من المحدّثين من يرى قتل من يقدح في عمر.
عن سعيد بن عبد الرّحمن بن أبزى قال: « قلت لأبي: يا أبه، أرأيت لو أنّك رأيت رجلا يسبّ أبا بكر ما كنت فاعلا؟ قال: كنت أضرب عنقه! قال: قلت فعمر؟ قال: كنت أضرب عنقه! قال: قلت فعثمان؟ قال: أمر قد اختلف فيه». وعن ابن عيينة عن خلف بن حوشب عن ابن أبزي نحوه([1]).
أقول:
وأنت ترى كيف توقّف السّائل عند عثمان، ولم يتعدّه إلى عليّ(ع) مخافة أن يتورّط ويصدر حكما قاسيا في حقّ كثير من الصّحابة والتّابعين الذين كانوا يسبّون عليا(ع) ويشتمونه ويلعنونه. ويكفيك هذا لمعرفة مدى النّزاهة والأمانة لدى من تولّوا الإِشراف على التّراث! ومجرّد التّوقّف عند عثمان يعني أنّ عليّا (ع) مستباح العرض، فإذا سبّه شخص فإنّه يكون قد ارتكب أمرا مختلفا فيه، والمختلف فيه لا يصحّ الاحتجاج به! وهكذا غدا من يسبّ عمر بن الخطّاب يستحقّ القتل في الإسلام مع أنّ عمر قضى أكثر من ثلاثين سنة يعبد الأصنام، بينما يرفع الحرج والملام عمّن يسب عليا(ع) مع أنّه لم يسجد لصنم طرفة عين! فأين قيمة التّوحيد إذاً؟! على أنّ أبا بكر نفسه لا يقبل أن يقتل رجل سبّه. قال السّبكي :وفي حديث أبي برزة« كنت يوما عند أبي بكر فغضب على رجل ـ وحكى القاضي إسماعيل وغيره في هذا الحديث أنه سبّ أبا بكر، ورواه النسائي أتيت أبا بكر وقد أغلظ لرجل ـ فردّ عليه فقلت: يا خليفة رسول الله دعني أضرب عنقه. قال: اجلس فليس ذلك لأحد إلاّ لرسول الله(ص)([2]).
ورووا عن رسول الله(ص)أنّه قال: أتاني جبريل آنفا فقلت له: يا جبريل حدّثني بفضائل عمر بن الخطّاب في السّماء! فقال: يا محمّد، لو حدّثتك بفضائل عمر في السّماء ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما ما نفذت فضائل عمر، وإنّ عمر حسنة من حسنات أبي بكر ([3]).
أقول:
على فرض أنّ حياة عمر كلّها كانت حسنات، لحظة لحظة، فإنّه يكفي لبيانها مدّة مساوية لعمره، فكيف غدا "ما لبث نوح في قومه " غير كاف لبيانها؟! والحال أنّ عمر بن الخطاّب قضى معظم عمره ينحني للأصنام، وقد قال الله تعالى{إنّما المشركون نجس}، فهل كان عمر أيّام كان من المشركين أيضا على فضيلة؟ أم أنّه يستثنى من القاعدة كما تقتضيه ثقافة الكرسيّ، فيقال: كلّ المشركين نجس باستثناء عمر بن الخطّاب؟! ولأنّ قوله تعالى{إنّما المشركون نجس} يعني أنّ كلّ مشرك نجس حال شركه، والقائل هو الله جلّ شأنه، فلا مزايدة! وعليه يكون عمر بن الخطّاب أيّام كان على الشّرك نجسا، وهذا لا يقبل الجدل؛ وبما أنّ شركه دام أكثر من ثلاثين سنة، فإنّه لا يعقل أن يكون له في ذلك فضل. وأمّا بعد إسلامه، فإنّ هناك مواطن ينبغي التوقف عندها، وفيها تساؤلات مشروعة. هل يمكن أن يعدّ من فضائل عمر أنّه فرّ يوم أحد؟ هل يمكن أن يعدّ من فضائله أنّه فرّ يوم حنين؟ هل يمكن أن يعدّ من فضائل أنّه فرّ يوم خيبر يجبّن أصحابه ويجبّنونه([4])؟هل يمكن أن يعدّ من فضائل عمر أنّه جبن يوم الأحزاب ترتعد فرائصه لزئير عمرو بن عبد ودّ؟ و أنّه كان سريعا إلى المساءة كثير الجبه والشّتم و السّبّ([5])، وهذا عين سوء الخلق؟ وأنّه همّ بتحريق بيت فاطمة(ع)؟ وأمور أخرى نتعرّض لها فيما يأتي من الكتاب إن شاء الله تعالى . وقد كفى الله المؤمنين القتال بأحمد بن حنبل، فقد قال ابنه عبد الله: «قال أبي: هذا حديث باطل موضوع اضرب عنه»([6]). وفي الفوائد:«.حديث أنه(ص)قال لجبريل حدثني بفضائل عمر في السّماء فقال: يا محمد، لو حدّثتك بفضائل عمر في السّماء ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ما نفدت فضائل عمر وإنّ عمر حسنة من حسنات أبي بكر. رواه الحسن بن عرفة عن عمّار مرفوعا. قال أحمد بن حنبل: إنّه موضوع. قال في اللآلئ: إنّه أخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة قلت: أخرجه أبو نعيم فكان ماذا؟ فليس بمثل هذا يتعقب قول من قال إنه موضوع»([7]). وفي اللآليء .قال أحمد بن حنبل: موضوع ولا أعرف إسماعيل، وقال الأزدي هو ضعيف، وقال ابن حبان يروي المناكير التي لا يشك أنها موضوعة»([8]) وفي العلل المتناهية«قال أبو الفتح الأزدي إسماعيل ضعيف. قال أبو حاتم: الوليد مجهول؛ وقال ابن حبّان: كان يروي المناكير التي لا يشكّ أنها موضوعة»([9]).
وعن شفي الأصبحي قال: سمعت عبد الله بن عمرو (رض)يقول سمعت رسول الله(ص)يقول: «سيكون بعدي اثنا عشر خليفة، أبو بكر الصّدّيق لا يلبث بعدي إلاّ قليلا، وصاحب رحى دارة العرب يعيش حميدا ويموت شهيدا؛ قيل: من هو يا رسول الله؟ فقال: عمر بن الخطّاب (رض)([10]).
أقول:
إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يستشهد الرّجلان بهذا يوم السّقيفة؟ وكيف خفي هذا الكلام على عليّ وفاطمة عليهما السّلام؟
قال السّيوطي: «وأخرج التّرمذي والحاكم وصحّحه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله(ص): لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطّاب. وأخرجه الطبرانيّ عن أبي سعيد الخدريّ وعصمة بن مالك. وأخرجه ابن عساكر من حديث ابن عمر» ([11]).
أقول:
إن صحّ هذا فإنّه يجوز على الأنبياء عبادة الأصنام عشرات السّنين، لأنّ عمر عبد الأصنام عشرات السّنين، وهو مع ذلك يستحق النّبوّة. لكنّ عبادة الأصنام من النّجس بدليل قوله تعالى{إنّما المشركون نجس}، فيكون المرشّح للنّبوّة سبق له أن كان نجسا! وقد يوجد في نفس الوقت من لا يعبد الأصنام بل يوحّد الله تعالى ويجتنب الأصنام، وهو غير مرشح للنّبوّة، فيكون غير المرشّح للنّبوّة طاهرا والمرشّح للنّبوّة نجسا، وهذا ما لا يرتضيه الفلاّح في الصّعيد، ولا الملاّح في البحرين؛ فيا خيبة الرّاوي ويا خيبة من يصدّقه! ثم كيف يصنعون بما رووا في الصّحاح وغيرها من قول رسول الله(ص) لعلي (ع):«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي»([12]). ففي ظلّ هذا الحديث من يكون نبيّا بعده لو كان باب النبوّة مفتوحا؟!
ونسب إلى النّبي(ص)أنّه قال:«لمّا أسلم عمر بن الخطّاب أتاني جبريل فقال: قد استبشر أهل السّماء بإسلام عمر»([13])، قال المناويّ: وذلك لأنّ النّبي(ص)قال: اللّهمّ أعزّ الإسلام بأبي جهل أو بعمر، فأصبح عمر فأسلم، فأتى جبريل فذكره. وفي علل التّرمذيّ عن الحبر رأى النّبيّ(ص)على عمر ثوبا أبيض فقال: البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا. في فضائل الصّحابة (عن ابن عبّاس) قال الحاكم: صحيح. وردّه الذّهبيّ في التّلخيص بأن عبد الله بن خراش أحد رجاله ضعّفه الدّارقطنيّ وقال في الميزان: قال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، وقال البخاريّ: منكر الحديث، ثمّ ساق من مناكيره هذا الخبر»([14]).
وحديث «لو لم أبعث فيكم لبعث عمر». قال السّيوطيّ: «في إسناده وضّاع»([15]).
أقول:
وكفى الله المؤمنين القتال.
و عن ابن عبّاس قال: وضع عمر بن الخطّاب على سريره فتكنّفه النّاس يدعون ويصلّون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلاّ رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفتّ فإذا هو عليّ بن أبي طالب فترحّم على عمر وقال: ما خلّفت أحدا أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، و أيم الله إن كنت لأظنّ ليجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أنّي كنت أكثر أن أسمع رسول الله(ص)يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكروعمر، وخرجت أنا و أبو بكر وعمر فإن كنت لأظنّ ليجعلك الله معهما([16]).
أقول:
ينسبون مثل هذه الرّوايات إلى عليّ بن أبي طالب(ع)، والصّحاح تشهد بخلافها، وكيف يقول علي(ع) مثل هذا وخطبته الشّقشقيّة تهتف بما ينسفه! ولكنّ من خلت قلوبهم من النزاهة والأمانة لا يبالون ما يأتون، فتراهم يتحوّلون فجأة إلى علي بن أبي طالب (ع) وينسبون إليه ما يحاولون أن يشوّشوا به على شيعته، وغاب عنهم أنّ أتباعه (ع) لا يأخذون معالم دينهم هم إلا من رسول الله وعترته المصطفين الذين أخبر (ص) أنّهم أعلم الأمّة، وأنّ من تمسّك بهم لا يضلّ أبدا. ولم يرد من طريق عليّ(ع) في كتب شيعته ما يضفى رائحة الشّرعية على جماعة السقيفة، بل إنّه ظلّ يشكو إلى الله تعالى ظلم قريش إيّاه، وخرج من الدّنيا ولم يتراجع عن موقفه قيد أنملة. فهذا الحديث (وأمثاله) ردّ على أصحابه.
و عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(ص)أتاني جبريل عليه السلام فقال: أقرئ عمر السلام وقل له إنّ: رضاه حكم وإنّ غضبه عز»([17]). وهو في المعجم الأوسط أيضا، وقال الطّبراني بخصوصه هناك: «لم يرو هذا الحديث عن زيد العمي إلاّ جرير بن حازم تفرّد به خالد بن يزيد العمي»([18]).
أقول:
لقد رضي أن يفرّ من الزّحف أكثر من مرّة، فهل يصبح الفرار حكما؟ ولقد كان هائجا حين الهجوم على بيت فاطمة، فهل هذا عزّ، وقد أخبر الله تعالى نبيّه(ص)أنّه جلّ وعلا يغضب لغضب فاطمة(ع) ويرضى لرضاها([19]). وأعمل الفكر جيّدا وتأمّل وتمعّن كي ترى كيف سلب الحديث من فاطمة(ع) وأضفي على عمر بن الخطاب!
وأخرج ابن سعد عن بسطام بن مسلم قال: قال رسول الله(ص)لأبي بكر وعمر لا يتأمّر عليكما أحد بعدي([20]).
أقول:
إن كان هذا صحيحا فلم أمّر عليهما أسامة بن زيد في آخر عمره الشّريف؟
أيعقل هذا؟ أيعقل أن يقول لهما النبي(ص) أمام النّاس هذا الكلام ثمّ يؤمّر عليهما أسامة بن زيد، كما هو في القصّة المشهورة؛ روى البخاري عن[..] مسدد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان بن سعيد حدثنا عبد الله بن دينار عن بن عمر (رض) قال أمر رسول الله (ص) أسامة على قوم فطعنوا في إمارته فقال: إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله لقد كان خليقا للإمارة وإن كان من أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده([21]). ثم أعمل الفكر في قوله (ص):« إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله» يتبين لك أنّهم كانوا لا يرون حرجا في الطّعن في أقوال الرسول (ص) وأفعاله بعد نزول قوله تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممّا قضيت ويسلّموا تسليما}!
و عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله(ص) جالسا فسمعنا لغطا وصوت الصبيان، فقام رسول الله (ص) فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها فقال: يا عائشة تعالي فانظري. فجئت فوضعت ذقني على منكب رسول الله(ص) فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي: أما شبعت فجعلت أقول لا، لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر فارفضّ الناس عنها فقال رسول الله (ص) إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فرّوا من عمر. قالت: فرجعت .
أقول:
لكنّ شياطين قريش لم يفرّوا منه يوم أحد ويوم حنين، وعمرو بن عبد ودّ لم يفرّ منه يوم الأحزاب، وشياطين اليهود لم يفرّوا منه يوم خيبر، وتلك أمّهات المعارك في تاريخ الإسلام. وانظر إلى قلّة ورع الرّاوي يزعم أنّ رسول الله يشارك الشّياطين في التفرّج على الباطل، ولا تبالي الشّياطين بوجوده الشّريف وإنّما تهتمّ لحضور عمر، وكأنّ رسول الله(ص) أقلّ شأنا من رجل كان ينحنى للأصنام عشرات السنين! وانظر إليهم يزعمون أن رسول الله (ص) كان يشجّع إحدى أزواجه على التفرّج على الرقص والغناء، ولو قيل لهم إن عمر بن الخطاب جلس يتفرج على الغناء والرّقص مع إحدى أزواجه لقالوا { كبرت كلمة تخرج من أفواههم}، فما أجرأهم على الله تعالى.
قال السيوطي: وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشّيخ عن زيد بن أسلم في قوله {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات} قال: أنزلت في عمر بن الخطّاب وأبي جهل بن هشام كانا ميتين في ضلالتهما فأحيى الله عمر بالإسلام وأعزّه وأقرّ أبا جهل في ضلالته وموته، وذلك أنّ رسول الله(ص)دعا فقال: اللّهم أعزّ الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطّاب([22]).
أقول:
أين هذا العزّ في حياة النّبي(ص)؟!.وأين كان عمر بن الخطّاب حين كان عمرو بن عبد ودّ يزمجر ويتحدّى؟!
قال ابن عاشور: وفي الحديث: قد يكون في الأمم محدّثون فإن يكن في أمّتي أحد فعمر بن الخطّاب([23]).
قال الآلوسيّ: أخرج ابن جرير عن محمّد بن إسحق أنّ النبي(ص)قال عند نزول هذه الآية: لو أنزل من السماء عذاب لما نجا منه غير عمر بن الخطّاب وسعد بن معاذ لقوله كان الإثخان في القتل أحبّ إلي. وأخرجه ابن مردويه عن ابن عمر لكن لم يذكر فيه سعد بن معاذ ([24]).
أقول:
لكن القرآن يقول{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} ولم يقل وما كان الله ليعذّبهم وعمر فيهم، فدلّ هذا على وضع الرّواية. ثمّ عن أيّ إثخان يتكلّمون؟ومتى أثخن عمر في القتل؟ هل في وسعهم أن يأتوا بمحارب واحد قتله عمر بن الخطاب في معركة؟
قال الثّعالبي: وأكثر الرّوايات في سبب نزول الآية أنّ عبد الرّحمن بن عوف تصدّق بأربعة آلاف وأمسك مثلها وقيل هو عمر بن الخطّاب تصدّق بنصف ماله([25]).
أقول:
شهد على عمر بن الخطّاب صحابة وصحابيّات ببخله ومنعه الخير. ولو كان صاحب جود في الجاهليّة أو الإٍسلام لذكر في الأجواد. وقد سمّى محمد بن حبيب البغدادي أجواد العرب في الجاهليّة والإسلام فلم يذكر فيهم عدويّا واحدا، لا عمر و لا غيره.
قال ابن كثير: روى قيس بن حجّاج قال: لما فتحت مصر أتى أهلها
(عمرو بن العاص)وكان أميرا بها فقالوا: أيّها الأمير، إنّ لنيلنا هذا سنّة لا يجري إلاّ بها! قال: وما ذاك؟ قالوا: إذا كانت اثنتا عشرة ليلة خلت من هذا الشّهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثّياب أفضل ما يكون، ثمّ ألقيناها في هذا النّيل؛ فقال لهم عمرو: إنّ هذا لا يكون في الإسلام، إنّ الإسلام يهدم ما كان قبله. فأقاموا والنّيل لا يجري حتّى همّوا بالجلاء فكتب (عمرو) إلى(عمر بن الخطّاب)بذلك فكتب إليه عمر: إنّك قد أصبت بالذي فعلت، قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي هذا فألقها في النّيل. فلمّا قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة ففتحها فإذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر أما بعد: فإنّك إن كنت إنّما تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهّار هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك. قال: فألقى البطاقة في النّيل فأصبحوا يوم السّبت وقد أجرى الله النيل ستّة عشر ذراعا في ليلة واحدة، وقد قطع الله تلك السّنّة عن أهل مصر إلى اليوم. (رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنّة )([26]).
أقول:
يبدو أنّ عمر بن الخطّاب علّم منطق الأنهار، كما يبدو أنّ النّيل يفهم اللّغة العربيّة الحجازيّة، ويعرف خطّ عمر، ولا يحتاج إلى ترجمان! لكنّ سنيّ عمر كانت سنيّ قحط بالمدينة، ومن تلك السنيّ عام الرّمادة. فلماذا لم يتوجّه إلى السّماء ليقول لها: إن كنت إنّما تمطرين من قبلك فأمسكي وإن كان الله الواحد القهّار هو الذي يرسلك فأمطري!
ويبقى السؤال كما يلي: هذا السّلوك من النّيل هل هو لكلّ أنهار الدّنيا أم أنّه خاصّ بالنيل؟وما أشدّ ولع النّيل بالجواري الأبكار في الليلة الثانية عشرة بالضبط ! لا قبل ولا بعد! وقبل ابتكار السّاعة بزمان! لكن يبدو أنّ ثورة المصريّين على عثمان كان لها على بني أميّة أثر بالغ لا يكاد يوصف، وهو ما دعاهم وأتباعهم إلى الافتراء على أهل مصر ووسمهم بصفات لا تنسجم مع روح الإسلام الحنيف؛ ولا تزال آثار تلك الافتراءات بادية في كتب الأدب، شعرها ونثرها؛ وإنّما المصريّون شعب من شعوب الدّنيا، فيه من كل الأصناف، فيه الظالم لنفسه وفيه المقتصد وفيه السابق بالخيرات، وفيه المسلمون وغير المسلمين.
قال ابن كثير: ومما يدلّ على ذلك ما قاله البخاريّ في صحيحه عن عبد الله بن عمر (رض)ما قال: ما سمعت عمر(رض)يقول لشيء قطّ إني لأظنّه هكذا إلا كان كما يظن. بينما عمر بن الخطّاب (رض) جالس إذ مرّ به رجل جميل فقال: لقد أخطأ ظنّي أو أنّ هذا على دينه في الجاهليّة، أو لقد كان كاهنهم. عليّ بالرّجل! فدعي له فقال له ذلك فقال: ما رأيت كاليوم أستقبل به رجل مسلم. قال: فإنّي أعزم عليك إلاّ ما أخبرتني. قال: كنت كاهنهم في الجاهليّة. قال: فما أعجب ما جاءتك به جنّيتك؟ قال: بينما أنا يوما في السّوق جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت: ألم تر الجنّ و إبلاسها ... ويأسها من بعد إنكاسها ... ولحوقها بالقلاص وأحلاسها. قال عمر(رض): صدق؛ بينما أنا نائم عند آلهتهم[!] إذ جاء رجل بعجل فذبحه فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قطّ أشدّ صوتا منه يقول: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح يقول: لا إله إلا الله. قال: فوثب القوم فقلت: لا أبرح حتّى أعلم ما وراء هذا. ثمّ نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله. فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي "( هذا لفظ البخاريّ وقد رواه البيهقي بنحوه )([27]).
أقول:
هذه القصّة تفيد أنّ عمر بن الخطاب كان يعلم ببعثة النّبي(ص)، فلماذا أصرّ على البقاء على الشّرك طوال تلك السنين؟ ولماذا كان يعذّب الإماء اللاتي كنّ يعتنقن الإسلام؟! ثم لا يغب عنك أنّ الراوي هو عبد الله بن عمر! عبد الله بن عمر بن الخطّاب يروي بخصوص عمر بن الخطاب.
وعن الزّهري عن ابن المسيّب في قوله تعالى{وما يعمّر من معمّر ولا ينقص من عمره} قال: لمّا طعن عمر بن الخطّاب قال كعب: لو أنّ عمر دعا الله لأخّر في أجله. فقال الناس: سبحان الله! أليس قد قال الله {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}؟ فقال كعب: أو ليس قد قال الله:{وما يعمر من معمّر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب}؟ قال الزّهري فنرى أنّ ذلك يؤخّر ما لم يحضر الأجل، فإذا حضر لم يؤخّر([28]).
أقول:
هكذا يضحك كعب الأحبار اليهوديّ على المسلمين، " لو أنّ عمر دعا الله لأخّر في أجله" يقول هذا الكلام عن عمر بعد أن قال له: " اعهد فإنّك مقتول بعد ثلاث ". وما يدري كعب الأحبار متى يقتل عمر لو لم يكن مطّلعا على مؤامرة قتله؟!
قال البغويّ في تفسير قوله{والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصدّيقون..} الصدّيق: الكثير الصّدق قال مجاهد: كلّ من آمن بالله ورسوله فهو صدّيق وتلا هذه الآية. قال الضّحاك: هم ثمانية نفر من هذه الأمّة سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام: أبو بكر وعلي وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة وتاسعهم عمر بن الخطّاب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نيته([29]) .
أقول:
بعد أن عبد الصّنم أكثر من ثلاثين سنة، ووأد ابنته، وآذى المسلمين في بداية الدّعوة في مكّة، والنّساء بشكل خاصّ، وفرّ من الزّحف مرّة بعد مرّة، تاركا رسول الله(ص)بين أيدي الأعداء، وتردّد كثيرا على مدراس اليهود أيّام السّبت حتى قال له النبي(ص): " أمتهوّكون يا ابن الخطّاب؟! " بعد هذا كلّه نال مرتبة الصّدّيقية فجأة كما تقضي به ثقافة الكرسيّ. والذي لا يشكّ فيه من قرأ القرآن الكريم وتدبّر معانيه أنه لا يجد عبارة "الصدّيق" واردة إلاّ في حقّ معصوم. فقد جاء وصف مريم(ع) بـ"الصدّيقة"بعد أن خاطبتها الملائكة{إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين}، فهي مصطفاة مطهّرة؛ وكذلك وصف يوسف(ع) بالصدّيق في قوله تعالى{يوسف أيّها الصدّيق أفتنا في سبع بقرات...} وقبل ذلك قول أبيه يعقوب(ع) له كما حكى القرآن الكريم{وكذلك يجتبيك ربّك ويعلّمك من تأويل الأحاديث ويتمّ نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمّها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق..}. فهو مجتبى من قبل الله تعالى. فمرتبة الصّديقية لا تجتمع مع عبادة الأصنام لحظة فما فوقها.
قال ابن عاشور: وقد قال النّبي(ص)«قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدّثون فإن يكن في أمّتي منهم أحد فعمر بن الخطّاب». قال ابن وهب: محدثون: ملهمون([30]).
أقول:
أين كان التّحديث يوم وفاة النبي(ص)حين أنكرها الرّجل، والقرآن الكريم يهتف{ إنّك ميّت وإنّهم ميّتون<}. وأين كان التّحديث في مسألة الكلالة؛ ثمّ هو رجل كثير السّبّ والشّتم فهل كان السّبّ والشّتم من التّحديث، وهل كان قوله "حسبنا كتاب الله " ونسبته الهجر إلى رسول الله(ص)من الإلهام أيضا؟.
وجاء في تفسير الصّنعاني ما يلي: فانطلق سليمان يوما إلى الحمّام وكان قد قارف بعض نسائه في بعض المأثم، قال معمر لا أظنّه إلاّ قال حائضا [!]([31])، فدخل الحمّام فوضع خاتمه ومعه ذلك الشّيطان، فلمّا دخل أخذ ذلك الشّيطان خاتمه فألقاه في البحر، وألقي على الشّيطان شبه سليمان فخرج سليمان وقد ذهب ملكه وكان الشّيطان يجلس على سرير سليمان أربعين يوما، فاستنكره صحابة سليمان وقالوا: لقد افتتن سليمان من تهاونه بالصّلاة، وكان ذلك الشّيطان يتهاون بالصّلاة وبأشياء من أمر الدّين، وكان معه من صحابة سليمان رجل يشبّه بعمر بن الخطّاب في الجلد والقوّة فقال: إنّي سائله لكم. فجاء فقال: يا نبي الله ما تقول في أحدنا يصيب من امرأته في اللّيلة الباردة ثمّ ينام حتى تطلع الشمس، لا يغتسل ولا يصلّي، هل ترى عليه في ذلك بأسا؟ قال: لا بأس عليه! فرجع إلى أصحابه فقال: قد افتتن سليمان؛ قال فبينا سليمان ذاهب في الأرض إذ أوى إلى امرأة فصنعت له حوتا أو قال فجاءته بحوت، فشقّت بطنه فرأى سليمان خاتمه في بطن الحوت فعرفه فأخذه فلبسه فسجد له كل شيء لقيه من طير أو دابّة أو شيء، وردّ الله إليه ملكه فقال عند ذلك: ربّ اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدى قال قتادة يقول لا تسلبنيه مرة أخرى([32]).
صحابة الأنبياء السّابقين يشبّهون بعمر، وحظّ عمر من القصّة الشدّة والجلد، وحظّ سليمان(ع)مقارفة الحائض؛ وطالما ضحك كعب الأحبار وأصحابه على المسلمين.
قال أبو سعيد (في قصّة الدجّال): ما كنت أدري ما النّحاس قبل يومئذ فذهب ليذبحه فلم يستطع ولم يسلّط عليه بعد قتله إيّاه، قال: فإنّ نبي الله(ص)قال فاخذ بيديه ورجليه فألقاه في الجنّة وهي غبراء ذات دخان يحسبها النّار، فذلك الرّجل أقرب أمّتي منّى درجة. قال: فقال أبو سعيد: ما كان أصحاب محمد(ص)يحسبون ذلك الرّجل إلاّ عمر بن الخطّاب(رض)حتى سلك عمر سبيله([33]).
وروى الطبراني عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(ص)أتاني جبريل(ع)فقال أقرئ عمر السّلام وقل له إنّ رضاه حكم وإنّ غضبه عزّ([34]).
وفي المعجم الأوسط: " عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس (رض)قال: قال رسول الله(ص):أتاني جبريل(ع)فقال أقرئ عمر السّلام (وقل له) إنّ رضاه حكم وإنّ غضبه عزّ. لم يرو هذا الحديث عن زيد العمي إلاّ جرير بن حازم تفرّد به خالد بن يزيد العمريّ "([35]).
أقول:
لقد رضي أن يفرّ من الزّحف، في أحد حنين وخيبر، وفي الفقهاء من لا يجيز شهادة من فرّ من الزحف. فهل يصبح الفرار حكما؟
ولقد كان هائجا حين الهجوم على بيت فاطمة؛ فهل هذا عزّ ؟
وعن ابن عبّاس: لمّا أسلم عمر أتاني جبريل فقال: قد استبشر أهل السّماء بإسلام عمر([36]).
وعن صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب: بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أوّل من قال لعمر «الفاروق»، وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أنّ رسول الله(ص)ذكر من ذلك شيئا([37]).
أقول:
وهذا يبطل ما أخرجه ابن سعد عن ذكوان قال « قلت لعائشة من سمّى عمر الفاروق؟ قالت: النبي(ص)»([38]). وإنّما يدخل هذا وأمثاله في حرب عائشة على عليّ(ع)، فإنّها حاربته بالرّجال والكلمة، ولم تأل جهدا في محاولة سلب صفاته وألقابه وإضفائها على خصومه. وقد ثبت أن عليّا(ع)قال: أنا الصّدّيق الأكبر والفاروق الأكبر، لا يقولها بعدي إلاّ كاذب([39]).
قال السيوطي: «وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشّيطان عن ابن مسعود قال: خرج رجل من أصحاب رسول الله(ص)فلقيه الشّيطان فاتخذا فاصطرعا فصرعه الذي من أصحاب محمد فقال الشيطان: أرسلني أحدّثك حديثا فأرسله قال: لا. فاتّخذ الثّانية فاصطرعا فصرعه الذي من أصحاب محمّد، فقال: أرسلني فلأحدّثنّك حديثا يعجبك، فأرسله فقال: حدثني! قال: لا. فاتّخذ الثّالثة فصرعه الذي من أصحاب محمّد، ثمّ جلس على صدره وأخذ بإبهامه يلوكها، فقال: أرسلني؛ فقال: لا أرسلك حتى تحدّثني. قال: سورة البقرة، فإنّه ليس من آية منها تقرأ في وسط الشّياطين إلا تفرّقوا، ولا تقرأ في بيت فيدخل ذلك البيت شيطان. قالوا: يا أبا عبد الرحمن، فمن ذلك الرّجل؟ قال: فمن ترونه إلاّ عمر بن الخطّاب»([40])!
أقول:
ما أسهل دعوى مصارعة الجنّ، وأنّى للجنّ أن تدفع عن نفسها ما اتّهمتها به كتب الحديث والتّاريخ. و يكفي لذلك أن يُعلم أنّ قتل سعد بن عبادة الصّحابي المعارض لبيعة السّقيفة قتلته الجنّ بالشّام وقالت في ذلك شعراً([41]):
قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده
ورميناه بسهـمين فـلم نـخطئ فـؤاده
وأعجب ما في القصّة السابقة حرص الصّحابي على التعلّم من شيطان من الجنّ. فهل يتوقّع هذا الصّحابي أن يكون عند الجنّي ما لا يكون عند رسول الله(ص)؟
وفي تفسير الآلوسيّ: قال عبد الوهاب الشعراني: ... واعلم أنّ حديث الحقّ سبحانه للخلق لا يزال أبدا، غير أنّ من النّاس من يفهم أنّه حديث كعمر بن الخطّاب (رض) ومن ورثه من الأولياء، ومنهم من لا يعرف ذلك ويقول: ظهر لي كذا وكذا ولا يعرف أنّ ذلك من حديث الحقّ سبحانه معه؛ وكان شيخنا يقول: كان عمر من أهل سماع المطلق الذين يحدّثهم الله تعالى في كل شيء([42]).
أقول:
لا يخفى أنّه لو كان عمر محدّثاً لفهم كلام الحقّ الموجّه إليه مباشرة في القرآن الكريم قبل الحديث عن المناجاة الباطنيّة؛ فالله تعالى قد خاطب عمر بن الخطّاب ومن معه في سورة الحجرات بقوله تعالى { لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله واتّقوا الله إنّ الله سميع عليم}([43]) ومع ذلك بقي يقدّم ويتدخّل في شؤون النبي(ص)كما لو كان شريكه في الرّسالة! وقد بقي يعارض رسول الله غير ملتفت إلى ما تضمنته الآية. ولو كان محدثا كما قيل لعرفت له فاطمة(ع) ذلك، ولما ماتت غاضبة عليه. وكيف يكون محدّثا من آذى فاطمة(ع) بعد أن قال رسول الله(ص)" من آذاها فقد آذاني " ؟!
قال الثعالبيّ: وروي أنّ عمر بن الخطّاب (رض)قرأ مرّة إنّ عذاب ربّك لواقع ما له من دافع فأنّ أنّة عيد منها عشرين يوما([44]).
أقول: إن صحّ هذا فهو يعني أنّ عمر بن الخطاب تخلّف عن الجمعة والجماعة ثلاثة أسابيع متوالية، ومثل هذا لا يعقل أن يتجاهله المؤرّخون! ثمّ كيف تجتمع هذه الدّرجة من الخشية مع الهجوم على بيت المطهّرين من آل رسول الله(ص) بقصد إحراقه؟!.
ويروى أنّ عمر بن الخطّاب (رض)سمع قارئا يقرأ{والطّور وكتاب مسطور} قال هذا قسم حقّ، فلمّا بلغ القارئ إلى قوله عزّ وجلّ{إنّ عذاب ربّك لواقع} ظنّ أنّ العذاب قد وقع به فغشي عليه([45]) .
أقول:
إلى هذا المستوى وصل تدبّره للقرآن ومع ذلك يتعامل مع آية {وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرّسل} حين قرأها أبو بكر بعد وفاة النبي(ص) كأنّما يسمعها لأوّل مرّة! و أبعد من ذلك: يسأل أبا بكر " أفي كتاب الله هذا؟ ".
وروى ابن جرير عن أمّ عطيّة قالت: "لمّا قدم رسول الله(ص)جمع نساء الأنصار في بيت ثمّ أرسل إلينا عمر بن الخطّاب (رض)فقام على الباب وسلّم علينا فرددن أو فرددنا عليه السّلام ثمّ قال: أنا رسول رسول الله(ص)إليكنّ، قالت فقلنا: مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله، فقال: تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين قالت: فقلنا: نعم، قالت فمدّ يده من خارج الباب أو البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ثمّ قال: اللّهم اشهد([46]).
أقول:
هذا بعيد، فإنّ النّبي(ص)يعرف غلظة عمر وجفاءه، وموقفه من النّساء وموقف النّساء منه، والرّحماء اللّطفاء كثيرون، فلماذا يرسله هو في هذه المهمّة الحسّاسة، مبايعة النّبي(ص)؟ على أنّه قد وردت روايات تفيد أنّ النبي(ص)هو الذي بايعهنّ، والقرآن الكريم يقول {يبايعنك} ولا يقول يبايعن عمر! . ولم يكن في مبايعة النبي(ص) إياهن مصافحة.
قال ابن عاشور: وأمّا السّفارة بكسر السّين وفتحها فهي السّعي بالصّلح بين القبائل، والقائم بها يسمّى سفيرا. وكانت لبني عديّ بن كعب أبناء عمّ لقصي، وجاء الإسلام وهي بيد عمر بن الخطّاب([47]).
أقول:
السّفارة مهمّة حسّاسة تحتاج إلى سعة صدر ومداراة وصبر ولياقة. وهو ما يسمّى في أيّامنا بالدّبلوماسيّة؛ وقد ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب كان سريعا إلى المساءة كثير الجبه و الشّتم و السّبّ ([48]). فهل تصلح أخلاق عمر لهذه الوظيفة؟!.
و روى الطبريّ أنّ المغيرة بن شعبة قال: لمّا دفن عمر أتيت عليّا وأنا أحِبّ أن أسمع منه في عمر شيئا، فخرج ينفض رأسه ولحيته وقد اغتسل وهو ملتحِف بثوب لا يشكّ أنّ الأمر يصير إليه فقال: يرحم الله ابن الخطّاب، لقد صدقت ابنة أبي حنتمة، لقد ذهب بخيرِها ونجا مِن شرّها، أما والله ما قالت ولكن قوّلت!
أقول:
كيف يقول أمير المؤمنين(ع) في عمر مثل هذا القول وهو القائل فيه في نهج البلاغة ما قال! وكيف تُقبل رواية المغيرة بخصوص عليّ(ع) وهو الذي لم يكتف بسبّه وشتمه ولعنه(ع)، بل وظّف لذلك الخطباء. روى أحمد في الفضائل عن سفيان بن منصور عن هلال عن عبد الله بن ظالم وذكر سفيان رجلا فيما بينه وبين عبد الله بن ظالم قال: سمعت سعيد بن زيد قال: لما قدم معاوية الكوفة أقام المغيرة بن شعبة خطباء يتناولون عليّا فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى هذا الظالم الذي يأمر بلعن رجل من أهل الجنة([49]). فإذا كان المغيرة لا يتورّع أن يسبّ ويلعن عليّا(ع) ويوظّف الخطباء لسبّه ولعنه ، فإنّ أهون شيء لديه أن يفتري عليه.
و عن محمد بن إسحاق قال:حدّثني عمّي عبد الرحمن بن يسار قال: شهدت موت عمر بن الخطّاب (رض)فانكسفت الشمس يومئذ([50]).
أقول:
هذا كلام يردّه حديث «إنّ الشّمس والقمر آيتان لا تنكسفان لموت أحد..». ولو كان كذلك لكان أولى أن تنكسف لموت رسول الله(ص). و من الممكن التّحقّق من المدّعى لدى الفلكيّين في أيّامنا، إن كان حدث كسوف في المدينة في الأسبوع الذي قتل فيه عمر.
وعن عقيل بن خالد عن ابن شهاب قال: أوّل من حيي عمر بن الخطّاب بأمير المؤمنين المغيرة بن شعبة فسكت عمر([51]).
أقول:
بل هو أمير جماعة السّقيفة، والدّليل على ذلك قول سعد بن أبي وقاص لمعاوية " فنحن المؤمنون ولم نؤمّرك علينا ". وكيف يكون أميرا للمؤمنين وفاطمة بنت رسول الله(ص)التي لا يشكّ في إيمانها إلاّ خارج من الملّة ترفض أن يصلّي عليها أو يقف على قبرها وهي مع ذلك سيدة المؤمنات، وتخرج من الدّنيا ساخطة عليه، وقد علم المسلمون قول النبي(ص):« إنّ الله ليرضى لرضاها ويغضب لغضبها».
و عن سلمة بن كهيل عن عبد خير قال: سمعت عليّا يقول: خيركم بعد رسول الله(ص)أبو بكر وخيركم بعد أبي بكر عمر، ولو شئت أخبرتكم بالثّالث قال سلمة وكأنه ينحو نفسه([52]).
أقول: على فرض صحّة الحديث فإنّ القول المنسوب إلى عليّ(ع) فيه هو" أفضلكم "ولم يقل "أفضلنا"، فليس هو داخلا في المفضولين؛ وفي الخطبة الشقشقية ما يؤيد ذلك، وهو قوله(ع): متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم حتّى أصبحت أقرن إلى هذه النظائر([53]) .
وعن معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن أنّ عمر بن الخطّاب خطب إلى قوم من قريش بالمدينة فردّوه، وخطب إليهم المغيرة بن شعبة فزوّجوه، فقال رسول الله(ص): " لقد ردّوا رجلا ما في الأرض رجل خير منه "([54]). والقصّة نفسها في تاريخ جرجان: عن معتمر بن سليمان عن يونس عن الحسين قال: خطب المغيرة بن شعبة وعمر بن الخطّاب امرأة فزُوّج المغيرة ومُنع عمر، فقال رسول الله(ص)لقد ردّوا خير هذه الأمّة([55]).
يقول الحديث: "ما في الأرض رجل خير منه "، ورسول الله(ص)سيّد الكائنات في الأرض! و علي بن أبي طالب(ع) المطهّر بنصّ الكتاب الكريم في الأرض! وإذا لم يكن في الأرض أفضل منه فلماذا ردّه النبي(ص)حين جاء يخطب فاطمة(ع)؟! أيعقل أن يذمّ رسول الله(ص)قوما بشيء فعلوه ثمّ يفعله هو؟!. كلّ هذا الطّعن في شخص رسول الله(ص)يمرّ بسلام وبدون أدنى تعليق، لأنّه لا بأس بالتّضحية بكرامة ومقام النبيّ(ص)لأجل الحفاظ على صورة حزب السّقيفة في أذهان العوامّ وأشباه العوامّ، ولعلّ هذا وأمثاله مما يفسّر قوله(ص)"ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت قطّ ". والواضح هو أنّ معاصري عمر كانوا أعلم به ممّن اختلق الرّواية، خصوصا إذا علم أنّ الذين ردّوا عمر هم من قريش([56])، أي مكّة، عرفوه صغيرا وكبيرا !
وعن حميد بن منهب قال: زرت الحسن بن أبي الحسن فخلوت به فقلت له: يا أبا سعيد أما ترى ما النّاس فيه من الاختلاف؟ فقال لي: يا أبا يحيى، أصلح أمر النّاس أربعة وأفسده اثنان. أمّا الذين أصلحوا أمر النّاس فعمر بن الخطّاب يوم سقيفة بني ساعدة حيث قالت قريش "منّا أمير وقالت الأنصار منّا أمير " فقال لهم عمر: ألستم تعلمون أنّ رسول الله(ص)قال الأئمّة من قريش؟ قالوا: بلى. قال: أو لستم تعلمون أنّه أمر أبا بكر يصلّي بالناس؟ قالوا: بلى. قال: فأيّكم يتقدّم أبا بكر؟ قالوا: لا أحد! فسلّمت لهم الأنصار. ولولا ما احتجّ به عمر من ذلك لتنازع النّاس هذه الخلافة إلى يوم القيامة..([57]).
أقول:
هذه شهادات المصوّبين وهم يعلمون أنّ تقدّم أبي بكر للصّلاة لم يكن بأمر من رسول الله(ص)بل كان بأمر من عائشة بنت أبي بكر من غير إذن من رسول الله(ص)، ولو كان النبيّ(ص)هو الذي أمر بذلك لما خرج يجرّ رجليه وأزاح أبا بكر وصلّى بالناس من جلوس. و كيف يأمره بالصّلاة بالنّاس وهو الذي تعجب من وجوده بالمدينة بعد أن جعله واحدا من جند أسامة؟! كان المفروض أن يكون أبو بكر في طريقه إلى مؤتة لا في المدينة. وهذا الكلام من عمر إن صحّ إنّما هو يحلب به حلبا له شطره، يشدّ له أمره اليوم ليردّه إليه غدا. وهو ما حدث فعلا.
عن محمّد بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال: استأذن عمر بن الخطّاب على رسول الله(ص)وعنده نساء من نساء الأنصار يكلّمنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ، فلمّا استأذن عمر تبادرن الحجاب فدخل عمر ورسول الله(ص)يضحك فقال: أضحك الله سنّك يا رسول الله. فقال رسول الله(ص): عجبت من هؤلاء اللائي كنّ عندي فلمّا سمعن صوتك تبادرن الحجاب. فقال عمر: وأنت أحقّ أن يهبن. ثمّ قال عمر: أي عدوّات أنفسهنّ أتهبنني ولم تهبن رسول الله(ص)؟ قلن: نعم، أنت أفظّ وأغلظ من رسول الله(ص). قال رسول الله(ص):والذي نفسي بيده ما لقيك الشّيطان قط سالكا فجّا إلاّ سلك غيره([58]).
أقول: نسي واضع هذا الحديث أنّ الله تعالى يقول:{ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك} وبما أنّهم لم ينفضّوا من حوله فلا فظاظة في خلقه الكريم، بل هو على خلق عظيم. بينما كلام الجواري المزعومات فيه «أنت أفظّ وأغلظ من رسول الله(ص)»، وهذا يقتضي المشاركة وفضل أحد الطريفين! لأنّنا إذا قلنا زيد أعلم من سعيد فهذا يعني أنّ زيدا عالم وسعيدا أيضا عالم، لكنّ علم زيد أكثر من علم سعيد، وهذا شأن كلّ ما فيه صيغة التفضيل " أفعل " و" من ". و عليه يكون في كلامهنّ إثبات صفة الفظاظة لرسول الله(ص)، ولا يتأتّى مثل هذا الكلام إلاّ ممن أعمى الله بصيرته وأضلّه على علم. وأمّا بخصوص الهيبة فسيمرّ بك لاحقا حوار بين زينب بنت مظعون زوجة عمر بن الخطّاب وبين أبي هريرة بخصوص شرب قدامة بن مظعون الخمر، وفيه تلعن زينب بنت مظعون أباهريرة بمحضر زوجها عمر بن الخطاب! فأين هيبة الرجل وامرأته تجلس مع الرّجال في مناقشة أمر لا دخل لها فيها، وتلعن صحابيّا اسمه أبو هريرة؟!
عن حميد عن أنس أنّ النبي(ص)قال: دخلت الجنّة فإذا أنا بقصر من ذهب قلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لشابّ من قريش. فظننت أنّي أنا هو، فقلت: ومن هو؟ قالوا عمر بن الخطّاب([59]).
عن مكحول عن غضيف بن الحارث رجل من أيلة عن أبي ذرّ قال: سمعت رسول الله(ص)إن الله وضع الحقّ على لسان عمر([60]).
وعن سيار أنّ أبا بكر لما ثقل أطلع رأسه إلى النّاس من كوّة فقال: يا أيّها الناس إنّي قد عهدت عهدا أ فترضون به؟ فقام النّاس فقالوا: قد رضينا. فقام عليّ فقال:«لا نرضى إلاّ أن يكون عمر بن الخطّاب<؛ فكان عمر([61]).
أقول:
كيف يقول علي(ع) مثل هذا وهو القائل: >..إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشدّ ما تشطرا ضرعيها فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ويخشن مسها. ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصّعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحّم! فمني النّاس لعمر الله بخبط وشماس وتلوّن واعتراض؛ فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة. حتّى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم! فيا لله وللشّورى، متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر<([62])؟!
و عن عبد الله بن شقيق عن عمرو بن العاص قال: قيل يا رسول الله أيّ النّاس أحبّ إليك؟ قال: عائشة! قيل: من الرجال؟ قال: أبو بكر قيل: ثمّ من؟ قال: عمر. قيل ثمّ من؟ قال: أبو عبيدة بن الجراح([63]).
أقول:
هذا الحديث يبطله الحديث الصحيح المتفق عليه في حقّ علي(ع): «يحبّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله»، ولا يتوقّع من عمرو بن العاص الذي كان يلعن عليّا(ع) أن يذكره بخير، وكيف لا يمجّد عائشة وهي شريكته في عداوة أهل البيت(ع)؟! على أنّ رواية عمرو بن العاص ههنا ينسفها فعل النبي(ص)مع عائشة بنت أبي بكر، فإنّ معظم روايات فضائل خديجة واردة من طريقها، والنبيّ(ص)أدرى النّاس بما يثيره تمجيد زوجة سابقة على الزّوجة الحاليّة، فلو كان رسول الله(ص)يحبّ عائشة كما يدّعي عمرو بن العاص لما أسمعها ذلك التّمجيد لخديجة (ع) حتى فقدت السيطرة على أعصابها وقالت له: > ما تزال تذكر عجوزا حمراء الشدقين..<؛ ثمّ إنّ من الأحاديث المفيدة كون علي وفاطمة عليهما السلام أحبّ الخلق إلى رسول الله(ص)ما هو مروي من طريق عائشة نفسها ؛ فعن جميع بن عمير قال: دخلت مع أمي على عائشة فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسألها عن علي فقالت: تسألني عن رجل والله ما أعلم رجلا كان أحبّ إلى رسول الله(ص) من عليّ ولا في الأرض امرأة كانت أحب إلى رسول الله(ص)من امرأته([64]).
وهذا الحديث رواه الحاكم أيضا في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه([65]). وفي نفس المعنى حديث لعمر بن الخطاب يشهد فيه بنفس ما شهدت به عائشة. فعن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر (رض) أنّه دخل على فاطمة بنت رسول الله(ص)فقال: «يا فاطمة، والله ما رأيت أحدا أحبّ إلى رسول الله(ص)منك، والله ما كان أحد من النّاس بعد أبيك(ص)أحبّ إليّ منك. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه([66]). بل إنّ عمر بن الخطّاب نفسه يشهد أنّ زيد بن حارثة (رض) كان أحبّ إلى رسول الله(ص)منه. فقد رووا أنّ عمر كان يفرض لأسامة في العطاء خمسة آلاف ولابنه عبد الله ألفين فقال له عبد الله: فضّلت عليّ أسامة، وقد شهدت ما لم يشهد! فقال: إنّ أسامة كان أحبّ إلى رسول الله(ص)منك وأباه كان أحبّ إلى رسول الله(ص)من أبيك([67]). قال القرطبي بعد ذكر القصّة: ففضّل (رض) محبوب رسول الله(ص)على محبوبه([68]) .
قال السّيوطي: أخرج البزّار عن ابن عمر قال: قال رسول الله(ص)عمر سراج أهل الجنّة. وأخرجه ابن عساكر من حديث أبي هريرة والصّعب بن جثامة([69]).
أقول:
ليس سراجها إبراهيم ولا موسى ولا عيسى ولا زكريا ولا داوود ولا الحسن والحسين..سلام الله عليهم أجمعين، وإنّما سراجها رجل عبد الصّنم أكثر من ثلاثين سنة، وخرجت فاطمة بنت رسول الله(ص)من الدنيا غاضبة عليه وهي التي يغضب الله لغضبها! ولا يغب عنك أنّ معظم روايات فضائل عمر مروية عن ابن عمر!
عن حمزة بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله(ص)قال «بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الرّيّ يخرج في أظفاري، ثمّ أعطيت فضلي عمر بن الخطّاب» قالوا فما أوّلته يا رسول الله؟ قال: العلم([70]).
أقول:
ولذلك مات لا يعرف الكلالة وقال عن نفسه: كلّ النّاس أفقه من عمر!
وأخرج الترمذي عن ابن عمر أنّ رسول الله(ص)قال: «إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه». قال ابن عمر: وما نزل بالنّاس أمر قطّ فقالوا وقال إلاّ نزل القرآن على نحو ما قال عمر([71]).
أقول: وكلّ رواية في فضل عمر من طريق ابن عمر إنّما هي شهادة ولد لأبيه، يغذّيها حسده لعلي وأهل بيته عليهم السلام.
وأخرج الطبراني والديلمي عن الفضل بن العباس قال: قال رسول الله(ص)الحقّ بعدي مع عمر حيث كان([72]).
أقول:
فلماذا هجرته فاطمة(ع)؟ وهي التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها؟! ولماذا خالفه علي بن أبي طالب(ع). أليس عمر نفسه هو الذي يقول: "والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ"؟! فكيف يقول مثل هذا لو صحّ الحديث؟
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(ص)«من أبغض عمر فقد أبغضني، ومن أحبّ عمر فقد أحبّني، وإنّ الله باهي بالنّاس عشيّة عرفة عامّة وباهى بعمر خاصّة! وإنّه لم يبعث الله نبيا إلا كان في أمّته محدّث، وإن يكن في أمّتي منهم أحد فهو عمر! قالوا يا رسول الله كيف محدّث؟ قال: تتكلم الملائكة على لسانه([73]).
أقول:
فاطمة بنت رسول الله(ص) لم تخف بغضها لعمر، فهل يصحّ في حقها
"من أبغض عمر فقد أبغضني". لقد كانت (ع) لا تحبّ عمر بن الخطّاب ولا ترتاح إليه، وأخبرت أنّها ستشكوه إلى أبيها رسول الله(ص)، وهي مع ذلك قطعا في الجنّة، بل سيّدة نساء أهل الجنّة، ولا يدخل الجنّة من يبغضه الله تعالى. فلو كان بغض عمر بغضا للنّبي(ص)لما دخلت فاطمة الجنّة وتربّعت على كرسيّ السّيادة فيها. ولقد كان علي(ع) لا يخفى موقفه من عمر، وأقواله فيه معلومة في خطبته الشّقشقيّة وغيرها، وهو مع ذلك يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، يشهد بذلك أولياؤه وأعداؤه كما في الصّحيحين وغيرهما([74]).
ثمّ إنّ الطبرانيّ نفسه روى عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن علي بن الحسين عن فاطمة الصغرى عن حسين بن علي عن أمّه فاطمة بنت رسول الله(ص)قالت:« خرج علينا رسول الله(ص)عشيّة عرفة فقال إنّ الله باهى بكم وغفر لكم عامّة ولعلي خاصّة، وإنّي رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي. هذا جبريل يخبرني أن السّعيد حق السّعيد من أحبّ عليّا في حياته وبعد موته وإن الشّقيّ كل الشّقيّ من أبغض عليّا في حياته وبعد موته»([75]). كما أورد المتّقي الهندي حديثا فيه أنّ النبي(ص)قال: «وما لي لا أضحك وهذا جبريل يخبرني عن الله عز وجل أّنّ الله باهى بي وبعمّي العبّاس وبأخي عليّ بن أبي طالب سكّان الهواء وحملة العرش وأرواح النّبيين وملائكة ستّ سموات وباهى بأمّتي أهل سماء الدنيا»([76]). وعن ابن عبّاس قال: أمر النّبيّ(ص)المهاجرين والأنصار أن يصفّوا صفّين، ثمّ أخذ بيد عليّ وبيد العبّاس، ثمّ مشى بينهم، ثمّ ضحك النبي(ص)، فقال له عليّ: ممّ ضحكت يا رسول الله؟ قال: إنّ جبريل أخبرني أنّ الله باهى بالمهاجرين والأنصار أهل السّماوات السبع وباهى بك يا عليّ، وبك يا عبّاس حملة العرش([77]). وبما أنّه لا يمكن الجمع بين الحديثين فلابدّ من توجيه السّهام إلى حديث المباهاة بعليّ(ع) ووصمه بأنّه "موضوع" وتصحيح حديث المباهاة بعمر، وقيل الحمد لله رب العالمين. لكنّ ذلك لا يحلّ المشكلة، لأنّ في سجلّ علي(ع) ما يباهى به، كالتّوحيد المحض مثلا، فإنّ عليّا(ع) لم يشرك بالله طرفة عين، بينما انحنى عمر للأصنام عشرات السّنين، فلا يعقل من العليّ الحكيم أن يباهي من أخلص له العبادة بمن أشرك به الأوثان. وكذلك القول في الجهاد، فإنّ لعليّ(ع) في بدر وأحد وخيبر وحنين والأحزاب صولات وجولات، ولعمر بن الخطاب فيها فرارات وانقلابات! فلا يعقل أن يباهي الله تعالى الشّجاع الكرّار بالجبان الفرّار بعد أن قال جلّ اسمه
{إنّ الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص}([78]) وقال
{ومن يولّهم يومئذ دبره إلاّ متحرّفا لقتال أو متحيّزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنّم و بئس المصير}([79]).
وعن ابن عمر أنه قال: ما رأيت أحدا قطّ بعد رسول الله(ص)من حين قبض أحد ولا أجود من عمر([80]).
أقول:
لقد كان من بين الأمور التي برّرت بها بنت عتبة بن ربيعة رفضها الزّواج من عمر أنّه يمنع خيره([81]). وقد اعترف هو بنفسه على المنبر أنّه كان بخيلا. أخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن شدّاد قال: كان أوّل كلام تكلّم به عمر حين صعد المنبر أن قال: اللّهم إنّي شديد فليّنّي، وإنّي ضعيف فقوّني، وإنّي بخيل فسخّني([82]). فعمر بن الخطاب يقول عن نفسه « إنّي بخيل »، وعبد الله بن عمر يقول عنه « أجود الناس بعد رسول الله »، ولا ريب أنّ أحد القولين مخالف للواقع. وعمر أدرى بنفسه من ابنه.
وأخرج الطّبراني وغيره أنّ عمر بن الخطّاب قال لكعب الأحبار: كيف تجد نعتي؟ قال: أجد نعتك قرنا من حديد! قال: وما قرن من حديد؟ قال: أمير شديد، لا تأخذه في الله لومة لائم. قال: ثمّ مه؟ قال: ثمّ يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ظالمة، قال: ثمّ مه؟ قال: ثمّ يكون البلاء([83]) .
أقول:
لطالما ضحك كعب الأحبار على المسلمين! أين يجد نعت عمر؟! وفي أيّ كتاب؟ ثمّ انظر إلى قوله يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ظالمة! فلماذا لم يدافع عنه الصّحابة ضدّ الفئة الظّالمة؟ ولماذا تركوه يقتل أمامهم. ولقد كان في الفئة الظّالمة طلحة والزّبير و عبد الرّحمن بن عديس البلوي، وكلّهم ممّن بايع تحت الشّجرة! فهل يكون الذين بايعوا تحت الشجرة فئة ظالمة؟أم أّنهم خير القرون ؟!
و عن واصل عن مجاهد قال: كنّا نحدّث أو كنّا نتحدّث أنّ الشّياطين كانت مصفّدة في زمان عمر فلما أصيب بثّت([84]).
أقول:
انظر أيّدك الله إلى مبلغ جهل الرّواة ـ إن لم يكن استخفافا بالدّين ـ وهم يذكرون هذا وأمثاله ولا يجدون من يردعهم! أيُعقل أن تصفّد الشّياطين في إمارة عمر ولا تصفّد في عهد رسول الله(ص)؟!
عن سالم بن عبد الله قال: أبطأ عمر على أبي موسى الأشعري فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه فقالت: حتى يجيء شيطاني! فجاء فسألته عنه فقال: تركته مؤتزراً وذاك رجل لا يراه شيطان إلاّ خرّ لمنخريه، الملك بين عينيه، وروح القدس ينطق بلسانه([85]).
أقول:
أين أبو موسى الأشعري من قول الله تعالى{شياطين الجنّ والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}، وهو يزور امرأة في بطنها شيطان يستعلم منها! وقد رووا أنّ «من أتى عرّافا أو كاهنا فصدّقه فقد كفر بما أنزل على محمد»([86])؛ وإذاً يكون أبو موسى قد كفر بما أنزل على محمّد(ص). فعلى السّلفيين أن يصدروا حكمهم على أبي موسى الأشعريّ وفق ما جرى عليه أسلافهم. وإن تعجب فعجب قوله " وروح القدس ينطق بلسانه " بعد أن قالوا عنه "فظّ غليظ ". و قد قال شيطان المرأة:« وذاك رجل لا يراه شيطان إلاّ خرّ لمنخريه، الملك بين عينيه، وروح القدس ينطق بلسانه»، فلماذا لم يفرّ منه مرحب يوم خيبر، ولماذا لم يفرّ منه عمرو بن عبد ود يوم الأحزاب، وهما من مردة شياطين الإنس؟
قال السيوطي: ويضمّ إلى هذا ما أخرجه عثمان بن سعيد الدّارمي في كتاب الردّ على الجهميّة من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنّ كعب الأحبار قال: «ويل لملك الأرض من ملك السّماء»، فقال عمر: «إلاّ من حاسب نفسه». فقال كعب: «والذي نفسي بيده إنّها في التّوراة لتابعتها». فخرّ عمر ساجدا! ([87]).
أقول: والذي نفس كعب بيده إنّ كعب الأحبار لكذّاب، وإلا فهذه التّوراة متداولة بين النّاس مترجمة إلى كثير من اللّغات، فهل يوجد فيها شيء ممّا ضحك به كعب أحبار على عقول المسلمين؟! وإذا كان كعب الأحبار قد فارق اليهوديّة واعتنق الإسلام فلماذا بقي يقرأ من التّوراة المحرّفة؟! ولماذا يصدّقه عمر في كلّ ما يقول، ولا يصدّق زيد بن ثابت وأبا موسى وغيرهما إلا بضمّ شهادة صحابيّ آخر؟!
وقال الحسن: كان عمر يمرّ بالآية من ورده فيسقط حتى يعاد منها أياما([88]).
أقول:
فكيف غاب عنه إذاً{وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرّسل..} حتّى قال لأبي بكر: " أفي كتاب الله هذا؟ ". وإذا كان كثير التدبّر للقرآن ويسقط حتى يعاد فما أطول غياباته !
وقال ابن عمر: ما رأيت عمر غضب قطّ فذكر الله عنده أو خوّف أو قرأ عنده إنسان آية من القرآن إلا وقف عمّا كان يريد([89]).
أقول:
هل كان كذلك يوم هجم على بيت فاطمة(ع)؟! أليس لفاطمة حرمة في كتاب الله تعالى؟أوليس فيه تطهيرها! أليست من أهل بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه؟ ألم تقرأ عليه وعلى جماعة السقيفة آيات فيها عبرة؟
وحتى لا ينفرد النبي(ص) عن عمر بأيّ شيء، وحتى يكون شريكه في كلّ شيء حتّى في خصائصه، هذه رواية تزيد المؤمن بصيرة في دينه. فعن عبد الله قال: ركب عمر فرسا فانكشف ثوبه عن فخذه فرأى أهل نجران بفخذه شامة سوداء فقالوا: هذا الذي نجد في كتابنا أنّه يخرجنا من أرضنا([90]).
أقول:
لقد كان في وسع ابن مسعود أن يقول لهم: «كيف عرفتم هذا بشامة في فخذه ولم تعرفوا رسول الله(ص)الذي بشّرت به الأنبياء والرّسل وهو مكتوب عندكم في التّوراة {النّبي الأمّيّ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث..}([91])؟ وما أكثر ذكر عمر في كتب أهل الكتاب! أراد العمريّون أن يبرّروا إخراجه أهل نجران من ديارهم فلم يكتفوا باختلاق أحاديث حتى اختلقوا آيات زعموا أنّها في التّوراة والإنجيل. و بما أنّ لرسول الله(ص)علامة بين كتفيه فلابدّ لعمر أيضا من علامة ! لكنّها على فخذه لا بين كتفيه! والمعلوم أنّ العلامة إنّما تكون حيث ترى لا حيث لا يراها أحد إلاّ عند انكشاف الثّوب. ومن الفقهاء من يرى أنّ الفخذ عورة([92]). قال الشّوكانيّ: «..والحديث يدلّ على أن الفخذ عورة وقد ذهب إلى ذلك العترة والشافعي وأبو حنيفة. قال النوويّ: ذهب أكثر العلماء إلى أنّ الفخذ عورة. وعن أحمد ومالك في رواية العورة القبل والدبر فقط و به قال أهل الظّاهر وابن جرير الإصطخري. قال الحافظ: في ثبوت ذلك عن ابن جرير نظر، فقد ذكر المسألة في تهذيبه وردّ على من زعم أنّ الفخذ ليست بعورة واحتجّوا بما سيأتي في الباب الذي بعد هذا. والحقّ أن الفخذ من العورة..([93]).
و عن الأسود بن سريع قال أتيت النبي(ص)فقلت: قد حمدت ربّي بمحامد ومدح وإيّاك فقال: إنّ ربّك عزّ وجلّ يحبّ الحمد ؛ فجعلت أنشده فاستأذن رجل طويل أصلع فقال لي رسول الله(ص): أسكت! فدخل، فتكلّم ساعة ثمّ خرج، فأنشدته ثمّ جاء فسكّتني النبيّ(ص)فتكلّم ثمّ خرج، ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثا، فقلت: يا رسول الله من هذا الذي أسكتّني له؟ فقال: هذا عمر، رجل لا يحب الباطل([94])!
أقول:
نعم، لا يحبّ عمر بن الخطّاب الباطل، أمّا رسول الله(ص)فلا يبالي أن يكون أحد أطراف الباطل ـ والعياذ بالله تعالى ـ يغيّر سلوكه حين يدخل عمر فيتوقّف عن سماع الشّعر، حتى إذا خرج عمر استأنف سماع الشّعر! فرسول الله(ص) لا يستشعر حضور الله تعالى في كلّ حركاته وسكناته وإنمّا يستشعر حضور عمر بن الخطّاب. يستمع إلى الباطل حتى إذا دخل عمر توقّف عن الاستماع إلى الباطل، فإذا خرج عمر عاد يستمع إلى الباطل. كأنّ حسابه على عمر! هذا مبلغ تقديرهم لرسول الله(ص)وتلك حرمته عندهم. لأجل أن يرفعوا قدر ابن الخطّاب أهانوا سيّد الكائنات.
وانظر إلى كلام أبي نعيم بعد ذكره القصّة: «فالاستدعاء من النّبي(ص)منه رخصة وإباحة لاستماع المحامد والمدائح، فقد كان نشيده والثّناء على ربّه عزّ وجلّ والمدح لنبيّه(ص)وإخباره عليه الصّلاة والسلام أنّ عمر(رض) لا يحبّ الباطل أي من اتّخذ التّمدّح حرفة واكتسابا فيحمله الطّمع في الممدوحين على أن يهيم في الأودية، ويشين بفريته المحافل والأندية، فيمدح من لا يستحقّه ويضع من شأن من لا يستوجبه إذا حرمه نائله، فيكون رافعا لمن وضعه الله عزّ وجلّ لطمعه أو واضعا لمن رفعه الله عزّ وجلّ لغضبه، فهذا الاكتساب والاحتراف باطل ؛ فلهذا قال النّبي(ص)إنّه لا يحبّ الباطل؛ فأمّا الشّعر المحكم الموزون فهو من الحكم»([95]).
أقول:
كان الرّجل ينشده، وهذا معناه أنّ النّبي(ص)كان يستمع إليه، فلمّا استأذن عمر قال له:«اسكت، هذا عمر رجل لا يحبّ الباطل»؛ وتحصّل من ذلك أنّ رسول الله(ص)يحبّ الباطل وعمر رجل لا يحبّ الباطل! هكذا ينظرون إلى رسول الله(ص). و أمّا ما ذكره الشّيخ من التّبرير والتّأويل فعذر أقبح من ذنب، لأنّ الباطل إمّا أن يكون باطلا على الجميع وإمّا لا يكون باطلا على أحد.
قال ابن كثير: وقيل إنّه[أي عمر]كان إذا حدّثه الرّجل بالحديث فيكذب فيه الكلمة والكلمتين فيقول عمر: «احبس هذه، احبس هذه» فيقول الرجل: والله كلما حدّثتك به حقّ غير ما أمرتني أن أحبسه([96]).
أقول: إن صحّ فمعناه أنّ الصّحابة والتّابعين كانوا يتعاطون الكذب، وكان عند عمر بن الخطاب آلة كاشفة يعرف بها الكلمة الصّادقة من الكلمة الكاذبة؛ واعترافهم بالكذب واضح في قول الواحد منهم لعمر: «والله كل ما حدّثتك به حقّ غير ما أمرتني أن أحبسه».
أشعار في مدح عمر:
قال ابن حجر: روى عمر بن شبّة هذا الحديث عن سليمان بن داود الهاشمي عن إبراهيم بن سعد بإسناد آخر فقال: عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن أم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة أنّ عمر أذن لأزواج النبي(ص)فحججن في آخر حجّة حجّها عمر، فلما ارتحل عمر من الحصبة من آخر الليل أقبل رجل فسلّم وقال: أينء كان أمير المؤمنين ينزل؟ فقال له قائل وأنا أسمع: هذا كان منزله. فأناخ في منزل عمر ثمّ رفع عقيرته يتغنى: عليك سلام من أمير وباركت* يد الله في ذاك الأديم الممزق.. الأبيات. قالت عائشة: فقلت لهم اعلموا لي علم هذا الرّجل؛ فذهبوا فلم يروا أحدا، فكانت عائشة تقول إنّي لأحسبه من الجنّ.
أقول:
يبدو أنّ الجنّ مع دولة السّقيفة على طول الخطّ، في السّراء والضّراء! ولا بدّ من إضفاء لمسات غيبيّة على وفاة عمر ونسبة ذلك إلى الجنّ، وما من معترض، لأنّ الجنّ ليس لهم من يدافع عنهم لا من المحدّثين ولا من المفسّرين ولا من المؤرّخين. لكن غاب عن هؤلاء أن الجنّ ليسوا من بني آدم، فلا هم من العرب ولا هم من العجم. وقد صرّح القرآن أنّ فيهم مسلمين. و إذاً فقد حضر منهم من حضر يوم الغدير، وشائع بين العلماء أن الجنّ يعمّرون حتّى أنّ فيهم من يعيش مئات السّنين. فمسألة «أوس» و «خزرج» و«قريش» و«ثقيف» لا تعنيهم، وباعتبار طول أعمارهم لا يحتاجون إلى «إسناد» و«علم رجال» ؛ فهل آن لبني آدم «المسلمين» أن يتركوا الجنّ وشأنهم ويجتنبوا توريطهم في أمور لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
قال ابن شهاب: أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أن أمّه أم كلثوم بنت أبي بكر حدّثته عن عائشة قالت: لما كان آخر حجّة حجّها عمر بأمّهات المؤمنين، إذ صدرنا عن عرفة مررت بالمحصّب سمعت رجلا على راحلته يقول: أين كان عمر أمير المؤمنين؟ فسمعت رجلا آخر يقول: هاهنا كان أمير المؤمنين. قال فأناخ راحلته ثم رفع عقيرته فقال:
عليك سلام من إمام وبـــاركت يـد الله في ذاك الأديـم المـمزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمـت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت بــعدها بــوائق في أكمــامـها لـم تفـتـق([97])
وأخرج الحاكم عن مالك بن دينار قال سمع صوت بجبل تبالة حين قتل عمر (رض):
ليبك على الإسلام من كان باكيا * فقد أوشكوا صرعـى وما قدم العهد
وأدبــرت الدّنيـا وأدبـر خيرهـا *وقد ملّها مـن كـان يوقـن بالـوعـد([98])
وعن الحكم بن أبان عن عكرمة {وأولي الأمر منكم} قال: كان عمر من أولي الأمر([99]).
و عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله(ص): لو كان بعدي نبيّ كان عمر بن الخطّاب (رض)([100]).
أقول:
ومادام عمر قد عبد الصّنم عشرات السّنين ووأد ابنته في الجاهليّة فهذا يعني أنّه يجوز على الأنبياء الشّرك ووأد بناتهم قبل نبوّتهم! أي يجوز أن يتحوّل الشّخص من عابد صنم إلى نبيّ! ما شاء الله!
و عن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد عن معاذ قال: إن كان عمر لمن أهل الجنّة. إنّ رسول الله(ص)كان ما رأى في يقظته أو نومه فهو حقّ، وإنّه قال: بينما أنا في الجنّة إذ رأيت فيها دارا فقلت لمن هذه فقيل لعمر بن الخطّاب (رض)([101]).
أقول:
لكن هناك أحاديث يقول فيها عمر إنّه لا يشهد لأحد بالنّجاة باستثناء رسول الله(ص)؛ فعن ابن شهاب أنّ مالك بن أوس بن الحدثان كان يحدّث أنّ عمر بن الخطّاب (رض)خرج في مجلس وهو في مسجد رسول الله(ص)وهم يذكرون سريّة من السرايا هلكت في سبيل الله فيقول قائل منهم: هم عمال الله هلكوا في سبيله، وقد وجب لهم أجرهم عليه؛ ويقول قائل: الله أعلم بهم لهم ما احتسبوا؛ فلما رأوا عمر مقبلا متوكّئا على عصاه سكتوا، فأقبل عمر حتى سلّم عليهم فقال: ما كنتم تتحدّثون؟ قالوا: كنّا نذكر هذه السّريّة التي هلكت في سبيل الله، يقول قائل منا "هم عمّال الله هلكوا في سبيله وقد وجب لهم أجرهم عليه"، ويقول قائل " الله أعلم بهم لهم ما احتسبوا "، فقال عمر: الله أعلم؛ إنّ من النّاس ناسا يقاتلون وإن همّهم القتال فلا يستطيعون إلا إيّاه، وإنّ من النّاس ناسا يقاتلون رياء وسمعة، وإنّ من النّاس ناسا يقاتلون ابتغاء وجه الله، فأولئك الشّهداء وكل امرئ منهم يبعث على الذي يموت عليه. والله ما تدري نفس ماذا مفعول بها ليس هذا الرّجل الذي قد بيّن لنا أنّه قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخرّ (ص). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ ولم يخرجاه، إنّما اتّفقا من هذا الباب على حديث أبي موسى(رض) من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله([102]).
أقول:
لو كان حديث العشرة المبشّرين يومها معروفا لما قال عمر هذا الكلام، وهذا يعني أنّ حديث العشرة اختلق بعد جيل الصّحابة بزمان.
وعن هشام بن الحسن قال: كان عمر يمرّ بالآية في ورده فتخنقه فيبكي حتى يسقط، ثمّ يلزم بيته حتّى يعاد يحسبونه مريضا([103]).
أقول:
لقد كان رسول الله(ص) أتقى خلق الله وأعبدهم وأورعهم وأخشاهم لله وأعلمهم به، وعليه أنزل القرآن، ولم يكن يظهر عليه شيء من هذه الأمور التي روّج لها الوعّاظ والقصّاص، وامتلأت بها كتب الدراويش؛ وكيف يكون عمر بهذا الصّورة من الرقّة ورهافة الحس ثمّ يداوم على شرب النّبيذ إلى آخر لحظة من عمره.
أقوال في عمر
قال ابن عبد البرّ: كان إسلامه عزّا ظهر به الإسلام بدعوة النّبي(ص)فروى التّرمذي من حديث ابن عمر أنّ رسول الله(ص)قال: اللهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ هذين الرّجلين إليك، بأبي جهل أو بعمر بن الخطّاب ؛ قال وكان أحبّهما إليه عمر. قال: هذا حديث حسن صحيح([104]).وفي صحيح البخاريّ عن ابن مسعود قال: مازلنا أعزّة منذ أسلم عمر. وفي الصّحيحين من حديث سعد بن أبي وقّاص أن النّبي(ص)قال إيها يا ابن الخطّاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا إلاّ سلك فجّا غير فجّك. ولهما من حديث أبي هريرة: لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمّتي أحد فعمر. ورأى له النبي(ص)قصرا في الجنّة، ورأى أنه سقاه فضله، قالوا: فما أوّلته؟ قال: العلم. ورأى عليه قميصا يجرّه قالوا: فما أوّلته؟ قال: الدّين. ورأى أنّه ينزع على قليب ثمّ نزع أبو بكر ذنوبا أو ذنوبين ثم نزع حتى روي الناس فكان ذلك إشارة للخلافة! وكلّ هذه الأحاديث في الصّحيحين ورؤيا الأنبياء وحي([105]). وللتّرمذي وصحّحه من حديث ابن عمر مرفوعا: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه.
أقول:
إذاً فقوله الذي اتّهم فيه النّبيّ بالهجر حقّ لا شكّ فيه، وساعتها يغدو قوله تعالى{وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى} ممّا يطعن به أعداء الإسلام في القرآن الكريم، لأنّ الذي يهجر ينطق عن الهوى.
قالوا: ومناقبه كثيرة وأوصى إليه أبو بكر بالخلافة فأقام فيها عشر سنين ونصفا واستشهد يوم الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجّة سنة ثلاث وعشرين وهو ابن ثلاث وستّين سنة على الصّحيح الذي جزم ابن إسحاق والجمهور، وصحّ ذلك عن معاوية وأنس، وقيل خمس وستّون وقيل ستّ وستون وقيل واحد وستّون وقيل ستّون وقيل تسع وخمسون وقيل سبع وخمسون وقيل ست وخمسون وقيل خمس وخمسون[!]. والذي طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة فاستجاب الله دعاءه لأنّه كان يدعو "اللّهم ارزقني شهادة في سبيلك وموتا في بلد نبيّك " كما رواه البخاريّ في صحيحه([106]).
أقول:
قد عرض الله تعالى عليه الشّهادة في مواطنها في بدر وأحد وحنين وخيبر والأحزاب، ففضّل العيش مع الفرار على الشّهادة! ولو كان صادقا في طلبها لفعل فعل حمزة وجعفر! وقد كان بينه وبين أبي بكر كلام فقال له أبو بكر:
«أجبّار في الجاهليّة خوّار في الإسلام »([107]).
وعن نافع عن ابن عمر أنّه أدرك عمر بن الخطّاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله(ص)ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله وإلاّ فليصمت([108]).:
وخطب(عمر) أم أبان بنت عتبة بن ربيعة فكرهته وقالت: يغلق بابه و يمنع خيره، يدخل عابسا و يخرج عابسا([109]).
أقول:
هذه أخت هند بنت عتبة آكلة الأكباد، كرهت أن يكون عمر زوجاً لها، وذكرت أسباب كراهيتها ذلك فقالت: يغلق بابه ويمنع خيره، وإغلاق الباب يعني أنّه لم يكن يأتيه ضيوف، ومعنى يمنع خيره فيه إشارة إلى البخل. وقولها يدخل عابسا ويخرج عابسا فيه إشارة إلى مزاج لا يتحمّل، لأنّ المؤمن طلق الوجه، بشره في وجهه وحزنه في قلبه.
وذكر ابن الأثير أنّ عمر بن الخطّاب خطب إلى قوم من قريش بالمدينة فردّوه و خطب إليهم المغيرة بن شعبة فزوّجوه([110]).
و هذا معناه أنّهم فضلوا عليه المغيرة بن شعبة، ومنه يستشفّ أن قضيّة تفضيل عمر على كلّ من سوى النبي(ص)وأبي بكر لم تكن رائجة في زمان عمر!
وقال ابن أبي الحديد: كان في أخلاق عمر و ألفاظه جفاء وعنجهيّة ظاهرة([111]).
وعن ابن عبّاس في حديث طويل بينه وبين عمر، قال عمر: ثمّ خرجت حتّى دخلت على أمّ سلمة لقرابتي منها فكلّمتها فقالت أمّ سلمة: عجبا لك يا ابن الخطّاب! دخلت في كلّ شيء حتّى تبتغي أن تدخل بين رسول الله و أزواجه؛ فأخذتني و الله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد([112])..
تقول المرأة الصّالحة أمّ سلمة زوج رسول الله(ص)لعمر بن الخطّاب: «دخلت في كلّ شيء» وهذا يعني أنّ الرّجل كان فضوليّا يتدخّل في شؤون غيره؛ وقد رووا أنّ النّبي(ص)قال: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ".
وروي عن عامر الشّعبيّ أنّه قال: ما قتل عمر حتّى ملّته قريش واستطالت خلافته([113]).
أقول:
ومعنى ملّته قريش ههنا واضح، أي لم تعد تتحمّل وجوده في الحكم، ويفسّره المعطوف بعده وهو قوله: " استطالت خلافته ". وهذا أمر يدعو إلى التساؤل، فإنّ الرّجل لم يزل يعنى بقريش حتّى جعل الرّعاة منها ولاة في الأمصار، وكان حريصا على تفضيل قريش على من سواها، كما كان الناطق الرّسمي بلسانها، فلماذا ملّته قريش؟ هل كان بينه وبين قريش عقد خرم ـ هوـ بعض بنوده؟ أم أنّه وعد قريشا وعودا ثمّ لم يف بها؟
و قال طلحة بن عبيد الله لأبي بكر في مرضه الذي مات فيه:«يا خليفة رسول الله، إنّا كنّا لا نحتمل شراسته و أنت حيّ تأخذ على يديه، فكيف يكون حالنا معه و أنت ميت » ([114])؟
ويرد على قول طلحة "يا خليفة رسول الله " إشكال كبير، لأنّ رسول الله(ص) لم يستخلف أبابكر، وإنّما صار حاكما ببيعة جماعة إثر خلاف كبير بين المهاجرين والأنصار كاد يتحوّل إلى فتنة ؛ بايعه أبو عبيدة بن الجراح
وعمر بن الخطّاب وبشير بن سعد. فإن يكن خليفة فهو خليفة هؤلاء لا خليفة رسول الله(ص).
و قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: كان عمر سريعا إلى المساءة كثير الجبه و الشّتم و السّبّ ([115]).
يقول ابن أبي الحديد عن عمر " كثير الجبه والسبّ " !! وهذا يعني أنّ سوء الخلق صار ملكة عنده، لأنّه لم يكن يسبّ بين الحين والحين، وإنما كان كثير الجبه والشّتم والسبّ. والجبه مواجهة النّاس بما يكرهون. والشّتم معلوم والسّبّ معلوم. وقد رووا أنّ النبّي(ص)قال: سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر". و أنّه قال أيضا «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»([116])؛ وعلى العموم فإنّ الغلظة أمر تمجّه الفطرة والعقول السّليمة، لا يكاد يختلف في ذلك اثنان. و ليست من الأخلاق المقبولة في الإسلام، وقد قال الله تعالى لنبيّه(ص): {فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك}. فالغلظة تقابل الرّحمة، و النّفوس بفطرتها ميّالة إلى صاحب الرّحمة نافرة من الغليظ؛ و إنّما تحمد الغلظة إذا كانت على الكفّار{يا أيها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين و اغلظ عليهم...}.
وقال الطّبريّ (عن عليّ بن محمد عن الذين سمّيت) قال بعضهم: جعل أبو بكر عمر قاضيا في خلافته فمكث سنة لم يخاصم إليه أحد قال: وقالوا كان يكتب له زيد بن ثابت([117]).
أقول:
من تتبّع تلك الأحداث بعين سليمة من الهوى لم يخف عليه أنّ النّاس لا يطلبون الأمر عادة إلاّ حيث يتوقّعون وجوده، وكيف يتوقّعون الحقّ والعدل عند من كذّب فاطمة المطهّرة عليها السّلام ؟ أضف إلى ذلك أنّ عمر بن الخطّاب ليس أهلا للقضاء، فإنّه مات يجهل الكلالة، وقال في مسألة واحدة بأقوال متعدّدة مختلفة كما يأتي بيانه لاحقا،ولابد للقاضي أن يكون عالما.
وعن محمد بن منصور قال: كنّا مع المأمون في طريق الشّام فأمر فنودي بتحليل المتعة، فقال لنا يحيى بن أكثم: بكّرا غدا إليه، فإن رأيتما للقول وجها فقولا، وإلاّ فاسكتا إلى أن أدخل؛ قال: فدخلنا إليه وهو يستاك ويقول وهو مغتاظ: " متعتان كانتا على عهد رسول الله(ص)وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما"! ومن أنت يا أحول حتّى تنهى عما فعله النبيّ(ص)وأبو بكر؟!([118])
قال ابن أبي الحديد: واعلم أنّ هذه اللّفظة من عمر مناسبة للفظات كثيرة كان يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطّينة وجفاء الطّبيعة: ولا حيلة له فيها، لأنّه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها[!]([119])، ولا ريب عندنا أنّه كان يتعاطى أن يتلطّف، وأن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة، فينزع به الطّبع الجاسي، والغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللّفظات، ولا يقصد بها سوءا، ولا يريد بها ذمّا ولا تخطئة، كما قدّمنا من قبل في اللّفظة التي قالها في مرض رسول الله(ص)([120])، وكاللّفظات التي قالها عام الحديبية وغير ذلك والله تعالى لا يجازى المكلّف إلاّ بما نواه، ولقد كانت نيته من أطهر النيّات وأخلصها لله سبحانه وللمسلمين. ومن أنصف علم أن هذا الكلام حقّ، وأنّه يغني عن تأويل شيخنا أبي عليّ([121]).
أقول:
هذا كلام يشتمّ منه رائحة الجبر، خصوصا عند قوله "بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطّينة وجفاء الطّبيعة "، إذ يكون الله تعالى قد جبل عمر على الغلظة، ثمّ هو يطلب منه اللّين والرّفق، وهذا مخالف تماما لما عليه يعتقده ابن أبي الحديد وأصحابه من المعتزلة بخصوص العدل الإلهي؛ ومن العجيب أنّ هناك من ينسب ابن أبي الحديد إلى التّشيّع وهو يقرأ له هذا وأمثاله من الدّفاع عن عمر بن الخطّاب.
قال ابن عاشور: ولذلك تجد من يصحب الرّسول(ص)قد يكون قبل الإيمان جلفا، فإذا آمن انقلب حكيما مثل عمر بن الخطّاب (رض)([122]).
أقول:
هذا الفاضل ابن عاشور يضرب بعمر المثل للجلف، ومن حقّ المطّلع على سيرة عمر أن يوافق ابن عاشور في قوله "كان جلفا" ويخالفه في قوله "انقلب حكيما".
وفي أصول أحمد بن حنبل: " خير هذه الأمّة بعد نبيّها أبو بكر الصدّيق، ثمّ عمر بن الخطّاب، ثمّ عثمان بن عفان، نقدّم هؤلاء الثّلاثة كما قدّمهم أصحاب رسول الله(ص)لم يختلفوا في ذلك([123]).
أقول:
يتبخّر هذا التّقديم أمام الحديث الصّحيح"أنت منّي بمنزلة هارون من موسى"، فمنزلة عليّ في أمّة محمّد(ص) عين منزلة هارون(ع) في أمّة موسى(ع)، وهارون يأتي في التّرتيب مباشرة بعد موسى(ع). ثمّ إنّ الصحابة أنفسهم لم يكونوا يعتقدون بهذا التّرتيب، حتى أنّهم رفضوا أن يدفن عثمان في مقابر المسلمين!
قالوا: كتب عمرو بن العاص إلى أبى بكر يذكر له أمر الروم ويستمدّه فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد يأمره أن يمدّ أهل الشّام فيمن معه من أهل القوّة ويستخلف على ضعفة النّاس رجلا منهم، فلمّا أتاه كتاب أبى بكر قال خالد: هذا عمل الأعيسر ابن أم شملة يعنى عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يدي([124]).
ومن كلام الحسن بن عليّ(ع)في جمهرة خطب العرب يردّ على المغيرة بن شعبة في مجلس معاوية: وإنّ حدّ الله في الزّنا لثابت عليك. ولقد درأ عمر عنك حقّا الله سائله عنه، ولقد سألت النّبي(ص)هل ينظر الرّجل إلى المرأة يريد أن يتزوّجها فقال: "لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزّنا" لعلمه بأنّك زان([125])!
فهذه شهادة من سيّد شباب أهل الجنّة على عمر بن الخطّاب أنّه درأ الحدّ عن المغيرة بغير حقّ. ومن كان هذا شأنه يكون من المحدّثين الذين يحدّثهم الحقّ تعالى في كلّ الأحوال؟! هل يحدّث الحق تعالى عباده بتعطيل الحدود؟
قال محمّد بن عقيل الشّافعيّ: وأخرج الزّبير بن بكّار في الموفّقيّات عن المطرف بن المغيرة بن شعبة قال: دخلت مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه فيتحدّث معه، ثمّ ينصرف إليّ ويذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتمّا! فانتظرته ساعة وظننت أنّه لأمرٍ حدث فينا، فقلت مالي أراك مغتمّا منذ اللّيلة؟ فقال يا بنيّ جئت من عند أكفر النّاس و أخبثهم (!) قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت سنّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فقد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات! هيهات! أيّ ذكر أرجو بقاءه ؟ ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل أبو بكر. ثمّ ملك أخو عديّ فأجتهد وشمّر عشر سنين فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل عمر. وإنّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلّ يوم خمس مرات أشهد أنّ محمّدا رسول الله، فأيّ عمل يبقى وأيّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟ لا والله إلا دفنا، دفنا([126]) .
أقول:
هذا معاوية بن أبي سفيان يشهد في أيّام حكمه أنّ عمر بن الخطّاب هلك ذكره، وهذا يعني أنّ النّاس كانوا قد نسوه و لم يعودوا يذكرونه بشيء. فكيف عاد إلى السّاحة إذاً، وبهذا الحجم الهائل؟!
و عن عاصم عن أبي عثمان أنّه كانت في يده قناة يمشي عليها وكان يكثر أن يقول والله لو أشاء أن تنطق قناتي هذه لنطقت. لو كان عمر بن الخطّاب ميزانا ما كان فيه ميط شعرة([127])!
وعن محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة قال: قال سعد: أما والله ما كان بأقدمنا إسلاما ولكن قد عرفت بأيّ شيء فضلنا. كان أزهدنا في الدنيا، يعني عمر بن الخطّاب([128]).
أقول:
الزّهد في الدّنيا يتمّ حقيقة حين يزهد المرء في المنصب والمقام والجاه، حيث تغدو الخلافة المرغوب فيها عند النّاس أهون لديه من عفطة عنز. أمّا حين يكون مستعدّا لتحريق البيت على بنت رسول الله(ص)وبعلها وأولادها لأجل أن يصبح حاكما فإنّ بينه وبين الزّهد بعد المشرقين. وقد تظاهر بالزّهد في المطعم والملبس كثير من الناس أيّام بني أمية وبني العباس ولم ينفعهم ذلك لأن التّاريخ لا يرحم.
و عن إسماعيل عن زبيد قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة أرسل إلى عمر ليستخلفه قال فقال النّاس: أتستخلف علينا فظّا غليظا؟ فلو ملكنا كان أفظّ وأغلظ. ماذا تقول لربّك إذا أتيته وقد استخلفته علينا؟ قال: تخوّفونني بربّي؟ أقول: اللّهم أمّرت عليهم خير أهلك([129]).
أقول:
انظر إلى قوله " فقال النّاس " وكلمة (النّاس) لا تطلق على فرد أو اثنين، ومع ذلك يقولون " كانت خلافة عمر موضع القبول من جميع الصحابة "! وعبارة
"أتستخلف علينا فظّا غليظا " شهادة من صحابة يعترضون على أبي بكر في فعله، ويؤكّدون أنّ عمر بن الخطّاب " فظّ غليظ " ! ثمّ انظر إلى الخليفة أبي بكر يدّعي أنّه سيقول لله تعالى « اللّهم أمّرت عليهم خير أهلك» فيقطع أنّ خير أهل الله تعالى عمر بن الخطّاب! وتحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم. بأيّ شيء يكون عمر بن الخطاب خير أهل الله تعالى؟! ولماذا لم يعرف له بقيّة الصّحابة ذلك وقالوا عنه «فظّ غليظ»؟ هل يكون الفظّ الغليظ خير أهل الله تعالى؟ لكن هنالك قصّة وقعت لأبي بكر في حياة النبي(ص)تتعلّق بهذا الباب، ذكرها مسلم وأحمد وغيرهما. فعن عائذ بن عمرو أنّ أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها! قال فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدهم؟! فأتى النّبي(ص)فأخبره، فقال: يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك. فأتاهم أبو بكر فقال: يا أخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي([130]). فما أبعد ما بين رسول الله(ص)وبلال وسلمان وصهيب من جهة، وبين أبي بكر بن أبي قحافة من جهة أخرى. رسول الله(ص)وأصحابه يرون في أبي سفيان عدوّا لله تعالى، بينما يرى فيه أبو بكر بن أبي قحافة شيخ قريش وسيّدهم، ولا يستحي من الله تعالى أن يقول هذا ورسول الله(ص)حيّ يرزق! فإنّ رسول الله(ص)من قريش. ورغم هذا فقد بقي أبو بكر على هذا الموقف من أبي سفيان، والدّليل على ذلك أنّه ترك بيده الصّدقات بعد بيعة السقيفة مع أنّها أموال المسلمين، وأخذ من فاطمة(ع) ما كان تحت يدها زعما منه أنّه مال المسلمين!! فمال المسلمين إذا كان بيد أبي سفيان لا بأس أن يحتفظ به أبو سفيان، أمّا ما يكون بيد فاطمة(ع) فلا ! وولّى أبو بكر يزيد بن أبي سفيان على جيش كبير متوجّه إلى الشّام. ثمّ انظر إلى أبي بكر يشكو صحابة من خيرة المؤمنين دفاعا عن رجل جرى لعنه على لسان رسول الله(ص). فقد بان في هذه القصّة على الأقلّ أنّ المعايير والموازين التي يعتمدها أبو بكر بن أبي قحافة في اعتبار مراتب الرّجال جاهليّة محضة، ولهذا قال له النبي(ص)بكلّ صرامة:« لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك»؛ فرجل يرى أبا سفيان سيّد قريش في حياة رسول الله(ص)، كيف لا يرى عمر بن الخطّاب خير أهل الله؟!
قال زين الدّين العراقيّ في طرح التّثريب: قال ابن عبد البرّ " كان إسلامه عزّا ظهر به الإسلام بدعوة النبيّ(ص)؛ فروى التّرمذي من حديث ابن عمر أنّ رسول الله(ص)قال: اللهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطّاب قال وكان أحبّهما إليه عمر قال: هذا حديث حسن صحيح([131]).
أقول:
لكن يبقى السؤال مطروحا " متى أعزّ الله الإسلام بعمر في حياة رسول الله(ص)، وبم كان ذلك؟ بفراره يوم أحد؟ أم بفراره يوم حنين؟ أم بفراره يوم خيبر؟ أم بجبنه وخوره يوم راح عمرو بن عبد ود يتحدّاه ويعرض عليه الذّهاب إلى الجنّة وهو الزّاهد في الدّنيا كما يقولون؟! وأشدّ ما في ذلك كلّه أنّه كان يفرّ من المعركة ويترك رسول الله(ص)بين الأعداء عرضة للقتل! المهمّ أن ينجو هو بجلده، أمّا رسول الله(ص)فلا بأس أن يقتل ويسلم عمر بن الخطّاب، لأنّه هو أيضا نبيّ بالقوّة! فقد رووا أنّ رسول الله(ص)قال: لو لم أبعث لبعث عمر([132])!
وفي صحيح البخاريّ عن ابن مسعود قال: مازلنا أعزّة منذ أسلم عمر.
وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقّاص أنّ النبي(ص)قال: إيها
يا ابن الخطّاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشّيطان سالكا فجاّ إلاّ سلك فجّا غير فجّك. ولهما من حديث أبي هريرة لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمّتي أحد فعمر. ورأى له النبيّ(ص)قصرا في الجنّة، ورأى أنّه سقاه فضله قالوا فما أوّلته ؟ قال: العلم. ورأى عليه قميصا يجرّه قالوا فما أوّلته؟ قال: الدّين. ورأى أنّه ينزع على قليب ثمّ نزع أبو بكر ذنوبا أو ذنوبين ثمّ نزع حتى روي النّاس، فكان ذلك إشارة للخلافة. وكلّ هذه الأحاديث في الصّحيحين، ورؤيا الأنبياء وحي. وللتّرمذي وصحّحه من حديث ابن عمر مرفوعا إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه.
أقول: إذا فقوله "إنّ النّبيّ غلب عليه الوجع" حقّ لا شكّ فيه، وساعتها يغدو قوله تعالى{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}عرضة لطعن أعداء الإسلام في القرآن الكريم، لأنّ الذي يهجر ينطق عن الهوى، وأيّ هوى!
وأمّا زعمهم أنّ النّبي(ص)قال: لعمر: «ما لقيك الشّيطان سالكا فجاّ إلاّ سلك فجّا غير فجّك» فيردّه ما وقع يوم خيبر ويوم أحد ويوم حنين ويوم خيبر
و يوم الأحزاب. { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جار لكم فلمّا تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنّي بريء منكم إنّي أرى ما لا ترون إنّي أخاف الله والله شديد العقاب}([133]). وكذلك فعل عمر بن الخطاب كما شهد به على نفسه، ونكص على عقبيه، ولابدّ والحال هذه أن يكونا في فجّ واحد .
قالوا: ومناقبه كثيرة، وأوصى إليه أبو بكر بالخلافة فأقام فيها عشر سنين ونصفا واستشهد يوم الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وهو ابن ثلاث وستّين سنة على الصحّيح الذي جزم ابن إسحاق والجمهور، وصحّ ذلك عن معاوية وأنس. وقيل خمس وستّون، وقيل ستّ وستّون، وقيل واحد وستّون، وقيل ستّون وقيل تسع وخمسون، وقيل سبع وخمسون، وقيل ستّ وخمسون، وقيل خمس وخمسون. والذي طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة فاستجاب الله دعاءه لأنّه كان يدعو «اللهمّ ارزقني شهادة في سبيلك وموتا في بلد نبيّك » كما رواه البخاريّ في صحيحه.
أقول:
بغضّ النّظر عن اختلافهم في سنّه يوم وفاته، فقد عرض الله عليه الشّهادة في مواطنها في بدر وأحد وحنين وخيبر ففضّل الفرار بجلده! ولو كان صادقا في طلبها لفعل فعل حمزة وجعفر! وقد كان بينه وبين أبي بكر كلام فقال له أبو بكر بالحرف الواحد: «أجبّار في الجاهليّة خوّار في الإسلام».
وعن أبي إسحاق قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول كان ابن عمر في زمانه أفضل من عمر في زمانه([134]).
وعن هشام عن محمّد قال: كان الرّجل يقول للرّجل غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة عزله عن البصرة واستعمله على الكوفة([135])!
أقول:
هكذا كان يتفكّه النّاس بسيرة عمر مع المغيرة بن شعبة.
عمر في عالم الرؤيا
أخرج ابن عساكر عن ابن عباس أنّ العبّاس قال: سألت الله حولا بعد ما مات عمر أن يرينيه في المنام، فرأيته بعد حول وهو يسلت العرق عن جبينه، فقلت: بأبي أنت وأمّي يا أمير المؤمنين ما شأنك؟ فقال: هذا أوان فرغت وإن كاد عرش عمر ليهدّ لولا أنّي لقيت رءوفا رحيما([136]).
أقول:
من يعرف طبيعة العلاقة بين العبّاس بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب لا تخفى عليه معالم الوضع في هذا الخبر.
وقال عمرو بن العاص لمعاوية: رأيت في منامي أبا بكر حزينا فسألته عن شأنه فقال: وكّل بي هذان لمحاسبتي، وإذا صحف يسيرة. ورأيت عمر كذلك وإذا صحف مثل الحزورة([137]). ورأيت عثمان كذلك وإذا صحف مثل الخندمة، ورأيتك يا معاوية وصحفك مثل أحد وثبير. فقال له معاوية: أرأيت ثمّ دنانير مصر؟([138]).
قال السّيوطي:وأخرج (ابن عساكر ) أيضا عن زيد بن أسلم أن عبد الله بن عمرو بن العاص رأى عمر في المنام فقال كيف صنعت؟ قال: متى فارقتكم؟ قال: منذ اثنتي عشرة سنة. قال: إنّما أنفلت الآن من الحساب([139]).
وعن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أنّه قال: «ما كان شيء أحبّ إليّ أن أعلمه من أمر عمر، فرأيت في المنام قصرا فقلت لمن هذا؟ قالوا: لعمر بن الخطّاب، فخرج من القصر عليه ملحفة كأنّه قد اغتسل فقلت كيف صنعت؟ قال: خيرا؛ كاد عرشي يهوي بي لولا أنّي لقيت ربّا غفورا! فقال: منذ كم فارقتكم؟ فقلت: منذ اثنتي عشرة سنة، فقال: إنّما انفلت الآن من الحساب.
أقول:
مرّ بك هذا الكلام رواية عن العباس، وهو ههنا عن ابن عمر، بلا زيادة ولا نقص، والمقصود به الشّهادة لعمر بن الخطّاب بالنّجاة؛ وقد كان عمر بن الخطّاب نفسه يقول أنّه لا يشهد لأحد بالنّجاة باستثناء رسول الله(ص)الذي غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر! ثمّ ما هو هذا الحساب الذي يتحدّث عنه؟ هل هو حساب يعفيه من خصومة فاطمة وعليّ(ع) ؟ وهل يعفيه من خصومة صبيغ بن عسل ونصر بن حجّاج وغيرهما؟ ولا أدري ما الذي أقوله بخصوص عبارة « فخرج من القصر عليه ملحفة كأنّه قد اغتسل.. »!
إنّه لمن السّهل توزيع القصور والجنان في عالم المنامات، لكنّ الواقع لا يخضع لذلك، ولا يقبل به، وإنما يخضع لقوانين وسنن حدّدها القرآن الكريم لئلاّ يكون للنّاس على الله حجّة بعد الرسل{ ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب}([140])، والذي يغفل عنه كثير من المدافعين عن جيل الصّحابة هو أنّ الصّحابة لن يكونوا يوم القيامة صحابة ولا خلفاء، وإنّما يكونون ناسا كبقية النّاس تجري عليهم أحكام الإسلام بتفاصيلها ؛ وقد مرّ بك الحديث الذي يقول: « لا أراه ينجو منهم إلاّ مثل همل النّعم»، فما هو هذا العمل الذي يقلّل نسبة النّاجين منهم إلى ذاك المستوى؟
________________________
([1]) مسند إسحاق بن راهويه، ج3 ص729 تحت رقم 1334.
([2]) فتاوى السبكي، ج2 ص582 .
([3]) الفواكه الدوانى للنفراوي المالكي، ج1 ص103، دار الفكر، بيروت 1415 هـ .
([4]) معنى يجبّنونه أي ينسبون إليه الجبن فيقولون له يا جبان أو جبنت..، والجبن نقيض الشّجاعة.
([5]) ذكره ابن أبي الحديد كما يأتي لاحقا .
([6]) علل الحديث، ج2 ص385 .
([7]) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ج1ص337 .
([8]) اللآليء المصنوعة، ج1 ص277 .
([9]) العلل المتناهية ج1 ص195.
([10]) الآحاد والمثاني، ج1ص96تحت رقم 67 .
([11]) سنن الترمذي ج5ص619 و المستدرك على الصحيحين ج3 ص92 تاريخ الخلفاء، والمعجم الكبير ج17ص310
([12]) صحيح البخاري ج4ص1602و صحيح مسلم ج4ص1870 و صحيح ابن حبان ج15ص
15 و المستدرك على الصحيحين ج3ص143 و سنن النسائي الكبرى ج5ص44 و سنن النسائي الكبرى ج5ص125 و سنن البيهقي الكبرى ج9ص40 والمعجم الأوسط ج8ص40 و المعجم الكبير ج11ص75 و المعجم الكبير ج23ص377 و مسند أبي يعلى ج2ص99 و مسند أحمد بن حنبل ج3ص338 و مسند أحمد بن حنبل ج6ص369 و مسند أحمد بن حنبل ج6ص438 و مجمع الزوائد ج9ص109 .
([13]) فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي ج 5 ص 381 الحديث رقم 7377 .
[14])) فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوى، ج 5 ص 381 الحديث رقم 7377.
([15]) في كنز العمال ج11 ص266:الحديث رقم 32762 - لو كان بعدي نبي لكنته - قاله لعمر [الخطيب في رواة مالك وابن عساكر - عن ابن عمر وقال منكر].الحديث رقم 32763 - لو لم أبعث فيكم لبعث عمر [عد وقال غريب كر - عن عقبة بن عامر عد كر - عن بلال بن رباح وقال عد غير محفوظ وأوردهما ابن الجوزي في الموضوعات]. وفي المغني عن حمل الأسفار، ج2 ص833: 3061 حديث لو لم أبعث لبعثت يا عمر 3 157 أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة وهو منكر والمعروف من حديث عقبة بن عامر لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب. رواه الترمذي وحسنه وأخرجه ابن عدي بلفظ لو لم أبعث فيكم لبعث عمر فيكم، رواه من طريقين في أحدهما عبد الله بن واقد الحراني وهو متروك وفي الآخر رشدين بن سعد وقال: قلب رشدين متنه ورواه أيضاً من حديث بلال وفيه زكريا بن يحي وهو كذاب.
[16])) مسند ابن المبارك، عبد الله بن المبارك، ص 157.
[17])) المعجم الكبير، الطبراني، ج 21 ص 48 .
[18])) المعجم الأوسط، الطبراني، ج 6 ص 242.
([19]) تهذيب التهذيب ج12 ص468 و تهذيب الكمال، ج35 ص250 و الإصابة في تمييز الصحابة، ج8 ص56.
([20]) الطبقات الكبرى، ج3 ص211 و مصنف ابن أبي شيبة، ج6 ص351 .
([21]) صحيح البخاري، ج4ص1551 رقم4004، والحديث أيضا في صحيح مسلم ج4 ص1884.
([22]) الدّرّ المنثور، ج3ص352.
([23]) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 1940.
([24]) روح المعاني، الآلوسي، ج10 ص35.
([25]) تفسير الثعالبي، ج 2 ص 144 .
([26]) مختصر ابن كثير، ج 3 ص 104.
([27]) مختصر ابن كثير، ج 3 ص 369.
([28]) تفسير الصنعاني، ج3 ص 137.
([29]) تفسير البغوي، ج 1 ص 38.
([30]) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 3892.
([31]) كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذبا؛ كيف يسمح مسلم لنفسه أن يقول عن نبي من أنبياء الله تعالى إنّه قارف بعض نسائه وهي حائض؟! إلى هذه الدرجة بلغ الاستخفاف بأنبياء الله تعالى في كتب التّفسير! وما أكثر الإسرائيليات في كتب التفسير والحديث.
([32]) تفسير الصنعاني، ج 3 ص 164.
([33]) المستدرك، الحاكم النيسابوري، ج 4، ص 539.
([34])المعجم الكبير، الطبرانيّ، ج 21 ص 48 .
([35])المعجم الأوسط، الطبراني، ج 6 ص 242.
([36]) كنز العمال، المتقي الهندي ج 11ص 577 الحديث رقم 32738 ).
([37]) في تاريخ الطبري، ج 3 ص 267.
([38]) تاريخ الخلفاء، ج1ص114.
([39]) المستدرك، الحاكم النيسابوري، ج 3 ص112وخصائص أمير المؤمنين ع) – النسائي، ص46 وشرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 13 ص200، ونظم درر السمطين، الزر ندي الحنفي ص95، وكنز العمال، المتقي الهندي، ج 13 ص129، و فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي، ج 1 ص69 وتاريخ الطبري، ج 2ص56 و، الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج 2ص57 والبداية والنهاية، ابن كثير، ج 3ص36 .
([40]) الدر المنثور ج1ص52.
([41]) البداية والنهاية ج7ص33 و العبر في خبر من غبر ج1ص19 و المنتظم ج4ص200 و تاريخ ابن خلدون ج2ص352 و تاريخ ابن خلدون ج2ص489 و شذرات الذهب ج1ص28 و مرآة الجنان ج1ص71 و تاريخ الإسلام ج3ص149 و الوافي بالوفيات ج15ص95 وصفة الصفوة ج1ص505 تلقيح فهوم أهل الأثر ج1ص96.
([42]) روح المعاني، ج25 ص 62 .
([43]) الحجرات: 1.
([44]) تفسير الثعالبي، ج 1 ص 8.
([45]) تفسير الثعالبي، ج 4 ص 215 .
([46]) مختصر ابن كثير، ج 3 ص 508.
([47]) التحرير والتنوير، ج 1ص 1826.
([48]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج4ص457.
([49]) فضائل الصحابة، أحمد بن حنبل، ص 32 .
([50]) المعجم الكبير، الطبراني، ج1 ص71 تحت رقم 79 .
([51]) التاريخ الأوسط، ج1 ص54 تحت رقم 202 .
([52]) الكامل في ضعفاء الرجال، ج6 ص250.
([53]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج1ص184.
([54]) أسد الغابة، ابن الأثير، ج1 ص 823.
([55]) تاريخ جرجان، ج1ص294 .
([56]) الحديث يقول:خطب عمر إلى قوم من قريش بالمدينة.
([57])) تاريخ دمشق، ج30 ص 286.
([58]) فضائل الصحابة، النسائي، ص 10 ـ 11.
([59]) فضائل الصحابة، النسائي، ص 10 .
([60]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6ص353 تحت رقم 31968.
([61]) مصنف ابن أبي شيبة ج6ص359 تحت رقم32020 .
([62]) نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع) ج 1 ص 33.
([63]) صحيح ابن حبان، ج15ص459 رقم 6998.
([64]) سنن النسائي الكبرى ج5 ص139. و ج5 ص140 .وسنن الترمذي ج5 ص701 والمعجم الكبير ج22ص403 ومسند أبي يعلى ج8ص270 ومعجم أبي يعلى ج1ص128 وخصائص علي، النسائي ج1ص127 و ج1ص128.
([65]) المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، ج3 ص167 رقم4731. و ج3 ص171 .
([66]) المستدرك على الصحيحين، ج3 ص168 رقم4736.
([67]) مجمع الزوائد، الهيثمي، ج6ص4 وسنن البيهقي الكبرى ج6 ص350 وسنن الترمذي ج5 ص675 ومصنف ابن أبي شيبة ج6 ص453 و ج6ص455 و المعجم الأوسط ج6ص356 ومسند أبي يعلى ج1ص148 ومسند أسامة بن زيد ج1ص47 و ج1ص49ومسند البزار ج1 ص255 و ج1ص409.
([68]) تفسير القرطبي، ج14 ص239. والقصة موجودة أيضا في مستدرك الحاكم ج3 ص645
و صحيح ابن حبان ج15 ص517. وأقول: وهذا القول من عمر محلّ تأمّل، فإنّ فاطمة(ع) كانت أحبّ إلى رسول الله (ص) من أسامة وأبيه ومع ذلك عاملها عمر بما عاملها به !
([69]) تاريخ الخلفاء، ج1ص118 .
([70]) صحيح البخاري، ج1 ص43.وج6ص2571 و ج6ص2577 و، ج6ص2579 و سنن النسائي الكبرى ج3ص425 و سنن الترمذي ج5ص619 و مسند أحمد بن حنبل ج2ص108.
([71]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1ص117 .
([72]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1ص119.
([73]) المعجم الأوسط، الطبراني، ج7 ص18 و مجمع الزوائد ج9 ص69.
([74]) حديث أنّ عليا يحبه الله ورسوله في: صحيح البخاري ج3ص1096 و ج4ص)ص1542 و صحيح مسلم ج4ص1871 و ج4ص1872 وصحيح ابن حبان ج15ص382، و الجمع بين الصحيحين، ج1ص197 و ج1ص550، والمستدرك على
الصحيحين،ج3ص143،وج3ص494،وسنن النسائي الكبرى ج5ص46 و ج5ص107 وج5 ص108 وص109 وج5ص112وج5ص144وج5ص173 وج5ص178 و سنن ابن ماجه ج1ص43 و سنن البيهقي الكبرى ج9ص131 و سنن الترمذي ج4ص207ومجمع الزوائد ج6ص150 و ج6ص151 و ج9ص123 و ج9ص124 ومسند أبي عوانة ج4ص106 و ج4ص310 و مصنف ابن أبي شيبة ج6ص367 و ج6ص369 و ج6ص370 و ج6ص372 و ج7ص394 و ج7ص396 و المعجم الأوسط ج6ص59و المعجم الكبير ج7ص13و، ج7ص17، و ج7ص77 و ج18ص238 و مسند أحمد بن حنبل ج1ص99، و ج1ص185و ج5ص333و ج5 ص358 و مسند البزار ج2ص136 و ج3ص22و ج3ص281 و مسند ابن أبي شيبة، ج1ص96.
([75]) المعجم الكبير ج22 ص415 رقم 1026 .
([76]) كنز العمال، ج11 ص205 رقم 32133 (ابن عساكر عن علي ).
([77]) كنز العمال، ج13 ص220 رقم 37317 .وكتاب العرش ج1ص91 و سمط النجوم العوالي ج3 ص58 .
([78]) الصّف: 4 .
([79]) الأنفال: 16.
([80]) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج44 ص273و تاريخ الإسلام، الذهبي، ج3 ص266و الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيتمي، ج1 ص283و تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1 ص120.
([81]) خطب [عمر] أمّ أبان بنت عتبة بن ربيعة فكرهته وقالت يغلق بابه و يمنع خيره يدخل عابسا
و يخرج عابسا.[ الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج3 ص55 و تاريخ الطبري ج5 ص17 ].
([82]) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، ج3 ص274 ومصنف ابن أبي شيبة ج6 ص65 و ج7 ص256 تاريخ الخلفاء، السيوطي،ج1ص139.،وكنز العمال،ج5ص273والصواعق المحرقة،ج1ص256 و سمط النجوم العوالي، ج2ص468 وصفة الصفوة، ج1 ص280.
([83]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6 ص356 والمعجم الكبير، ج1 ص84 والإصابة في تمييز الصحابة، ج1 ص208 و الخصائص الكبرى، ج1 ص54 و تاريخ الطبري، ج1 ص272 و تاريخ الخلفاء ج1 ص121 و الآحاد والمثاني، ج1 ص126 و الفتن لنعيم بن حماد، ج1 ص123.
([84]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6 ص354 تحت رقم31982 .
([85]) تاريخ الإسلام، الذهبي، ج3 ص259.
([86]) مجمع الزوائد ج5ص118 وسنن ابن ماجه ج1ص209 وسنن البيهقي الكبرى ج8 ص135 وسنن البيهقي الكبرى ج8ص136 وسنن الدارمي ج1ص275 ومصنف ابن أبي شيبة ج5ص42 ومصنف عبد الرزاق ج11ص210 والمستدرك على الصحيحين ج1ص49 والمعجم الأوسط ج2ص123 ومسند أحمد بن حنبل ج2ص429 ومسند أحمد بن حنبل ج2ص476 ومسند أبي يعلى ج9ص280 ومسند إسحاق بن راهويه ج1ص434 ومسند ابن الجعد ج1ص77 ومسند البزار ج5 ص256 ومسند البزار ج5 ص315 ومسند البزار ج9ص52 ومسند الطيالسي ج1ص50.
([87]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1ص125.
([88]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1 ص129.
([89]) تاريخ الخلفاء، السيوطي ج1 ص130.
([90]) الطبقات الكبرى، ابن سعد ، ج3ص326 والخصائص الكبرى ج1ص53 .
([91]) الأعراف:15.
([92]) سنن الدارقطني ج1ص225 ومجمع الزوائد ج2ص52 ومصنف ابن أبي شيبة ج5ص340 ومصنف ابن أبي شيبة ج5ص341 و المستدرك على الصحيحين ج4ص200 ومعرفة السنن والآثار ج2ص96 والآحاد والمثاني ج4ص341 ومسند أبي يعلى ج2ص229 وكنز العمال ج7ص137 و ج8ص10 و ج8ص14 وآمالي المحاملي ج1ص152 وفتح الباري ج1ص476 وعمدة القاري ج4ص74 وتحفة الأحوذي ج8ص66 وعون المعبود ج11ص37 و مرقاة المفاتيح ج2ص437 وتهذيب الكمال ج25ص460 وخلاصة الأحكام ج1ص324 والكافي في فقه ابن حنبل ج1ص111 والمغني ج1ص337 ومسائل أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله ج1ص62 وإعانة الطالبين ج1ص114 والمجموع ج3ص167 أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج1ص176.
([93]) نيل الأوطار، الشوكاني، ج2 ص.49 .
([94]) حلية الأولياء، ج1 ص46 .
([95]) حلية الأولياء، أبونعيم، ج1ص46.
([96]) البداية والنهاية، ابن كثير، ج7 ص134.
([97]) الطبقات الكبرى، ج3ص333.
([98]) المستدرك على الصحيحين ج3ص100 حلية الأولياء ج2 ص376 تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1ص145.
([99]) تفسير ابن أبي حاتم، ج3 ص989.
([100]) المعجم الكبير، ج17ص310 تحت رقم 857..
([101]) مسند أحمد بن حنبل، ج5ص245 تحت رقم 22173
([102]) المستدرك على الصحيحين، ج2ص119، و الجهاد لابن المبارك، ج1 ص33 .
([103]) حلية الأولياء، أبو نعيم، ج1 ص51.
([104]) طرح التثريب في شرح التقريب، ج1 ص76 .
([105]) إذاً فلماذا يقول عمر عن بيعة أبي بكر "فلتة" إن كانت وحيا؟!
([106]) طرح التثريب في شرح التقريب ج1ص76.
([107]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1 ص73.
([108]) صحيح البخاريّ ج5ص2265 وصحيح البخاريّ و صحيح البخاريّ ج5ص2265:ج6ص2449 وصحيح البخاريّ ج6ص2450 وصحيح البخاريّ ج6ص2693 وصحيح مسلم ج3ص1266 و صحيح مسلم ج3ص1267.
([109]) ابن الأثير في الكامل في التاريخ ج3 ص55، و الطبري في تاريخ الطبري ج5 ص17 ..
([110]) أسد الغابة.ابن الأثير، ج4 ص65 .
([111]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ج1ص183.
([112]) صحيح البخاريّ، ج4 ص1867. وصحيح مسلم، ج2 ص1109 و المسند المستخرج على صحيح مسلم، ج4 ص161 و عمدة القاري ج19 ص250.
([113]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ج1 ص58 .
([114]) شرح نهج البلاغة، ج2 ص 120 (طبعة مصر 1329هـ ).
([115]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج4ص457 .
([116]) صحيح ابن حبان ج1ص421 و المستدرك على الصحيحين ج1ص57 و سنن البيهقي الكبرى ج10ص193 و سنن البيهقي الكبرى ج10ص243 و سنن الترمذي ج4ص350 و السنن الصغرى للبيهقي (نسخة الأعظمي) ج9ص211 و معرفة السنن والآثار ج7ص447 و المعجم الأوسط ج2ص225 و المعجم الكبير ج10ص207 و مسند أبي يعلى ج9ص20 و مسند أحمد بن حنبل ج1ص404 و مسند البزار ج4ص330 و مسند ابن أبي شيبة ج1ص239 و مجمع الزوائد ج1ص97 .
([117]) تاريخ الطبري ج 2 ص 617 .
([118]) وتهذيب الكمال للمزي ج31ص214 وتاريخ بغداد ج14ص203 وتاريخ مدينة دمشق ج64 ص71.
([119]) هذه العبارة يشتمّ منها رائحة الجبر.
([120]) هذا اعتراف من ابن أبي الحديد أنّ عمر بن الخطاب قال كلمة كبيرة في مرض رسول الله(ص).
([121]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 2 ص 27.
([122]) التّحرير والتّنوير، ج 1ص2795.
([123]) أصول السنة، أحمد بن حنبل، ج1 ص 35.
([124]) ثقات ابن حبان ،ج 2 ص 185 .
([125]) جمهرة خطب العرب، ج2ص22 .
([126]) النصائح الكافية، محمّد بن عقيل الشّافعيّ، ص 123 .
([127]) مصنف ابن أبي شيبة ج6 ص357 تحت رقم 32008.
([128]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6 ص358 تحت رقم 32012.
([129]) مصنف ابن أبي شيبة، ج6 ص358 تحت رقم 32013.
([130]) صحيح مسلم ج4 ص1947 (الحديث2504) و تفسير القرطبي ج6 ص435 و الجمع بين الصحيحين ج1 ص377 و تفسير القرطبي ج6 ص435 و مسند أحمد بن حنبل ج5 ص64 و الاستيعاب ج2 ص637 و ج2 ص733 و سير أعلام النبلاء ج2 ص25 و تاريخ مدينة دمشق ج10 ص463..
([131]) طرح التثريب في شرح التقريب ج1 ص76 .
([132]) هذا الحديث فيه كلام كثير، ورد في فضائل الصحابة لابن حنبل ج1ص428 التفسير الكبير ج16ص121 و كنز العمال ج11ص266 و فيض القدير ج5ص325 و مرقاة المفاتيح ج11ص194 و الكامل في ضعفاء الرجال ج3ص155 و ج3ص216 و الكامل في ضعفاء الرجال ج4ص194 و ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج3ص76 و ج4ص221 و تاريخ مدينة دمشق ج44ص114 و ج44ص116 و المغني عن حمل الأسفار ج2ص833 و الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ج1ص336 و اللآلئ المصنوعة ج1ص277 و الموضوعات ج1ص238 و تلخيص كتاب الموضوعات ج1ص99 تلخيص كتاب الموضوعات ج1ص100 و تنزيه الشريعة ج1ص373 و الفردوس بمأثور الخطاب ج3ص372 و ذخيرة الحفاظ ج4ص2003 و أسنى المطالب ج1ص236 وكتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج35ص384 و مجموع الفتاوى ج11ص204 و ج35ص384 و الفتاوى الكبرى ج1ص468 و إعلام الموقعين ج4ص142 و منهاج السنة النبوية ج6ص55 و شذرات الذهب ج1ص33 و تاريخ الخلفاء ج1ص92 .
([133]) الأنفال: 8.
([134]) المستدرك على الصحيحين، ج3ص644 .
([135]) تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج 60 ص 41.
([136]) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج1ص146.
([137]) الحزورة والخندمة وثبير مواضع بمكة المكرمة، كما في تاج العروس .
([138]) معجم ما استعجم، ج1ص445 .
([139]) تاريخ الخلفاء ج1ص146 . .
([140]) إبراهيم: 51