السعادة في لقاء الإمام المهدي عليه السلام الحلقة الثانية
  • عنوان المقال: السعادة في لقاء الإمام المهدي عليه السلام الحلقة الثانية
  • الکاتب: السيد منير الخباز
  • مصدر:
  • تاريخ النشر: 16:31:32 2-9-1403

عرفنا من خلال حديثنا في الحلقة الأولى عن هذا الموضوع بأن الإمام المهدي عليه السلام هو بقية الله، وهو المظهر الباقي لله تبارك وتعالى.

أما موضوع هذه الحلقة،فإنه يتمحور حول سؤال يقول: هل إن هدفنا هو لقاء الإمام عليه السلام أم لا؟ أي: هل نحن نسعى للقاء الإمام؟ أم لا؟

لا أشكال أن الهدف الأسمى و السعادة الكبرى في التشرف بلقاء الإمام الحجة عليه السلام لكن لكي نفهم هذه النقطة جيداَ هناك ثلاثة أسئلة نطرحها وسنجيب عنها :

السؤال الأول: هل من الممكن لقاء الإمام عليه السلام أساساً أم لا؟!

الجواب:

ربما يقول شخص ويدّعي بأن لقاء الإمام باب مغلق

ويستند هذا الشخص إلى توقيع الإمام عليه السلام إلى السمري حيث يقول: (...وسيأتي شيعتنا من يدعي المشاهدة إلا فمن أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني وقبل الصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله)، فربما يقول هذا الشخص إن هذا التوقيع يستفاد منه أن لقاء الإمام عليه السلام ممتنع لأنه يقول من أدعى المشاهدة فهو كذاب مفتر, وهنا نقول إن الأمر ليس كذلك لأمور هي:

أولاً: أن غيبة الإمام عليه السلام ليست غيبة انعزالية وإنما هي غيبة اتصالية, والغائب من الإمام عليه السلام عنوانه لا شخصه، فهو يعيش بين ظهرانينا لكنا لا نعرف عنوانه، نقرا في دعاء الندبة: (بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَازِحٍ مَا نَزَحَ (يَنْزَحُ‏) عَنَّا بِنَفْسِي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شَائِقٍ يَتَمَنَّى مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرَا فَحَنَّا), يتبيّن من الدعاء أن غيبته هي غيبة عنوان لا غيبة شخص وإن لقاءه أمر ممكن جداً وأمر متيسر، فإذا أراد الإمام عليه السلام ذلك فأن بيده تحديد اللقاء، وليس بأيدينا نحن.

ثانياً: تواتر لدى الشيعة الأمامية لقاء الإمام عليه السلام عن كثير من العلماء وبنحو يورث القطع واليقين وبأن لقاءه ممكن وليس باب مغلق لولا مسدود .

ثالثاً: هذا التوقيع الشريف الذي قال: (إلا فمن أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني وقبل الصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله) فهذا الحديث يتحدث عن السفارة لا عن اللقاء، فالممتنع هو السفارة بمعنى أن بعد السفير الرابع لا توجد سفارة وإلى أن يخرج الإمام عليه السلام ويظهر ظهوراً تاما فالمغلق هو السفارة لا اللقاء.

ولكن يجب أن نعرف بأن الإمام عليه السلام لا يبذل لقاءه لكل أحد، وإلا لوقع موقع تربص الظالمين وتربص الطغاة، فمقتضى الحكمة هو أن يختار الإمام عليه السلام الأشخاصَ المعروفين بتمام الوثاقة وبتمام الأمانة ليلتقي بهم .

فالإمام المنتظر عليه السلام عندما يختار شخصاً للقائه فإنه يختار الشخص المعروف بالوثاقة, بالأمانة وبالصدق حتى إذا أخبر بأنه لقي الإمام عليه السلام يكون مورد قبول ويكون مورداً للتصديق ويكون مورداً للإذعان.

السؤال الثاني: ما هي طبيعة لقاء الإمام؟!

الجواب:

لقاء الإمام عليه السلام هو لقاء الله، لأن الإمام عليه السلام مظهر لله.

إن المقصود بلقاء الله هو لقاء الارتباط ولقاء الفناء بمعنى أننا فيه لا نشعر بأنفسنا فليس هناك وجودان وجود لنا ووجود لله بل هو وجود واحد لانشعر فيه إلا بوجود الله

والقرآن الكريم يعبّر عن العلاقة الفنائية فيقول:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ... ﴾ 1 هل هم يشعرون بأن يد الله فوق أيديهم وهل أن كل واحد منهم يشعر أن يد الله تلامس يده ﴿ ... يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ... ﴾ 1 فلقاء الإمام المنتظر عليه السلام لقاء الله ,لقاء الله هو لقاء الفناء.

السؤال الثالث: نحن نريد لقاء الإمام عليه السلام وأيٌّ منّا لا يريد لقاء الإمام عليه السلام؟! لكن هل الإمام يريد ذلك أم لا؟!

الجواب:

وان علماء العرفان يقولون: إنَّ هناك فرقاً بين لقاء الأنس، ولقاء التشريف.

فلقاء التشريف: هو أن يمن عليّ الإمام عليه السلام ويريني طلعته الرشيدة وغرته الحميدة كما أقول أنا في الدعاء: (اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني إليه وعجل فرجه) وهذا هو لقاء التشريف ولكن الإمام عليه السلام لا يريد ذلك, بل يريد لقاء الأنس فكيف يكون ذلك؟!

أي أنه يريد أن يلتقي بنا, وهو أنس بنا, فرح بنا, مبتهج بنا, ولكن كيف يلتقي بنا الإمام عليه السلام لقاء الإنس إذا لم نكن أهلاً لإيناس الإمام عليه السلام,إذا لم نكن أهلاً لتفريح قلب الإمام عليه السلام إذا لم نكن أهل لإبهاج الإمام عليه السلام,إذاً الإمام عليه السلام يريد شيئاً ونحن نريد شيئا.

نحن نريد أن نبقى على ذنوبنا وأن نبقى على معاصينا ومع ذلك نريد من الإمام أن يشرفنا بلقائه ويكرمنا بطلعته لكننا باقون على ذنوبنا ومعاصينا.

إن الأمر إذن يتوقف على أن ننصهر بالإمام عليه السلام وأن تكون علاقتنا بالإمام عليه السلام علاقة فنائية لا ارتباطية، علاقة انصهارية أي تكون علاقتنا بمبادئ وقيم الإمام عليه السلام.

2

____________

    1. a. b. القران الكريم: سورة الفتح (48)، الآية: 10، الصفحة: 512.
    2. المصدر: صحيفة صدى المهدي عليه السلام، العدد: ١٢.