عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر صلوات الله عليه قال : سألته عن قول الله عز و جل { أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَ مِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَ إِسْرائِيلَ وَ مِمَّنْ هَدَيْنا وَ اجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا }
قَالَ : نَحْنُ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ ، وَ نَحْنُ الْمَحْمُولُونَ مَعَ نُوحٍ ، وَ نَحْنُ صَفْوَةُ اللَّهِ ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ { وَ مِمَّنْ هَدَيْنا وَ اجْتَبَيْنا } فَهُمْ وَ اللَّهِ شِيعَتُنَا الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ لِمَوَدَّتِنَا وَ اجْتَبَاهُمْ لِدِينِنَا فَحَيُّوا عَلَيْهِ وَ مَاتُوا عَلَيْهِ ، وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِالْعِبَادَةِ وَ الْخُشُوعِ وَ رِقَّةِ الْقَلْبِ فَقَالَ { إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا }
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ : فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا وَ هُوَ جَبَلٌ مِنْ صُفْرٍ يَدُورُ فِي وَسَطِ جَهَنَّمَ .(1)
الآية بحسب تفسير الكاظم من آل محمد صلوات الله و سلامه عليه فإنها مخصوصة بالشيعة الذين ملئت قلوبهم مودةً لآل الله فيخضعون و يبكون إذا تليت عليهم آيات الرحمن
و آيات الرحمن هم آل محمد صلوات الله و سلامه عليهم كما في الأحاديث الشريفة التالية :
عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال في ذكر أسماء آل محمد في القرآن قال : نَحْنُ الْآيَاتُ وَ نَحْنُ الْبَيِّنَاتُ .(2)
و عن داوود بن كثير الرّقي قال : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ﴿ وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ قَالَ : الْآيَاتُ الْأَئِمَّةُ ، وَ النُّذُرُ الْأَنْبِيَاءُ .(3)
و عن أبي حمزة قال : سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ﴿ كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها ﴾ فِي بَطْنِ الْقُرْآنِ أَنْ كَذَّبُوا بِالْأَوْصِيَاءِ كُلِّهِمْ .(4)
و عنه أيضاً ﴿ بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ قَالَ : هُمُ الْأَئِمَّةُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .
قَوْلُهُ ﴿ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا ﴾ يَعْنِي مَا يَجْحَدُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ﴿ إِلَّا الْكافِرُونَ ﴾ (5)
فالمخصوصين بالآية بالهداية و الإجتباء هم الشيعة الذين يخضعون و يبكون كلما ذكر عندهم آل محمد صلوات الله عليهم لمجرد ذكر أسمائهم و فضائلهم و مقاماتهم فكيف إذا ذكرت ظلاماتهم و مصائبهم ؟!!
و الذين أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات و سوف يلقون غيا في صقر وسط جهنم هم الذين لا يبكون عند ذكر آل محمد ، بل و الأغرب و الأعجب أنهم يستنكرون على من يفجع بمصيبة سيد الشهداء و يظهر بعض علامات الجزع و الحزن و الألم و يعيبون عليهم ذلك!!
فإن كان البكاء واجب لمجرد ذكر أسمائهم الشريفة فكيف بمصيبة سيد الشهداء الغريب العطشان المذبوح العريان الذي قال في حقه الإمام الثاني من آل محمد الحسن المجتبى صلوات الله و سلامه عليه لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الله.