تفوّق الإسلام على سائر الأديان
  • عنوان المقال: تفوّق الإسلام على سائر الأديان
  • الکاتب: حسين عبيد القريشي
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 18:19:36 1-9-1403

الغرض من تفسير النص القرآني هو الوقوف على مراده سبحانه وتعالى في مجالات الحياة كافة وما يتعلق بدنيا الإنسان وآخرته، وعلاقته بربّه عزّ وجل، وكذلك علاقة الناس فيما بينهم، وذلك بواسطة أهل البيت عليهم السلام.

باعتبارهم أبواب العلم، ومعادن حكمة الله، وحفظة سر الله، وحملة كتاب الله، وأوصياء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وذريته؛ وأنّ تأويل الآيات بيدهم بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.(آل عمران:7)

وأنّ الرسالة السماوية والشريعة المحمدية شاملة لكل الناس والمجتمعات بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.(السبأ:28)

فالقرآن الكريم مرجعٌ للأجيال وملجأ للبشرية في جميع العصور قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ}.(النمل:89)

فمن الأمور المهمة للبشرية هي استنباط الأحكام الشرعية من النصوص القرآنية، وفقه ما أراده الباري عزّ وجل وقد أرسل سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل لبيان وتوضيح هذه الأحكام المتمثلة بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار من أهل بيته عليهم السلام.

لذلك فإنّ القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد، وإن تحدّث عن ظواهر طبيعية.

فإنّها للوصول إلى عظمة الخالق وقدرته في خلقه للأرض والسماوات والكون وجميع المخلوقات البشرية وغيرها.

فعندما يتأمل المرء في كتاب الله الكريم ويتدبّر عظمة الخالق في بيان خلقه وكيفية دوران هذا الكون يرى أنّ القرآن الكريم معجزة إلهية.

لذا أقبل المسلمون على القرآن الكريم يفهمونه، ويفسرونه لاستنباط الأحكام الشرعية ومعرفة الحلال والحرام.

لأنّ القرآن الكريم هو منهج الحياة وشفاء ورحمة وهدى ونور وسعادة للبشرة كلها لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.(يونس:57)

فبكتاب الله يتحقق الأمن النفسي والروحي للفرد والمجتمع، لأنّه جمع بين دفتيه كل صنوف الحكمة والعلم، وجميع دروب المثل والأخلاق العليا والأدب.

القرآن معجزة الرسول صلى الله عليه وآله

المعجزة هي كل ما لا يمكن الوصول إليه أو الإتيان بمثله، أو كل أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة، يظهره الله تعالى على يد نبيّه تأييداً لنبوته، بمعنى أنّها خلاف لما اعتاد عليه الناس وألفوه.

والقرآن الكريم معجزة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وإعجازه في أسلوبه، ودليل إعجازه كونه تحدى أفصح الخلق، وأقدرها على الكلام وأبلغها منطقاً وأعلاها بياناً، مع كون حروفه وكلماته من جنس كلامهم الذي به يتحاورون، ثم ينادي عليهم ببيان عجزهم إذ قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}.(الإسراء:88)

ولا ريب أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أسس تشريعات الدين الإسلامي على الاجتماع، وقد أحصت الشريعة الإلهية كل شأن من شؤون المجتمع، وهي بحد ذاتها معجزة.

وقد تبنّت تشريعات الإسلام تربية الأفراد وتنظيم حياة المجتمع وهدايتها إلى سعادتها الحقيقية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}.(الحجرات:13)

فهذه الرابطة الحقيقية بين الفرد والمجتمع تؤدي إلى رابطة أخرى بحسب ما يمده الأشخاص من وجودهم وآثارهم، فيتكون في المجتمع ما للفرد من الوجود.

لذلك كانت عناية القرآن الكريم فائقة بالمجتمع، بالتركيز على جانب التربية والأخلاق في الفرد! لأنّها أصل من الأصول المهمة التي يبتني عليها وجود كل مجتمع.

فالإعجاز التشريعي يشمل كل ما شرعه الله تعالى لعباده، فهو المنهج الذي أراده الله لعباده فليس لمنهج آخر أن يكون أصح من منهج الخالق.

لأنّه تعالى يعلم بعباده ويعلم بمصلحتهم؛ وهذا ما تقر به الفطرة والمنطق.

لقد شرّع أهل البيت عليهم السلام أهم أحكام الدين الإسلامي وشرائعه كالصلاة والصوم والإنفاق والحج والجهاد والتقوى الديني فضلاً عن الحكومة الإسلامية الحافظة لشعائر الدين العامة والخاصة وحدودهما، والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أساس الاجتماع.

وذلك من أجل الوصول إلى السعادة الحقيقية، والقرب والمنزلة عند الله تعالى، ولم يخف عليه ما في سريرة الإنسان، وهو ترتيب علاقة الفرد بربّه عزّ وجل، لذلك فالإسلام تفوق في اهتمامه بشأن الاجتماع على سائر الأديان

الإسلام عاد غريبا

مما لا شكّ فيه أنّ الدنيا خلقت لهدف وحكمة وهدفها وحكمتها أسمى من أن تترك حتى يصبح الإعراض عنها هو المسلك الوحيد أو التمسّك بها على حد الإفراط بالآخرة هو المسلك الآخر وكلاهما على خطأ.

وإنّما خلقت من أجل أن يفهم الإنسان وجوده وعلاقته مع ربّه الذي خلقه ومع أقرانه من المخلوقات.

لقد ساد الانحراف الفكري في هذا العصر حتى وصل إلى العقيدة.

وهذا هو ناقوس الخطر، وأغلب المسلمين اليوم لا يفهمون الإسلام ولا يريدون أن يفهموه وإن فهموه فهم يفهمونه على طريقتهم وهواهم.

أصبح الإسلام والدين عند البعض مجرد تقاليد ومراسيم خالية من المحتوى.

إنّ ما دفعني إلى كتابة هذه السطور ما هي إلا المشاركة، وما هي إلاّ محاولة متواضعة لبيان الحالة التي نعيشها وخاصة جيل الشباب الذين يعيشون حالة من التشتّت الفكري والانحراف العقائدي والسلوكي، لما يرونه من الواقع المر لأنّهم يسمعون من المحاضرات ويقرؤون في الكتب شيئاً ويشاهدون واقعاً وسلوكاً آخر في الخارج إلا ما خرج بالدليل.

فيشاهدون الإسلام شيئاً والمسلمين شيئاً آخر ولا يعلمون أين الخلل هل هو في الإسلام وحاشاه أم في المسلمين أنفسهم أم في طريقة إيصال المفاهيم الإسلامية التي ربما تكون قاصرة أو خاطئة.

ونحن إذ نعيش حالة الطوارئ والاضطراب في العالم كما يعبرون في كافة الأصعدة والمجالات.

فلابد أن يدفعنا الشعور بالمسؤولية ونتحرك بكل ما أوتينا من طاقة لإنقاذ أنفسنا ولا نقف مكتوفي الأيدي ومكبلي الأرجل ومتفرجين على ما يحدث بأنفسنا وشبابنا وبناتنا.

لأننا لا نعيش في غابة كالوحوش ليس لأحدنا علاقة بالآخر وإنّما نحن كتلة واحدة يرتبط مصير بعضنا بمصير الآخر، فإذا قصّرنا في واجباتنا وتخلينا عن مسؤولياتنا وحدث ما لا يحمد عقباه فلن ينفعنا عض أصابع الندم حينها لأنّ السفينة سوف تغرق بجميع ركابها.

فلابد أن يكون لكل واحد منّا شعورٌ وجدانيٌ وإنسانٌ قبل أن يكون دينياً، وإن كان الشعور الديني هو الأساس في الحياة.

الإسلام والمسلمون

ما أوشح الإسلام بين أهله وما أوسع المسافة بينه وبينهم رغم قربه منهم وما أكثر ممن لا يعرف من الإسلام إلا اسمه وهذا ما يوخز في الأحشاء ويعتصر له القلب ألماً.

لقد قال رسول الإنسانية الخالد الرسول الأكرم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أكثر من أربعة عشر قرناً «لقد بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء».(بحار الأنوار:25/36)

ما أعجب هذا الحديث الشريف ولكن يا ترى ماذا يقصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الغربة؟

لو ألقينا نظرة تفحّصية شاملة حول العالم الغربي والعالم العربي الإسلامي لوجدنا جواباً شافياً لهذا التساؤل، والصورة واضحة لا تحتاج إلى تعليق فالإسلام شيء والمسلمون شيء آخر والغربة واضحة عليه وعليهم، فأغلب المسلمين غرباء أو مشردون في داخل أوطانهم فمن صبر منهم نعتوه ولقبوه بالزاهد المتصنع ومن انتفض وطالب بحقه يسمّونه بمثير الفتن فتلاحظ حالة الحرمان والفقر يعيشها المسلمون، وإن كانوا يعيشون في أغنى الدول.

وذلك كله بسبب التفرقة بين المسلمين أو بسبب تسلط الظالمين أو إدارة من ليس له أهلية بتسنم منصب القيادة، إما لجهله أو لعدم كفاءته فيتسبب أو يسبب بجر البلاد والعباد نحو الخراب والدمار.

والشعوب قد جربت كل الأنظمة وكل القوانين الوضعية فلم تجد لها دواءً ناجعاً لعلتها وحرمانها وحلاً لمشاكلها المتزايدة يوماً بعد يوم رغم الشعارات البراقة واللافتات المرفوعة بيد من يدعي الجهاد والنضال وتحقيق العدالة.

لقد أصاب الشعوب اليأس من جميع ما حولها فيا أيتها السماء امطري علينا مزن الرحمة وأغيثينا بنفحات الفرج.

ووصل الأمر نتيجة انتشار وكثرة المشاكل بين المسلمين إلى أن يتطاول ويتجاسر من نبذته الأرض على شخص الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي يمثّل حلقة الوصل بين السماء والأرض والمقدس عند كل المسلمين.

وعندما جاء بالرسالة السماوية جهله قومه وتطاولوا عليه والآن كأن التاريخ يعيد نفسه فنلاحظ الهجمة الإعلامية على رسول السماء كأن الجاهلية بدأت ترفع رايتها من جديد.

وهذا كله جاء نتيجة التكلم والتطاول والتجاسر على العلماء ومراجع الدين من قبل الذين يسمون أنفسهم مسلمين.

الإسلام الحقيقي والإسلام المقنّع

إنّ من أهم الأسباب التي جعلت شبابنا ينفرون من الإسلام ويتنكرون لدينهم هو الواقع المزيّف والإسلام المقنّع الذي يعيشونه في كل مكان.

فالشباب يفتحون أعينهم على مجمع متخلف في معاملاته وإن دخله عالم الانترنت والحاسوب وغيرهما وتسوده الأنانية والطبقية والحزبية والمحسوبية والظلم والكبت والحرمان وغير ذلك، ويرون أن كل هذا يمارس باسم الإسلام وبلباس الدين.

فالحاكم ظالم فاجر ويحكم باسم الإسلام والنظام الوضعي السيئ واضعاً عليه مسحة إسلامية ليخدع به السذّج، وبعض العقول والأفكار تمارس دور العلماء وهي أبعد عن العلم وأهله.

وهناك الأفكار السلبية والروح الانهزامية تطرح وتعرض على الناس كمفاهيم إسلامية، فما دام الإسلام يعرض بهذا الشكل وبهذه الصورة والدعاية للإسلام بإعلام ضعيف أو محدود بيد المسلمين وقوة الدعاية المضادة فكيف يكون الموقف من الإسلام.

ومن أراد أن يتصرف من المسلمين بحسن النية يستغله بعض ضعاف النفوس لأنّهم يأمنون جانب الشر منه فيتصرفون معه بكل وحشية وصلافة ويصورون أنفسهم أنهم أقوياء وعلى حق وخصمهم على باطل.

فمتى ينتبه المسلمون إلى الخطر المحدق بهم ألا يكفيهم ما حصل وماذا حصدوا من الخلافات والنزاعات غير الخراب والدمار والهزيمة والضعف أمام أعدائهم.