القصيدة الغديريّة *
للسيّد الدكتور الشاعر : مصطفى جمال الدين ( رحمه الله )
ظَـمِـئَ الـشعرُ أَمْ جَـفَاكَ الـشعورُ كـيف يـظما مَـن فِـيْهِ يجري iiالغديرُ
كـيف تَـعْنُو لـلجَدْبِ أَغْـرَاسُ iiفِـكْرٍ لِـعَـلِـيٍّ بـهـا تَـمـتّ iiالـجـذورُ
نَـبـتتْ بَـيْـنَ ( نَـهْجِهِ ) iiوَرَبِـيْعٌ مِــن بَـنِيْهِ غَـمْرُ الـعَطَاءِ iiالـبُذُوْرُ
وَسَـقَاهَا نَـبْعُ الـنَبِيّ ، وَهَـلْ iiبَـعْدَ نَـمِـيْرِ الـقُـرْآنِ يَـحْـلُوْ نَـمِيْرُ ؟
فَـزَهَـتْ وَاحَـةٌ ، وَرَفَّـتْ iiغُـصُوْنٌ وَنَـمَـا بُـرْعُـمٌ ، وَنـمّتْ iiعُـطُوْرُ
وأَعـــدّتْ سِـلالَـها ، iiلـلـقِطَاف الـغَـضّ مِـنّـا ، قَـرَائِـحٌ iiوَثُـغُوْرُ
هَـكَـذَا يَـزْدَهِـي رَبِـيْـعُ عَـلِـيٍّ وَتُـغَـنِّي عَـلَـى هَــوَاهُ الـطُيُوْرُ
شَـرِبَـتْ حُـبَّـهُ قُـلُـوْبُ iiالـقَوَافِي فَـانَْتَشَتْ أَحْـرُفٌ ، وَجُـنَّتْ شُـطُوْرُ
********
ظَـامِئَ الـشِعْرِ ، هَـا هُنَا يُولَدُ iiالشِعْرُ وَتَـنْـمُـوْ نُــسُـوْرُهُ iiوَتَـطِـيْـرُ
هَـا هُـنَا تَـنْشُرُ الـبَلاَغَةُ iiفَـرْعَيْهَا فَـتَـسْتَاف مِــنْ شَـذَاهَا iiالـدُهُوْرُ
( هَــدَرَتْ ) حَـوْلَهُ بِـكُوْفَانَ iiيَـوْمَاً ( ثُـمَّ قَـرَّتْ ) .. وَمَـا يَـزَالُ iiالهَدِيْرُ
وَسَـيَـبْقَى يَـهُـزُّ سَـمْـعَ iiالـلَيَالِي مِـنْـبَرٌ مِــنْ بَـيَـانِهِ iiمَـسْـحُوْرُ
تـتلاقَى الأفـهامُ مِـن حَـولِهِ شَتّى ii: فَـفَـهْمٌ عَــادَ ، وَفَـهْـمٌ نَـصِـيْرُ
وَيَـعُـوْدُوْنَ ... لاَ الـعَـدُوّ iiقَـلِـيْلُ الــزَادُ مِـنْهُ ، وَلا الـصَدِيْقُ iiفَـقِيْرُ
ظَامِئ الشِعْرِ ، هَاهُنَا : الشِعْرُ ، وَالفَنُّ ، وَصَــوْتٌ سَـمْحُ الـبَيَان ، iiجَـهِيْرُ
بِـدْعَةُ الشِعْرِ أَنْ تَشُوْبَ الغَدِيْرَ iiالعَذْبَ فِــيْ أَكْــؤُسِ الـقَـصِيْدِ iiالـبُحُوْرُ
وَعَـلِيٌّ إِشْـرَاقَةُ الـحُبِّ ، لَـوْ iiشِيْبَ بِـسُـوْدِ الأَحْـقَـادِ كَــادَتْ iiتَـنِيْرُ
********
أَيُّـهَـا الـصَاعِدُ الـمُغِذُّ مَـعَ الـنَجْمِ هَـنِـيْئَاً لَــكَ الـجـناح iiالـخَـبِيْرُ
قَـدْ بَهُرَتْ ( النجوم ) مَجْدَاً وَإِشْعَاعَاً ii، وَإِنْ ظُـــنَّ : أَنَّـــكَ iiالـمَـبْهُوْرُ
وَبَـلَغْتَ الـمَرْمَى ، وإِنْ فـلَّ iiرِيْـشٌ وَانْـطَـوَى جَـانِـحٌ عَـلَيْهِ iiكَـسِيْرُ
وَمَـلأْتَ الـدُنْيَا دَوِيَّـاً ، فَـلا يُـسْمَعُ إِلاَّ هِــتَـافُـهَـا الــمَـخْـمُـوْرُ
فَـقُـلُوْبٌ عَـلَـى هَــوَاكَ iiتُـغَـنِّي وَأَكُـــفٌ إِلَــى عُــلاَكَ تُـشِـيْرُ
حِـيَـلٌ لِـلْـخُلُوْدِ ، قَـامَـرَ iiفِـيْـهَا لاَعِـبِـيْهِ .. وَالـرَابِـحُ الـمَقْمُوْرُ ii!!
وَسَـيَبْقَى لَـكَ الـخُلُوْدُ ، وَلِـلْغَافِيْنَ ، فِــيْ نَـاعِـمِ الـحَـرِيْرِ ، iiالـغمورُ
وَسَـتَـبْنِي لَــكَ الـضَـمَائِرُ iiعِـشّاً وَلـدنـيا سِــوَاكَ تُـبْنَى iiالـقُصُوْرُ
وَسَـتَـبْقَى إِمَــامَ كُــلِّ شَـرِيْـدٍ لَــزّهُ الـظُـلْمُ ، واجْـتَوَاهُ iiالـغُرُوْرُ
وَسَـيَـجْرِيْ بِـمـرج عَـذْرَاء iiمِـن ( حِـجْرِكَ ) نَـحْرٌ.. تَقْفُوْ سَنَاهُ النُحُوْرُ
********
سَـيِّـدِي أَيُّـهَا الـضَمِيْرُ iiالـمُصَفَّى وَالـصِـرَاطُ الَّــذِيْ عَـلَيْهِ iiنَـسِيْرُ
لَـكَ مَـهْوَى قُـلُوْبِنَا ، وَعَـلَى iiزَادِكَ نُــرَبِّـيْ عُـقُـوْلَـنَا ، iiوَنَـمِـيْـرُ
وَإِذَا هَـــزَّتْ الـمَـخَاوِفُ رُوْحَــاً وَارْتَـمَـى خَـافِـقٌ بِـهَـا مَـذْعُوْرُ
قَـرَّبَـتْـنَا إِلَــى جِـرَاحِـكَ iiنَــارٌ وَهَــدَانَـا إِلَــى ثَـبَـاتِكَ iiنُــوْرُ
نَـحْنُ عُـشَّاقِكَ الـملحّون فِيْ iiالعِشْقِ وَإِنْ هَــامَ فِــي هَــوَاكَ الـكَثِيْرُ
بَـاعَدْتْنَا عَـنْ ( قَـوْمِنَا ) لُـغَةُ iiالحُبِّ فَـظَـنُّـوْا: أَنّ الـلُّـبَابَ iiالـقُـشُوْرُ
بَـعْضُ مَـا يُـبْتَلَى بِـهِ الحُبُّ iiهَمْسٌ مِــنْ ظُـنُوْنٍ ... وَبَـعْضُهُ iiتَـشْهِيْرُ
إِنَّ أَقْـسَـى مَــا يُـحَـمِّلُ iiالـقَلْبَ أَنْ يُـطْـلَبُ مِـنْـهُ لِـنَبْضِهِ iiتَـفْسِيْرُ
نَـحْنُ نَـهْوَاكَ ، لا لِـشَيْءٍ ، iiسِـوَى أَنَّــكَ مِــنْ أَحْـمَـدَ أَخٌ iiوَوَزِيْـرُ
وَحُـسَـامٌ يَـحْـمِيْ ، وَرُوْحٌ تَـفْدِي وَلِـسَـانٌ يَـدْعُـوْ ، وَعَـقْلٌ iiيُـشِيْرُ
وَمَـفَـاتِيْحُ مِــنْ عُـلُوْمٍ ، iiحَـبَاهَا لَــكَ ، إِذْ أَنْــتَ كَـنْزُهَا iiالـمَذْخُوْرُ
ضَـــرَبَ اللهُ بَــيْـنَ iiوَهْـجَـيْكُمَا حـدداً : فَـأَنْتَ الـمَنَارُ وَهُـوَ المُنِيْرُ
وَإِذَا الـشَـمْـسُ آذَنَــتْ iiبِـمَـغِيْبٍ غَـطَّتْ الـكَوْنَ مِـنْ سَـنَاهَا الـبُدُوْرُ
********
نَـحْنُ يَـا قَـوْمَنَا ، وَأَنْـتُمْ عَلَى iiدَرْبٍ سَــوَاءٌ ، يَـلـذُّ فِـيْـهِ iiالـمَـسِيْرُ
غَـيْرَ أَنَّا نَسْرِيْ إِلَى ( الوِحْدَةِ الكُبْرَى ) وَنَــدْرِي : أَنَّ الـطّـرِيْقَ iiعَـسِـيْرُ
فِــيْ مَـتِيْهٍ تَـنَاهَبَتْهُ الأَعَـاصِيْرُ ii، وَجَــنَـتْ بِـجَـانِـبَيْهِ iiالـصُـخُوْرُ
وَعَـلَى دَرْبِـنَا إِلَـى القِمّةِ السَمْحَاء ii، شَــوْكٌ يُـدْمِـيْ ، وَرَمْـلٌ iiيَـمُوْرُ
وَبَـنُوْ عَـمِّنَا تُـرَاوِحُ فِـيْ الـسَيْرِ ii، وَتَــدْرِيْ : أَنَّ الـوُقُـوْفَ iiخَـطِـيْرُ
وَيَـقولون : إِنَّ نَـهْرَاً مِـنَ iiالـفِرْقَةِ يَــنْـشَـقُّ بَـيْـنَـنَا iiوَيَــغُـوْرُ
وَعَـلَـى ضِـفَّـتَيْهِ يَـمْتَلِئُ iiالـتَارِيْخُ حِـقْـدَاً .. فَـيَـسْتَحِيْلُ الـعُـبُوْرُ ii!
صَـدَقُـوْا ... غَـيْرَ أَنَّـنَا لاَ iiنُـحِيْلُ الأَمْــرَ مَـا طَـالَ حَـوْلَهُ iiالـتَفْكِيْرُ
بَـعْضُ مَـا يُـسْتَحَالُ كَمْ وَحْدَة iiالرَأْي قُــصُـوْرٌ، وَبَـعْـضُـهُ iiتَـقْـصِيْرُ
وَإِذَا طَــابَـتْ الـنَـوَايَـا iiتَـلاَقَـتْ فِـي هَـوَى الـضِفَّتَيْنِ مِـنَّا iiالجُسُوْرُ
قَـارِبُـوْنَا نَـقْـرَبُ إِلَـيْكُم ، iiوَخَـلُّوْا الـحِـقْدَ تَـغْـلِيْ قُـلُـوْبُهُِ iiوَتَـفُوْرُ
فَـسَـيَصْحُوْ الـطُهَاةُ يَـوْمَاً ، وَقَـدْ ذَابَـتْ بِـنَارِ الأَحْـقَادِ حَـتَّى iiالـقُدُوْرُ
********
نَـحْنُ ، يَـا قَـوْمَنَا سُـرَاةُ iiطـريق يَـسْـتَوِيْ بِـدْؤُنَـا بِـهِ iiوَالـمَصِيْرُ
قَـدْ صَـعَدْنَا بِـهِ إِلَـى ذَرْوَةِ المَجْدِ ii، فَـمَـا عَـاقَـنَا الـلَّـظَى iiوَالـهَجِيْرُ
وَاسْـتَشَارَ الإِسْـلاَمُ مَـوْتَى مَوَاضِيْنَا فَـهَـبَّتْ .. وَفِـي شـباها iiالـنُشُوْرُ
وَدَعَـتْـنَا بَــدْرٌ لِـصَحْوَتِنَا الأُوْلَـى وَأُحُـــدٌ، وَخَـيْـبَـرٌ، iiوَالـنَـضِيْرُ
فَـرَكِـبْنَا مَـتْـنَ الـزَمَانِ ، iiوَقُـدْنَا إِلَـى المَوْتِ أَعْمَى ، يَسِيْرُ حَيْثُ iiنَسِيْرُ
وَأَتَيْنَا ( هِرَقْلَ ) فِيْ ضِفَّةِ ( اليَرْمُوْكَ ii) شُـعْـثَاً ، فَـارْتَـجَّ فِـيِـه iiالـسَرِيْرُ
قَـدْ مَـزَجْنَا أَمْـوَاجَهُ بِالعقَاصِ iiالشُقْرِ فَــانْـدَافَ طِـيْـبُـهُ iiوَالْـحَـرِيْـرُ
واقْـتَمَحْنَا ( الأيـوان ) هَـوْجَاً iiفَـلا ( رُسْتُمٌ ) كَفّ الرَدَى ، وَلاَ ( أَرْدَشِيْرُ ii)
اسْـأَلُوْهُ : هَـلْ شَـبَّتْ ( الـنارُ ) فِيْهِ مُـذْ دَخَـلَنْا ، وَفِـي ظُـبَانَا ( النُوْرُ ii)
يَــا لأَمْـجَـادِنَا : أَنَـحْـنُ iiبَـقَـايَا الـسَـيْـفِ أَمْ غَـمْـدُهُ iiالـمَـكْسُوْرُ
هـدْنَـا ذُعْـرَنَا وَحَـازَتْ سَـرَايَانَا ii: أَغُـــوْلٌ يَـقُـوْدُهَـا أَمْ أَمِـيْـرُ ii؟
********
أَيّـها الـخَانِعُونَ قَـدْ أَيْـنَعَ الذُعْرُ ii، وَأَعْــطَـى ثِــمَـارَهُ الـتَـذْعِـيْرُ
وَمَـلأْتُـمْ أَسْـوَاقَنَا بِـغَِلاَلِ الـجُبْن ii، حَـتَّـى اسْـتَـكَانَ مِـنَّـا iiالـجُسُوْرُ
فَـأَلِفْنَا ( الـعَوِيْلَ ) حِـيْنَ نَـبَا iiفِـي الـسَمْعِ مِـنْ جَاثِمِ الأُسُوْدِ ( الزَئِيْرُ ii)
وَاصْـطَـنَعْتُمْ لِـلْفِكْرِ سُـوْقَ رَقِـيْقٍ سِـيْمَ فِـيْهِ الـنُهَى ، وَبِـيْعَ iiالضَمِيْرُ
فَـقَـرَأْنَا مَـا دَبَّـجُوا مِـنْ مَـعَاذِيْرَ هُـرُوْبٌ ، تُـخْزَى عَـلَيْهَا iiالـسُطُوْرُ
وَسَـمِعْنَا صَـوْتَ الـهَزِيْمَةِ ، يُـخْفِيْهِ عَـلَـى بُـؤْسِـهِ خِـطَـابٌ iiمُـثِـيْرُ
وَعَـلِـمْـنَا كَــمَـا تُــرِيْـدُوْنَ ii: أَنَّ الـحَرْبَ فِـيْ مِـثْلِ حَـالِنَا iiتَغْرِيْرُ
وَبَـأَنَّ الـجَيْشَ الذِيْ سَدَّ عَيْنَ iiالشَمْسِ مَــــا رَدّ عَــادِيَـاً iiمَــعْـذُوْرُ
وَالـسِلاَحُ الـذِيْ حَـشَدْنَا ، iiفَـضَاقَتْ بِـضَـحَايَاهُ مِــنْ بَـنِيْنَا ، iiالـقُبُوْرُ
قَـدْ عَـذَرْنَا بِـهِ الأَسَـاطِيْلَ لَمْ iiتُرْهِب سـفـيناً ، وَلَــمْ تَـهـبهَا iiبُـحُوْرُ
وَعَذَرْنَا حَتَّى ( الأَوَاكِسَ ) ، لَمْ iiتَكْشِفْ مَـغَارَاً .. وَكَـيْفَ يَـرْنُوا ضَـرِيْرُ ii!!
حَـسْـبُكُمْ أَيُّـهَـا الـمَلِيْئوْنَ iiنُـصْحَاً وَانْـهِـزَامَاً ، فَـسَـعْيُكُمْ مَـشْكُوْرُ ii!
اتْـرُكُوْنَا .. نُـحَارِبُ السَيْفَ أَوداجاً ii، وَنُــرْدِيْ الـرُمْـحَ الـلَئِيْم iiصُـدُوْرُ
وَأَرِيْـحُـوا سِـلاَحَـكُمْ ، iiوَأَعُــدُّوْهُ لِـشَـعْبٍ ، تَـحْـتَ الـرَمَـادِ iiيَـثُوْرُ
وَدَعُـوْنَا نَـرْمِي الـحِجَارَةِ مِـنْ iiكَفِّ صَـغِـيْرٍ يَـحْـمِيْهِ عَــزْمٌ iiكَـبِـيْرُ
فَـوَرَاءُ ( الـمِقْلاَع ) بَـأْسٌ iiوَصِـدْقٌ وَوَرَاءَ ( الـصَـارُوْخ ) رُعْـبٌ iiوَزُوْرُ
ــــــــــــــــــ
* المصدر : موقع شبكة العراق الثقافيّة . أُنشدتْ هذه القصيدة بمناسبة مرور 14 قرناً على واقعة الغدير ، في لندن عام 1980م . انظر موقع الشاعر السيّد جمال الدين .