الرد على الوهابية - في توحيدالله في العبادة
  • عنوان المقال: الرد على الوهابية - في توحيدالله في العبادة
  • الکاتب: آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 12:18:59 14-9-1403

 إعلم أنّ من ضروريّات الدين، والمتّفق عليه بين جميع طبقات المسلمين، بل من أعظم أركان أصول الدين: اختصاص العبادة بالله رب العالمين.

 فلا يستحقّها غيره، ولا يجوز إيقاعها لغيره، ومن عبد غيره فهو كافرُ مشرك، سواءً عَبَدَ الأصنامَ، أو عبد أشرف الملائكة، أو أفضل الأنام.
إعلم أنّ من ضروريّات الدين، والمتّفق عليه بين جميع طبقات المسلمين، بل من أعظم أركان أصول الدين: اختصاص العبادة بالله رب العالمين.

 وهذا لا يرتاب فيه أحدُ ممّن عرف دين الإسلام.

 وكيف يرتاب؟! وهو يقرأ في كل يوم عشر مّرات: (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين) (1).

 ويقرأ: (قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين)(2).

 ويقرأ في سورة يوسف: (إن الحكم إلاّ لله أمر ألا تعبدوا إلا إياة ) (3).

 ويقرأ في سورة النحل:(وقال الذين أشركوا لو شاءالله ما عبدنا من دونه من شيءٍ نحن ولا آباؤنا ولا حرّمنا من دونه من شيءٍ كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرّسل إلاّ البلاغ المبين )(4).

 ويقرأ في سورة التوبة: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)(5).

 ويقرأ في سورة البقرة:(أم كنتم شهداء إذْ حضرَ يعقوبَ الموتُ إذْ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون ) (6).

 ويقرأ في سورة الأعراف: (وإلى عادٍ أخاهم هوداً ـ إلى قوله عزّ من قائل: ـ قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ) (7).

 ويقرأ في [ سورة ] الزمر:(والذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ماهم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذبٌ كفار)(8).

 ويقرأ فيها:(ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركتَ ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين* بلِ الله فاعبدْ وكن من الشاكرين) (9) .

 ويقرأ فيها:(قل الله أعْبُدُ مُخْلصاً لهُ ديني)(10).

 ويقرأ في سورة النساء :(واعبدوا الله وال تشركوا به شيئاً ) (11) .

 ويقرأ في سورة هود:(ألاّ تعبدوا إلاّ الله إنني لكم منه نذيرٌ وبشير) (12).

 ويقرأ في سورة العنكبوت:(يا عبادي الذين آمنوا إنّ أرضي واسعة فإيّاي فاعبدون) (13).

 إلى غير ذلك من الآيات الفرقانيّة، والأحاديث المتواترة(14).

 لكنّ العبادة ـ كما هو المفسّر في لسان المفسّرين، وأهل العربيّة، وعلما الإسلام ـ: غاية الخضوع؛ كالسجود، والركوع، ووضع الخدّ على التراب والرماد تواضعاً، وأشباه ذلك، كما يفعله عبّاد الأصنام لأصنامهم(15) .

 وأمّا زيارة القبور والتمسّح بها وتقبيلها والتبرّك بها، فليس من ذلك في شيء كما هو واضحُ، بل ليس فيها شيء من الخضوع فضلاً عن كونها غاية الخضوع.
العبادة غاية الخضوع؛ كالسجود، والركوع، ووضع الخدّ على التراب والرماد تواضعاً، وأشباه ذلك، كما يفعله عبّاد الأصنام لأصنامهم .

 مع أنّ مطلق الخضوع ـ كما عرفت ـ ليس بعبادة، وإلاّ لكان جميع الناس مشركين حتّى الوهّابيّين! فإنّهم يخضعون للرؤساء والأمراء والكبراء بعض الخضوع، ويخضع الأبناء للآباء، والخدم للمخدومين، والعبيد للموالي، وكلّ طبقة من طبقات الناس للّتي فوقها، فيخضعون إليهم بعض الخضوع، ويتواضعون لهم بعض التواضع.

 هذا، وقد قال الله عزّ من قائل في تعليم الحكمة:(واخفض لهما جناح الذّلّ من الرحمة)(16).

 أترى الله حين أمر بالخضوع للوالدين أمر بعبادتمها؟!

ويقول سبحانه:(لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيِّ ولا تجْهَروا له بالقول ... ) إلى آخرها(17).

 أليس هذا خصوعاً وتواضعاً؟!

 أترى الله سبحانه أمر بعبادة نبيّة؟!

 أوليس التواضع من الأخلاق الجميلة الزكيّة، وهو متضمّن لشيء من الخضوع لا محالة؟!

 أوترى الله نهى يصنع بأنبيائه وأوليائه نظير ما أمر أن يصنع بسائر المسلمين من التواضع والخضوع؟!

 وقد كان الصحابة يتواضعون للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويخضعون له، وذلك من المسلّمات بين أهل السير والأخبار.

 بل روى البخاري في صحيحه:

 * «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضّأ، ثمّ صلّى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة.
زيارة القبور والتمسّح بها وتقبيلها والتبرّك بها، فليس من ذلك في شيء كما هو واضحُ، بل ليس فيها شيء من الخضوع فضلاً عن كونها غاية الخضوع.

 قال شعبة: وزاد فيه عون: عن أبيه، عن أبي جحيفة، قال: كان تمرّ (18) من ورائها المرأة.

 وقام الناس فجعلوا يأخذون يده (19) فيمسحون بها وجوههم.

 قال: فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك»(20) .

_________________________

الهوامش:

(1) سورة الفاتحة 1: 5 .

(2) سورة الكافرون 109: 1 ـ 6.

(3) سورة يوسف 12: 40.

(4) سورة النحل 16: 35.

(5) سورة التوبة 9: 31.

(6) سورة البقرة 2: 133.

(7) سورة ا لأعراف 7: 65 ـ 70.

(8) سورة الزمر 39: 3.

(9) سورة الزمر 39 : 65 و 66.

(10) سورة الزمر 39: 14.

(11) سورة السناء 4: 36.

(12) سوره هود 11: 2.

(13) سورة العنكبوت 29: 56.

(14) انظر ذلك في تفسير الآيات الكريمة المتقدّمة ـ على سبيل المثال ـ وغيرها في مختلف التفاسير، ولاحظ كتاب «التوحيد» للشيخ الصدوق، والكافي 1/ 57 ـ 127 كتاب التوحيد.

(15) انظر ذلك ـ على سبيل المثال ـ في تفسير آية(إيّاك نعبدُ وأيّاك نسْتعين ) في: التبيان 1/ 37 ـ 39، مجمع البيان 1/ 25 ـ 26، الصافي 1/ 71 ـ 72، كنز الدقائق 1/ 54 ـ 56، نور الثقلين 1/ 19 ـ 20، آلاء الرحمن 1/ 56 ـ 59، البيان: 456 ـ 483، الجامع لأحكام القرآن 1/ 145، جامع البيان 1/ 160، الدرّ المنثور 1/ 37، التفسير الكبير

(16) سورة الإسراء 17: 24.

(17) سورة الحجرات 49 : 2.

(18) في المصدر: يمرّ.

(19) في المصدر: يديه.

(20) صحيح البخاري 4/ 229، والعنزة ـ بالتحريك ـ: هي أطول من العصا وأقصر من الرمح، فيها سنان كسنان الرمح، وربّما في أسفلها زجّ كزُجّ الرمح. انظر: القاموس المحيط 2/ 184، لسان العرب 5/ 384.