جاء الإمام علي ( عليه السلام ) إلى أبي بكر وهو في المسجد ، وحوله المهاجرون والأنصار ، فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكْر ، لِمَ منعتَ فاطمةَ حَقَّها وميراثها من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ وقد مَلَكَتْه في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) .
فقال أبو بكر : هذا فَيءٌ للمسلمين ، فإن أقامت شهوداً أنَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جَعلَهُ لَهَا ، وإلاَّ فلا حَقَّ لها فيه .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكْر ، أتحْكُم فينا بخلاف حُكْم الله تَعالى في المُسلمين ؟ ) .
قال : لا .
فقال الإمام ( عليه السلام ): (فَإنْ كَانَ في يَد المُسلمين شيءٌ يَملكونَه ، ثم ادَّعيت أنا فيه، مَنْ تسألُه البَيِّنَة؟).
قال : إياك كنت أسأل البيِّنة .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( فَمَا بالُ فاطِمة ، سألتَها البيِّنة على ما في يديها ؟ وقد مَلَكتْه في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعده ، ولمْ تسألِ المسلمين بَيِّنةً على ما ادَّعَوه ، كما سألتَني على ما ادَّعيت عليهم ؟ ) .
فسكت أبو بكر .
فقال عمر : يا علي ، دَعْنا من كلامِك ، فإنا لا نقوى على حُجَّتِك ، فإنْ أتَيْتَ بشهودٍ عدول ، وإلاَّ فهو فَيءٌ للمسلمين ، لا حقَّ لكَ ولا لِفاطِمَة فيه .
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكْر ، تقرأ كِتَابَ الله ؟ ) .
قال : نعم .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( أخبِرْني عن قول الله عزَّ وجلَّ : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ـ الأحزاب : ۳۳ ـ فِيمَن نَزَلتْ ؟ فِينَا أمْ في غَيرِنَا ؟ ) .
قال : بَلْ فيكم .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( فَلَو أنَّ شُهوداً شَهدوا عَلى فَاطِمَة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بفاحِشَة ، ما كنت صانعاً بها ؟ ) .
قال : أقيم عليها الحدَّ ، كما أقيمُهُ على نساء المسلمين .
فقال له الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكر ، إذنْ كُنتَ عند اللهِ مِن الكَافرين ) .
قال أبو بكر : ولِمَ ؟
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( لأنَّك ردَدْتَ شهادة الله بالطَّهارة ، وقبلْتَ شهادة النَّاس عليها ، كما رددت حُكمَ الله وحُكْم رسوله ، أنْ جعَلَ لها فدكاً وقد قبضته في حياته .
ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها ، وأخذت منها فدكاً ، وزعمت أنه فيء للمسلمين ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : البينة على المُدَّعي ، واليَمين عَلى المدَّعى عليه ، فردَدْتَ قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : البينة على المُدَّعي ، واليَمين عَلى المدَّعى عليه ) .
فدَمْدَم الناس وأنكروا ، ونظرَ بعضهم إلى بعض ، وقالوا : صدق والله علي بن أبي طالب .