اليزيدية
  • عنوان المقال: اليزيدية
  • الکاتب: شبكـة رافد
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 23:56:52 1-9-1403

 التعريف :

هم جماعة من الغلاة يرجعون إلى أصل مجوسي أدّعو الإسلام بعد المجوسية، واعتقدوا بإلوهية يزيد بن معاوية، وأضافوا إليه آلهة آخرين، عكفوا على عبادتهم، وفي القرن السادس الهجري اشتهر بينهم الشيخ عدي بن مسافر الأموي، وأسس طريقته العدوية، وكان اليزيديون أول من اعتنقها وإنما سموا باليزيدية لأنهم كانوا يعتقدون بصلاح يزيد اعتقاداً بلغ حدّ التأليه.

 

عوامل الظهور :

ـ نشأت هذه الفرقة في بلاد كانت بعيدة عن العلم والتحضر، والمراكز الدينية والعلمية، وقد ذكر الباحثون إنها بدأت انطلاقتها في جبال حلوان، ثُمّ في جبال هكار من كردستان.

ـ كانت الطائفة اليزيدية تدين بالديانة المجوسية، وظلت معتزلة عن الأقوام الأخرى إلاّ أنّ انتشار الإسلام، وارتفاع رايات الفتوحات الإسلامية، جعلهم يتظاهرون إمام الفاتحين بعقائدهم الإسلامية، وعلى مرّ التأريخ جاءت الأجيال فخلط أبناؤها بين المعتقد الأول البائد ومظاهر من المعتقد الجديد المقتبس فكانوا ضعافاً في كلا المعتقدين.

ـ تولى قيادة الفرقة رجال حكموا آراءهم واتبعوا أهواءهم، فأضلّوا الناس بالبدع، والخرافات وتظاهروا بالزهد، والتعفف وكثرة المجاهدة، فقصدهم الناس وتأثروا بهم، حتى غلب الرأي اليزيدي في حلوان وسنجار والأطراف الحدودية من العراق وإيران وتركية وسورية.

 

النشأة والتطور :

ـ طرحت الفرقة اليزيدية آراءها في ظل ظروف وأجواء هادئة سياسياً وفكرياً، استغلتها لصالحها، وجذبت البسطاء من الناس إليها، وبالأخصّ سكان الجبال والرحل وأهل القرى والقصبات/ وأغوت خلقاً كثيراً منهم.

ـ استطاع الشيخ عدي بن مسافر الأموي بانتحاله شخصية لها طابع القدسية والزهد والتسامح أن يشقّ طريقه في الدعوة إلى فرقته ونحلته، وروّج لنفسه بنشر الكرامات والسجايا، التي تناقلها أنصاره وأتباعه، حتى صاروا يغالون فيه، بما لا يوافق الشرع والعقل، وينقادون لآرائه ومعتقداته.

ـ تولى زعامة الطائفة اليزيدية بعد عدي بن مسافر رجل من قبيلته وهو الشيخ حسن شمس الدين الملقب بالبصري، حيث قادهم نحو الفساد والزيغ وأعادهم إلى معتقدهم القديم المجوسية، وما توارثوه من أجدادهم وأسلافهم.

 

الأفكار والمعتقدات :

تميزت الطائفة اليزيدية عن غيرها من الفرق بتدوين معتقداتها وبرامجها العبادية والمذهبية، في كتابين مقدسين عندهم هما : كتاب (الجلوة) وكتاب (مصحف رش)، ويمكننا أن نلخص معتقداتهم بما يلي :

ـ اعتقدوا بصلاح يزيد بن معاوية حتى قالوا : بإلوهيته وقدسيته.

ـ تكتموا في إظهار معتقداتهم تكتماً شديداً.

ـ قالوا : بغلبة قوّة الخير (و هو الله) على قوّة الشرّ (و هو الشيطان) فطردته من سلطان الملكوت.

ـ تجنبوا التـلفـظ بكلمة فيها حرف من حروف كلمة (الشيطان)، وبصورة خاصة حرف (الشين) منها، وإذا قال احدهم كلمة (الشيطان) متعمداً حلَّ قتله.

ـ يطمسون ما ورد في القرآن من كلمات لا تناسب أذواقهم كالتعوذ واللعنة والشيطان، بوضع قطعة شمع عليها.

ـ ليس لهم صلاة عامة، بل هناك طقوس خاصة بهم، ويتوجهون إلى مطلع الشمس عند الشروق، والى مغربها عند الغروب، فيلثمون الأرض ويعفرون وجوههم بالتراب، ويقرأون بعض الأدعية، وهي خليط من اللغة العربية، والفارسية، والكردية.

ـ الصوم عندهم على قسمين، صوم العامة : وهو (صوم يزيد) الثلاثاء والأربعاء والخميس الأوّل من شهر كانون الأوّل وصوم الخاصة : وهو عبارة عن ثمانين يوماً يصومها رجل الدين.

ـ الزكاة يدفعونها كُلّ سنة إلى شيخهم وتسمى عندهم الرسوم.

ـ يحجون حجاً خاصاً بهم كُلّ عام في مراسم خاصة إلى مرقد الشيخ عدي بن مسافر، والذي لا يوفق لأداء الحج فهو كافر.

ـ الشهادة عندهم بالطريقة التالية : ( اشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله ).

ـ قالوا بتناسخ الأرواح.

ـ حرّموا الزواج بين الطبقات (أي الطبقات المصنـفـة ضمن معتقدهم بين فئات الطائفة) وجوزوا الزواج من ستّ نساء.

ـ حرّموا كُلّ الخسّ واللهانة (الملفوف) والقرنبيط وبعض الخضراوات، وحرّموا من اللحوم لحم الخنزير، والسمك على اختلاف أنواعه ولحم الغزال، كما يحرّم على الشيخ وتلامذته أكل لحم الديك احتراماً لإلههم (طاووس ملك).

ـ حرّموا حلق الشارب أو استئصاله بالمقص، غير أنّه يستحب تخـفـيفه أما اللحية فيجوز فيها ذلك.

ـ حرّموا تعلم القراءة والكتابة مطلقاً، وجوزوا التعلم لعائلة واحدة، من سلالة الشيخ حسن شمس الدين الملقب بالبصري.

ـ حرّموا على اليزيدي أن يتغيب عن بلده أكثر من سنة فإذا اضطر إلى ذلك غير باغٍ حرّمت عليه زوجته.

ـ اعتقدوا إنّ الحمام والمرحاض من ملاجئ الشيطان في نظر المسلمين، فلا يدخل اليزيدي مرحاضاً ولا يغتسل في حمام.

ـ حرّموا على اليزيدي النظر إلى وجه المرأة غير اليزيدية، ومداعبة المرأة التي حرّمتها الشريعة عليه من جنسه.

ـ حرّموا الزواج، وتعمير البيوت في شهر نيسان.

ـ حرّموا على اليزيديين دخول مساجد المسلمين، ومدارسهم الدينية التي يذكر فيها اسم الله، لأنه إذا سمع المصلي يتعوذ من الشيطان وجب عليه أن يقتله فوراً أو ينتحر، فإن لم ير سبيلاً إلى ذلك صام أسبوعاً وقدّم ضحية للطاووس.

ـ حرّموا على اليزيدي البصاق على الأرض والإنسان والـحيوان لما في ذلك من رمز الاهانة لطاووس (ملك الشيطان).

ـ حرّموا على اليزيدي قص أظافره والاغتسال من الجنابة، واستخدام فرسه أو حصانه لحمل الأثقال، وحرّموا عليه الاستنجاء بعد قضاء الحاجة، ولا يجوز له أن يبول وهو واقف، وألاّ يلبس سرواله وهو جالس.

ـ قالوا : يؤثم اليزيدي إذا مدّ رجله أمام جليسه.

ـ حرّموا على الفقراء والكواجك ـ وهم إحدى طبقات المجتمع اليزيدي ـ النوم على السرير.

ـ حرّموا الاشتغال يوم الجمعة.

ـ عندهم أعياد خاصة هي : عيد رأس السنة الميلادية، وعيد المربعانية، والقربان، والجماعة، وعيد يزيد، ولهم ليلة تسمى السوداء حيث تطفأ الأنوار وتستحل المحارم، وتستباح الخمور.

ـ طبقات الطائفة اليزيدية هي :

الأولى : من الروحانـيـين احدهما : زمني وهو الذي يرتقي نسبه إلى يزيد بن معاوية، وهو مير شيخان أي أمير الشيخان، والأخر : ينتمي إلى سلالة فخر الدين ويلقبونه بابا شيخ يعني الشيخ الكبير.

والثانية : الفقير وهو الناسك المتعبد، وله لباس خاص يسمونه خرقة الفقير.

والثالثة: القوّال  وهو الحادي أي مرتل الأناشيد الدينية.

والرابعة : الكواجك : وهم طائفة من العوام يتميزون بلباسهم الأبيض، ونطاقهم الصوفي الأسود أو الأحمر، وظيفتهم اكتشاف مصير الموتى إن كان خيراً أو شرّاً والاتصال بعالم الغيب، لمعرفة الحال والاستقبال.

والخامسة : المريدون : وهم عوام الناس من اليزيدية، وقد فرضت عليهم الطاعة العمياء، ودفع الزكوات، وهولاء يتزاوجون فيما بينهم، ولا يحقّ لهم مصاهرة الفئات الأخرى.

ابرز الشخصيات :

1 ـ عدي بن مسافر الأموي.

2 ـ صخر بن مسافر أبو البركات.

3 ـ عدي بن أبي البركات أبو المفاخر.

4 ـ شمس الدين أبو محمد الحسن بن عدي (الملقب بـ) تاج العارفين.

5 ـ الشيخ حسن ابن أبي المفاخر.

 

الانتشار ومواقع النفوذ :

ـ ينتشر اليزيديون في المناطق الشمالية الشرقية من الموصل، وعلى الحدود العراقية السورية، وديار بكر، وماردين، وجبل الطور، وبالقرب من حلب حول كلس، وعينتاب، وفي بعض البلدان الأرمينية على الحدود بين تركية، وروسية وحول تفليس، وباطوم وينتمي معظمهم إلى الجنس الكردي.

احداث ووقائع :

ـ حدثت حرب طاحنة في عام 652 هـ بين أصحاب الشيخ عدي بن مسافر، وأصحاب بدر الدين اللؤلؤ صاحب الموصل، كان سببها إنّ بدر الدين كان يطالب أولاد الشيخ عدي بدفع الأموال فثقل عليهم ذلك وأطلقوا ألسنتهم فيه، فأرسل طائفة من عسكره إليهم فقاتلوهم قتالاً شديداً فانهزمت الأكراد العدوية، ،وقتل منهم جماعة كثيرة، واسروا منهم جماعة، فصلب بدر الدين مئة منهم، وذبح مئة وأمر بتـقطيع أعضاء أميرهم وتعليقها على أبواب الموصل، وأرسل من نبش قبر عدي بن مسافر وأخرجه وأمر بحرق عظامه.

ـ يتناقل الموصليون حادثة تاريخية وقعت ليزيدية الشيخان في حدود سنة 1247 هـ ،خلاصتها إنّ هنالك عداوات قديمة بين أمير اليزيدية علي بك وبين رئيس قبيلة الالقوشيين علي أغا البالطي، وكان الأمير يتربص الدوائر بغريمه للفتك به، فدعاه ذات يوم إلى داره في ( قرية باعذرا ) بحجة أن يختن ولده في حجره ليتخذ منه (كريفاً) ـ أي أخاً وهي عادة ما زالت موجودة في الموصل حتى يومنا هذا، ـ في حياته فأجابه البالطي على الفور، بحيث انطلت عليه الحيلة، وكان بصحبته خمسة من رجال حاشيته، دون أن يفكر في العواقب، فما كاد المقام يستقر به في دار الأمير اليزيدي، حتى فاجأه جماعة الأمير وفي أيديهم سيوفهم البتارة، فقتلوه وثلاثة من أصحابه وهم في ضيافة الأمير، واستطاع الشخصان الباقيان أن يفلتا من الغدر بأعجوبة.

من ذاكرة التاريخ :

1 ـ كان اليزيديون يمتنعون عن الخدمة الفعلية في الجيش العثماني لأسباب دينية تمنعهم من ذلك في اعتقادهم ( منها الاضطرار إلى لبس الأزرق، والدخول إلى المرحاض )، وهما من اشدّ مظاهر الكفر في معتقدهم، والعيش بين جنود مسلمين يتوقع تعوذهم من الشيطان، أو لعنتهم إياه عمداً أو بلا عمد، وغير ذلك من الأعمال التي ينفرون منها، فكانوا يدفعون بدلاً نقدياً كاليهود والنصارى. ولكنّ حكومة عبد الحميد أرادت أن تجبرهم على التجنيد الفعلي، كما كانت تفعل مع سائر الفرق الإسلامية كالنصيرية، والإسماعيلية، والدروز، وغيرهم، فأرسل لإرشادهم نقيب ديار بكر الحاج مسعود بك، فلم ينجح حتى استنجد بالحاكم العسكري وهو الفريق عمر وهبي باشا، الذي منح صلاحيات واسعة لأجل قمع العصاة، فاستطاع عمر وهبي باشا دخول الموصل سنة 1308 هـ وإخضاعهم وتهذيب أفكارهم. وقد جندتهم الحكومة العراقية الحالية في عهد صدام حسين، واشتركوا اشتراكاً فعلياً في الجيش، وفي الحروب التي خاضتها القوات العراقية في إيران والكويت وفي قمع الانتفاضة.

2 ـ كان قد حصل نزاع في قضاء سنجار بين أهالي قريتي رمبوسي شمالي، وأجمة إسلام، أدّى إلى قيام أهالي القرية الأولى بنهب قسم من أغنام أهالي القرية الثانية، وعندما بلغ الحادث قائم مقام القضاء السيد يونس عبد الله، خرج فوراً إلى محل الحادث للتحقيق واسترداد الأغنام المنهوبة، غير انه فوجئ بإطلاق النار عليه وهو في الطريق مما أدّى إلى قتله مع شرطيين من مرافقيه وعلى أثرها قامت الحكومة بإرسال قوة لتأديبهم، ولكنّ رؤساءهم انتهزوا فرصة وجود وزير الداخلية في الموصل، فحضروا وعرضوا عليه طاعتهم وولاءهم، وتعهدوا في الوقت نفسه بتسليم المجرمين، والغرامات المفروضة عليهم، وباشروا فعلاً بتنفيذ هذا العهد، إذ دفعوا القسط الأول من الغرامة. وهكذا حسمت القضية، وعادت الأمور إلى حالتها الطبيعية في جبل سنجار.

خلاصة البحث :

ـ اليزيدية جماعة من الغلاة أصلهم من المجوس، تظاهروا باعتناق الإسلام، وقالوا بصلاح يزيد بن معاوية، حتى عدوه إلهاً وقدّسوه، وفي القرن السادس اشتهر بينهم الشيخ عدي بن مسافر وأسس طريقته العدوية.

ـ نشأت الفرقة اليزيدية في جبال حلوان، ومن ثُمّ في جبال هكار من منطقة كردستان، في أجواء بعيدة عن العلم والتحضر.

تظاهروا بالإسلام حينما وصلت رايات الفتح الإسلامي، وعلى مرّ الأجيال مزج أبناؤهم بين الدين الجديد ومظاهر من المعتقد الأول البائد (المجوسية).

ـ ازداد انحراف الفرقة حتى أصبحت تقدّس يزيد بن معاوية والشيطان معاً.

ـ لديهم كتابان مقدسان (الجلوة) (و مصحف رش).

ـ قالوا بتناسخ الأرواح وغلبة قوة الخير (الله)، على قوّة الشر (الشيطان). والصوم عندهم على قسمين، والزكاة يدفعونها كُلّ سنة إلى شيخهم وتسمى عندهم الرسوم، والشهادة عندهم أن يقولوا (اشهد واحد الله)، (سلطان يزيد حبيب الله). وحرّموا كُلّ الخسّ واللهانة والقرنبيط، ولحم الخنزير، والسمك على أنواعه، ولحم الغزال، وحلق الشارب، وتعلم القراءة والكتابة، والنظر إلى وجه المرأة غير اليزيدية، والزواج وتعمير البيوت في شهر نيسان، ودخول مساجد المسلمين ومدارسهم، التي يذكر فيها اسم الله، والبصاق على الأرض.

برزت بينهم شخصيات تبنت زعامة الفرقة أمثال عدي بن مسافر الأموي، وصخر بن مسافر، وعدي بن أبي البركات، وشمس الدين أبي محمد وغيرهم.

انتشرت آراء الفرقة ومعتقداتها في حلوان، وسنجار والموصل، وعلى الحدود بين العراق وسورية وتركية، وفي ديار بكرن وماردين، وتفليس وباطوم وينتمي معظم أتباعها إلى الجنس الكردي.