ماذا تمثّل المرأة في نظر عمر بن الخطّاب ؟
روى ابن شبّة النّميريّ في أخبار المدينة عن هلال بن أميّة قصّة فيها أنّ امرأة عمر قال لعمر: يا أمير المؤمنين فيم وجدت على عياض؟ قال:يا عدوّة الله، وفيم أنت وهذا؟ ومتى كنت تدخلين بيني وبين المسلمين؟ إنّما أنت لعبة يلعب بك ثمّ تتركين([1]) !
هذه هي المرأة في نظر عمر؛ لعبة يلعب بها ثمّ تترك ". لكنّ الله تعالى ضرب بالمرأة المثل في الإيمان فقال جل شأنه:{ وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين* ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين}([2]). ثمّ ما رأي من يطّلع على عبارة عمر هذه من غير المسلمين؟ وكأنّي بقائل يقول: «نحن لا نبالي برأي غير المسلمين»، ولا شكّ أنّه يكون صادقا في قوله، لأنّ هناك فعلا من لا يبالون بشيء وهم يشوّهون صورة الإٍسلام عند غير المسلمين.
ونظرا لأوصاف عمر الخلقيّة والخلقيّة فإنّه يصعب القول إنّه كان له شيء من المحبوبية لدى النّساء، سواء في ذلك الحرائر والإماء! ولا يلام النّساء في ذلك، فإنّ المرأة إما أن تحبّ الرجل لخلقه وإما أن تحبّه لخلقه، وقد يكون من حسن حظّها أن يجتمع الأمران ؛ أمّا حين يكون رصيد الرجل خاليا ممّا ذكر فإنّه ليس من الإنصاف أن يطلب منها أن ترضى بحياة قاسية خالية مما تتوق إليه النساء! وقد كان عمر على علم بذلك، ومن هذا المنظور قولته للرّجل الذي همّ بالطّلاق، في قصّة سجّلها الأدباء وأهملها المحدثون والمفسرون في كثير مما أهملوا " أو كلّ البيوت بنيت على الحبّ "؟ ([3]).
وقصّة عنف عمر مع النّساء لم تبدأ بعد إسلامه، فإنّ المعروف في تراث العرب أنّ عمر بن الخطّاب ممّن وأدوا بناتهم في الجاهليّة، وهذا أمر فظيع شنيع تشمئزّ النّفوس لمجرّد سماعه فكيف بالإقدام عليه؛ لكنّ عمر بن الخطّاب أقدم عليه بكلّ برودة دم! دفن ابنته في التّراب حيّة تتنفّس كما لو كان يدفن عظام بعير! قال العقّاد: لقد كان عمر شديدا على النّساء فقد قالوا:
" إنّه ( رض) كان جالسا مع بعض الصّحابة إذ ضحك قليلا ثمّ بكى، فسأله من حضر، فقال: كنّا في الجاهليّة، نصنع صنما من العجوة فنعبده، ثمّ نأكله، وهذا سبب ضحكي؛ أمّا بكائي فلأنّه كانت لي ابنة، فأردت وأدها، فأخذتها معي، وحفرت لها حفرة فصارت تنفض التراب عن لحيتي، فدفنتها حية([4]).
وقد استبشع الإسلام هذا الفعل الشنيع الذي يكشف عن قسوة قلب لا تكاد توصف([5]).
وبما أنّ الأوضاع في المدينة تختلف عنها في مكّة، وأنّ الأوس والخزرج ومن حولهم من اليهود وغيرهم لم يكونوا يئدون البنات، أو على الأقل ليس بذلك الشّكل الذي تمارسه قريش ـ في حال ثبوته وهو ما لم يثبت ـ ، فإنّ عمر بن الخطّاب لم يكن مرتاحا إلى اختلاط نساء الأنصار بنساء المهاجرين، لأنّ مثل هذا الاختلاط يسمح لنساء المهاجرين بالاطّلاع على عيش آخر للنّساء في جزيرة العرب، فيه شيء من الفسحة وشيء من الاحترام، وهما الأمران الضروريان لاستمرار حياة زوجيّة متوازنة؛ وقد مرّ بك قول عمر لإحدى نسائه «إنّما أنت لعبة يلعب بك ثمّ تتركين»، وهذا يعني أن المرأة لا تعني عنده شيئا، بل هي بعض ما في البيت من متاع وانتهى الكلام، ومن كانت هذه نظرته إلى المرأة كيف يتوقّع منه أن يحترمها ويراعي حقوقها؟ حتّى لو كانت بنت رسول الله(ص) فإنها تبقى امرأة في نظره، ولذلك استحلّ الهجوم على بيتها لإرغامها على القبول في ما دخلت فيه جماعته.
دخل عمر على حفصة فلمّا رأت عاتكة عمر قامت فاستترت، فنظر إليها عمر فإذا امرأة بارعة ذات خلق وجمال، فقال عمر لحفصة: من هذه؟ فقالت: هذه عاتكة ابنة زيد بن عمرو بن نفيل. فقال عمر اخطبيها عليّ؛ قال: فذكرت حفصة لها ذلك، فقالت: إنّ عبد الله بن أبي بكر جعل لي جعلا على أن لا أتزوّج بعده، فقالت ذلك حفصة لعمر، فقال لها عمر: مريها فلتردّي ذلك على ورثته وتزوّجي! قال فذكرت ذلك لها حفصة فقالت لها عاتكة: أنا اشترط عليه ثلاثا، ألاّ يضربني ولا يمنعني من الحقّ، ولا يمنعني عن الصّلاة في مسجد رسول الله(ص) العشاء الآخرة فقالت حفصة لعمر ذلك فتزوّجها، فلمّا دخل عليها أولم عليها ودعا أصحاب رسول الله(ص)ودعا فيهم علي بن أبي طالب...
أقول:
يأتي لاحقا بخصوص هذه القصّة أنّه غلبها على نفسها، ولم تكن راضية بالزّواج منه؛ وليس من المروءة أن يغلب الرّجل المرأة على نفسها. ثمّ انظر إلى شروطها وفق هذه الرّواية يتبيّن لك أنّها كانت على علم بسوء معاملته للنّساء وإلاّ فما معنى أن تشترط عليه ألاّ يضربها؟! ولو لم يكن الأمر كذلك لقالت لها حفصة: «إنه لا يضرب النساء»؛ وتأمّل قولها « ولا يمنعني من الحقّ»! ثمّ ما دخل الورثة وما اتفق عليه الزوجان عبد الله بن أبي بكر و عاتكة بنت زيد؟!
من أجل أن يطفئ عمر بن الخطاب حرارة شهوته دفع امرأة إلى نقض عهد أرملة مع زوجها، وللتّذكير فإنّ عبد الله بن أبي بكر توفي في حياة رسول الله(ص) من أثر جرح أصابه في حصار الطّائف. فأين هذا من الزّهد المدّعى؟ وفي المدينة نساء كثير ثيبات وأبكار في وسع عمر أن يختار منهنّ، لكنّه لا يريد إلا عاتكة بنت زيد لأنّه وجدها في بيته تتحدّث مع ابنته حفصة فأعجبته.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال:«كان عمر بن الخطّاب لا يدع في خلافته أمة تقنّع، ويقول إنمّا القناع للحرائر لكيلا يؤذين»([6]) .
أقول:
هل يعني ذلك جواز أن تؤذى الإماء؟ وإذا كانت الأمة عفيفة متديّنة راغبة في الخير معرضة عن الشرّ، ألا يشفع لها ذلك؟ لقد كانت هند بنت عتبة تدّعي أنها حرّة، وقالت لرسول الله(ص) يوم الفتح:«أو تزني الحرّة»؟! وضحك عمر حين سمع قولها حتّى استلقى، هكذا تقول الرواية! استلقى أمام رسول الله(ص) من شدّة الضّحك. ومن حقّه أن يضحك فإنّ حال هند بنت عتبة "الحرّة" أشهر من أن تخفى.
وعن سالم بن عبد الله قال: «كان عمر رجلا غيورا فكان إذا خرج إلى الصّلاة اتبعته عاتكة ابنة زيد، فكان يكره خروجها ويكره منعها وكان يحدّث أنّ رسول الله(ص) قال: إذا استأذنتكم نساؤكم إلى الصّلاة فلا تمنعوهنّ([7]).
أقول:
لا يغب عنك أنها اشترطت عليه في زواجها منه «ألاّ يمنعها عن صلاة العشاء الآخرة في المسجد»، وهذا يعني أنّه حقّها المشروع لا أنّه تبرّع من عمر كما قد يوهم به ذيل الخبر.
وعن ابن سيرين قال: إن كان عمر بن الخطّاب ليستشير في الأمر حتّى إن كان ليستشير المرأة فربّما أبصر في قولها الشّيء يستحسنه فيأخذ به([8]).
أقول:
وهذا من العجب، لأنّ عمر لم يكن يتورّع أن يخالف رسول الله(ص) في حياته وبعد وفاته، والذي يخالف رسول الله(ص)إنّما يفعل ذلك لأنّه يحتمل صدور الخطإ منه(ص)، مع أنّ القرآن الكريم يهتف{وما ينطق عن الهوى}؛ وهل هناك أعجب من احتمال الخطإ من رسول الله(ص) واحتمال السّداد من عجوز قضت معظم عمرها في الشّرك؟!
قال ابن تيمية: قال عمر بن الخطّاب احترسوا من النّاس بسوء الظنّ فهذا أمر عمر مع أنه لا تجوز عقوبة المسلم بسوء الظنّ([9]).
أقول:
والنّساء من النّاس، وهذا يعني الاحتراس من النساء بسوء الظّنّ، والعاقل لا يخفى عليه كيف تخرب البيوت إذا أساء الناس الظنّ بنسائهم. وقبل ذلك فإن القرآن الكريم يقول بصريح العبارة{ اجتنبوا كثيرا من الظّنّ} ثم يردف بعدها مباشرة { إنّ بعض الظن إثم}، ومع ذلك يقول قائلهم «فهذا أمر عمر»؛ والتّعارض بين كلام الله تعالى وكلام عمر بن الخطاب واضح لا يخفى منه شيء، لكنّه عمر، فعلى النّاس أن يتركوا كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إلى كلام رجل يقول برأيه ما يشاء، ولا مجال للنّقاش. ولأن كلام عمر هذا معارض صراحة للقرآن الكريم، فقد سارع المفسرون والمحدثون كعادتهم إلى نسبة الكلام نفسه إلى رسول الله(ص) كي تكتمل الفاجعة ويغدو النبي(ص) متناقضا في تبليغه، فبعد أن تلا على الناس قوله تعالى {اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}، إذا به يدعوهم علنا إلى سوء الظنّ، وهكذا يتعذر السلوك المناسب لأن الناس إن عملوا في هذه الحالة بالقرآن الكريم خالفوا رسول الله (ص) الذي أمروا بطاعته بلا قيد أو شرط؛ وإن عملوا بالحديث خالفوا القرآن الكريم ووقعوا في العصيان الذي هو محض الضلال. الحديث المزعوم رواه الطبراني في المعجم الأوسط قال:حدثنا أحمد [..] عن سليمان بن مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله:« احترسوا من الناس بسوء الظن». قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد تفرد به بقية([10]). لكنه في سنن البيهقي الكبرى منسوب إلى مطرف بن عبد الله؛ قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان[..] عن غيلان بن جرير قال: قال مطرف بن عبد الله احترسوا من الناس بسوء الظن. قال الشيخ رحمه الله وروي ذلك عن أنس بن مالك مرفوعا والحذر من أمثاله سنة متبعة([11]). وكذلك الشأن في كتاب الزهد لأحمد بن حنبل([12]) وحلية الأولياء لأبي نعيم([13])وتاريخ مدينة دمشق([14]). وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه بقية بن الوليد وهو مدلس وبقية رجاله ثقات([15]). وقال ابن حجر العسقلاني: "احترسوا من الناس بسوء الظن" أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق أنس وهو من رواية بقية بالعنعنة عن معاوية بن يحيى وهو ضعيف فله علتان وصح من قول مطرف التابعي الكبير أخرجه مسدد([16]). وأما عند ابن سعد فهو من كلام الحسن البصري([17]).
حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: قال عمر استعينوا على النساء بالعري إن إحداهن إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتها أعجبها الخروج([18]).
لكن رواية جاءت أيضا عن قتادة عن أنس أن النبي(ص) أن النبي(ص) قال استعينوا على النساء بالعري([19]). وأيضا عن مسلمة بن مخلد قال: قال رسول الله (ص) أعروا النساء يلزمن الحجال رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه مجمع بن كعب ولم اعرفه وبقية رجاله ثقات([20]).
وعن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أنّ رسول الله(ص)قال استعينوا على النّساء بالعرى. قال الشّيخ: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر لا يرويه عن سعيد غير إسماعيل هذا و لإسماعيل عن سعيد غير ما ذكرت من الحديث بما ينفرد به عنه، وإسماعيل ليس بذلك المعروف([21]).
لكن الشّوكاني يقول:حديث«أجيعوا النّساء جوعا غير مضرّ و أعروهن عريا غير مبرح.. إلخ » لا أصل له، وكذا «أعروا النّساء يلزمن الحجال» لا أصل له، وكذا «استعينوا على النّساء بالعري»([22]). وأما الذهبي فيقول : هذه الأحاديث من وضع محمد بن داود ولا يدرى من شيخه ولا من شيخ شيخه([23]). ونفس العبارة في لسان الميزان([24]). وفيه كلام كثير أكتفي منه بهذا القدر، وعليه يغدو صعبا إثبات صدور ذاك الكلام من نبي الرحمة(ص)، إلاّ أنه بسيرة وسلوك عمر بن الخطاب أشبه.
أقول:
وهذا يعني أنّه من قول عمر بن الخطّاب وليس من حديث رسول الله(ص).
وفي مصنف ابن أبي شيبة: عن حارثة بن مضرب قال: قال عمر استعينوا على النساء بالعري إن إحداهن إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتها أعجبها الخروج([25]).
وفي الإشراف عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قال عمر بن الخطّاب «استعينوا على النساء بالعري فإن المرأة إذا عريت لزمت بيتها»([26]).
لكن الدّيلمي نسب هذا القول في الفردوس إلى علي بن أبي طالب(ع)، قال: عن علي: «استعينوا على النّساء بالعرى فإنّ المرأة إذا عريت لزمت بيتها.
و عليه يكون هذا الكلام منسوبا إلى رسول الله(ص) مرّة وإلى علي(ع) أخرى وإلى عمر ثالثة! فهل ينسجم سلوك رسول الله وعلي صلوات الله عليهما مع هذا القول؟ أم أنّ سلوك عمر مع النّساء وضربه إيّاهن بالدّرة هو الذي ينسجم معه؟ !وكيف يقول النبي(ص) مثل ذلك بعد أن رووا أنّه(ص) قال:«استوصوا بالنساء خيرا»؟!
قالوا: حديث استعينوا على النساء بالعري رواه إسماعيل عن عباد المزني السعدي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس وهذا بهذا الإسناد منكر لا يرويه عنه غير إسماعيل هذا وليس بذلك المعروف قال المقدسي والصحيح أنه من كلام عمر رضي الله عنه ثنا أحمد بن محمد البزار أنبأ أبو طاهر المخلص ثنا أبو القاسم البغوي ثنا أبو فروة محمد بن زياد البلدي حدثنا أبو الأحوص - يعني سلام بن سليم - عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: قال عمر استعينوا على النساء بالعري فإن إحداهن إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتها أعجتبها الخروج([27]).
وفي أسنى المطالب: «استعينوا على النّساء بالعري فإنّ إحداهنّ إذا كثرت ثيابها واستحسنت زينتها أعجبها الخروج» أورده ابن الجوزيّ في الموضوع وفيه يحيى بن زكريا الجزّار وإسماعيل بن عباد الكوفي متروكان. وقال الهيثمي ضعيف([28]).
ضرب النساء .
ضرب النساء وتعنيفهنّ أمر ممقوت في كل الثقافات وليس هناك رجل يرضاه لابنته ولا امرأة ترضاه لابنتها بل إنّ من الناس من يشترط على من يطلب يد ابنته ألاّ يضربها. وقد كان ضرب النّساء عادة جارية في مكّة، وكان من المتخصّصين فيه عمر بن الخطاب، فقد كان يعذّب بعض الجواري اللاتي اعتنقن الإسلام، وبقي عنيفا مع النّساء والرّجال بعد إسلامه أيضا؛روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أنّ عمر بن الخطّاب كان يضرب النساء والخدم([29]). وعن ابن جريج عن ابن شهاب عن عمر مثله. وعلى سيرة عمر سار ابنه عبد الله . فعن معمر عن أيّوب قال: سئل نافع هل كان ابن عمر يضرب رقيقه؟ قال: نعم ويعتق في الساعة الواحدة كذا وكذا([30]).
وتقول أسماء بنت أبي بكر بخصوص كيفية الضرب: «كنت رابعة أربع نسوة عند الزبير ابن العوام (رض)، فإذا غضب على واحدة منّا ضربها بعود المشجب([31]) حتى يكسّره عليها »([32])، والمشجب خشبة توثق في الأرض تنشر عليها الثياب، ولا يبدو في كلام أسماء بنت الخليفة ما يظهر الاستنكار، أو الاستغراب، مما يفعله زوجها بهنّ، لأنّ نساء قريش تعوّدن الضرب، ولكن في المدينة حدث التغيير لما رأينه من حسن معاملة رجال الأنصار لزوجاتهم. يقول عمر بن الخطاب: "كنّا معشر المهاجرين قوما نغلب نساءنا فإذا الأنصار قوم تغلبهم نساؤهم فأخذت نساؤنا تتأدّب بأدب نساء الأنصار". المتمعّن في هذا الكلام يستشف من ورائه استياء جدّيّا ينغص الأجواء على عمر، ويشير إلى بوادر حركة للتّغيير ورفض الواقع المرّ الذي كانت تعيشه المهاجرات. ولئن كان نساء النبي(ص) لا يتعرضن للضرب فإنّ وشائج القرابة والنسب كفيلة أن تجعلهن يشاركن بقية المهاجرات. فليس بعيدا أن يكنّ قد أوصلن شكاوى النساء إلى رسول الله (ص) ولم يصلنا ذلك.
وقد كان موقف النبيّ(ص) ممّن يضربون النّساء ويشدّدون عليهنّ واضحا حتى إنّ امرأة من قريش ذهبت إليه تستشيره في الزّواج من أحد رجلين فلم يشر عليها بأيّ منهما؛ قالت فاطمة بنت قيس: لما انقضت عدتي خطبني أبو الجهم رجل من قريش ومعاوية بن أبي سفيان فأتيت رسول الله (ص) فذكرت ذلك له فقال رسول الله(ص) أما أبو الجهم فهو رجل شديد على النساء وأما معاوية فرجل لا مال له([33]).
وقد كان عمر أيضا شديدا على النّساء ولهذا لقي الرّد السلبي أكثر من مرة. ذكروا أنه خطب أمّ كلثوم ابنة أبي بكر بن أبي قحافة إلى عائشة فقالت أمّ كلثوم لا حاجة لي فيه، إنّه خشن العيش شديد على النّساء. فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص فقال: أنا أكفيك؛ فأتى عمر فقال بلغني خبر أعيذك بالله منه! قال: ما هو؟ قال: خطبت أمّ كلثوم بنت أبي بكر؟ قال: نعم، أفرغبت بي عنها أم رغبت بها عنّي؟ قال: ولا واحدة ولكنّها حدثة نشأت تحت كنف أمير المؤمنين في لين ورفق وفيك غلظة ونحن نهابك وما نقدر أن نرك عن خلق من أخلاقك فكيف بها إن خالفتك في شيء فسطوت بها كنت قد خلفت أبا بكر في ولده بغير ما يحق عليك. قال: فكيف بعائشة وقد كلمتها؟ قال: أنا لك بها وأدلّك على خير منها، أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب تعلق منها بنسب من رسول الله([34]). وخطب أم أبان بنت عتبة بن ربيعة فكرهته وقالت يغلق بابه ويمنع خيره ويدخل عابسا ويخرج عابسا([35]) .
روى النسائي، والبيهقي، وأبو داود، وابن ماجه، و الدارمي، وابن حبان
و الحاكم وغيرهم، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله(ص) لا تضربوا إماء الله، فجاء عمر إلى رسول الله(ص)فقال: يا رسول الله ذئرن النّساء على أزواجهنّ، فرخّص في ضربهنّ، فأطاف بآل رسول الله(ص) نساء كثير يشتكين أزواجهن[!] فقال النبي(ص): لقد طاف بآل محمد (ص) نساء كثير يشتكين أزواجهن، ليس أولائك بخياركم!([36]).
هذه القصّة تكشف عن العنف عند العرب في تعاملهم مع النّساء حتى بعد الإسلام، والمؤسف بالغ الأسف أنّ هذه الظاهرة لا تزال سارية المفعول في أيّامنا([37])، تنشر الرّعب في البيوت وتفرّق بين المرء وزوجه، وتشوّه صورة الأب لدى ولده، وتسمّم الأجواء بين العوائل المتصاهرة، حتى في بيوت تتمتّع فيها الزوجة بمستوى ثقافي رفيع، وتشغل منصبا لا يقلّ رتبة عن مناصب الشخصيّات المرموقة من الرجال . ذكرت جريدة الأطلسي النّاطقة بالفرنسيّة في عدد السّبت 11/11/2006 قصّة الوزيرة الموريتانيّة أميانة صو محمد دينا التي أشبعها زوجها ضربا إثر خلاف عائلي. وقالت المصادر التي سرّبت الخبر للصّحيفة:« إن السيّدة تعرّضت لضرب شديد، وإنّ جيرانها أنقذوها من هلاك محقق»، بينما أوضحت وكالة أنباء الأخبار الموريتانيّة المستقلّة أنّ مصدرا مقرّبا من مدير تحرير الصحيفة أكّد لها «أنّ المدير تعرّض لضغوط كبيرة لتقديم اعتذار عن نشر القصّة التي تمثّل حرجا للحكومة الانتقالية»([38]).
ولعلّ كثيرا من الذين يضربون نساءهم إنّما ينفّسون على أنفسهم من شدّة ما يلقون في حياتهم المهنيّة أو علاقاتهم الاجتماعيّة خارج البيت؛ وإلاّ فإنّ أولى النّاس باستدرار رحمة الرّجل وشفقته وحنانه زوجته وأولاده، فإنّهم لا يتوقّعون منه مجرّد الإعالة الماديّة من تغذية وكسوة وعلاج، وإنّما يهفون إلى مزيد من العناية العاطفيّة والرّعاية المعنويّة، وذلك هو ما يقوّي العلاقات بين أفراد الأسرة، ويعطي الطّفولة الطّعم الذي ينشده كلّ طفل.
والذي لا يقبل كثرة الجدال، باعتباره أمرا وجدانيا، هو أنّ صورة الأمّ في نفوس وقلوب أطفالها تتكسّر إذا ضربها شخص ما أمامهم، فكيف إذا كان الضّارب هو الأب نفسه، الذي يفترض فيه حمايتها ورعاية حرمتها وطلب راحتها. هذه النّقطة التي لا يلتفت إليها كثير من الآباء هي وراء عنف الشّوارع والملاعب، كما أنّ أثرها واضح في تقهقر وانحطاط مستويات التّلاميذ في المدارس!
قصّة ضرب النساء بطلها عمر بن الخطاب، فهو الذي ذهب إلى رسول الله(ص) يخبره بالسّلوك الجديد للنّساء، وحصل بذلك على رخصة لضرب النّساء بما يضمن عودة حقوق الرّجال، وهو إنجاز حضاري كبير يسجّل لعمر، لأنّه استطاع أن يعيد النّساء إلى وضعهنّ الذي كنّ عليه في الجاهليّة، ولهذا نراه فيما بعد حين أصبح على سدة الحكم يقول:«لا يسأل الرجل فيم يضرب زوجته»أو بعبارة قرآنية «لا يسأل عما يفعل»؛ وقد جاء ردّ فعل الرجال سريعا وبشكل جماعيّ، وهو ما يطرح علامة استفهام بخصوص العلاقات في بيوت الصّحابة، والموقف من الضرب، لأنّ سلوكا جماعيا بهذا الانسجام لا يحدث غالبا بهذه السّرعة، إذ بمجرّد أن صدر التّرخيص بالضرب كثرت ضحايا العنف من النّساء، ولا يعقل كون النّساء قد أسأن المعاملة مباشرة بعد التّرخيص، لأنّ ذلك ليس في مصلحتهنّ، لكن يبدو أنّ هناك من كان ينتظر هذا التّرخيص لإعادة الجاهلية في معاملة النساء.
تصرّح بعض الرّوايات أنّ النساء اللاتي طفن بآل محمد يومها كنّ سبعين امرأة، وهذا عدد كاف للفت انتباه كل من يراهنّ مجتمعات أمام بيت رسول الله(ص) أو بيت فاطمة وعلي عليهما السلام، لأنّ الرواية تقول:«لقد طاف بآل محمد (ص) نساء كثير يشتكين أزواجهن»، وهو مشهد محزن تنفلق له الأكباد، ولا شكّ أنّ الضّرب كان قد بلغ الحدّ الذي يدفع إلى التّشكّي، وإلاّ فإنّ المرأة تحرص عادة على إخفاء الضّرب الخفيف، ولا تعتبره شيئا يستحقّ أن يطلّع عليه الأجانب عن العائلة، لأنّ في إظهار ذلك حطّا من شأنها قبل كل شيء، وإظهارا لسوء العلاقة بينها وبين زوجها، فإنّ الرّجل الذي يحبّ امرأته لا يضربها؛ فالمرأة تحرص على أن تبدو الأمور طبيعية لا عنف فيها، لكن إذا بلغت الأمور الحدّ الذي لا يطاق، فإنّها تشكو ما تلقى ولو بحثا عن المواساة لتخفيف الألم، وقد يكون ذلك نقطة التّحول للتفكير الجدّي في طلب الطلاق.
نقطة أخرى ينبغي الإشارة إليها، وهي أن النبي(ص) قال بخصوص الذين ضربوا النساء«ليس أولئك بخياركم»، فنفى عنهم أن يكونوا خيار الأمّة؛ ولأنّ عمر بن الخطاب منهم فإنّه بمقتضى قول النبي(ص) لا يكون من خيار الصّحابة فضلا عن أن يكون خيرهم بعد أبي بكر كما يروّج له منذ قرون طويلة. قال الطيبي في شرح العبارة:«ليس أولئك أي الرجال الذي يضربون نساءهم ضربا مبرحا أي مطلقا بخياركم، بل خياركم من لا يضربهنّ ويتحمّل عنهنّ أو يؤدّبهن ولا يضربهن ضربا شديدا يؤدي إلى شكايتهن»([39]). ومع ذلك، ومع نفي النبي(ص) أن يكون من يضرب النساء من خيار المؤمنين إلاّ أنّ ثقافة الكرسي تأبى أن تدخل عمر بن الخطاب في إطار من يشملهم خطاب النبي(ص)، وقد بقي عمر بعد هذه الواقعة يضرب النساء وكأنّ الكلام لا يعنيه. ووجد أقوام في فعله ما ينهض لفعل النبي(ص)، فاستدلّوا بعنفه على جواز الضرب!
ولأن الضرب يشوّه قطعا العلاقة بين الزوجين على كل مستوياتها فقد أشار النّبي(ص) إلى ذلك بتعبير دقيق لا يرتاب فيه أهل المروءة أيّا كان الدين الذي ينتمون إليه؛ قال السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاريّ ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن زمعة قال: قال رسول الله(ص)أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثمّ يجامعها في آخر اليوم؟ وأخرج عبد الرزاق عن عائشة عن النبي(ص)قال أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد، يضربها أول النهار ثم يضاجعها آخره ([40]) ؟!
و عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال رسول الله(ص)أما يستحيي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أوّل النّهار ثمّ يضاجعها آخره، أما يستحيي([41])؟!
وعن هشام بن عروة عن أبيه عن الزّبير قال: قال رسول الله(ص)ألا عسى أحدكم أن يضرب امرأته ضرب الأمة، ألا خيركم خيركم لأهله([42]).
أقول:
وليس خير النّاس لأهله من يضربهم. والضّرب يورث التّباغض والكراهية بين الضارب والمضروب، ويكفي أنّ عمر بن الخطّاب نفسه يتألّم في شيخوخته لمجرّد تذكّر الضّرب الذي كان يتلقّاه من أبيه في الصغر، ويقول عنه «كان فظا غليظا »!
و عن الأشعث بن قيس قال: تضيّفت عمر، فلمّا كان في بعض الليل قام إلى امرأته يضربها فحجزت بينهما فلمّا رجع إلى فراشه وأخذ مضجعه قال: يا أشعث احفظ عنّي شيئا سمعته من رسول الله(ص)يقول «لا يسأل الرّجل فيما يضرب امرأته» .
وفي الطبقات الكبرى عن أبي سفيان عن أيوب قال جاءت امرأة إلى رسول الله قد ضربها زوجها ضربا شديدا فقام رسول الله فأنكر ذلك وقال:«يظل أحدكم يضرب امرأته ضرب العبد ثم يظل يعانقها ولا يستحيي»([43]).
أقول:
قد أنكر النبي(ص) ضرب المرأة في هذه القصة، ولو كان الحديث المنسوب إليه من طريق عمر صحيحا لقال لها «هذا شأن بينك وبين زوجك، ولا يسأل الرّجل فيما يضرب امرأته» لكنه لم يفعل، بل أنكر (ص) وأفعال النبي وتقريراته ونواهيه واستنكاراته تكشف عن الموقف الشرعي، وعليه ينبغي على المسلم أن يستنكر ضرب النساء. وكيف ينهى النبي(ص) عن ضرب النّساء ويقول«استوصوا بالنساء خيرا» ثمّ يعطي الرّجال رخصة موسّعة لضربهنّ ويمنع من مجرّد محاولة معرفة السبب الذي أدّى إلى الضرب؟
قال ابن تيمية:«..فإن الله قد أباح للرجل في كتابه أن يضرب امرأته إذا نشزت فامتنعت من الحقّ الواجب عليها حتى تؤدّيه([44]).
وعن أبي هريرة عن النبي(ص) قال خيركم خيركم لنسائهم. رواه البزار وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وقد وثق وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات([45]).
عن عبد الرحمن بن عبد الله المكي عن الأشعث بن قيس قال: تضيّفت عمر بن الخطّاب فقام في بعض الليل فتناول امرأته فضربها ثم ناداني يا أشعث قلت لبيك قال أحفظ عني ثلاثا حفظتهن عن رسول الله(ص)لا تسأل الرجل فيم يضرب امرأته ولا تسأله عمن يعتمد من إخوانه ولا يعتمدهم ولا تنم إلا على وتر هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه([46]).
أقول:
وأنت ترى أنه هتك سترها أمام أجنبي..
والقصة في سنن ابن ماجه كما يلي:عن عبد الرحمن المسلمي عن الأشعث بن قيس قال ضفت عمر ليلة فلما كان في جوف الليل قام إلى امرأته يضربها فحجزت بينهما فلما أوى إلى فراشه قال لي يا أشعث احفظ عني شيئا سمعته عن رسول الله(ص)لا يسأل الرجل فيم يضرب امرأته ولا تنم إلا على وتر ونسيت الثالثة([47]).
أقول:
قام إلى امرأته يضربها في جوف الليل مع حضور شخص أجنبي في البيت. وقد اضطرّ الضيف إلى التّدخّل ليحجز بينهما. ولعلّ السّبب الذي ضربها لأجله لم يكن وجيها، لهذا فقد حسم المسألة بقوله ما قال.
وعن الأوزاعي عن الزهري قال مضت السّنة في الرّجل يضرب امرأته فيجرحها أن لا تقصّ منه ويعقل لها([48]).
أقول:
أية سنة هذه التي يتّحدثون عنها؟!
قال أحمد في الرجل يضرب امرأته لا ينبغي لأحد أن يسأله ولا أبوها لم ضربتها والأصل في هذا ما روى الأشعث عن عمر أنه قال يا أشعث احفظ عني شيئا سمعته من رسول الله(ص)لا تسألن رجلا فيما ضرب امرأته رواه أبو داود ولأنه قد يضربها لأجل الفراش فإن أخبر بذلك استحيي وإن أخبر بغيره كذب([49]) .
قال الشافعي: وفي قوله لن يضرب خياركم دلالة على أن ضربهنّ مباح لا فرض أن يضربن ونختار له من ذلك ما اختار رسول الله(ص)فنحب للرّجل أن لا يضرب امرأته في انبساط لسانها عليه وما أشبه ذلك([50]).
قال ابن كثير: واشترى ( أبو بكر) جارية بني مؤمل حي من بني عدي كان عمر يضربها على الإسلام([51]).
قال (عمر): بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها فضربها فشجّها! فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك فلما رأى عمر ما بأخته من الدّم ندم على ما صنع([52]).
أقول:
وأنت ترى أنه يضرب أخته أمام زوجها، ويضرب الرّجل أمام زوجته، وفي هذا من انتهاك حرمتهما ما فيه.
و عن ابن شهاب قال: حدّثني سعيد بن المسيّب قال: لمّا توفّي أبو بكر رحمه الله أقامت عليه عائشة النّوح فأقبل عمر بن الخطّاب حتى قام ببابها فنهاهنّ عن البكاء على أبى بكر فأبين أن ينتهين؛ فقال عمر لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج إلى ابنة أبى قحافة أخت أبى بكر! فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر: إني أحرّج عليك بيتي! فقال عمر لهشام: ادخل فقد أذنت لك! فدخل هشام فأخرج أمّ فروة أخت أبى بكر إلى عمر فعلاها بالدّرّة فضربها ضربات فتفرّق النّوح حين سمعوا ذلك([53]) .
أقول:
يبدو أنّ الخليفة مولع بالهجوم على أهل الحداد وعلى النّساء منهم خصوصا هذا مع أنّهم فقدوا أعزّاءهم و تيقّنوا أنّهم لن يروهم قبل يوم القيامة إلاّ في عالم الرّؤيا؛ فكما هجم على بيت فاطمة (ع) هجم على بيت عائشة زوج النبي(ص) التي هي في نفس الوقت بمنزلة أمّه باعتبارها أمّ المؤمنين و زوجة رسول الله(ص) و ابنة صديقه وحليفه الأوّل فلم يرع لا هذه و لا تلك ولا الأخرى و هجم على بيت عائشة الذي هو أحد بيوت النبي(ص) بلا إشكال. وقد قالت لهشام بن الوليد بعبارة صريحة " إني أحرّج عليك بيتي ". فإذا كان القرءان الكريم قد نهى عن دخول بيوت النبي(ص) من دون إذن منه فكيف بالهجوم عليه؟ ثمّ هو يقول للرّجل: ادخل فقد أذنت لك! فمتى أعطاه النبي(ص) وكالة كي يأذن بذلك. وهل ينسخ كلام عمر كلام الله تعالى الذي لا معقب لحكمه؟ وتبقى المسألة محلّ تأمّل .
قال[ ابن الجوزي]: أحدها أنّ عمر بن الخطّاب رأى جارية متبرّجة فضربها وكفّ ما رأى من زينتها فذهبت إلى أهلها تشكو، فخرجوا إليه فآذوه فنزلت هذه الآية رواه عطاء عن ابن عبّاس([54]).
قصّة أم كلثوم .
في البداية لابدّ من التّذكير بالأساليب التي اتّبعها أعداء أهل البيت عليهم السّلام للحطّ من شأنهم، وتقديمهم بصورة من لا تهمّهم المعالي ولا تحرّكهم الهمم، وهذا واضح في تكفير أبي طالب ونسبة والدي رسول الله(ص) إلى الشّرك بالله تعالى، وقصة الغرانيق، وأمور كثيرة لا تخفى على الباحث النّزيه. والإسلام يدعونا إلى التّدبّر والتّأمّل والتّفكّر كي نكون على بصيرة من أمرنا ونتجنّب التقليد الأعمى الذي كان يتمسّك به المشركون([55]). فهل يقرّ لنا التّدبّر قبول كلّ ما وجدناه في كتب تمجّد الحاكم وإن كان فاسقا وتستهجن المعارض وإن كان ابن نبيّ؟!
من القصص التي روتها الصّحاح دون حياء من الله تعالى ولا رعاية لحرمة نبيّه(ص) قصّة خطبة علي بن أبي طالب(ع) ابنة أبي جهل! ولم يأتوا باسمها ولا بصفاتها لأنّ الذين اختلقوا القصّة كان يهمّهم الطّعن في علي بن أبي طالب عليه السّلام فكان كل اهتمامهم منصبّا على الخطبة وصاحب الخطبة، وأمّا التّفاصيل الخاصّة بالمخطوبة فلم يكن لها محلّ من الإعراب.
لماذ يخطب علي بن أبي طالب(ع) ابنة أبي جهل المزعومة بالذات؟ ومع ذلك رواها البخاري وغيره من طريق أعداء علي(ع) الذين حاربوه وسبّوه وشتموه ولعنوه! هذا مبلغ الإنصاف عند المحدّثين الذين يتلون قوله تعالى{ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}. ولقد أشار القرآن الكريم إلى علي(ع) بـ"نفس رسول الله" في آية المباهلة من سورة المائدة، فهو إذاً نفس رسول الله، فيه كل ما في رسول الله(ص) باستثناء النبوة لكونها مختومة لا أنّ عليا(ع) لا يكون أهلا لها، كما أنّه يأتي بعده مباشرة في الترتيب باعتباره لم يشرك بالله طرفة عين، وقد سمّى القرآن الكريم المشركين "نجسا" في قوله تعالى { إنّما المشركون نجس}، فمن أشرك ساعة فقد كان نجسا ساعة، ومن أشرك أربعين سنة فقد كان نجسا أربعين سنة، والله تعالى أجلّ شأنا من أن يساوي بين من طهّرهم بنفسه ومن تنجس بأنجاس الجاهلية، فكيف بالتفضيل؟!
نعم، يروون أنّ علي بن أبي طالب (ع) المطهّر بنص الكتاب العزيز، والذي هو من رسول الله(ص)بمنزلة هارون من موسى، والذي يحبّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لم يكتف بسيدة نساء العالمين جمالا وشرفا وعلما وفهما وعبادة...وذهب يخطب بنت أبي جهل! من هو الرجل الذي تكون في بيته امرأة مثل فاطمة(ع)ثمّ يذهب يخطب مثل بنت أبي جهل عدوّ الله؟! ولأيّ شيء يخطبها؟ ولماذا هي دون غيرها؟ ولماذا لم تذكر بنت أبي جهل في شريفات نساء قريش؟
هؤلاء الذين رووا هذا الإفك هم الذين يروون أيضا أنّ أم كلثوم بنت علي(ع) تزوجت عمر بن الخطاب! وهي تعلم أنّ أمها (ص) ماتت ساخطة عليه غاضبة عليه، وقد قال النبي(ص): «يا فاطمة إنّ الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك»([56]). أضف إلى ذلك أنّ عمر بن الخطّاب خطب أمّها فاطمة وردّه رسول الله(ص)، وهو الذي قال للمسلمين «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»! وفي تقاليد العرب يستهجنون أن يخطب الرجل المرأة ثم يخطب ابنتها بعد ذلك، ويعتبرونه ساقط الهمة؛ بل في تقاليدهم أن الرجل إذا خطب إلى أهل بيت وردّوه لم يعد إلى ذلك البيت أبداً. كلّ ما في المسألة أنّ الحاقدين على علي(ع) قرّروا أن يستبيحوا منه كلّ شيء، دماء أولاده وأعراض بناته، وكرامته الشخصية! وإلى يومنا هذا لا يزال بغض علي ساري المفعول تحت إشراف حاخامات وأموال نفطية، وإلاّ فإن أم كلثوم بنت علي(ع) أجلّ في نفسها من أن تعقّ أمّها فتتزوّج أبغض الناس إليها.
ولأنّ هذا الكتاب لم يوضع لمناقشة هذه القضية، ولأن الفضلاء قد كتبوا في الموضوع وأشبعوه بحثا دفاعا منهم عن كرائم بيت النبوة، فإنني لا أملك إلا أن أتوقف عند هذا الحدّ.
الهجوم على بيت فاطمة :
كثر الحديث في أيّامنا حول التّشكيك في الهجوم على بيت فاطمة(ع)، مع أنّ أبابكر بن أبي قحافة اعترف شخصيّا أنّه كشف بيت فاطمة، وقال ذلك في آخر حياته كالنّادم على فعلته، وإقرار العقلاء على أنفسهم جائز. قال أبو بكر بن أبي قحافة:« فأما الثلاث اللاتي وددت أنّي لم أفعلهنّ فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته وأن أغلق علي الحرب ووددت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر ..الخ الحديث»([57]). لكن المشكّكين أشدّ بكريّة من أبي بكر نفسه، لذلك تراهم يوردون الإشكال بعد الإشكال، ويزعمون أنّ في ذلك قدحا في علي بن أبي طالب(ع) وحطّا من شأنه! لأنّه شجاع، ولا ينبغي أن يحدث مثل ذلك أمامه ولا يستعمل شجاعته! يفسّرون الشّجاعة بالتّهوّر، بعيدا عن الحكمة، وهم يعلمون أنّ رسول الله(ص) الذي هو أشجع وأشرف من علي(ع) كان يمرّ على المؤمنين يعذّبون في مكّة فلا يملك إلا أن يقول«صبرا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنّة».
قال المفكر الإسلامي حسن بن فرحان المالكي في كتابه " قراءة في كتب العقائد ": «..ولكن حزب عليّ كان أقل عند بيعة عمر منه عند بيعة أبي بكر الصديق نظرا لتفرقهم الأوّل عن عليّ بسبب مداهمة بيت فاطمة في أوّل عهد أبي بكر وإكراه بعض الصّحابة الذين كانوا مع عليّ على بيعة أبي بكر، فكانت لهذه الخصومة والمداهمة(وهي ثابتة بأسانيد صحيحة) ذكرى مؤلمة لا يحبون تكرارها»([58]). وقال بهامش الصفحة نفسها: «كنت أظن المداهمة مكذوبة لا تصح حتى وجدت لها أسانيد قوية منها ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، لكن ليس كما يبالغ غلاة الشيعة وليس كما ينفي غلاة الحنابلة». وقال ابن تيمية: ونحن نعلم يقينا أن أبا بكر لم يقدم على عليّ والزبير بشيء من الأذى بل ولا على سعد بن عبادة المتخلف عن بيعته أوّلا وآخرا. وغاية ما يقال إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه وأن يعطيه لمستحقه ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز فإنه يجوز أن يعطيهم من مال الفيء. وأما إقدامه عليهم أنفسهم بأذى فهذا ما وقع فيه قط باتفاق أهل العلم والدين وإنما ينقل مثل هذا جهال الكذابين ويصدقه حمقى العالمين الذين يقولون إنّ الصحابة هدموا بيت فاطمة وضربوا بطنها حتى أسقطت([59]). أقول: وهذا يعني أنّ المداهمة وقعت فعلا، ولا مجال إلى إنكارها، لكن ابن تيمية تعلّل بمسألة المال! وكأنّ فاطمة عليها السلام تخفي في بيتها مال المسلمين! فابن تيمية وإن كان لا يصرّح بما يعتلج في صدره إلاّ أنه يتّهم فاطمة عليها السلام بالسّرقة أو الغلول أو شيئا من ذاك القبيل. ومتى دخل بيت فاطمة شيء من مال المسلمين. وعلى فرض أن يكون فيه شيء من مال المسلمين فإنّه لا يكون بدون إذن من رسول الله (ص). وهنا ينبغي على ابن تيمية أن يوجّه الإشكال إلى رسول الله(ص) ويتّهمه بما اتّهم به فاطمة (ع)، لأنّ فاطمة لم تخرج من بيتها ولم تجلب شيئا. وقد كان في وسع أبي بكر وحزبه أن ينظروا ـ إن كان هناك مال أو لم يكن ـ بالطّرق المعهودة عرفا وعقلا بأن يرسلوا امرأة أو شيخا من شيوخ قريش، لا أن يداهموا. بل المداهمة كانت بقصد الإرهاب. وكاتب هذه السطور يعتقد فيما بينه وبين الله تعالى أنّ الإرهاب في حياة المسلمين سُنّ في ذلك اليوم، وأنّه لا يزال يمارس إلى هذا اليوم.
المهم هو أنّ الذي تزعّم المداهمة ـ أو الهجوم أو الكبس أو سمّه ما شئت ـ هو عمر بن الخطاب، الذي كان هائجا يومها وزعم أنه أولى برسول الله من فاطمة وعلي عليهما السلام.
_______________________
([1]) أخبار المدينة، ابن شبة النميري ج2 ص21.
([2]) التحريم:11و12.
([3]) قال عمر لرجل همّ بطلاق امرأته لم تطلّقها؟ قال: لا أحبها قال: أو كل البيوت بنيت على الحب؟! فأين الرعاية والذمّم؟ ! البيان والتبيين ج1 ص257 و محاضرات الأدباء ج2 ص33 .
([4]) عبقرية عمر، عباس محمود العقاد ص 214.
([5]) قال القرطبي :وروي أن رجلا من أصحاب النبي (ص)، كان لا يزال مغتما بين يدي رسول الله (ص)، فقال له رسول الله (ص): مالك تكون محزونا ؟ فقال : يا رسول الله ، إني أذنبت ذنبا في الجاهلية فأخاف ألا يغفره الله لي وإن أسلمت . فقال له : أخبرني عن ذنبك ، فقال : يا رسول الله ، إني كنت من الذين يقتلون بناتهم ، فولدت لي بنت فتشفعت إلي امرأتي أن أتركها فتركتها حتى كبرت وأدركت ، وصارت من أجمل النساء فخطبوها ، فدخلتني الحمية ولم يحتمل قلبي أن أزوجها أو أتركها في البيت بغير زواج ، فقلت للمرأة : إني أريد أن أذهب إلى قبيلة كذا و كذا في زيارة أقربائي فابعثيها معي ، فسرت بذلك وزينتها بالثياب والحلي ، وأخذت علي المواثيق بألا أخونها . فذهبت إلى رأس بئر فنظرت في البئر ففطنت الجارية أني أريد أن ألقيها في البئر فالتزمتني ، وجعلت تبكي وتقول : يا أبت إي شيء تريد أن تفعل بي ؟ فرحمتها ، ثم نظرت في البئر فدخلت علي الحمية ، ثم التزمتني وجعلت تقول : يا أبت لا تضيع أمانة أمي ، فجعلت مرة أنظر في البئر ومرة أنظر إليها فأرحمها حتى غلبني الشيطان فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة ، وهي تنادي في البئر : يا أبت ، قتلتني . فمكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت . فبكى رسول الله (ص)وأصحابه، وقال: " لو أمرت أن أعاقب أحدا بما فعل في الجاهلية لعاقبتك " ( 22 ) القرطبي، تفسير سورة التكوير ، الآية الثامنة ، ج 19ص232 – 234.
([6]) مصنف ابن أبي شيبة ج2 ص42 .
([7]) مسند أحمد بن حنبل ج1 ص40 و مجمع الزوائد ج2 ص33 .
([8]) كنز العمال ج3 ص317 .
([9]) مجموع الفتاوى ج28 ص372.
([10]) المعجم الأوسط، الطبراني، ج1 ص189.
([11]) سنن البيهقي الكبرى، ج10 ص129رقم20203 .
([12]) الزهد لابن حنبل ج1ص242 .
([13]) حلية الأولياء ج2 ص210 .
([14]) تاريخ مدينة دمشق، ج58 ص330.
([15]) مجمع الزوائد، الهيثمي، ج8 ص89..
([16]) فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج10 ص531.
([17]) الطبقات الكبرى، ج7 ص177.
([18]) مصنف ابن أبي شيبة،ج4 ص53 . رقم17711 .
([19]) المعجم الأوسط ،الطبراني،ج8 ص165 رقم8287 .قال في ذيل الحديث: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد ولاعن سعيد إلا إسماعيل تفرد به زكريا بن يحيى الخزاز.
([20]) مجمع الزوائد، الهيثمي، ج5 ص138 .
([21]) الكامل في ضعفاء الرجال، ج1ص312 .
([22]) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ج1 ص135 .
([23]) ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج5 ص14 .
([24]) لسان الميزان، ج4 ص106 .
([25]) مصنف ابن أبي شيبة ج4ص53.
([26]) الإشراف في منازل الأشراف ج1 ص177.
([27]) ذخيرة الحفاظ، ج1 ص396.
([28]) أسنى المطالب، ج1 ص53.
([29]) مصنف عبد الرزاق، ج9 ص441 رقم17938 و17939
([30]) نفس المصدر الحديث رقم17940
([31]) المشجب وهو بكسر الميم عيدان يضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب وقد تعلق عليها الأسقية لتبريد الماء وهو من تشاجب الأمر إذا اختلط (لسان العرب، ابن منظور ج1 ص484).
([32]) الكشاف ج1 ص539 و تفسير البحر المحيط ج3 ص252 و تفسير الثعلبي ج3 ص303 و روح المعاني ج5 ص25.
([33]) سنن البيهقي الكبرى ج7ص181و سنن الترمذي ج3 ص441 و سنن سعيد بن منصور،ج1 ص190
ومسند أبي عوانة ج3 ص155، ومسند الطيالسي، ج1 ص228 و التمهيد لابن عبد البر،ج19 ص139،
وتحفة الأحوذي، ج4 ص241، و تهذيب الكمال ج33 ص100.
([34]) تاريخ الطبري ج2 ص564 .
([35]) الكامل في التاريخ ج2 ص450 و تاريخ الطبري ج2 ص564 .
([36])سنن النسائي الكبرى ج5 ص371 و سنن البيهقي الكبرى ج7 ص304 و ج7 ص305 و السنن الصغرى للبيهقي(نسخة الأعظمي)ج6ص291، وسنن أبي داود، ج2 ص245، و سنن ابن ماجه، ج1 ص638 ،وصحيح ابن حبان، ج9 ص499، والمستدرك على الصحيحين، ج2ص205 وج2 ص208
و المعجم الكبير، ج1 ص270، و مصنف عبد الرزاق،ج9 ص442، وموارد الظمآن،ج1 ص319
وسنن الدارمي،ج2ص198، ومسند الشافعي، ج1ص261، و معرفة السنن والآثار، ج5 ص434
و الآحاد والمثاني ج5 ص184و مسند الحميدي ج2 ص386 .
([37]) الترخيص بالضرب الخفيف أساء فهمه أقوام فانتقلوا من الترخيص إلى التحريض، ومارسوا ذلك في دول الغرب باسم الإسلام فقدموا دليلا ملموسا لمن يتهم المسلمين بالعنف. جاء في جريدة الشرق الأوسط ليوم الثلاثـاء 24 ذو الحجـة 1426 هـ 24 يناير 2006 العدد 9919 ما يلي: طالب أحد القياديين الحزبيين في هولندا بضرورة الملاحقة القضائية لكل شخص يحرض الرجال على ضرب النساء، وطالب بتعديل القوانين حتى تسمح بتحقيق ذلك. جاء ذلك على لسان ماكسيم فيرهاخن، رئيس المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي المسيحي، اكبر الأحزاب الهولندية والذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي برئاسة بيتر بالكينيند.وأضاف المسئول الحزبي في تصريحات لصحيفة «تراو» الهولندية على موقعها بالإنترنت، أنه يرد بذلك على الدعوات، التي تضمنتها تصريحات وخطب عدد من الأئمة المسلمين في المساجد والتي تضمنت إعطاء الحق للرجل بضرب زوجته إذا أخطأت.وقال «إن القوانين الحالية تقف عائقا إمام النيابة العامة لملاحقة هؤلاء الأشخاص، ومن أجل إزالة تلك العوائق لا بد من إجراء تعديل في القانون الحالي، الذي ينصّ على حرية العقيدة وحرية التعبير، وهي أمور يستغلها البعض في التحريض على أشياء ويقف القانون عاجزا على محاكمة هؤلاء الأشخاص .
([38]) باعتبار أن المجتمع الموريتاني أيضا مجتمع قبليّ، فإنّه لا يبعد أن تكون قبيلة الزّوج الضّارب أكثر مالا وأعزّ نفرا من قبيلة الزّوجة المضروبة، ولهذا تمّ دفن القضيّة بهدوء. والعرف يقضي أنّ الوزراء يتمتّعون بحصانة دبلوماسية، وأنّ التعدّي على أحدهم بالضّرب مما يعاقب عليه القانون.
([39]) عون المعبود، ج6 ص130.
([40]) الدر المنثور، ج2ص523.
([41]) مصنف عبد الرزاق، ج9ص442تحت رقم 17943.
([42]) مسند البزار ج3ص197.
([43]) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد ج8ص205 .
([44]) دقائق التفسير، ج2ص40
([45]) مجمع الزوائد ج4ص303 .
([46]) المستدرك على الصحيحين، ج4ص194.
([47]) سنن ابن ماجه ج1ص639 تحت رقم1986 .و مسند عبد بن حميد ج1ص43 تحت رقم37.
([48]) مصنف ابن أبي شيبة، ج5ص411 رقم27489 .
([49]) المغني، ج7ص243.
([50]) كتاب الأمّ، الشّافعي، ج5ص 194.
([51]) البداية والنهاية، ابن كثير، ج 3 ص 58.
([52]) البداية والنهاية، ابن كثير، ج 3 ص 80.
([53]) تاريخ الطبري، ج 2 ص 614. والقصّة أيضا في شرح نهج البلاغة، ج1ص181.
([54]) زاد المسير، ابن الجوزي ج6 ص 421.
([55]) إشارة إلى قول المشركين {حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا} المائدة 104 ، وقولهم {بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا} لقمان 21، وقولهم{ إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} الزخرف23 .
([56]) كنز العمال، ج12 ص51رقم 34237 . الديلمي عن علي بلفظ «إن الله عز وجل ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها» وباللفظ المذكور أعلاه رقم34238 ع طب ك وتعقب. أخرجه الحاكم في المستدرك، ج3 ص154، وقال الذهبي: فيه حسين بن زيد منكر الحديث لا يحلّ أن يحتجّ به، وأبو نعيم في فضائل الصحابة وابن عساكر عن علي.اهـ . وأقول:مذهب الذهبي في الجرح معلوم، وكل ما فيه فضيلة لأهل البيت عليهم السلام لا ينالها غيرهم فهو باطل. وكيف لا يكون الذّهبيّ كذلك وهو القائل في حديث« أتاني جبريل بسفرجلة من الجنّة فأكلتها ليلة أسري بي فعلقت خديجة بفاطمة فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رقبة فاطمة»: هو كذب جليّ من وضع مسلم بن عيسى الصّفّار لأنّ فاطمة ولدت قبل النّبوة فضلا عن الإسراء. وهو[الذهبي] بهذا الكلام يرمي إلى غاية خبيثة لا يمكن أن ينطوي عليها قلب يحبّ رسول الله (ص)، فهو يريد أن يقول: إنّ فاطمة وإن كان أبوها سيّد الأنبياء فإنّ أمّها لم تكن مسلمة حيث لم يكن في مكة من قريش مسلم قبل البعثة كما هو مذهب الذهبي وأشباهه، فتكون فاطمة حال انعقاد نطفتها من رسول الله وامرأة غير مسلمة!! بينما يصرّ الذهبي على أنّ عائشة بنت أبي بكر ولدت بعد البعثة أي من أبوين مسلمين! هذا مبلغ حبّ الذهبي لرسول الله وآله. وكأنّ في ولادة فاطمة(ع) بعد البعثة خطرا على الإسلام!
كنز العمال، ج12ص51.
([57]) مجمع الزوائد، ج5 ص203 والمعجم الكبير، الطبراني، ج1 ص62 وكنز العمال، ج5 ص252و لسان الميزان، ج4 ص189، وميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج5 ص135، وتاريخ مدينة دمشق، ج30 ص418
وج30 ص418، وج30ص420، وج30ص421، وج30ص422 ومنهاج السنة النبوية،ج8 ص290
و تاريخ الطبري، ج2 ص353، و تاريخ اليعقوبي، ج2 ص137، و سمط النجوم العوالي، ج2ص465
وتاريخ الإسلام، ج3 ص118.
([58]) قراءة في كتب العقائد، حسن بن فرحان المالكي،ص52 .
([59]) منهاج السنة النبوية، ج8 ص291.