوار : 41 / 237 / 8 وص 250 / 6 .
( 13 ) الفتوح : 2 / 468 ، المناقب للخوارزمي : 184 / 223 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 279 وفيه من ” اللهمّ إنّ طلحة . . . ” .
( 14 ) الغارات : 2 / 640 ؛ شرح نهج البلاغة : 2 / 18 .
( 15 ) خُولِطَ فُلان في عَقله مخالَطة : إذا اختَلّ عَقله ( النهاية : 2 / 64 ) .
( 16 ) الإرشاد : 1 / 321 وراجع الغارات : 2 / 640 – 642 والخرائج والجرائح : 1 / 201 / 42 وإرشاد القلوب : 228 وشرح نهج البلاغة : 2 / 18 والكامل في التاريخ : 2 / 432 .
( 17 ) الزِّق : الجلد يُجَزّ شَعره ( النهاية : 2 / 306 ) .
( 18 ) مروج الذهب : 3 / 172 وراجع تهذيب التهذيب : 1 / 333 / 802 .
( 19 ) نهج البلاغة : الحكمة 311 وراجع المسترشد : 674 / 346 .
( 20 ) الإرشاد : 1 / 350 ، الخرائج والجرائح : 1 / 207 / 48 ، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 279 ، كشف الغمّة : 1 / 283 وفيه ” الغيرار ” بدل ” العيزار ” وراجع إرشاد القلوب : 228 .
( 21 ) قال المجلسي : لعلّه معرّب خربنده أي مكاري الحمار ( بحار الأنوار : 41 / 302 ) .
( 22 ) الخرائج والجرائح : 2 / 547 / 8 ، بحارالأنوار : 41 / 302 / 33 وفيه ” لفتي ” بدل ” كفتي ” في الموضعين .
( 23 ) شرح الأخبار : 2 / 290 / 606 ، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 272 وفيه إلى ” إلاّ انتهكها ” .
( 24 ) المعجم الأوسط : 2 / 219 / 1791 ، دلائل النبوّة لأبي نعيم : 2 / 582 / 532 عن عمّار الحضرمي ، الصواعق المحرقة : 129 ، البداية والنهاية : 8 / 5 ؛ المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 279 .
( 25 ) فضائل الصحابة لابن حنبل : 1 / 539 / 900 ، المناقب للخوارزمي : 378 / 396 .
( 26 ) شرح الأخبار : 2 / 290 / 605 . راجع إخباره بالأُمور الغيبيّة / سلطة الحجّاج .