وكان لاستشهاد الإمام العسكري (عليه السلام) صدى كبير في سامراء حيث عطّلت الدكاكين وسارع العامة والخاصة مهرعين إلى بيت الإمام ، ويروي أحمد بن عبيدالله واصفاً ذلك اليوم العظيم قائلاً : ولما رفع خبر وفاته ، ارتجّت سرّ من رأى وقامت ضجة واحدة : مات ابن الرضا [1] ، وعطّلت الأسواق ، وغلّقت أبواب الدكاكين وركب بنو هاشم والكتّاب والقوّاد والقضاة والمعدّلون وساير الناس الى أن حضروا جنازته فكانت سرّ من رأى شبيهاً بالقيامة[2] .
وبعدما جُهّـِز الإمام العسكري (عليه السلام) خرج عقيد خادمه ، فنادى جعفر بن علي فقال : ياسيدي قد كُفّن أخوك ، فقم وصَلِّ عليه ، فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يتقدّمهم عثمان بن سعيد العمري وهو أحد وكلائه (ووكيل الإمام الحجة (عليه السلام) فيما بعد) ، ولما دخلوا الدار فاذا بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفّناً ، فتقدّم جعفر بن علي ليصلي عليه ، فلما همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة بشعره قطط ، وبأسنانه تفليج فجذب رداء جعفر وقال : ياعمّ ، أنا أحقّ بالصّلاة على أبي ، فتأخر جعفر وقد اربدّ وجهه واصفرّ ، فتقدّم الصبي فصلّى عليه(عليه السلام)[3].
ولما اُخرج نعش الإمام العسكري (عليه السلام) صلّى عليه أبو عيسى بن المتوكل[4] بأمر الخليفة المعتمد العباسي ، تمويهاً على الرأي العام حول استشهاد الإمام (عليه السلام) ، وكأنّ السلطة ليس لها في ذلك يد بل على العكس ، فإنّها قد أظهرت اهتماماً كبيراً أيام مرض الإمام (عليه السلام) وخرج كبار رجالات البلاط العباسي مشيعين... ، ولكن مثل هذه الاُمور لا يمكن أن تنطلي على شيعة الإمام ومواليه ، وهكذا غالبية المسلمين الذين عاصروا ما جرى للإمام (عليه السلام) من قبل السلطة من سجن وتضييق .
___________________
[1] كمال الدين : 1 / 43 .
[2] الفصول المهمة : 271 .
[3] كمال الدين : 2 / 475 .
[4] كمال الدين: 1/43 وعنه في بحار الأنوار : 50 / 328 .