منذ أن وُجِد الإنسان على وجه الأرض وهو يبحث عن حلول لمشاكله النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. ولم تقتصر رحلة البحث عن العلاج للمشاكل على بعد واحد، بل تعددت الأبعاد والجوانب على أمل الوصول إلى حلول جذرية وقادرة على شفاء الغليل وعلاج المريض.
وقد كان لطرد الشياطين والعفاريت والجن من الأشخاص والمجتمعات والأماكن العامة، والتخلص من تأثيراتهم السلبية على حياتهم الخاصة والعامة في الموروث الشعبي الكثير من الأساطير والخرافات والأوهام الخيالية والعادات المتوارثة منذ قديم الزمان واستمر لليوم وإن كان بوتيرة أقل.
وعندما نراجع أرشيف ثقافات وعادات الشعوب المختلفة سنجد فيها من العجب العجاب الشيء الكثير، بدءاً من التعلق بالخرافات والأساطير مروراً بالأوهام والتخيلات والافتراضات غير العلمية وليس انتهاء باللجوء إلى المشعوذين والدجالين والسحرة!
وقد انتشرت الخرافات والأساطير الخيالية عند بعض الشعوب والأمم نتيجة لغياب العلم والوعي في القرون الماضية مما جعل الناس يتعلقون بها بحثاً عن الحلول للمشاكل المستعصية والمزمنة التي تحل بهم سواء كانت شخصية: نفسية أم جسدية، أو كانت على المستوى الاجتماعي العام.
وكان من ضمن الخرافات والأساطير السائدة في بعض المجتمعات؛ ومنها المجتمع العربي: ضرب البقر لطرد الجن والعفاريت، وربط ذيل البقر بأغصان من الأشجار ثم حرقها لجلب المطر.
ومنها: إذا مات أحد الزعماء حبسوا جملاً في حفرة ويتركوه من دون طعام أو ماء حتى يموت، اعتقاداًً منهم أن المتوفى سيحشر راكبًاً معه جمله وليس راجلاً!
ومن الخرافات التي كانت منتشرة: إذا مات عزيز قوم عندهم قاموا بذبح ناقة أو جمل عند قبره تكريماً لشخصه بعد الموت؛ وتعويضاً عنه لعدم قدرته على ذبح النوق والجمال للضيوف!
ومنها: إذا ظهرت عدوى بين الجمال يقومون بكي لسان وعضد أحد الجمال السليمة لوقف العدوى عن باقي الجمال!
ومنها: تعليق أسنان الثعلب أو النمر أو القطط على أعناق الأطفال حفاظاً عليهم من تأثير العفاريت والشياطين والجن!
ومنها: تكسير البيض عند الأبواب أو العيون الارتوازية، ونثر الرز المطبوخ بالسكر في الشوارع لطرد الشياطين والجن، وحماية الأولاد من شر الحساد والأشرار!
وبالإضافة إلى تلك الخرافات والأساطير والأوهام لجأ بعض الناس - ولا يزالون - إلى ألوان أخرى بحثًاً عن التنبؤ بمستقبلهم كقراءة الكف والفنجان، ومطالعة الأبراج علّهم يجدون فيها ما يشير إلى سعادتهم أو معرفة ما يخبؤوه لهم القدر، أو اللجوء إلى المشعوذين والدجالين لعلاج أمراضهم وحل مشاكلهم، وما ذاك إلا سراب في سراب!
والحقيقة المؤكدة: إنه كلما تقدم العلم وارتفع الوعي عند الناس قل الاعتقاد بالخرافات والأساطير، وكلما ازداد الجهل وقل الوعي زاد الإيمان بها، واندفعوا نحو التعلق بكل سراب ووهم!
والإسلام الذي يدعو إلى العلم ويحث عليه، حارب الخرافات والأساطير بأساليب دينية وعلمية متعددة، وأوجد البدائل، وحث على التداوي بما يقرره الطبيب الحاذق. كما يعد العلاج بالدين من أهم الوسائل في معالجة الكثير من الأمراض النفسية والعصبية وغيرها.
وفي القرآن الكريم الكثير من الآيات الشريفة التي تحث على التفكر والتفكير، وإعمال العقل، وبيان فضل العلم، والنهي عن اتباع الأوهام والخرافات والأساطير، وذم الجهل، وإتباع الهوى، وتحريم اللجوء إلى السحرة والمشعوذين والدجالين.
وكذلك عمل الرسول الأعظم وأئمة أهل البيت الأطهار على تطهير الفكر من الخرافات والأساطير، وإيقاظ العقل، وتنمية التفكير المنطقي بما يساعد على التخلص من أغلال الأوهام وقيود الأساطير الخيالية التي لا حقيقة علمية أو واقعية لها 1.
__________
1. الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالله اليوسف - 2 / 10 / 2013م - 12:38 م.