السؤال:
نحن في زمن تكون وحدة المسملين أمس حاجة فيه ، فلماذا أنتم الشيعة تسبون الصحابة وتكرهونهم ، مع العلم بأنه ما من سني إلا ويحب علي ، ويحب أهل البيت ، وأحفاد النبي وبناته ؟
الجواب:
الشيعة تحترم صحابة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وتعظمهم ، ولكن تجري قواعد الجرح والتعديل عليهم .
فالصحابة غير معصومين باتِّفاق جميع المسلمين ، فأيُّ عقل يقبل أن تكون مجرَّد رؤية الرسول – حيثُ يكون بها الإنسان صحابيّاً – ترفع قانون البحث عن الرجل وأفعاله .
فالشيعة تجري قواعد الجرح والتعديل عليهم ، فمن بقي على الدين بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ومات على المِلَّة ، ولم يغيَّر ولم يُبدَّل فالشيعة تعظِّمُه ، ومن لا فلا .
إذن تقديس أحد ، أو التبري من أحد ، لا يكون صحيحاً ما لم تكن هناك قرائن على استحقاق ذلك الشخص منزلة التقديس أو التبري .
ونحن الإمامية ننتهج منهجاً عقلائياً ، لا يحيد عن الفطرة والوجدان ، وتؤيده أدلة صحيحة صريحة .
والإمامية يرفضون التقديس الاعتباطي ، الذي لا يستند إلى دليل ، ولا يقرُّه عقل ، بل يرفضه القرآن الكريم بقوله تعالى : ( وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) غافر : ۵۸ .
وقوله تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ) الأنعام ۵۰ .
وهكذا نهى الله تعالى عن مساواة المؤمن بالكافر أو بالمنافق .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فان تقديسنا لصحابي أو عدمه تؤيده سيرته وأحواله ، إذ ذلك مَرهُون بالاستقراء التاريخي الذي تفرضه سيرة هذا ، وأحوال ذاك .
وإذا كُنَّا نتردد في حديثٍ أو حديثين ونتََّهمهما بالوضع والكذب ، فلا يمكننا أن نتهم التاريخ كُلَّه بالوضع وعدم الصحة ، إذ ذلك إلغاء لكثير من الحقائق ، واتِّهام أكثر الأمور بالتشكيك وعدم التصديق .
وعلى كل حال ، فنحن نعتقد أيضاً بالوحدة الإسلامية ، وأنَّ المسلمين بأمسِّ الحاجة إلى التقارب والاتحاد .
بالأخص في وقتنا الحاضر ، ولكن هذا لا يعني ترك الحوار الهادئ الهادف للوصول إلى الحقيقة في المسائل العلمية .
فان الأمم والحضارات والمدارس الفكرية لا يمكن أن تصل إلى مرحلة الترقي إلاَّ بالتقارب الفكري ، والحوار الهادف .
فالوحدة مطلوبة ، والحوار الهادف مطلوب أيضاً ، بشرط أن لا يخرج الحوار عن أُسُسِه العلمية .