قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعبدة الأصنام: لمَ عبدتم الأصنام من دون الله؟
فقالوا: نتقرّب بذلك إلى الله تعالى…، إنّ هذه [ الأصنام ] صور أقوام سلفوا، كانوا مطيعين لله قبلنا، فمثّلنا صورهم وعبدناها تعظيماً لله…. كما تقرّبت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله تعالى، وكما أمرتم بالسجود ـ بزعمكم ـ إلى جهة “مكة” ففعلتم، ثمّ نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها وقصدتم الكعبة لا محاريبكم، وقصدتم بالكعبة إلى الله عزّ وجلّ لا إليها.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أخطأتم الطريق وضللتم… لقد ضربتم لنا مثلاً، وشبّهتمونا بأنفسكم ولسنا سواء، وذلك أنّا عباد الله مخلوقون مربوبون، نأتمر له فيما أمرنا، وننزجر عمّا زجرنا، ونعبده من حيث يريده منّا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه ولم نتعدّ إلى غيره مما لم يأمرنا به ولم يأذن لنا، لأنّا لا ندري لعلّه إن أراد منّا الأوّل فهو يكره الثاني، وقد نهانا أن نتقدّم بين يديه.
فلمّا أمرنا أن نعبده بالتوجّه إلى الكعبة أطعناه، ثمّ أمرنا بعبادته بالتوجّه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فاطعناه، ولم نخرج في شيء من ذلك من اتّباع أمره.
والله عزّ وجلّ حيث أمر بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه; لأنّكم لا تدرون لعلّه يكره ما تفعلون إذ لم يأمركم به .
ثمّ قال لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله): أرأيتم لو أذن لكم رجل دخول داره يوماً بعينه، ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره؟ أولكم أن تدخلوا داراً له أخرى مثلها بغير أمره؟ أو وهب لكم رجل ثوباً من ثيابه، أو عبداً من عبيده أو دابة من دوابه، ألكم أن تأخذوا ذلك؟
قالوا: نعم.
قال: فإن لم تأخذوه ألكم أخذ آخر مثله؟
قالوا: لا; لأنّه لم يأذن لنا في الثاني كما أذن في الأوّل…
قال(صلى الله عليه وآله): فلم فعلتم ومتى أمركم أن تسجدوا لهذه الصور؟”.
فقال القوم: سننظر في أمورنا، وسكتوا(۱)… ثمّ عادوا بعد ثلاثة أيام وأسلموا.
—————————————–
۱- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي: ج۱، فصل في ذكر طرف مما جاء عن النبي(صلى الله عليه وآله) من الجدال والمحاجّة والمناظرة، رقم ۲۰، ص39 ـ 44.