الخوارج
  • عنوان المقال: الخوارج
  • الکاتب: شبكة رافــد
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 23:2:1 1-9-1403

 التعريف :

ـ وهم الفئة التي خرجت على الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بعد أن كانت تحارب معه، يغلب عليها الانفعال والتطرف في السلوك، والتزّمت في الدين والتحجّر في الفكر، تكوّنت بعد معركة صفّين، بسبب رفضها لنتيجة التحكيم، وأصبحت العبارة التي صاغها أحدهم ( لا حكم إلاّ لله ) شعار هذه الطائفة، وكان تأسيسها في منتصف القرن الأول الهجري.


عوامل الظهور :

ـ لمّا طالت الحرب بين معاوية والإمام علي (عليه السّلام) في وقعة صفّين، وكاد النصر أن يتمَّ لجيش الإمام لولا رفع المصاحف من قبل أصحاب معاوية ، ودعوا أصحاب الإمام علي إلى ما فيها. مما أدّى إلى الاضطراب والفوضى في جيش الإمام (عليه السّلام)، اضطر بعد ذلك الإمام علي(عليه السّلام) على الرجوع من صفّين إلى الكوفة، فلم تدخل معه الخوارج وأتوا حروراء فنزل منهم بها أثنا عشر ألفاً، وسموا حينذاك ( بالحرورية ) نسبة إلى هذه القرية، ( وبالمحكمة ) أي الذين يقولون لا حكم إلاّ لله ـ وهما اسمان كثيراً ما يطلقان على الخوارج، وأمّروا عليهم رجلاً منهم اسمه عبد الله بن وهب الراسبي.
 

النشأة والتطور :

ـ عندما انطلت خدعة رفع المصاحف على جماعة من أصحاب الإمام علي (عليه السّلام)، ورفعهم شعار ( لا حكم إلاّ لله ) قاتلهم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) في النهروان مقاتلة شديدة، فما انفلت منهم إلاّ أقلّ من عشرة، انهزم اثنان منهم إلى عمان، واثنان إلى كرمان، واثنان إلى سجستان واثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى تلّ مورون في اليمن، وظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع، وبقيت إلى اليوم.
وأوّل من بويع بالإمامة من الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي، في منزل زيد بن حصين، بايعه عبد الله بن الكوّاء، وعروة بن جرير، ويزيد بن عاصم المحاربي، وجماعة غيرهم.
ـ كان لرفع الشعار المستمد من القرآن الكريم ( لا حكم إلاّ لله ) التأثير الخطير على استقطاب بسطاء الناس وإيهامهم، من خلال الإيحاء بالتمسك بكتاب الله مع أنّ هذا الشعار. ـ كما عبّر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ـ هو ( كلمة حقّ يراد بها باطل )، إضافة إلى كثرة عبادة هؤلاء وتعمقهم في الدين حتى سُمّو المتعمقين، وقراءتهم القرآن إذ كانوا يسَمون بقرّاء القرآن.
 

الأفكار والمعتقدات :

ـ ذهبوا إلى القول بتـكـفـير الإمام علي (عليه السّلام) وعثمان، والحكمين، وأصحاب الجمل، وكُلّ من رضي بتحكيم الحكمين.
ـ قالوا : إنّ مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب فهو مخلد في النار، وأمّا صغائر الذنوب فإنّ الإنسان إذا تاب منها فالله يغفرها له.
ـ أنكروا التقية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأوا وجوب المواجهة على أيّ حال وإن أدّت إلى القتل.
ـ يرون أنّ الخلافة حقّ لكلّ مسلم مادام كفئاً، ولا فرق في ذلك بين القرشي، وغير القرشي.
ـ قالوا : إنّ بعث الأنبياء وإرفاقهم بالمعجز ليس بواجب، إذ يجوز أن يبعث الله الأنبياء من غير معجزة، ولا آية تثبت نبوتهم، إنّ إرسال الأنبياء وإرفاقهم بالمعجز هو من باب اللطف والفضل على العباد.
ويجوز عندهم أن يكون الأنبياء ـ قبل البعثة ـ من أهل الفسق والكفر، كما يجوز على الأنبياء بعد بعثهم الكفر، وارتكاب الصغائر، والسهو والنسيان. ـ إباحة قتل أطفال المخالفين لأفكارهم ونسائهم.
ـ استحلوا دماء أهل العهد والذمة، وأموالهم في حال التقية، وحكموا بالبراءة ممن حرّمها.
ـ قالوا : إنّ القرآن هو كلام الله المنزل على النبي، بواسطة جبرائيل، وأنّه مخلوق مثل بقية الأشياء.
ـ قالوا : إنّ كُلّ خبر ورد عن النبي يخالف ظاهر الكتاب لا يعمل به، وإنّ كُلّ خبر لا يكون متواتراً لا يجوز أن يتخذ دليلاً.
إنّ الإنسان ليس مجبراً، واثبتوا له قوة الاستطاعة يفعل بها ما اختار فعله، وإنّ الاستطاعة التي يكون بها الفعل لا تكون إلاّ مع الفعل ولا تتقدمه.

 

ابرز شخصياتهم :

1 ـ عبد الله بن وهب الراسبي.
2 ـ عبد الله بن أبي الحر.
3 ـ المستورد بن علقمة.
4 ـ حيان بن ضبيان .
5 ـ عبد الله بن الماحوز.
6 ـ نافع بن الازرق.
7 ـ قطرى بن الفجاءة.
8 ـ نجدة بن عامر.
9 ـ زياد بن الأصفر.
10 ـ عبد الكريم عجرد.
11 ـ الهـيـصم بن جابر
12 ـ خلف بن عمر المدائني.
 

أحداث ووقائع :

ـ كان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) يوماً يؤمّ الناس وهو يجهر بالقراءة، فجهر ابن الكوّاء من خلفه تالياً الآية : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فسكت الإمام (عليه السّلام)، حتى أتمها ابن الكوّاء فأتمّ قراءته، فلما شرع في القراءة، أعاد ابن الكوّاء الجهر بتلك الآية، فسكت الإمام علي (عليه السّلام)، فلم يزالا كذلك يسكت هذا ويقرأ ذلك، حتى قرأ علي (عليه السّلام):(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) .
ـ مرّت الخوارج في المدائن فالتـقوا واليها صاحب رسول الله (عبد الله بن خباب)، فأسروه مع زوجته الحامل، ووجدوا في عنقه مصحفاً فقالوا له : إنّ هذا الذي في عنقك ليأمرنا أن نقتـلك، فكان ردّه عليهم أن يحيوا ما أحيا القرآن، وأن يميتوا ما أمات. ثُمّ سألوه عن أبي بكر وعمر ؟ فاثني عليهما خيراً وسألوه عن عثمان في أول خلافته وآخرها، فجعله محقّاً في أولها وآخرها، أمّا عن الإمام علي (عليه السّلام) قبل التحكيم وبعده، فأنّه قال لهم: ( إنّه أعلم بالله منكم، واشدّ توقياً على دينه، وأنفذ بصيرة ) فقالوا : إنّك تتبع الهوى، وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلك قتلة ما قتـلنا أحداً. فأخذوه وكتفوه، ثُمّ اقبلوا به وبامرأته وهي حبلى.. فأضجعوه فذبحوه فسال دمه في الماء، واقبلوا إلى المرأة فقالت : أنا امرأة ألا تتقون الله ! فبقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طي، وقتلوا أمّ سنان الصيداوية.
 

من ذاكرة التاريخ :

ـ لمّا رفع أهل الشام المصاحف، يخادعون أصحاب الإمام علي (عليه السّلام)، ويدعونهم إلى حكم القرآن، قال (عليه السّلام) : ( عباد الله إني أحقّ من أجاب إلى كتاب الله، ولكنّ معاوية، وعمرو بن العاص، وابن أبي معيط، ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وإنّي اعرف بهم منكم، صحبتهم أطفالاً وصحبـتـهم رجالاً، فكانوا شرّ الأطفال وشرّ الرجال، إنها كلمة حقّ يراد بها باطل، إنهم والله ما رفعوها، إنهم يعرفونها ولا يعملون بها، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة، أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحقّ مقطعه، ولم يبق إلاّ أن يقطع دابر الذين ظلموا.
فجاءه زهاء عشرين ألفاً مقنعين في الحديد، شاكي السلاح، سيوفهم على عواتقهم، وقد اسودّت جباههم من السجود، يتقدمهم عصابة من القرّاء الذين صاروا خوارج، من بعد فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين : يا علي اجب القوم إلى كتاب الله، إذا دعيت وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفان. فو الله لنفعلنها إن لم تجبهم.
فقال لهم : ويحكم أنا أوّل من دعا إلى كتاب الله، وأول من أجاب إليه).... قالوا : فابعث إلى الاشتر ليأتيك، وقد كان الاشتر صبيحة ليلة الهرير قد اشرف على عسكر ( معسكر ) معاوية ليدخله.
 

خلاصة البحث :

ـ الخوارج : هم الفئة التي خرجت على الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بعد أن كانت تحارب معه إبان معركة صفّين بسبب رفضهم لنتيجة التحكيم، فرفعوا شعاراً صار رمزاً لتحركهم وهو ( لا حكم إلاّ لله ) وكان تأسيسها في منتصف القرن الهجري الأول.
بعد أن أوشك أصحاب علي (عليه السّلام) على تحقيق النصر على جماعة معاوية في وقعة صفّين، رفعت جماعة معاوية المصاحف ودعوا أصحاب الإمام علي (عليه السّلام) إلى ما فيها، فانقسم القوم وقال عروة بن اذينة : تحكمون في أمر الله الرجال ( لا حكم إلاّ لله ) ورجع علي من صفّين فدخل الكوفة، ولم تدخل معه الخوارج.
فأتوا حروراء فنزل بها منهم اثنا عشر ألفاً، وأمّروا عليهم رجلاً منهم اسمه عبد الله بن وهب الراسبي.
ـ قاتلهم الإمام (عليه السّلام) في النهروان مقاتلة شديدة، فنجا منهم عشرة، وانهزم اثنان إلى عمان، واثنان إلى كرمان، واثنان إلى سجستان واثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى تلّ مورون في اليمن، وهناك بدأت بدع الخوارج تنمو في تلك المواضع.
ـ من أفكارهم ومعتقداتهم تكفير الإمام علي (عليه السّلام)، وعثمان، والحكمين وأصحاب الجمل، وكُلّ من رضي بتحكيم الحكمين. أباحوا قتل أطفال المخالفين ونسائهم.