أصبحت المرأة حاضرة في كل شيء، فقد تغيرت الحياة وتبدل فهم الناس لحركة المرأة، فأصبحت المرأة إلى جانب الرجل في الكثير من الشئون الحياتية والقضايا الاجتماعية، فهي معه في العمل ومعه في السوق، ومعه في الدراسة، وهو أمر حسن في حدود الأحكام الشرعية والضوابط الدينية.
وإذا كانت الضوابط الشرعية قد سمحت بوجود المرأة مزاحمة للرجل في الطواف حول البيت، وفي أداء أغلب عبادات الحج، مع الاقتراب الشديد بينها، والملاصقة في بعض الأعمال، فإن وجود المرأة في مواكب العزاء كناظرة ومشاهدة ومشاركة أحياناً، يحتمل الكثير من التسامح، مع احتفاظنا بالفارق الكبير بين أمر واجب كالحج لبيت الله، وبين فعل ليس له حكم الوجوب.
لكن هذا التسامح ليس مطلقاً، فقد رأينا وسمعنا كيف أن بعض ضعاف النفوس يستفيدون من الأجواء الدينية والروحانية الخالصة في تحقيق أهدافهم السيئة، كالسرّاق الذين يستغلون تزاحم الناس في الطواف حول البيت فيسرقونهم، وبعضهم يذهب إلى تلك البقعة الطاهرة لملامسة النساء فقد «أصدرت المحكمة الجزئية بجدة حكماً تعزيرياً في الحق العام على (بنغالي) بالسجن (4) أشهر وجلده (100) جلدة والتوصية بإبعاده عن البلاد بعد أن وجه له الادّعاء العام تهمة التحرش ببعض النساء أثناء الطواف بالكعبة المشرفة»1.
وهذا يحصل في العديد من الأماكن الدينية المقدسة التي يتزاحم فيها الناس، وقد «حذرت صحيفة تونسية من استفحال ظاهرة سرقة أحذية المصلين وهواتفهم المحمولة من داخل دور العبادة في تونس حيث يصل عددها إلى خمسة آلاف مسجد، واقترحت تثبيت كاميرات مراقبة في أماكن العبادة لكشف اللصوص ومعاقبتهم».
وقالت صحيفة «لوتون» اليومية الصادرة باللغة الفرنسية إن اللصوص لم يعودوا يحترمون قدسية دور العبادة وأصبحوا يندسّون بين المصلين خلال أوقات الصلاة ويغتنمون استغراقهم في التعبد لسرقة هواتفهم المحمولة وأحذيتهم ما يجبر كثيراً من المصلين على مغادرة المساجد حفاة.
وذكرت في هذا السياق أن أحد المصلين تفطن إلى انتشال محموله داخل الجامع فطلب من رفيق له الاتصال برقمه فإذا بنغمة هاتفه تنبعث من صف الصلاة الذي وراءه، وعند تتبعه لمصدر الصوت اكتشف أن لصّاً يتظاهر بأداء الصلاة نشل هاتفه وأخفاه تحت «شاشيته» (عمامة رأس تونسية)2.
ومثل هذا حصل في محافظة صامطة في المملكة العربية السعودية حيث «أكملت المحكمة العامة بمحافظة صامطة يوم أمس حكم الجلد الذي سبق وأن حكم به قاضي المحكمة على أحد مجهولي الهوية والذي يقضي بجلده على دفعات متفرقة أمام المساجد نظير قيامه بسرقة أحذية المصلين أثناء أوقات الصلاة، وقد تم جلده يوم أمس الدفعة الأخيرة أمام مسجد العليا في المحافظة» 21/5/1430هـ.
ولعل الكثير منا رأى وسمع عن الكثير من السرقات التي تحصل في مقام السيدة زينب في سوريا، والعديد من السرقات التي تحصل للزوار في العراق وإيران عند ضريح الإمام الرضا ، والأمر ليس خافياً فمكبرات الصوت دائماً وأبدا تحذر الزوار من الانتباه للسارقين في أوقات وأماكن الزحام الشديد.
ما أردت قوله من تلك الحوادث أن الأماكن الدينية، والأجواء المقدسة لا تمنع بعض ضعاف النفوس أو ضعاف الإيمان من ارتكاب بعض المحرمات، ما يستوجب الحذر الشديد، والسعي لأجواء روحية خالية من دواعي الخطأ والزلل، فالشيطان لنا بالمرصاد وقد توعدنا أن يكون غاوياً لنا على أي حال كنا ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ 34.
__________
1. صحيفة «عكاظ» 11/1/1429هـ.
2. صحيفة «الرياض» 4/5/1430
3. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 16 و 17، الصفحة: 152.
4. الموقع الرسمي لسماحة الشيخ حسن الصفار (حفظه الله)، نقلا عن صحيفة الوسط البحرينية 18 / 1 / 2011م - 1:22.