العيد في بعض الأديان والبلدان
  • عنوان المقال: العيد في بعض الأديان والبلدان
  • الکاتب:
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 18:42:59 1-9-1403

للعيد تاريخٌ عريق في ثقافة الأمم والشعوب ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالديانات، ولاسيما السماوية منها لأنها تشكل عنواناً لتبادل الفرح والبهجة والمفخرة في مواسم حددتها شرائع هذه الأمم فكانت أعياداً لها.

 

العيد عند المسلمين

وردت نصوص كثيرة جدا أكدت بأجمعها على اهمية ايام معدودة في السنة، ونظرا لأهميتها القصوى وما تحويه من معانٍ تربوية واخلاقية ميزتها عن باقي ايام السنة صارت عيدا جعلت له مراسيم واعمال خاصة، وقد كثرت روايات اهل البيت عليهم السلام حول العيد وفضله ومزاياه الدنيوية والأخروية نختار منها على سبيل المثال:

1: قال أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): (إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيام إلى الله عز وجل كما تزّف العروس إلى خدرها، يوم الفطر ويوم الأضحى، ويوم الجمعة ويوم غدير خم).

2: عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) أنّه قال: (إذا كان أوّل يوم من شوّال نادى مناد أيّها المؤمنون أغدوا إلى جوائزكم. ثمّ قال: يا جابر جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك. ثم قال: هو يوم الجوائز).

3: نظر الحسين بن علي عليه السلام إلى ناس في يوم فطر يلعبون ويضحكون ، فقال لأصحابه والتفت إليهم : (ان الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه، فسبق فيه قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون).

4: عن الرضا عليه السلام قال : (إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه ويبرزون لله عز وجل فيمجدونه على ما من عليهم ، فيكون يوم عيد ويوم اجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ، ويوم تضرع ، ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب ، لأن أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان ، فأحب الله عز وجل أن يكون لهم في ذلك مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه) .

 

ثقافة التأدب بالعيد

لا يخفى على أصحاب الذوق السليم وأهل الاختصاص بالشؤون التربوية دور الفرح في زرع القيم والأخلاق الفاضلة والعادات الحسنة، لما تمتاز به النفس الإنسانية في هذه المواسم من الانشراح وبذل القابلية لاستيعاب الأفعال والأقوال والتفاعل معها.

بل قد نرى تلك الآثار تصحب الإنسان فترة طويلة خلال السنة إن لم تكن ستصحبه سنين عديدة.

لاسيما وأن هذه الآثار ستجد ما تبتغيه من نمو في الأرض الطيبة والمهيأة لاستقبال هذه الأفعال والأقوال في تلك المواسم ونقصد بهم الأطفال فهم الأكثر خطرا في هذه المواسم مما يرد عليهم من انفعالات نفسية متعددة المصادر من عموم الفرح في الأسرة وإعداد الحلوى وشراء الثياب وغيرها.

ومن هنا: نجد أن القرآن الكريم والعترة النبوية الطاهرة (عليهم السلام) اهتموا كثيرا بيوم العيد لما يحمله من آثار تربوية ونفسية على الأسرة وخاصة الأطفال.

ولإمكانية أن يندفع البعض من الناس إلى القيام بالأعمال غير الحسنة من الإسراف والتبذير أو الاختلاط مع الأجنبي أو إظهار الزينة من قبل بعض النساء ناهيك عن تعايش الأطفال لهذه الأجواء وما يدور فيها.

إذن: لم يكن يغيب عن أهل البيت عليهم السلام تلك المساحات النفسية والذهنية التي يستغلها العيد، ولذلك وضع أهل البيت عليهم السلام برنامجا خاصا لليلة العيد تتمثل في تثقيف المسلمين بثقافة التأدب بالعيد التي يمكن أدراجها ضمن النقاط الآتية:

1 ــ أن لا تشغلنا فرحة العيد عن شكر الله تعالى وطلب العفو في موارد التقصير في الطاعة.

فقد خرج الإمام الحسنُ بن علي (عليهما السلام) في يوم فطر والنّاس يضحكون فتعجب من ذلك وقال: (إن الله (عزّ وجل) جعلَ شهرَ رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه على طاعته فسبقَ قومُ ففازوا وتخلفَ آخرون فخابوا والعجبُ من الضاحكِ في هذا اليوم الذي يفوز فيه المحسنونَ ويخسرُ فيه المبطلونَ والله لو كُشفَ الغطاء لشُغلَ مُحسنٌ بإحسانِه ومُسيءٌ بإساءتِه عن ترجيلِ شعرهِ وتصقيلِ ثوبه).

2 ــ أن لا تشغلنا فرحة العيد عن أحزان العترة النبوية (عليهم السلام). فعن عبدِ الله بن دينار عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: (يا عبدَ اللهِ ما من عيدٍ للمسلمين أضحى ولا فطرٍ إلاّ وهو يتجدّد لآلِ محمدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه حزنٌ، قال: قلتُ: ولِمَ؟. قال: (لأنّهم يرونَ حقّهم في يدِ غيرهم).

3 ــ أن يبتدئ المؤمن أول ساعات يوم العيد بالصلاة، لما تحمله ــ أي الصلاة ــ من آثار تربوية وسلوكية على المسلم الذي قد تشغله أجواء العيد عن أجواء وآثار الصلاة، ولذا يبدأ نهاره بها.

4 ــ أن يبدأ المؤمن بإطعام أهل بيته ونفسه قبل الخروج إلى المسجد. فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (أطعِمْ يوم الفطر قبل أن تخرج إلى المصلى).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كان أميرُ المؤمنين عليه السلام لا يخرجُ يومَ الفطرِ حتّى يطعم ويؤدّيَ الفطرةَ).

وعن النّوفليّ قال: (قلت لأبي الحسن عليه السلام: إنّي أفطرتُ يومَ الفطرِ على طينٍ ــ (قبر الإمام الحسين عليه السلام) ــ وتمرٍ. قال لي: جمعتَ بركةً وسُنّةً).
 

 

الأعياد اليهودية

«الديانة اليهودية مثلاً كثرت فيها الأعياد كثرة بالغة، فمنها ما يتصل بالأحداث التاريخية، ومنها ما يتصل بمواسم الزراعة والحصاد، ومنها ما يتصل بالهلال أو التوبة والتكفير عن الذنوب، وقد وردت أكثر هذه الأعياد في الإصحاح الثالث والعشرين من سفر اللاويين، ومن أهمها: عيد الفصح، عيد الهلال الجديد، عيد السبت، عيد المضلات». واليك عزيزي القارئ بعض تلك الاعياد اليهودية:

 

أولاً. عيد الفصح

«ويسمى أيضاً عيد الفطير وقد اتخذه اليهود في يوم الذكرى لخروج بني إسرائيل من مصر ومن العبودية التي كانوا يخضعون لها؛ وسبب تسميته بـ(الفطير) هو لاعتقاد اليهود أن الله قد جاءهم بأمر الخروج سريعاً ولم يعطهم الوقت كي يختمر خبزهم فأكلوا خبزهم في هذا اليوم وهو فطير، ويستغرق هذا العيد ثلاثة أسابيع من شهر نيسان/ابريل ويكون طعام اليهود فيه خبزاً غير مختمر ويبدأ الإطعام من اليوم الرابع عشر مساءً إلى اليوم الحادي والعشرين مساءً.

كما أن اليوم الأول من هذا الأسبوع يبدأ بحفل مقدس ويختم آخر يوم من هذا الأسبوع بحفل مقدس أيضاً وفي هذين الحفلين تتلى أدعية وتتلى صلوات وتحرق القرابين».

 

ثانياً. عيد الهلال الجديد

«ويسمى أيضاً بـ(عيد النفير) لأن الأبواق كانت تستعمل في الإعلام بظهوره، وكان الناس يتبارون في مراقبة الهلال ومحاولة السبق في رؤياه».

 

ثالثاً. عيد المضلات

«ويكون في شهر أكتوبر (تشرين الأول) ويسمى أيضاً بعيد الخيام ويستمر عشرة أيام ويكون اليومان الأخيران حافلين بالبهجة والبخور وغيرهما».
 

 

العيدية في الأعياد المسيحية

مثلما تعددت الأعياد في الديانة اليهودية كذلك الحال في الديانة المسيحية، فمنها ما تعلق بالسيد المسيح عليه السلام وهي تعرف بالأعياد السيديّة الكبرى والصغرى، ومنها ما تعلق بالسيدة العذراء عليها السلام، ومنها أعيادٌ خاصة بتكريس الكنائس، وأعياد خاصة بالأنبياء والشهداء السمائيين وغيرها.

إلا أن أشهرها ما تعلق بالسيد المسيح عليه السلام وهي «عيد البشارة، وعيد الميلاد، وعيد الغطاس، وعيد الشعانين، وعيد القيامة، وعيد الصعود، وعيد العنصرة».

وتسمى هذه الأعياد بـ(السيديّة الكبرى) ونذكر منها ما يلي:

 

أولاً. عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام

ويكون هذا العيد في الرابع والعشرين مِن كانون الأول، وقد تحدّث الإنجيل عن ميلاد المسيح عليه السلام لكنه يخلو مما يشير إلى تقاليد وعادات الاحتفالات بأعياد الميلاد.

فطقوس الاحتفال تختلف من منطقة إلى أخرى حسب تنوع الثقافات والحضارات، فقد تطورت هذه الطقوس على مرّ العصور من طقوس دينية إلى عادات اجتماعية. وبهذا الاختلاف تختلف الهدايا والعيدية أيضاً.

 

ثانياً. عيد الفصح أو أحد القيامة

وهو أحد الأعياد المهمة في الديانة المسيحية وقد نشأ هذا العيد في تقويم الكنيسة الشرقية في الرابع من أيلول والثامن من مايو وسببه هو قيام السيد المسيح بالعشاء الأخير مع تلاميذه قبل صلبه. ويحتفل المسيحيون بهذه المناسبة في كل عام ويقدمون فيه الهدايا، أي العيدية.

 

ثالثاً. عيد رأس السنة الميلادية (الكريسماس)

وهو من الأعياد المشهورة في مختلف البلاد حيث يحتفل فيه كثير من الناس على مختلف ثقافاتهم، وقد عُرِف هذا العيد بكثرة «العيدية» وتوزيع الهدايا ولاسيما الهدايا التي تقدّم للأطفال، حيث توضع لهم أسفل شجرة عيد الميلاد التي يتم تزيينها بوقت مسبق.
 

العيدية في بعض الأديان غير السماوية

مثلما أخذت ثقافة العيد حيزها من الديانات السماوية، أي التي أخذت تشريعاتها من السماء بواسطة الأنبياء والرسل (عليهم السلام)، كذلك الحال بالنسبة للديانات غير السماوية أي التي أخذت تشريعاتها الحياتية من أشخاص لم يكن لهم ارتباط بشريعة السماء، كالديانة البوذية، والهندوسية.

فإن ثقافة العيد والعيدية قد أخذت حيزها من فكر هذه الأديان أيضا؛ مما يدل على أن هذه الثقافة منتشرة في جميع بقاع الأرض وأنها اكتسبت إضافة إلى صفتها الدينية صفة التماثل في المصداق وهو الاحتفال بيوم من أيام السنة ارتبط بحدث مقدس وشعيرة دينية مهما اختلفت أيديولوجية هذه الديانات.

وهي كالآتي:

 

العيدية في الأعياد الهندوسية

الأعياد البوذية

1 ــ عيد نَقْرَ ترامي أو (دُرغا بوجا) أو (دُسِهرا): وقد أتخذ هذا العيد لتسبيح الآلهة (دُرغا)، والاحتفال بانتصار الخير على الشر.

2 ــ عيد يوم كاثينا: وهو نهاية الاعتكاف خلال الفصل الممطر، عندما يحصل الرهبان على أثواب جديدة وتكون هي عيدية العيد.

3 ــ عيد وِساك: يحتفل البوذيون التقليديون بولادة (غاوتما بوذا) وتنوُّرِهِ ووفاته. وفي هذه الأعياد تكون الفاكهة والزهور أفضل ما يقدّم كعيدية.

1 ــ عيد هولي: وهو من الأعياد التي تكون في فصل الربيع،فهو عيد ربيعي في الهند؛ تتخلّله مواكب وألعاب ومشاعل. وفي هذا العيد، يرشّ الهنود بعضهم بعضاً بالماء الملوّن كعيدية مميزة لهذا العيد فليس لها نظير في الأعياد المختلفة.

2 ــ عيد ركشا بندام: وفي هذا العيد تربط الأختُ خيطاناً حمراء وزرقاء حول معصم أخيها، لحمايته من الأذى؛ ويقدّم لها أخوها هديّة بالمقابل فتكون هذه الهدية هي عيدية هذا العيد مما يعزز الروابط الأسرية حسب مفهوم هذا الدين.

3 ــ عيد جانا مشتامي: وفيه يحتفِل الهندوس بعيد ميلاد (إلههم) (كَرِشنا)؛ فيرسمون الطفل (كرشنا) ويتغنُّون بحياته ويرقصون. أما عيدية هذا العيد فهي الحلويات التي يتم تبادلها بين المتعايدين.

 

العيدية في الأعياد السيكية (السيخية)

1 ــ عيد ميلاد (الغورو ناناك): وفيه يحتفل السِّيخ بعيد ميلاد مؤسّس ديانتهم، فيذهبون إلى مكان عِبادته يرتّلون فيه، ويستمِعون إلى التعاليم الدينية والمواعِظ المستمدّة من تاريخ حياته.

2 ــ عيد (بيساخي) أو (فَيساخي): تُحيَا فيه ذكرى إعطاء (الغورو غوبند سنغ) السيخَ الـ(ك)، أي: (التعاليم) الأربعة، التي تشكّل هويّة السيخ الدينية، منذ السنة 1699. ويبدو أن البخور والزهور تحتل السمة الأبرز كعيدية في هذا العيد.

 

الأعياد الشركسية

عيد الخضر: وهو من أهم الأعياد لدى الشراكسة، وهو يصادف في السادس من شهر آيار من كل عام حيث يتم الاحتفال بهذه المناسبة التي تعني لديهم التقاء نبي الله إلياس مع الخضر عند رأس النبع. وفي هذا اليوم يلونون البيض المسلوق للبركة وإذا وضع معه تراب من عش نحل وعلّق في مكان العمل. فإن هذا يجلب الحظ، وإذا وضع في قطعة قماش صغيرة فلن تشعر بالفقر. والشعب الشركسي هو من شعوب الاتحاد السوفياتي ومن منطقة القفقاس. وتكون العيدية فيه تبادل الزهور والحلوى.