القسم الثاني
وعاصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بعد المعتزّ والمهتدي ، المعتمد العباسي ، الذي انهمك في اللهو واللّذات واشتغل عن الرعيّة فكرهه الناس وأحبّوا أخاه طلحة[1].
وكانت الفترة التي عاشها الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في عهد المعتمد تقرب من خمس سنين ، وهي من بداية خلافة المعتمد سنة (256هـ) وحتى استشهاد الإمام (عليه السلام) سنة (260هـ) ، وكان الوضع العام مضطرباً لسيطرة الأتراك على السلطة أوّلاً ، ولما كان يحدث من حركات ضد السلطة في أقاليم الدولة ثانياً . فضلاً عن مطاردة السلطة للشيعة والمضايقة على الإمام (عليه السلام) وعليهم وتشديد المراقبة من جهة ثالثة .
وأهم هذه الأحداث في عصر المعتمد :
أ ـ ثورة الزنج :
كانت ثورة الزنج حدثاً مهماً لما نتج عنها من آثار سيئة ، فقد صحب حركة الزنج هذه ، قتل ، ونهب ، وسلب ، وإحراق مما أدّى الى اضطراب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في عدّة من الأمصار التي سيطر عليها صاحب الزنج ، فبدأت ثورتهم في البصرة وامتدّت إلى عبّادان والأهواز وغيرهما .
والقضاء على هذه الحركة قد كلف الدولة كثيراً من الأموال والجند الذين هزمهم صاحب الزنج في أكثر من واقعة ، وأخيراً تمكّنت الدولة من القضاء عليهم[3].
وقد ادّعى صاحب الزنج علي بن محمد أنه ينتسب الى الإمام علي(عليه السلام)، ولكنّ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) كذب هذا الادعاء ، فعن محمد بن صالح الخثعمي قال : كتبت إلى أبي محمد ـ الحسن العسكري (عليه السلام) ـ أسأله . . وكنت اُريد أن أسأله عن صاحب الزنج الذي خرج بالبصرة.. فوقّع (عليه السلام) : «صاحب الزنج ليس مِنّا أهل البيت»[4].
وفي نصّ الإمام (عليه السلام) هذا دلالة على عدم شرعيّة ثورة صاحب الزنج وعدم ارتباطها بخط أهل البيت (عليهم السلام) وأنّها بعيدة عن الالتزام بمبادئ الإسلام.
ب ـ حركة ابن الصوفي العلوي :
وقد ظهر في صعيد مصر وهو ابراهيم بن محمد وكان يعرف بإبن الصوفي وملك مدينة أشنا [5] . وكانت معارك بينه وبين جيش الدولة بقيادة ابن طولون اقتتلوا فيها قتالاً شديداً فقتل من رجال ابن الصوفي الكثير ، وانهزم ثمّ كانت وقعة اُخرى مع جنده عام (259هـ) وانهزم ابن الصوفي أيضاً إلى المدينة وألقي القبض عليه واُرسل إلى ابن طولون في مصر . [6]
ج ـ ثورة علي بن زيد في الكوفة :
كانت حركته في الكوفة سنة (256هـ) واستولى عليها ، وأزال عنها نائب الخليفة ، واستقرّ بها ، وسَيَّر إليه المعتمد الشاه بن مكيال في جيش كثيف فالتقوا واقتتلوا وانهزم الشاه وقتل جماعة كثيرة من أصحابه ونجا الشاه ، ثمّ وجّه المعتمد كيجور التركي لمحاربته ، وقد أرسل كيجور إلى علي بن زيد يدعوه إلى الطّاعة وبذل له الأمان ، وطلب علي بن زيد اُموراً لم يجبه كيجور إليها ، فخرج علي بن زيد من الكوفة وعسكر في القادسية فبلغ خبره كيجور فواقعه فانهزم عليّ بن زيد وقُتل جماعة من أصحابه[7].
وحصلت حوادث اُخرى في عهد المعتمد فقد استولى الحسن بن زيد العلوي على جرجان وقتل كثيراً من العساكر وغنم هو وأصحابه ما عندهم .
وخرج مساور الخارجي وطوق من بني زهير وهو من الخوارج أيضاً وقاتلهم الحسن بن أيوب بن أحمد العدوي وهزمهم وقطع رأس مساور وأنفذه إلى سامراء[8].
وقد استوعبت هذه الحركات التي كانت ضد الدولة العباسية مساحة زمنية واسعة لعدم شرعيّة الدولة ولابتعاد الخلفاء وولاتهم عن مبادئ الإسلام الحنيف واستمرت حتى بعد عصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وحتى سقوط بغداد على يد التتار عام (656هـ) .
د ـ المعتمد والإمام العسكري (عليه السلام)
سعى المعتمد جاهداً في التخلص من الإمام العسكري (عليه السلام) أي انّه سارَ على ذات المنهج الذي اتّبعه أسلافه من الخلفاء الأمويين والعباسيين مع الأئمة المعصومين (عليهم السلام) غير أنّ موقفه هذا سرعان ما تغيّر ظاهراً ، وقدّم الاعتذار للإمام(عليه السلام) بعد محاولة لتصفيته برميه مع السباع كما عمل مثل ذلك المتوكّل مع أبيه علي الهادي(عليه السلام) وذلك حين سلّم الإمام العسكري(عليه السلام) إلى يحيى بن قتيبة الذي كان يضيّق على الإمام (عليه السلام) حيث رمى به إلى مجموعة من السباع ظنّاً منه أنها سوف تقتل الإمام (عليه السلام) ، مع العلم بأن امرأة يحيى كانت قد حذّرته من أن يمس الإمام بسوء بقولها له : «اتقّـِ الله فإني أخاف عليك منه».
وروي أن يحيى بن قتيبة قد أتاه بعد ثلاث مع الاستاذ فوجده يصلّي ، والاُسود حوله ، فدخل الاُستاذ الغيل ـ أي موضع الأسد ـ فمزّقته الاُسود وأكلته وانصرف يحيى إلى المعتمد وأخبره بذلك، فدخل المعتمد على العسكري (عليه السلام) وتضرّع إليه...[9]
واستمر المعتمد في التضييق على الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فيما بعد حتى ألقى به في سجن علي بن جرين وكان يسأله عن أخباره فيجيبه : إنّه يصوم النهار ويقوم الليل . [10]
وقال ابن الصباغ المالكي: حدث أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت في الحبس الذي بالجوشق أنا والحسن بن محمد العتيقي ومحمد بن ابراهيم العمري وفلان وفلان خمسة ستة من الشيعة، إذ دخل علينا أبو محمد الحسن بن علي العسكري(عليهما السلام) وأخوه جعفر فخففنا بأبي محمد، وكان المتولي لحبسه صالح بن الوصيف الحاجب، وكان معنا في الحبس رجل جمحي.
فالتفت إلينا أبو محمد وقال لنا سرّاً: لولا انّ هذا الرجل فيكم لأخبرتكم متى يفرج عنكم وترى هذا الرجل فيكم قد كتب فيكم قصته الى الخليفة يخبره فيها بما تقولون فيه وهي مدسوسة معه في ثيابه يريد أن يوسع الحيلة في ايصالها الى الخليفة من حيث لا تعلمون، فاحذروا شرّه.
قال أبو هاشم: فما تمالكنا أن تحاملنا جميعاً على الرجل، ففتشناه فوجدنا القصة مدسوسة معه بين ثيابه وهو يذكرنا فيها بكل سوء فأخذناها منه وحذرناه، وكان الحسن يصوم في السجن، فإذا أفطر أكلنا معه ومن طعامه وكان يحمله إليه غلامه في جونة مختومة.
قال أبو هاشم: فكنت أصوم معه فلمّا كان ذات يوم ضعفت من الصوم، فأمرت غلامي فجاءني بكعك فذهبت الى مكان خال في الحبس، فأكلت وشربت، ثم عدت الى مجلسي مع الجماعة ولم يشعر بي أحد، فلمّا رآني تبسّم وقال: افطرت، فخجلت، فقال: لا عليك يا أبا هاشم، إذا رأيت انّك قد ضعفت واردت القوّة فكل اللحم، فإنّ الكعك لا قوّة فيه، وقال: عزمت عليك أن تفطر ثلاثاً فإنّ البنية إذا انهكها الصوم لا تقوى إلاّ بعد ثلاث.
قال أبو هاشم: ثم لم تطل مدّة أبي محمد الحسن في الحبس إلاّ أن قحط الناس بسرّ من رأى قحطاً شديداً، فأمر الخليفة المعتمد على الله ابن المتوكّل بخروج الناس الى الاستسقاء فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون ويدعون فلم يسقوا، فخرج الجاثليق في اليوم الرابع الى الصحراء وخرج معه النصارى والرهبان وكان فيهم راهب كلّما مدّ يده الى السماء ورفعها هطلت بالمطر.
ثم خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم أول يوم فهطلت السماء بالمطر وسقوا سقياً شديداً، حتى استعفوا، فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشك وصفا بعضهم الى دين النصرانية فشقّ ذلك على الخليفة، فانفذ الى صالح بن وصيف ان اخرج أبا محمد الحسن بن علي من السجن وائتني به.
فلمّا حضر أبومحمد الحسن عند الخليفة قال له: ادرك اُمة محمد فيما لحق في هذه النازلة، فقال أبو محمد: دعهم يخرجون غداً اليوم الثالث، قال: قد استعفى الناس من المطر واستكفوا فما فايدة خروجهم؟ قال: لأزيل الشك عن الناس وما وقعوا فيه من هذه الورطة التي أفسدوا فيها عقولاً ضعيفة.
فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضاً في اليوم الثالث على جاري عادتهم وان يخرجوا الناس، فخرج النصارى وخرج لهم أبومحمد الحسن ومعه خلق كثير، فوقف النصارى على جاري عادتهم يستسقون إلاّ ذلك الراهب مدّ يديه رافعاً لهما الى السماء، ورفعت النصارى والرهبان ايديهم على جاري عادتهم، فغيمت السماء في الوقت ونزل المطر.
فأمر أبو محمد الحسن القبض على يد الراهب وأخذ ما فيها، فإذا بين أصابعها عظم آدمي، فأخذه أبو محمد الحسن ولفه في خرقة وقال: استسقِ فانكشف السحاب وانقشع الغيم وطلعت الشمس فعجب الناس من ذلك، وقال الخليفة: ماهذا يا أبا محمد؟! فقال: عظم نبي من أنبياء الله عزّ وجل ظفر به هؤلاء من بعض فنون الأنبياء وما كشف نبي عن عظم تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر، واستحسنوا ذلك فامتحنوه فوجدوه كما قال.
فرجع أبو محمد الحسن الى داره بسرّ من رأى وقد أزال عن الناس هذه الشبهة وقد سرّ الخليفة والمسلمون ذلك وكلّم أبومحمد الحسن الخليفة في اخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن، فاخرجهم وأطلقهم له، وأقام أبومحمد الحسن بسر من رأى بمنزله بها معظماً مكرّماً مبجلاً وصارت صلات الخليفة وانعامه تصل اليه في منزله الى أن قضى تغمّده الله برحمته[11].
هـ ـ المعتمد وموقفه من الشيعة
لم تتغير الاجراءات القمعية التي كانت تمارسها السلطة العباسية تجاه الشيعة في عصر المعتمد بل كانت امتداداً للسياسة المعهودة والتي أصبحت تقليداً يتوارثه الخلفاء العباسيون إزاء الأئمة الأطهار وشيعتهم وذلك لما كان يخشاه الخلفاء من تطور الوضع لصالحهم واتّساع نشاطهم السياسي مما قد ينجم عنه تغيّر الوضع ضد السلطة القائمة ، والتفاف الناس بشكل أكبر حول الإمام (عليه السلام) وبالتالي قد يتّخذ الإمام موقفاً جهاديّاً تجاه الخليفة وسلطته .
وكانت أساليب السلطة تجاه الحركة الشيعية لا تتجاوز الأساليب التي عهدتها في عصور سابقة وهي :
1 ـ المراقبة ورصد تحرّكات أصحاب الإمام وشيعته .
2 ـ السجن وكانت تعمد إليه السلطة من أجل الحدّ من نشاط أصحاب الإمام (عليه السلام) .
3 ـ القتل : وكانت ترتكبه السلطة حين لا ترى جدوى في أساليبها الاُخرى تجاه الشيعة ، أو تشعر بتنامي نشاطهم فتلجأ الى قتل الشخصيّات البارزة والمقرَّبين من الإمام (عليه السلام) .
استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
وبعد أن أدّى الإمام العسكري (عليه السلام) مسؤليته بشكل كامل تجاه دينه وأمّة جده (صلى الله عليه وآله) وولده (عليه السلام) نعى نفسه قبل سنة ستين ومئتين ، وأخذ يهدّئ روع والدته قائلاً لها : لا بد من وقوع أمر الله لا تجزعي . . ، ونزلت الكارثة كما قال ، والتحق بالرفيق الأعلى بعد أن اعتلّ (عليه السلام) في أوّل يوم من شهر ربيع الأول من ذلك العام[12]. ولم تزل العلة تزيد فيه والمرض يثقل عليه حتى استشهد في الثامن من ذلك الشهر ، وروي أيضاً أنه قد سُم واغتيل من قبل السلطة حيث دس السم له المعتمد العباسي الذي كان قد أزعجه تعظيم الأمة للإمام العسكري وتقديمهم له على جميع الهاشميين من علويين وعباسيين فأجمع رأيه على الفتك به[13].
ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد (الحجة) وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وقد آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب[14].
ودفن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) إلى جانب أبيه الإمام الهادي(عليه السلام)[15] في سامراء ، وقد ذكر أغلب المؤرخين أنّ سنة وفاته كانت (260هـ) وأشاروا إلى مكان دفنه . دون إيضاح لسبب وفاته[16].
وروى ابن الصباغ عن أحمد بن عبيدالله بن خاقان انه قال : لما اعتل (ابن الرضا) (عليه السلام) ، بعث (جعفر بن علي) الى أبي : أن ابن الرضا (عليه السلام) قد اعتل فركب أبي من ساعته مبادراً الى دار الخلافة : ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة نفر من خدم الخليفة كلهم من ثقاته ورجال دولته وفيهم نحرير ، وأمرهم بلزوم دار الحسن بن علي وتعرّف خبره وحاله ، وبعث الى نفر من المتطببين وأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده في الصباح والمساء ، فلما كان بعدها بيومين جاءه من أخبره أنّه قد ضعف فركب حتى بكّر إليه ثم أمر المتطببين بلزومه وبعث الى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه فأحضرهم وبعث بهم الى دار الحسن(عليه السلام) وأمرهم بلزوم داره ليلاً ونهاراً فلم يزالوا هناك حتى توفي لأيّام مضت من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائين[17].
يتضح لنا من خلال متابعة تاريخ الإمام العسكري (عليه السلام) وموقف السلطة العباسية منه أنّ محاولة للتخلّص من الإمام قد دبّرت من قبل الخليفة المعتمد خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار سلسلة الاجراءات التي اتخذتها السلطة إزاء الإمام علي الهادي (عليه السلام) أوّلاً ، ثم ما اتخذته من إجراءات ضد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ، فقد قامت بسجنه عدّة مرات فضلاً عن المراقبة المشددة على بيته ، كما حاولت نفيه إلى الكوفة ، وغيرها من الاجراءات التعسّفيّة ضدّه وضد شيعته وضد العلويين ، ووفقاً لذلك وبضم رواية أحمد بن عبيدالله بن خاقان والذي كان أبوه أحد أبرز رجالات الدولة ، يتأكّد لنا أنّ استشهاد الإمام العسكري (عليه السلام) كانت وراءه أيدي السلطة الآثمة دون أدنى شك .
الصلاة على الإمام العسكري (عليه السلام)
وكان لاستشهاد الإمام العسكري (عليه السلام) صدى كبير في سامراء حيث عطّلت الدكاكين وسارع العامة والخاصة مهرعين إلى بيت الإمام ، ويروي أحمد بن عبيدالله واصفاً ذلك اليوم العظيم قائلاً : ولما رفع خبر وفاته ، ارتجّت سرّ من رأى وقامت ضجة واحدة : مات ابن الرضا [18] ، وعطّلت الأسواق ، وغلّقت أبواب الدكاكين وركب بنو هاشم والكتّاب والقوّاد والقضاة والمعدّلون وساير الناس الى أن حضروا جنازته فكانت سرّ من رأى شبيهاً بالقيامة[19] .
وبعدما جُهّـِز الإمام العسكري (عليه السلام) خرج عقيد خادمه ، فنادى جعفر بن علي فقال : ياسيدي قد كُفّن أخوك ، فقم وصَلِّ عليه ، فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يتقدّمهم عثمان بن سعيد العمري وهو أحد وكلائه (ووكيل الإمام الحجة (عليه السلام) فيما بعد) ، ولما دخلوا الدار فاذا بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفّناً ، فتقدّم جعفر بن علي ليصلي عليه ، فلما همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة بشعره قطط ، وبأسنانه تفليج فجذب رداء جعفر وقال : ياعمّ ، أنا أحقّ بالصّلاة على أبي ، فتأخر جعفر وقد اربدّ وجهه واصفرّ ، فتقدّم الصبي فصلّى عليه(عليه السلام)[20].
ولما اُخرج نعش الإمام العسكري (عليه السلام) صلّى عليه أبو عيسى بن المتوكل[21] بأمر الخليفة المعتمد العباسي ، تمويهاً على الرأي العام حول استشهاد الإمام (عليه السلام) ، وكأنّ السلطة ليس لها في ذلك يد بل على العكس ، فإنّها قد أظهرت اهتماماً كبيراً أيام مرض الإمام (عليه السلام) وخرج كبار رجالات البلاط العباسي مشيعين... ، ولكن مثل هذه الاُمور لا يمكن أن تنطلي على شيعة الإمام ومواليه ، وهكذا غالبية المسلمين الذين عاصروا ما جرى للإمام (عليه السلام) من قبل السلطة من سجن وتضييق .
أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
إن المشهور بين الشيعة الإمامية ، أن الإمام العسكري (عليه السلام) لم يكن له من الولد سوى الإمام محمد المهدي المنتظر (عليه السلام) ، ويدل عليه ما أشار إليه الشيخ المفيد(رضي الله عنه)[22] حيث قال : اما الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) فلم يكن له ولد سوى صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام ولم يخلّف ولداً غيره ظاهراً أو باطناً[23].
كما ذهب إلى ذلك ابن شهرآشوب حيث قال : وولده القائم لا غيره[24].
وأصحاب المصادر التاريخية ، كالطبري[25] والمسعودي[26] وغيرهما لم يشيروا إلى غير الإمام المنتظر (عليه السلام) ، وهو الذيولد في النصف من شعبان عام (255 هـ ) .
___________________________________________
[1] تاريخ الخلفاء ، السيوطي : 425 .
[2] سبائك الذهب : 87 .
[3] راجع الكامل في التاريخ : 4 / 430 ـ 445 .
[4] كشف الغمة : 3 / 214 عن كتاب الدلائل.
[5] الكامل في التأريخ : 4 / 432 .
[6] الكامل في التأريخ : 4 / 432 ـ 433 .
[7] الكامل في التأريخ : 4 / 447 .
[8] الكامل في التأريخ : 4 / 439 .
[9] مناقب آل أبي طالب: 4/430 .
[10] مهج الدعوات : 275 .
[11] الفصول المهمة: 286 .
[12] الارشاد: 2/ 336 ومهج الدعوات : 274 .
[13] الصواعق المحرقة ، ابن حجر الهيثمي : 314 عن وفياة الأعيان لابن خلكان .
[14] الارشاد: 2/339.
[15] الارشاد: 2/336 والمنتظم ، عبد الرحمن بن علي الجوزي : 7 / 126 .
[16] الطبري : 7 حوادث سنة (260 هـ ) وعنه في الكامل لابن الأثير.
[17] الفصول المهمة : 271 ، اُصول الكافي: 1/503 ح 1، كمال الدين : 1 / 42.
[18] كمال الدين : 1 / 43 .
[19] الفصول المهمة : 271 .
[20] كمال الدين : 2 / 475 .
[21] كمال الدين: 1/43 وعنه في بحار الأنوار : 50 / 328 .
[22] الارشاد : 339 .
[23] تاج المواليد : 135 .
[24] مناقب ابن شهرآشوب : 4 / 455 .
[25] تاريخ الطبري : 7 / 519 .
[26] تاريخ المسعودي : 4 / 112 نقلاً عن جمهور الشيعة .